حرب غزة.. الشباب ومنصات التواصل الاجتماعي
تؤدي منصات التواصل الاجتماعي دوراً مهماً وبارزاً في صنع الرأي العام العربي والدولي تجاه القضايا والاحداث خصوصاً التي تدور في قطاع غزة، حيث لعبت دوراً مهماً وبارزاً في نقل صورة العدوان وكشف معلومات مهمة حول الأحداث وحول المجازر التي يرتكبها العدو الصهيوني.
ولمنصات التواصل الاجتماعي دورا بارزاً في التاثير على الشباب ايجابا وسلبا على صعيد المعارف والمعلومات والسلوكيات باعتبارها أداة من ادوات التواصل والاعلام ولعل التأثير الأكثر ايجابية على الشباب هو زيادة المعارف وصقل المهارات واكتسابهم قيم جديدة في اجواء التعددية والتنوع الفكري واحترام الرأي والرأي الآخر.
هذه المعركة مع الكيان الصهيوني الغاصب على الرغم من انها معركة عسكرية بكل معنى الكلمة الا انها كانت ايضا معركة كسب الوعي وكسب العقول عالمياً.
اصبح التواصل الاجتماعي جزءاً لا يتجزاً من حياة الشباب في جميع انحاء العالم، وهذه الوسائل لديها القدرة في التأثير على سلوك وتفكير الشباب الذين يمتد تأثيرهم الى مختلف المجالات.
والتواصل السريع والفوري الذي توفره وسائل التواصل الاجتماعي مكن من ايصال احداث ومشاهد الهجمات الوحشية الصهيونية على قطاع غزة بشكل فوري وواسع النطاق.
و هناك أثار ايجابية وسلبية لوسائل التواصل الاجتماعي على الشباب في سياق العدوان على غزة من منطلق ان فهم هذه الديناميات يعد أمراً ضرورياً لفهم تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الشباب وتطوير استراتيجيات لتعزيز الاستفادة الإيجابية من هذه الوسائل وللتعامل مع التحديات التي تنشأ عن استخدامها في سياقات ذات أهمية سياسية واجتماعية، وتسهل نشر الاخبار والآراء بسرعة كبيرة، وغالباً ما تكون الأخبار المثيرة للأهتمام أكثر انتشارا، فعندما يتعرض الشباب للعديد من هذه الاخبار المؤثرة قد يزيد ذلك من مستوى قلقهم السياسي فيشعرون بالقلق بشأن مستقبلهم ومستقبل بلادهم، وفي بعض الاحيان تعرض على الشباب معلومات غير دقيقة او مضللة في وسائل التواصل الاجتماعي وهذا يزيد من مستوى قلقهم اذا كانوا يصدقون هذه المعلومات دون التحقيق من صحتها.
يؤدي العالم الافتراضي (فيس بوك، تويتر، ويوتيوب) وغيرها، دوراً مهماً في صنع رأي عام محلي وعربي ودولي تجاه الأحداث والقضايا، حيث تمتلك هذه الشبكات قدرات ربما يعجز الإعلام التقليدي عن توفيرها (الصحف، الراديو، والتلفزيون)؛ فهذه الشبكات توفر معلومات ضخمة تستطيع أن تشكل معارف الجمهور واتجاهاته نحو الأحداث والقضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها.
ووفرت شبكات التواصل الاجتماعي مساحة مفتوحة لحرية الرأي استطاع من خلالها المستخدمون إظهار الحقيقة بشكل أوسع، خاصة أن لكل مستخدم صفحة يستطيع من خلالها عرض محتويات متعددة وبأشكال مختلفة، خاصة أن هذه الشبكات تتمتع بخاصية الوسائط المتعددة، أي عرض مقاطع فيديو وصور ورسومات، بعيداً عن قبضة الحكومات الخانقة التي تقوم بممارستها على وسائل الإعلام التقليدية.
وقد أصبحت هذه الشبكات تقوم بأدوار ووظائف متعددة، أهمها: تعبئة وصياغة الرأي العام وتنويره بأشكال متعددة وأكثر إقناعاً من الوسائل الأخرى، كما تستطيع محاسبة الحكومات على ممارساتها تجاه المواطنين وضعف أدائها في المجالات المختلفة. ومن الأدوار المهمة في هذه الآونة لشبكات التواصل الاجتماعي: فضح العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بأساليب متعددة ومتنوعة، خاصة أن هذه الشبكات توفر لمستخدميها خصائص متعددة ومتنوعة، لعل أهمها: أنها وسيلة ثنائية الاتجاه فيصعب فيها التمييز بين القائم بالاتصال والمستقبل، فالكل هنا - كل المستخدمين - قادرون على طرح أفكارهم ومناقشة أفكار غيرهم.
مظاهر العدوان على قطاع غزة
وتأتي أهمية هذه الورقة في هذه الآونة نتيجة العدوان الصهيوني الوحشي على قطاع غزة بكل ما يمتلك من أسلحة وذخائر، فقد أصبح من الواضح أن إسرائيل لم تفرق بين الأهداف العسكرية والمدنية، بل إن هذا العدوان كان موجهاً للأهداف المدنية في ظل عجز الاحتلال الإسرائيلي عن ضرب المقاومة الفلسطينية، خاصة أن هذه المعركة مختلفة عن سابقاتها؛ فالمقاوم الفلسطيني هذه المرة محصن وجاهز داخل الأنفاق، ولديه أنواع مختلفة من الأسلحة؛ الأمر الذي شجع الاحتلال الإسرائيلي على استهداف الممتلكات الثقافية، بما فيها المباني والمنشآت الحكومية وكذلك الخاصة؛ والمنازل، ودور العبادة، والمستشفيات وقتل المدنيين والاطفال والنساء والشيوخ، وتهجير السكان بشكل قسري، وتدمير الأراضي والبنى التحتية، وعملت على قطع المواد الأساسية من مواد غذائية وتيار كهربائي ووقود، واعتدت على المؤسسات التعليمية والصحية، ومنعت المساعدات الإنسانية.
أساليب التعامل مع العدوان الصهيوني
قدم المستخدمون صوراً وفيديوهات تبيّن حجم الدمار للمنازل والمؤسسات التي خلفها العدوان الإسرائيلي، وعدداً كبيراً جداً من الصور تحدثت عن قتل الأطفال بشكل متعمد، وعدداً آخر أوضح معاناة المواطنين الذين نزحوا إلى المدارس والمؤسسات التي قامت إسرائيل باستهداف عدد منها.
وتبرز في صفحات شبكات التواصل، المصادر الشخصية، حيث تعتمد هذه الصفحات في الغالب على ما يقدمه الأشخاص بشكل شخصي من صور أو مادة مصورة التقطها أحدهم عبر الهاتف المحمول، وربما يكون أيضاً من قناة تلفزيونية، وغيرها من الوسائل الأخرى.
ومن هنا تبرز أهمية شهود العيان، خاصة المستخدمين من قطاع غزة، الذين قاموا بالتقاط صور وافلام عن هدم للمنازل واستهداف الأطفال والنساء وكبار السن والبيوت والمستشفيات بكل وحشية، وقدموها إلى الرأي العام العالمي، خاصة أن شبكات التواصل الاجتماعي توفر مساحات وتقدم صوراً ومواد ربما لا تستطيع وسائل الإعلام الأخرى تقديمها إلى العالم، حيث أصبح الشاهد هنا مصدراً للمعلومة أو الحدث في ظل زيادة الأحداث.
وتستطيع هذه الصور والرسومات والمعلومات والافلام التي يقدمها الأشخاص عبر شبكات التواصل الاجتماعي، أن تؤثر بشكل كبير وواسع في الرأي العام العالمي، خاصة أن هذه الشبكات عالمية ورسالتها تصل إلى أنحاء العالم بسرعة كبيرة ودون حواجز أو قيود أو رقابة، كما أنها وسائل شخصية ربما تركز على الجوانب الإنسانية التي تستطيع أن تؤثر في الرأي العام الدولي مع سكان قطاع غزة وتعاطفهم معهم.