الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • طوفان الأقصى
  • الریاضه و السیاحه
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وثمانون - ١٦ نوفمبر ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وثمانون - ١٦ نوفمبر ٢٠٢٣ - الصفحة ٤

في إطار المواقف الدولية

كيف تعاطت حكومة طالبان في أفغانستان مع حرب غزة؟

الوفاق/ في ظل الأحداث المتسارعة في الشرق الأوسط، يبرز دور وموقف حكومة طالبان في أفغانستان، التي تعتبر جزءاً من الأمة الإسلامية، تجاه القضية الفلسطينية والصراع مع الكيان الصهيوني. فما هي ملامح وخصائص هذا الدور والموقف؟ وما هي العوامل والمحددات التي تؤثر عليه؟ وما هي الآفاق والتحديات التي تواجهه؟ لاسيما أن  حكومة طالبان في أفغانستان تعهدت، بناءً على اتفاق الدوحة السياسي، تجاه الولايات المتحدة وحلفائها ببعض الالتزامات، وأصبحت ملزمة باحترامها، لكن مع ذلك، يُلاحظ أن حرب غزة دفعت طالبان لتبني موقف رسمي واضح تجاه فلسطين والكيان الصهيوني، والوقوف في صف واضح.
و وفقاً لتحليل نشره مركز "الشرق" للدراسات يمكن تقسيم سلوك حكومة طالبان تجاه حرب غزة، في تحليل مضموني، إلى ثلاثة أجزاء: المواقف الرسمية والدبلوماسية، والمواقف الدعائية والثقافية، وإمكانية دعم طالبان العملي للمقاومة الفلسطينية.
 المواقف الرسمية والدبلوماسية لطالبان تجاه حرب غزة
منذ بداية "عملية طوفان الأقصى" والحرب الوحشية للكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين الأبرياء، أصدرت حكومة طالبان حتى الآن ثلاث بيانات رسمية بأربع لغات هي: الفارسية والبشتوية والعربية والإنجليزية. صدر البيان الأول من وزارة خارجية طالبان في 15 ميزان/ أكتوبر، وعكس ثلاث نقاط أساسية باعتبارها نظرة طالبان الاستراتيجية تجاه تطورات فلسطين وحرب غزة: النقطة الأولى أن حكومة طالبان أعلنت بوضوح تام اعتبار بداية عملية طوفان الأقصى نتيجة طبيعية ونوع من العقاب لتصرفات الكيان الصهيوني تجاه فلسطين. وجاء في البيان: "إن اندلاع مثل هذه الأحداث يرجع إلى دهس حق الشعب المظلوم الفلسطيني من قِبل الصهاينة الالكيان الصهيونييين والإهانات وعدم الاحترام المتكرر للأماكن المقدسة الإسلامية". النقطة الثانية أنه في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة والغرب ووسائل الإعلام الموالية لهم إلى إبراز هذا السرد بأن الفلسطينيين قد اتخذوا إجراءات ضد أمن فلسطين المحتلة، سعت حكومة طالبان في بيانها إلى التناغم مع الدول الإسلامية ووصف مقاومة الفلسطينيين بأنها شرعية ومتفقة مع القواعد الإنسانية والقانونية، ووصفت الكيان الصهيوني بأنه دولة محتلة. وجاء في البيان: "تعتبر إمارة أفغانستان الإسلامية أي مقاومة ودفاع من الشعب الفلسطيني لتحرير أرضه ومقدساته حقًا مشروعًا لهم".
النقطة الثالثة هي أن طالبان دخلت استراتيجية سياسية شاملة لحل النزاع التاريخي الفلسطيني، ودعت الدول الإقليمية والدولية إلى تحقيق إجماع على إنشاء دولة فلسطينية مستقلة في أراضي فلسطين وتسخير إرادتها المشتركة لتحقيق ذلك. وجاء في البيان: "تعلن إمارة أفغانستان الإسلامية دعمها للحق المشروع والتاريخي والقانوني للشعب الفلسطيني في امتلاك دولة مستقلة في الأرض التاريخية للفلسطينيين، وتدعو الدول الإسلامية ومنظمة التعاون الإسلامي والمجتمع الدولي، وخاصة الدول ذات التأثير في المنطقة، إلى وقف العنف من قبل قوات الاحتلال الالكيان الصهيونيية ضد الشعب الفلسطيني الآمن، والعمل على حل القضية الفلسطينية على أساس منح الفلسطينيين حقوقهم المشروعة". يُظهر فحص نبرة ونهج بيان وزارة خارجية حكومة طالبان أن حكومة طالبان تعتبر نفسها متفقة تمامًا مع دعوة ومقاومة فلسطين وتدعمها. ولذلك في حين تواجه تصرفات حكومة طالبان فيما يتعلق بالوضع الحقوقي والعمل وتعليم المرأة وعدم احترام الحقوق الأساسية للمواطنة احتجاجات وانتقادات من الشعب الأفغاني، إلا أن الأدلة تشير إلى أن موقف طالبان الحازم في دعم شعب فلسطين قد نال قبول جميع المواطنين والرأي العام داخل أفغانستان. والسؤال الذي قد يُطرح في هذا الصدد هو: هل يعكس بيان وزارة خارجية حكومة طالبان وجهة نظر ومنهج جميع الفصائل والقطاعات المختلفة للهيكل السياسي لطالبان تجاه مقاومة فلسطين وحرب الكيان الصهيوني؟ يُظهر استعراض تصريحات مسؤولي طالبان ومواقفهم تجاه حرب غزة أن حكومة طالبان لديها نهج وموقف موحدان وقويان تجاه هذه الأحداث. فعلى سبيل المثال، حذر والي كابل في مؤتمر كبير لعلماء أفغانستان في عاصمة البلاد، محذرا الكيان الصهيوني بأن "الكيان الصهيوني ستُزال قريبا من خريطة العالم". ومع ذلك، يثور سؤال آخر بشأن بيانات طالبان حول حرب غزة، وهو ما مدى حدة وحزم لغة طالبان؟ والإجابة أنه حتى هجوم الكيان الصهيوني على مستشفى المقاصد في غزة، أصدرت طالبان 3 بيانات. ويُظهر استعراض هذه البيانات أن لغة طالبان أخذت حدة أكبر في كل بيان مقارنةً بسابقه. ففي البيان الثالث، وصفت طالبان أفعال الكيان الصهيوني بـ "البربرية" و"الوحشية" و"الجريمة"، ووصفت تصرفات الكيان الصهيوني بـ "الوحشية" و"الإجرامية". والنقطة الجديرة بالملاحظة هي أن طالبان حذرت في هذا البيان الكيان الصهيوني قائلة: "إذا لم يتم وقف هذه الوحشية والبربرية، فمن الممكن أن يزداد وضع المنطقة سوءًا ويفسح المجال لردود فعل لا يمكن التحكم بها وتنتهي بالضرر للمنطقة بأكملها والعالم".
 المواقف الدعائية والثقافية لطالبان في دعم فلسطين
من الجوانب المثيرة للاهتمام في سلوك طالبان في دعم المقاومة الفلسطينية، خاصة في مواجهة حرب غزة، الإجراءات الثقافية والدعائية لطالبان. فقد كشفت طالبان، بالتزامن مع بدء حرب غزة، عن ثاني رمز كبير للقدس في أفغانستان. وقد شيد هذا الرمز في منطقة مفترق الطرق لغمان-جلال آباد من قبل بلدية لغمان.
وجاء ذلك بعد أن شيدت البلدية في العام الماضي أول رمز لـ"بيت المقدس" في هيكل هندسي كبير، في أكبر ساحة في كابول في المنطقة الخامسة من المدينة. وعلاوة على ذلك، نُشرت بعض مقاطع الفيديو مع أناشيد وقصائد بطولية في دعم المقاومة الفلسطينية على وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون الوطني الأفغاني، مع مشاركة بعض أعضاء طالبان وأنصارها معربين عن تضامنهم مع المقاومة الفلسطينية. وهنا يثار سؤال آخر وهو إلى أي مدى تؤثر مثل هذه الإجراءات من جانب طالبان على الرأي العام؟ بغض النظر عن سلوك طالبان، فإن ما تثبته علم الاجتماع بأدلة علمية هو أن المجتمعات التقليدية مثل أفغانستان ترتبط أكثر بـ "المحسوسات" و"المشاعر" من الاستدلال والنظريات. ولهذا السبب، في مثل هذه المجتمعات، أي قيمة أو نموذج يتحول إلى "رمز" يكتسب ديمومة أكبر، خاصة إذا اكتسب هذا الرمز طابعاً مقدساً، حيث يصعد حينها إلى أعلى المراتب القيمية ويكتسب مكانة سامية في الرأي العام. إضافة إلى ذلك، عندما تدخل ظاهرة أو شخص أو أشخاص أو بعض الأحداث، الأدب الشعبي والأناشيد البطولية لمجتمع ما، يصبح من الصعب حذفها أو نسيانها. وبالنظر إلى هذه الإشارات العلمية، فإن ما لفت انتباه الرأي العام ومحللي التطورات الاجتماعية والسياسية وأثار اهتمامهم، هو كيف أصبحت طالبان، كجماعة عسكرية وجهادية، على دراية بهذه الدقائق العلمية والجوانب الجديرة بالتأمل في الدعاية والحرب النفسية، وتتحرك بشكل مدروس إلى حد ما في هذا المجال؟ ويتطلب الإجابة عن هذا السؤال مناقشة منفصلة.
تقييم إمكانية الدعم العملي لطالبان للمقاومة الفلسطينية
بالتزامن مع صدور البيانات الحادة اللهجة لطالبان ضد الكيان الصهيوني ودعم المقاومة الفلسطينية، لفت مسألتان مترابطتان انتباه وسائل الإعلام والمحللين. أولاً: انتشار مقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي تهدد فيها كتائب الاستشهاديين التابعة لطالبان بشن هجمات انتحارية داخل الكيان الصهيوني. ثانياً: نشر حساب إعلامي يُدعى "مكتب العلاقات العامة لطالبان"، والذي غيّر اسمه لاحقاً إلى "فلسطين الحرة"، رسالة تفيد بأن طالبان اتصلت بإيران والعراق والأردن لتمرير مقاتليها إلى غزة للانضمام لحركة حماس في القتال ضد الكيان الصهيوني. وبعد نشر هذا الخبر على منصة إكس حول نية طالبان الانضمام للقتال إلى جانب حماس ضد الكيان الصهيوني، نفى سهيل شاهين المسؤول عن المكتب السياسي لطالبان في الدوحة هذا الخبر.
 ومع ذلك، مازال هذا الاحتمال والسؤال قائماً: هل ممكن أن تنخرط طالبان في دعم عسكري فعلي لفلسطين؟ ومما يمكن طرحه بثقة إلى حد ما بمساعدة البيانات النفسية، أن شعور طالبان بالانتصار في أفغانستان قد عزز الروح الجهادية والقتالية والطموحات البعيدة المدى الذهنية لدى قادتها ومقاتليها، وهذا أمر طبيعي. ومن هذا المنظور، من المرجح أن بعض قادة ومقاتلي طالبان لديهم رغبة باطنية ونفسية في القتال في فلسطين.
وقد وُجدت هذه الرغبة الباطنية والانتماء للقتال في فلسطين في السنوات الأولى لاحتلال فلسطين لدى العديد من الدول والجماعات الإسلامية، وليست خاصة بمقاتلي طالبان فقط. لكن ما يحول دون طالبان من السير في هذا الاتجاه والخوض في ساحة القتال الفلسطينية، هو الحسابات والاعتبارات السياسية المنفصلة التي ترى طالبان نفسها ملزمة بها كحكومة مستقرة في أفغانستان. وتنبع هذه الحسابات السياسية من اتفاق طالبان وأمريكا في الدوحة، حيث التزمت طالبان بالامتناع عن أي تهديد ضد أمريكا وحلفائها. ومن هذا المنظور، يبدو من غير المحتمل حالياً أن تنخرط حكومة طالبان بشكل مباشر في حملة دعم عسكري لفلسطين، وتواجه فعلياً الداعمين الغربيين للكيان الصهيوني بمن فيهم أمريكا.
ومن ناحية أخرى، كانت استراتيجية باقي الدول الإسلامية حتى الآن هي الاستمرار في الدعم السياسي للشعب الفلسطيني دون التدخل المباشر في القتال، حتى يتمكن الشعب الفلسطيني والمقاومون أنفسهم من خلال استمرار المقاومة الوطنية من تحقيق النصر النهائي.

البحث
الأرشيف التاريخي