الشاي الأحمر حوّلها إلى قرية سياحية
العلوة؛ قریة الشاي الأحمر في خوزستان
الوفاق/ خاص
كوثر عبياوي
قرية العلوة التابعة لمدینة کارون تعتبر مركزاً لإنتاج الشاي الأحمر في محافظة خوزستان، حيث بدأ مزارعوها بزراعة هذا المحصول في السنوات الأخيرة.
كانت بدايات زراعة محصول الشاي الأحمر في مساحات صغيرة جداً في هذه القریة، لكن من خلال الدعم المستمر لها والجهود الحثیثة من قبل المزارعين توسعت كثيراً.
ويعتبر أفضل وقت لزراعة بذور هذا الشاي بعد نهاية برد الشتاء وفي فصل الربيع، أي منذ بدایة شهر اردیبهشت (ابريل)، ویتم قطفه في أواخر شهر مهر (سبتمبر) حتی أواخر شهر آبان (نوفمبر) من کل عام، حیث ینطلق مزارعو الشاي الأحمر في قریة العلوة الى حقولهم لقطف اوراق الشاي. وتحتوي قریة العلوة علی نحو 20 هکتاراً من مزراع الشاي الأحمر المتواجدة بمدینة کارون.
وأصبحت قرية العلوة في مدينة كارون مركزاً لجذب السياح المحليين وحتى الأجانب هذه الأيام، السياح الذين يشترون ويزورون مزارع الشاي الحامض (الأحمر) وبساتين النخيل وحقول الأرز ويتناولون الأطعمة المحلية، ويزورون المضيف التراثي، يصبحون ضيوف كريم باوي المعروف بأبو علي في هذه القرية لبعض الوقت. وهذا ما دفعنا أيضاً للذهاب إلى أبو علي وهو مختار القریة؛ والتعرف علی كيفية زراعة وبيع الشاي الأحمر وتطوير السياحة في قرية العلوة خلال الأعوام القلیلة الأخیرة.
أنا كريم باوي، المعروف بأبو علي، من قرية العلوة بمدینة كارون، تبعد هذه القریة حوالي 25 كم من مدینة أهواز. أول شخص جاء للعيش في قرية العلوة هو جدي؛ أبو والدي المرحوم.
عاش والدي 120 عاماً وتوفي عام 1986م وكان له زوجتان، وتزوج مرة أخرى وعمره 85 عاما وكانت نتيجة هذا الزواج ابنتين و3 أبناء، وفارق العمر بيني وبين أخي الأكبر حوالي 60 عاما. تضم هذه القرية 46 أسرة و360 شخصاً، كلنا من نفس العائلة.
أخي الأکبر؛ أول من زرع الشاي في قریتنا
منذ عدة سنوات ذهب أحد أصدقاء أخي الأكبر أبو هاشم إلى مكة المکرمة وأحضر بذور الشاي الحامض من هناك وزرعها واستخدمها كدواء لعدة سنوات. ولهذا الشاي خصائص وفوائد طبیة عديدة، منها تنظيم ضغط الدم، وأیضاً مفيد للكبد الدسم، ولأنه له دور في تهدئة الأعصاب، فإنه يستخدم غالباً في الليل. أبو هاشم كان يزرع الشاي الحامض وتوفي سنة 1986. بعد وفاة أخي لم نهتم بالزراعة لمدة 6 سنوات. ولهذا السبب فقدنا بذور الشاي الأحمر، حتى بدأت بالزراعة وأصبحت مهتماً بزراعة المحاصيل التي لها خصائص طبية، مثل الشاي الحامض والعصفر «العصفر يشبه الزعفران ويسمي بالزعفران الكاذب».
معانات کبیرة واجهتنا للبدء بزراعة الشاي
كلما ما بحثت عن بذور الشاي الأحمر لم أجدها، كنت أبحث عنها منذ حوالي ثلاث سنوات، ذهبت إلى جميع محلات العطارة ومحلات البذور، لكن معظمهم لم يكن لديهم حتى معرفة باسم هذا المنتج.
حتى قررت أن أذهب إلى زوجة أخي أبو هاشم وأبحث في صندوقه ربما أجد بذرة. عندما فتحت الصندوق، رأيت كيساً بلاستيكياً بداخله ثلاث بذور شاي، كنت سعيداً جداً بالعثور على البذور في ذلك اليوم.
زرعت البذور، وبعد فترة نبتت النباتات واخضرت، لكن عندما طلبت من أحد إخوتي أن يفتح طريق المياه للري، قام بطريق الخطأ باقتلاع إحدى النباتات وسحقها. طبعا لم یکن أخي بعلمٍ أن هذه هي نبتة الشاي الحامض التي كنت أبحث عنها منذ زمن لأجد بذورها.
عندما علمت بالأمر في اليوم التالي، تشاجرت معه وبعد ذلك أمرت أخي بالعناية بالنباتات، حتى حصدت الشاي الأحمر في ذلك العام وحصلت على المزيد من البذور.كما قدمت بذوراً من ذلك للقرويين لزراعتها، وبدأ القرويون بزراعة الشاي الحامض منذ عدة سنوات. «يزرعونه في شهر أرديبهشت (ابریل) ويحصد من بداية شهر مه حتى نهاية شهر آبان (نوفمبر)».
وبعد أن حصدنا الشاي لم يتم بيعه واستمر ذلك لعدة سنوات لأن الناس لم يكونوا على معرفة جيدة بهذا المنتج.
المهندس ناصر؛ إنطلاقة مثمرة للقریة
في عام 2016 عُقد إجتماع في قرية عطيش إحدی قری مدینة کارون، وأنا كنت حاضرا أيضا، وفي ذلك اللقاء تحدث أحد الأشخاص عن التراث الثقافي الموجود في القری وأهمیته. وبعد الاجتماع، كنت أحاول أن أحصل على رقم ذلك الرجل لأريه المضيف؛ لأنه طلب في اللقاء من أهل القرية تعريفه بالأعمال والمباني القديمة في القرية. لكن بعد اللقاء لم أجد ذلك الرجل المحترم، وبحثت لمدة عن شخص اسمه حسن ناصر «وهو رئيس قسم التراث الثقافي والحرف اليدوية والسياحة بمدينة كارون». وطلبت من أهل القرى المجاورة عنوانه أو رقمه، لكنهم أيضاً لم يعرفوا أحداً بهذا الإسم، حتى أعطاني أحد أهل القرية رقم المهندس ناصر. عرَّفتُ مضيف جدي القديم للمهندس ناصر، وقلت له إنه مصنوع من الطين والخشب. سأل عن اسم القرية وموقعها وأرسلت له صورة المضيف، وفور رؤية الصور توجه المهندس ناصر نحو القرية. وبعد زيارة المهندس حسن ناصر من المضیف، وبحسب قوله، استخدمنا السجاد القديم للمضیف. وبعد ذلك كان يزور القرية كل أربعة إلى خمسة أيام، وفي إحدى هذه الزيارات قدمت الشاي الأحمر لضیافته، وعندما أدرك أنه منتجنا ویُنتج بهذه القریة، تفاجأ وأصبح مهتماً بالأمر، من أجل التعریف بهذا المحصول.
الشاي الأحمر حوّلنا إلى قرية سياحية
كان منتصف شهر مهر(اکتوبر) عندما اصطحبت السيد ناصر إلى الحقول. بعد أيام قليلة عاد الی القریة ومعه ثلاثة صحفيين ومصورين، وبعد 10 أيام قال إنه يريد إقامة حفل يسمى «حفل الشاي الأحمر» في القرية. وفي اليوم التالي حضر إلى القرية حشد كبير ورحبوا بها وبمزارع الشاي الموجودة بها، ومن ذلك الوقت بدأت السياحة في القرية، وأصبحت قریة العلوة قریة سیاحیة، تستقطب الزوار من أنحاد البلاد وحتی خارج البلاد. وفي هذا الوقت تعرفت على كلمة «سائح» وتعرفت على أشخاص كثيرين من المسؤولين ومحبي التراث الثقافي ومن يقومون بالإعلان لنا، وحتى الآن المهندس ناصر لا يزال يعمل ويجاهد من أجل تعريف القدرات السیاحیة.
على الرغم من أن المنتجات لم تكن تباع في الماضي، وكنا المستهلك الوحيد للشاي الأحمر في قريتنا، ولكن في يوم طقوس الشاي الأحمر، أحضر الجميع نفس القدر من الشاي الأحمر الذي كان في منازلهم خلال العامين الماضيين وتم بيعه بالكامل. وهذا يعني أن جميع المنتجات التي قضيناها خلال عامين قد تم بيعها في يوم واحد. هذا العام، سيتم عقد هذا الحفل في 19 من شهر آبان (نوفمبر). معظم السياح الذين يأتون إلى القرية يتعرفون على الطعام المحلي هنا ولهذا السبب يأتون إلى القرية مرة أخرى ويستفيدون من إمكانيات القرية مثل البساتين والمضيف وشعائره.
أطباقنا جُلّها من المنتجات المحلية
أطباقنا من المنتجات المحلية؛ كالأرز وهو زراعتنا الخاصة، والبيض والزيت والزبدة واللبن والحليب والجبن كلها من منتجاتنا، کما أن إلی جانب مزراع النخیل وجني التمور، نقوم بزراعة وجني العنب في هذه القریة أیضاً.
السمك المحشو والمتبل والمقلوبة والمفطح والمجبوس والبرياني والقلیة هي من بين أنواع الأطعمة التي نقدمها للسياح.
لدي الكثير من الخطط في المستقبل وأخطط لبناء العديد من المضایف الطينية مثل هذا المضیف المتواجد بالقریة، بأسقف طينية وخشبية، لأن الناس يأتون إلى هنا بسبب هذه الأمکان التراثیة.
ذكرى عاشها أبو علي أثناء تعلمه اللغة الفارسية
قبل أن أقابل السيد حسن ناصر كنت لا أعرف شيئا من اللغة الفارسية، ولكن بعد أن تعرفت عليه وكان يأتي بالسياح إلى القرية، كان علي أن أتحدث معهم بالفارسية، وهذا یجعل الأمر صعبا بالنسبة لي.
وفي أحد الأيام عندما جاءت بعض السائحات إلى القرية وطلبن طعاماً، قالت إحداهن بعد الوجبة باللغة الفارسیة: عسى أن تكون مائدتك مليئة بالبركة، ولأنني لا أتقن اللغة الفارسية، لم أرد عليها لكن بعد أن كررت جملتها مرة أخرى، قلت لها بالفارسیة: «يرحم موتاك جميعاً»، إن جملتي هذه التي لا صلة لها بالموضوع جعلت الجميع يضحكون.فقلت آسف، لا أعرف أكثر من ذلك.
بعد هذه الدورة، تعلمت اللغة الفارسية في غضون خمسة أشهر وأنا الآن أتعلم اللغة الإنجليزية.
قری كارون تتمتع بقدرات سياحية هائلة
نتوقع من المسؤولين والمعنیین ليس فقط التخطيط لتطوير قرية العلوة، بل التخطیط أیضاً لتطوير کل قری شرق کارون الذي تعتبر قرية العلوة واحدة منها، وأن يعرفوا القرى للأهالي حتى يأتي السياح وتزدهر القرى يوما بعد يوم.
قرية عميرة تسمى قرية حقوق الإنسان الأولى في هذه المنطقة لأن أول سينما بالهواء الطلق تم بناؤها وإنشاؤها في هذه المنطقة، كانت في هذه القرية.
كما تم بناء إسطبلات الخيول والماشية في هذه القرية عام 1968م ومقارنة بالقرى المجاورة فهي تتمتع بمرافق جيدة وقدرة سياحية وبامکانها أن تنجح في جذب السياح الی هذه المنطقة.
قرى موران التي تتواجد فیها وحدائق التين والعنب، وقرية أبومشيلش «إحدى القرى الواقعة على الطريق الشرقي لمدينة كارون»، وکل قری شرق کارون بأكمله التي فیها حقول الأرز ومزارع نخيل والعنب، بإمکانها أن تتحول إلی أمکان سیاحیة کبیرة. أو مثلا النساء في قرية العلوة ينسجن الحصير ويبيعنّها. کل هذه تعتبر فرص ثمیة لتنمیة السیاحة في هذه المنطقة.
ومع الاهتمام الخاص الذي توليه السلطات للقدرات السیاحیة الحالية، ستتطور القرى اقتصاديا ونأمل أن يزدهر جميع سكان القرى الواقعة على طريق شرق كارون من كوت سيد صالح إلى جميان خلال الأعوام المقبلة.
قطف الشاي الأحمر من مزارع مدينة كارون
مدير منظمة الجهاد الزراعي في مدینة كارون جبار حمادي وفي إشارة الی حصاد الشاي الأحمر أو الشاي المكي في مدينة كارون قال: تتم زراعة الشاي الأحمر على مساحة 20 هكتارا من المزارع في مدينة كارون، ومن المتوقع أن يتم حصاد 20 طنا من الشاي الأحمر في هذه المزارع.
وأضاف مدير منظمة الجهاد الزراعي بمدينة كارون: ويمكن ذكر خصائصه كمشروب مضاد للبرد، وعلاج ارتفاع ضغط الدم، وأمراض الكبد، ومضاد للحمى، وتوفير كمية كبيرة من فيتامين C الذي يحتاجه الجسم. وقال حمادي: على الرغم من أن عمر زراعة الشاي في مدينة كارون يصل إلى 30 عاماً، ولكن بالنسبة لتغليفها وبيعها ومعالجتها، من الضروري التخطيط وجذب المستثمرين في هذا المجال.
العلوة تستضيف مهرجان الشاي على صعيد المحافظة
مدير تنسيق الإرشاد الزراعي في الجهاد الزراعي في خوزستان سيد يعقوب هاشمي، قال:باعتبار أن مدينة كارون وقرية «العلوة» تعتبر قطباً ومركزاً هاماً لزراعة الشاي الأحمر في محافظة خوزستان، فقد أقيم في السنوات الماضية في هذه المدينة مهرجان الشاي الأحمر، وهذا العام، ومع الترتيبات التي تمت، أقیم هذا المهرجان علی صعید المحافظة في هذه المدينة.
وأشار سید یعقوب هاشمي إلى تبادل المعلومات ونقل النتائج العلمية والفنية للمزارعين من خلال الباحثين كأهداف مهمة لعقد هذا المهرجان وأضاف: مدينة كارون هي القطب السياحي لمحافظة خوزستان.
مدير شؤون البستنة في منظمة الجهاد الزراعي في خوزستان محمد حسني نسب، أشار إلى النمو الكبير في زراعة الشاي الحامض في المحافظة وخاصة في مدينة كارون وأوضح: تُعرف خوزستان بأنها مركز زراعة الشاي الحامض في البلاد، مما يدل على تعاون جميع المعنيين في المحافظة. وقال إن إقامة هذا المهرجان يمكن أن يكون فرصة جيدة لإظهار القدرات الأخرى لهذه المدينة وتابع: إن عقد هذا البرنامج، بالإضافة إلى خلق بيئة سعيدة وممتعة للأشخاص والمنتجين، يمكن أن يساعد بشكل كبير في نمو هذا المنتج في المحافظة والبلاد.
وسيقام هذا المهرجان علی صعید المحافظة وفي النصف الثاني من شهر آبان (نوفبمر) لکل عام في قرية العلوة بمدينة كارون. إستثمار واستقطاب للسياح والتعريف بالمنتجات الزراعية من أهم أهداف مهرجان قطف الشاي الأحمر، والذي یقیم سنویاً في مزارع قریة العلوة التابعة لمدينة كارون إحدى أهم مدن محافظة خوزستان، من حيث المحصولات الزراعية.
قری مدینة کارون، کنز من الفرص الاستثمارية
نظراً لموقعها على طريق نهر كارون، ووجود الکثیر من بساتين النخيل، تتمتع مدينة كارون بالعديد من المعالم الطبيعية والسياحية التي لا يعرفها الزوار، وحتى السكان الأصليين لهذه المحافظة. وتعتبر مدينة كارون واحدة من أكبر مراكز تربية الأسماك في غرب آسيا. وبفضل إمكانياتها مثل مزارع النخيل والأرز والقمح العنب، والأراضي الرطبة، تربیة الجاموس ووجود موائل مناسبة للطيور المهاجرة، تعتبر هذه المدينة واحدة من الأماكن الفريدة في محافظة خوزستان للاستثمار في مجالات السياحة البيئية والزراعة. ولا ننسی أن هذه المدينة تعتبر أحد أقطاب إنتاج العنب، حيث تبلغ مساحة أراضيها المزروعة بالعنب 70 هكتاراً، وتعد قرى «الغزاوية» و«جمیان» من أشهر القری المنتجة للعنب في مدينة كارون.