الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • طوفان الأقصى
  • الریاضه و السیاحه
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وثلاثة وتسعون - ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وثلاثة وتسعون - ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٣ - الصفحة ۲

رسالة رثاء للإنسانية..

قراءة في الجوانب السياسية والقانونية لجرائم الكيان الصهيوني في غزة

وأنه وفقاً للمادة الأولى المشتركة، فإن جميع الحكومات ليست ملزمة بالامتثال لقواعدها فحسب، بل يجب عليها أيضاً التأكد من امتثال الآخرين لها؛ ورغم ذلك فقد قُتل حتى الآن أكثر من 20 ألف شخص، 70% منهم من الأطفال والنساء، كما أصيب 4 أضعاف هذا العدد. وهذا العدد يتزايد كل يوم في فلسطين، والمجتمع الدولي لايزال مستغرباً من هذا الانتهاك المتكرر للمبادئ الإنسانية.
وفي مثل هذه الظروف قد لا يكون من الممكن الحديث عن مبدأ الضرورة والتناسب، لأن هذه المبادئ مرتبطة بالوقت الذي يوجد فيه هدف مشروع؛ ومع ذلك، فإن الحرب في غزة والضفة الغربية لفلسطين هي في الأساس حرب غير قانونية. وفي هذا الصدد، يمكن تطبيق مبدأ الفصل بين الأماكن العسكرية والمدنية، والذي تم انتهاكه أيضاً بأبشع الطرق. وأصبحت المستشفيات والمراكز الطبية، التي من المفترض أن تعالج المصابين، هي الأهداف الرئيسية للعدوان. وفي الحقيقة، فإن جميع السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، وجميع الاطفال والنساء والرجال في قطاع غزة، كانوا هدفاً للاعتداءات العمياء التي يشنها المحتلون.
واليوم يشهد المجتمع الدولي فشل المقررات الدولية، المُقرّرات التي تم اعتمادها من خلال الإصرار على نظام ميثاق الأمم المتحدة وتحقيق السلام والأمن الدوليين، وقد فشلت جميعها. فالمبادئ الإنسانية، التي تم اعتمادها في شكل قواعد حقوق الانسان الدولية، تتعرض للانتهاك واحدة تلو الآخرى، ما يكشف عن المسار المضطرب الذي سلكته الأمم المتحدة على مدى سبعين عاماً من أجل التعايش الدولي بوحشية حديثة! فإذا كان سيتم استخدام الآليات الدولية مثل المسؤولية عن الحماية والتدخلات الإنسانية، فإن المنطق يقول أن هذا هو الوقت المناسب لاستخدامها!
في الاعتداء على شعب غزة المظلوم، ليس هناك شك في أي من العناوين الجنائية الواردة في المادة 8 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية قد تم ارتكابها تحت موضوع جرائم الحرب! بل السؤال الأدق هو أي من تلك الحالات الخمسين لم ترتكب بعد؟! وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي للمحكمة الجنائية الدولية أن تنظر في الإبادة الجماعية الممنهجة باعتبارها جريمة إجرائية، والعنصرية باعتبارها جريمة مستمرة. ولا ينبغي إغفال الركائز الداعمة والدول الداعمة لهذا الكيان؛ فإن دعم الكيان الصهيوني هو في الواقع دعم للانتهاك المستمر للقانون الدولي. وإن تصدير الأسلحة والمنع المتعمد للهدنة ووقف إطلاق النار المستدام في غزة هو مثال ملموس للمادة 25 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وحكمه حكم التحريض على الإبادة الجماعية. ووفقاً لاتفاقية حظر الإبادة الجماعية لعام 1948، فإن أمیرکا ودول الترويكا الأوروبية ملتزمون بمنع حدوث الإبادة الجماعية، بينما في غزة، فقد أصبحوا هم أنفسهم أحد عناصر تسهيل الجريمة، أو بدقيق العبارة، اصبحوا شركاء في الجريمة.
إن التسييس واعتماد المعايير المزدوجة هو وباء ابتليت به الهيئات التنظيمية الدولية. ومنذ عام 2015، انضمت فلسطين إلى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ومن الطبيعي أن الجرائم المرتكبة على أراضيها تقع ضمن صلاحيات المحكمة. فكيف يظهر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في ذلك البلد مباشرة بعد 24 ساعة من بداية الأزمة في أوكرانيا ويشكل أكبر فريق للتحقيق في الأبعاد المحتملة للحادثة. وبينما بعد مرور شهر، وذلك أيضاً بسبب ضغوط الرأي العام، كان متواجداَ على معبر رفح لا ليعزي الشعب الفلسطيني المظلوم، بل ليتعاطف مع أهالي الضحايا الصهاينة؟! وكيف أنه بعد قضية أوكرانيا، تقدمت 34 دولة معظمها أوروبية بطلب تدخل طرف ثالث في قضية أوكرانيا ضد روسيا في محكمة العدل الدولية، لكنها جميعها سقطت في صمت مميت أثناء الإبادة الجماعية لكيان الاحتلال؟ وكيف يتم شن حملات العقوبات من قبل المجتمعات الغربية على انتهاك معايير حقوق الإنسان الأقل أهمية، أما بالنسبة للتهجير القسري والتطهير العرقي للشعب الفلسطيني فتبقى أفواههم صامتة؟! وكيف لرئيس السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي ان يزعم أن ليس لديه أي معرفة قانونية وهو يعترف بجرائم الكيان الصهيوني كجرائم حرب، لكنه يعلق على النضال المشروع للشعب الفلسطيني بصفته محامي دوليا خبير؟!
كل هذه الأسئلة والتساؤلات أثارت استياء الضمير العام الدولي! لقد فقد المجتمع العالمي مرونته في مواجهة هذه التناقضات المشينة، واليوم ظهر الرأي العام العالمي مباشرة على الساحة.
إن المظاهرات التي شارك فيها عدة آلاف من الناس في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في أمريكا وأوروبا، والتي خرجت وستنظم ضد الكيان الصهيوني الذي يقتل الأطفال، هي دليل واضح على جرح المشاعر الإنسانية. ولذلك، فإن الجرائم المرتكبة في غزة لا ينبغي أن تمر دون عقاب. ولعل السبب الرئيسي وراء استهتار الكيان الصهيوني خلال 48 يوماً من الاعتداءات والجرائم ضد غزة هو هذا الإفلات طويل الأمد من العقاب والذي تحقق في ظل الدعم الشامل من قبل اميركا وبعض الحكومات الأوروبية. لقد أثبت ضغط الرأي العام أن القضايا الدولية يمكن حلها بغض النظر عن الإرادة السياسية للرؤساء الغربيين. ومن الضروري الاستمرار في المطالب الشعبية المتعلقة بمحاسبة الكيان الصهيوني وداعميه ومتابعة هذا الغضب المتفشي لضمان الملاحقة الجنائية لقيادات هذا الكيان.
وفي هذا الصدد، أجرت الجمهورية الإسلامية الإيرانية، في إطار نهجها المبدئي ونشاطها الفعال لوقف عدوان الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني، مشاورات مستمرة على مختلف المستويات مع العديد من الدول، وخاصة الحكومات الإسلامية. إن الوقف الفوري وغير المشروط لقتل أهل غزة وتقديم المساعدات الإنسانية الفورية كانا من أولويات المتابعة في هذا الوقت.
إن إرسال طلب رئيس الجمهورية الموقر لقادة 50 دولة، مشاركته في قمة منظمة التعاون الإسلامي، او الاجتماع الافتراضي لقادة البريكس، ومشاركتي في اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التعاون الإسلامي، وأكثر من 50 مشاورة هاتفية مع وزراء خارجية مختلف دول العالم، والرحلات الإقليمية إلى دول العراق، لبنان، سوريا، قطر، تركيا.. وغيرها، والمشاركة في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك واجتماع جنيف، وكذلك المطالبة بفرض عقوبات اقتصادية وتجارية ضد الكيان الصهيوني، على جدول أعمال النظام الدبلوماسي.
لقد توقفت الآن مؤقتاً 48 يوماً من الحرب والعدوان القاسي أمام صمود وتضحيات الفلسطينيين ومطالب شعوب العالم. وإن الجهود الرامية إلى إنهاء عدوان الكيان الصهيوني وحقه في القتل وإرساء الأساس لإعمال الحق في تقرير مصير الشعب الفلسطينيي المضطهد ستستمر.
ونحن على يقين بأن المستقبل سيكون للشعب الفلسطيني، وكيان الاحتلال وداعموه الغربيون سيخضعون للإرادة الصلبة للشعب الفلسطيني!

البحث
الأرشيف التاريخي