الدكتورة جرفي المتخصصة في مجال أمراض القلب الخلقية للوفاق:
أحببت دور طبيب القلب كمنقذ للحياة البشرية
كوثر عبياوي
أمراض القلب والأوعية الدموية هي السبب الأول للوفاة في العالم، وبعبارة أخرى، يموت أكبر عدد من الناس في جميع أنحاء العالم بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية أكثر من أي سبب آخر. حوالي ثلاثة أرباع الوفيات الناجمة عن أمراض القلب تحدث في البلدان ذات المستوى الاقتصادي المنخفض أو المتوسط. وعلى هذا الأساس أجرينا حوارا مع الدكتورة فاطمة جرفي الحاصلة على شهادة الدراسات العليا التخصصية في مجال أمراض القلب الخلقية وفيما يلي نص الحوار:
في بداية المطاف قدمي لنا نبذة من سيرتك الذاتية
أنا فاطمة جرفي، من مواليد مدینة أهواز، تخرجت في الطب العام عام 2001م بمرتبة 460 في البلاد وكنت ضمن إحدى الطلاب الموهوبين. ولأنني أردت أن أكون إلى جانب عائلتي، اخترت مدينة أهواز بناءً على أولوياتي.
في ذلك الوقت كانت مدة دورة الطب العام حوالي 7 سنوات ونصف، وفي تلك الأيام كنت أيضًا طالبةً متميزة وقد نجحت في دورة الطب العام بمعدل 17.56.
ولأنه تم الاعتراف بي كطالبة متميزة في الدورة، قبل نهاية الدورة العامة، تم قبولي في مجال أمراض القلب والأوعية الدموية بجامعة طهران، بمستشفى مركز رجائي للقلب في طهران. وبسبب اهتمامي بهذا المجال قضيت حوالي 4 سنوات في هذا المستشفى وبعد انتهاء الدورة في قسم المتخصصين اخترت خوزستان، وبناء على احتياجات المحافظة تم اختيار مدینة شوشتر للالتزام الطبي.
وأخيراً خدمت وعالجتُ أهالي شوشتر لمدة 3 سنوات تقريباً، وبعد ذلك انضممت إلى المجموعة التدريبية لعلاج أمراض القلب والأوعية الدموية في جامعة جنديسابور، والآن أقوم بالعمل التعليمي والعلاجي معهم.
لماذا اخترتِ هذا المجال، فهل كان الاهتمام وحده هو المؤثر في هذا الاختيار؟
في دورة الطب العام يجتاز الأطباء أكثر من 90% من المجالات الطبية، وسيكون طالب الطب في أي قسم يدخله يميل نحو هذا المجال حسب شخصيته وخصائصه الشخصية وطبيعة المجال من حيث المخاطرة والأهمية والحساسية.
لقد أصبحت مهتمةً بهذا المجال خلال فترة تدريبي؛ لأن هذا التخصص يتعلق بحياة الإنسان و نظرا إلى أن القلب يعتبر أهم جزء في جسم الإنسان ولهذا السبب أحببت دور طبيب القلب وواجبه كمنقذ للحياة البشرية.
ربما سبب اختياري لهذا المجال هو فقدان والدتي.
ربما كان سبب اختياري لمجال أمراض القلب هو أنني فقدت والدتي فجأة أمام عيني في سن مبكر بسبب قلة المعرفة بإنعاش القلب والرئتين. وكنت أشعر بالأسف دائمًا لأنه لو كانت لدي معلومات حول هذا الأمر لكان بإمكاني إنقاذ والدتي، وهذا الأمر أثار اهتمامي بهذا المجال؛ وبعد ذلك، كلما توافرت الظروف اللازمة للإنعاش ونجحت عملية الإنعاش القلبي الرئوي، تظهر صورة أمي أمام عيني، وفي تلك اللحظة، أشعر بالفخر لأنني تمكنت من إعادة الأب والأم والشباب إلى أحضان العائلة، بالطبع عملية التعافي هي عمل جماعي، لكني أشعر بالارتياح لوجودي في هذا الموقف وأن أكون قادرة على اتخاذ خطوة صغيرة.
كيف تَرين دور وأهمية التحكم في ضغط الدم في نمط حياة الناس اليوم؟
اليوم، أصبح ضغط الدم، باعتباره قاتلًا صامتًا عديم الأعراض ومتقدمًا، منتشرًا بشكل متزايد مع تقدمنا في السن وتغيير أنماط حياتنا.
يلعب ضغط الدم دوراً رئيسياً في التسبب في أهم أمراض القلب والأوعية الدموية، بما في ذلك النوبات القلبية، والسكتات الدماغية، وفشل القلب، وتصلب الشرايين، والشرايين التاجية، والفشل الكلوي، وأمراض أوعية العين، وغيرها ويؤثر على جميع أجزاء جسم الإنسان؛ كما أنه في دراسات اليوم يلعب دورًا أبرز مما كان عليه في الماضي، حيث يتسبب ضغط الدم في خسائر كثيرة لصحة الإنسان ونظام الرعاية الصحية من حيث التكاليف الاجتماعية والبشرية والمادية؛ وبطبيعة الحال، فإن الاهتمام بضغط الدم ليس بالأمر الصعب والمعقد، ويتلخص في توعية الناس حتى يتمكنوا من التخلي عن بعض العادات الخاطئة المتعلقة بهذا المرض.يجب أن يعلم الناس أنه في بعض الحالات لا يكون لارتفاع ضغط الدم أي أعراض، وللأسف سيدرك المريض أنه يعاني من مضاعفات ضغط الدم بعد فترة من الزمن.
لدينا العديد من المرضى الذين قد لا يكونون كبارًا في السن ولكنهم يأتون إلينا مصابين بالشلل الجزئي والسكتة الدماغية بسبب ارتفاع ضغط الدم؛ عندما نتحدث مع المريض يدعي أنه يجهل مرضه، أو في حالات أخرى كان المريض على علم بمرضه ولكنه أهمل في علاجه؛ لدينا أيضًا مرضى توقفوا، عن استخدام أدوية ضغط الدم ويأتون إلينا بأعراض جانبية غير مريحة. وهنا يأتي دورنا كأشخاص قادرين على إيصال هذا الوعي إلى الناس بالمعلومات الدقيقة والصحيحة للقضاء على المعتقدات الخاطئة والضارة عن طريق استبدال المعتقدات الصحيحة في عقول وأفكار الناس، بشكل بارز.
كيف ترين الوضع الحالي للتحكم في ضغط الدم في إيران؟
حتى الآن، لم نقم بإجراء دراسة شاملة ومركزة ومتعددة المناطق، ولكن كانت هناك أنشطة جيدة جدًا في شمال وجنوب إيران، فلدينا مركز "كوهورت" في الحويزة تحت إشراف وبمسؤولية الدكتور نادر صاكي، حيث أنا مسؤولة عن قسم أمراض القلب فيه.
وفي هذا المكان، نخضع السكان لدراسات "كوهورت" من أجل التعرف على عوامل الخطر وأهمها ضغط الدم، لمعرفة مدى وعي المرضى بوجود ضغط الدم أو عوامل الخطر الأخرى، وإلى أي مدى يهتمون بالتحکم بها وعلاجها.
للأسف لدينا مشكلة على ثلاثة مستويات، ففي بعض الأحيان لا يعلم الإنسان بمرضه، أو إذا علم به لا يعيره اهتماماً كبيراً. أو يتناول المريض أدويته لكن المرض لا یزال خارج السیطرة. وفي هذه الحالة يجب تحقيق أقصى قدر من السيطرة على مرض ضغط الدم من خلال المتابعة المستمرة والمنتظمة لصحة المريض. وفي الدراسات التي أجريت، فإن حوالي 40 إلى 50 بالمائة من الأشخاص الذين علی علمٍ بمرضهم ويتناولون الدواء لا يعانون من ارتفاع ضغط الدم.
ما هي الطُرُق للوقاية من ارتفاع ضغط الدم وعلاجه؟
يجب أن ندرك أن انتشار هذا المرض يزداد مع تقدم العمر، مما يعني أن حوالي 30 إلى 40 بالمائة من مرضانا يعانون من ارتفاع ضغط الدم.وبطبيعة الحال، تم أيضًا إعادة تعريف ضغط الدم بناءً على الإرشادات العالمية الجديدة، ويعتبر ضغط الدم الذي يزيد عن 130 على 90 ملم زئبق مرتفعًا.وهذا يجعلنا نضيف العديد من الأشخاص الذين يتراوح ضغط دمهم بين 17 و14 ولم يعتبروا أنفسهم من المصابين بضغط الدم،إلى هذه الإحصائية.
إن أهم سبب للوقاية هو إدراكنا لوجود المرض ومضاعفاته وأعراضه ومشاكله التي تضر أجزاء أخرى من الجسم، وبعد اكتساب هذا الوعي، سيكون الإنسان أكثر حساسية للوقاية وأكثر تحفيزاً.
النظام الغذائي، وممارسة الرياضة على الأقل 150 دقيقة أسبوعيًا في 5 جلسات مدة كل منها 30 دقيقة أو 3 جلسات مدة كل منها 50 دقيقة، مع الحد الأدنى من استهلاك الملح والصوديوم (ملعقة صغيرة
واحدة يوميًا).
السيطرة على مرض السكري والوقاية من الوزن الزائد وتقليل الضغوط النفسية واليومية من خلال مراقبة الصحة العقلية وتدريب المهارات المهنية والاجتماعية والشخصية وغيرها.
كل هذه الأمور بالإضافة إلى الإقلاع عن التدخين وأي نوع من التدخين يمكن أن تمنع أو تعالج ارتفاع ضغط الدم.وفيما يتعلق بالنظام الغذائي، ينصح الأشخاص باتباع نظام غذائي مليء بالألياف والفواكه الحمضية الطازجة والخضروات والحليب ومنتجات الألبان قليلة الدسم والملح بدلاً من الأطعمة السريعة والأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية من أجل تحقيق ضغط الدم المثالي.
ما هي أنواع أمراض القلب والأوعية الدموية؟
في الوقت الحالي، تعتبر أمراض القلب والأوعية الدموية في منظمة الصحة العالمية أحد أهم أسباب الوفاة وهي مسؤولة عن أكثر من 30٪ من الوفيات في العالم.
وأهم نوع من هذا المرض هو تصلب الشرايين التاجية والأوعية الدماغية والكلى والشرايين الطرفية أو أحداث القلب والأوعية الدموية مثل السكتات الدماغية والنوبات القلبية وقصور القلب.
يتسبب فشل القلب في وفاة عدد كبير من المرضى المصابين بأمراض خبيثة، وهذا ما يزيد من الأهمية والاهتمام اللازم لهذا الموضوع.
كما ينبغي النظر في أمراض أخرى، بما في ذلك الأمراض المتعلقة بصمام القلب، بما في ذلك قصور الصمامات وتضيّقها، وكذلك عدم انتظام ضربات القلب والأوعية الدموية كأمراض تخفض أو تزيد من معدل ضربات القلب.
في السنوات الأخيرة، حظيت الأمراض الخلقية بالاهتمام، فعندما يتم استخدام كلمة خلقية لهذه الأمراض، للأسف، فإنها تخلق عبئا ثقافيا سلبيا للغاية على الأم. وبناء على هذه الأمراض، خلال فترة الجنين، يعاني الطفل من مشاكل في نمو القلب ويولد الجنين ببنية إشكالية في القلب، ويتم تشخيص هذه الأشكال القلبية الوعائية في فترات مختلفة من الحياة. وقد تزايدت هذه الفئة من المرضى في السنوات الأخيرة بسبب تحسن طرق العلاج والجراحة لزيادة معدل البقاء على قيد الحياة وعمر هؤلاء الأشخاص، وسيكون لدينا عدد أكبر من السكان البالغين الناجين من أمراض القلب الخلقية.
اخترت هذا التخصص بناء على النقص الذي شعرت به في هذا المجال.
هذا الفرع الطبي لم يكن متوفرا في خوزستان والمحافظات المجاورة، وأقل من 20 شخصا حاصل على شهادة الدراسات العليا التخصصية في مجال أمراض القلب الخلقية على صعيد البلاد، فاخترت هذا المجال بناء على النقص الذي شعرت به في هذا المجال.
لو عاد بكِ الزمن إلى الوراء، هل كنتِ ستختارين هذا المجال الطبي مرة أخری؟
بالتأكيد وهذه المرة بمزيد من التركيز؛ لأنه مع مرور الوقت يزداد اهتمامي بهذا المجال وأشكر الله على اختياري لهذا الفرع الطبي.
هل تؤمنين بأن القلب هو مكان للحب والمودة؟
وفي هذا المجال ينبغي لعلماء النفس أن يدلوا بأرائهم، ولكن يبدو أن كل أفكارنا ومشاعرنا وذكرياتنا محفوظة في الدماغ، وأنا شخصياً أعتقد أن القلب أكثر حيوية وهو المسؤول عن مهمة الحياة.
إذا أراد الأطباء الشباب مواصلة طريقكِ؛ ما هي النصيحة التي لديكِ لهم؟
نصيحتي للأطباء الشباب أن يركزوا فقط على اهتماماتهم وقدراتهم وعدم الالتفات إلى العوامل السلبية المحيطة بهم حتى يصلوا إلى وجهتهم وأهدافهم.
ما هي أمنيتكِ الطبية؟
أمنيتي أن نتمكن من تخفيف عبء أمراض القلب والأوعية الدموية في بلدنا والعالم حتى لا نفقد أبًا وأمًا وأخًا وأختًا بسبب ذلك، وعلى وجه الخصوص، انخفاض عبء أمراض القلب والأوعية الدموية في محافظة خوزستان بشكل كبير ومن الضروري إجراء دراسات شاملة في هذا المجال.
اليوم، يركز العالم كثيرًا على الوقاية، وفي مجال أمراض القلب تم إنشاء زمالة جديدة يتم خلالها تدريب أطباء القلب لمدة عامين فقط في مجال الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية، وهذا يوضح أهمية مسألة ضرورة بذل المزيد من العمل في هذا المجال في بلادنا.
احكي لنا ذكرى جملیة من أيامكِ الطبية؟
لدي علاقة وثيقة مع بعض المرضى وهم أيضًا طيبون معي؛ إحدى مرضاي هي امرأة تبلغ من العمر 86 عامًا وأنا على اتصال بها منذ عام 2016م، وهي أكثر من مجرد مريضة بل بمثابة جدة جيدة وحنونة بالنسبة لي وأصبحت فرداً من عائلتي؛ كما أن النساء الحوامل اللاتي يعانين من أمراض القلب والأوعية الدموية حتى وصولهن إلى الأيام الأخيرة من حملهن وولادة الجنين، نشعر أيضًا بالتوتر والقلق معهن وعندما يولد الطفل ويحضرونه إلينا بعد الولادة، في ذلك الحين أشعر بحالة جيدة.
برأيك ما هو سبب ارتفاع معدل أمراض القلب والأوعية الدموية في بلدنا؟
لقد ارتفعت مضاعفات القلب والأوعية الدموية في بلدنا، ولكن لم تتم دراسة مفصلة في هذا المجال حتى نتمكن من القول أن هذا المعدل قد تم إنشاؤه بشكل عام أو بناء على الملاحظات. ولكن السبب في ذلك هو نمط الحياة غير الصحي الذي نعيشه جميعًا.
الوجبات السريعة وقلة الحركة واستخدام السيارة وقلة المشي والتدخين المفرط عند الشباب هي من أسباب هذا المرض. وسيتطلب إصلاح هذا الأمر، الكثير من البرامج الوقائية والتوعوية.
هل تكلفة علاج الأمراض السابقة أكثر من الوقاية منها؟
إن الوقاية من المرض لا تكلف شيئًا، ويمكن تحقيقها من خلال ممارسة التمارين الرياضية، مثل المشي أو اختيار الأطعمة الصحية ولذلك، فإن الوقاية أكثر فعالية من حيث التكلفة بالنسبة للأشخاص والعاملين في مجال الرعاية الصحية في البلاد.
آخر مرة فحصتِ قلبكِ وعائلتك؛ متى حدث ذلك؟
منذ حوالي 4 سنوات، أجرت لي إحدى الزميلات فحصًا بالموجات فوق الصوتية، لكني أفحص ضغط الدم بانتظام، بسبب وجود مرض وراثي في القلب والأوعية الدموية في عائلة والدي وأمي ولهذا السبب، أقوم بفحص العائلة دائمًا.
كلمةُ الختام:
أتمنى الصحة الجيدة للجميع وتحسين صحة القلب والأوعية الدموية في العالم وفي بلدنا ومحافظة خوزستان الحبيبة.