على حساب دماء الأبرياء
كيف يرى وحوش وول ستريت الحرب في غزة فرصة لتعزيز أرباحهم؟
الوفاق/ في ظل الحرب الدائرة في غزة، يبدو أن بعض البنوك وشركات الأسلحة لا تهتم بالتداعيات الإنسانية للحرب، بل بالعوائد المالية التي تجنيها منها. ففي مقال نشرته صحيفة الغارديان، كشفت فيه كيف تجاهل محللين من مورغان ستانلي وتي دي بنك لسياسات حقوق الإنسان الخاصة المعترف بها دولياً، و يقومون بطرح الأسئلة و البحث عن فوائد الحرب في غزة لشركات الأسلحة التي يستثمرون فيها،و كيف أن هذه الشركات تستغل ثغرات قانونية تسمح لها بتصدير الأسلحة إلى دول تنتهك حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، دون خوف من المحاسبة.
استغلال غير انساني
تأمل مورغان ستانلي وتي دي بنك في ازدهار قطاعي الطيران والأسلحة بعد ارتفاع قيمة الأسهم بنسبة 7٪ منذ بداية حرب غزة،و حذرت الأمم المتحدة من وجود "أدلة واضحة" على ارتكاب جرائم حرب خلال "التصعيد العنيف في إسرائيل وغزة". في الوقت نفسه، تأمل وول ستريت في تحقيق انفجار في الأرباح. خلال عرض أرباح الربع الثالث من هذه السنة، لاحظ محللون من مورغان ستانلي وتي دي بنك هذا التصعيد المحتمل للصراع، وطرحوا أسئلة صريحة غير عادية حول الفائدة المالية للحرب في غزة. لم يكن عدد الضحايا الكبير و المتصاعد في مقدمة اهتمامات كاي فون روموهر، المدير التنفيذي وكبير المحللين المتخصصين في قطاع الطيران لدى شركة تي دي كاون. سؤاله كان حول الجانب الإيجابي لشركة جنرال دايناميكس، وهي شركة طيران وأسلحة، حيث تمتلك شركة تي دي إدارة أصول تبلغ أكثر من 16 مليون دولار من أسهمها.
طلب الرئيس الأمريكي جو بايدن من الكونغرس تخصيص 106 مليارات دولار للمساعدة العسكرية و "الإنسانية" للكيان الصهيوني وأوكرانيا. قد تمثل هذه الأموال مكسباً لقطاعي الطيران والأسلحة، اللذين شهدا ارتفاعاً بنسبة 7 نقاط مئوية في القيمة مباشرة بعد طوفان الأقصى في 7 أكتوبر و القصف الإسرائيلي لغزة. قال فون روموهر خلال عرض أرباح جنرال دايناميكس في 25 أكتوبر: "لقد خلقت حماس طلباً إضافياً، لدينا هذا الطلب البالغ 106 مليار دولار من الرئيس". "هل يمكنك إعطاؤنا نظرة عامة حول المجالات التي تعتقد أنه يمكن أن ترى فيها تسارعاً إضافياً في الطلب؟" أجاب جيسون أيكن، نائب الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا والمدير المالي في الشركة: "الوضع في إسرائيل بالطبع مأساوي للغاية، وفي الحقيقة لا يزال يتطور حتى و نحن نتحدث". "لكن إذا نظرت إلى إمكانات الطلب الإضافي الناجمة عن ذلك، فإن أبرز ما يمكن تسليط الضوء عليه هو على الأرجح في الجانب الدفاعي". وفي اليوم التالي، أعطى فون روموهر تصنيف "شراء" لأسهم جنرال دايناميكس. اتخذت كريستين ليواغ، رئيسة أبحاث أسهم قطاعي الطيران والدفاع في مورغان ستانلي، منهجاً مماثلاً تجاه الصراع خلال الحديث عن أرباح رايثيون في 24 أكتوبر. قالت ليواغ، التي تمتلك شركتها أكثر من 3 مليارات دولار من أسهم رايثيون، وهو ما يمثل 2.1% من ملكية شركة الأسلحة: "بالنظر إلى [طلب التمويل الإضافي البالغ 106 مليار دولار من البيت الأبيض]، لديك معدات لأوكرانيا، ودفاع جوي وصاروخي لإسرائيل، وإعادة تعبئة المخزونات لكليهما. وهذا يبدو مناسباً تماماً لمحفظة دفاع رايثيون". "فكم من هذه الفرصة يمكن أن تستهدفها الشركة؟ وإذا خُصصت الأموال، متى يمكن أن نرى هذا يتحول إلى إيرادات؟" أجاب غريغ هايز، رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لرايثيون: "أعتقد حقاً أنك سترى فائدة إعادة التخزين هذه في كامل محفظة رايثيون ... بالإضافة إلى ما نعتقد أنه سيكون زيادة في الميزانية العامة [لوزارة الدفاع]".
تجاهل الإلتزامات بحقوق الإنسان
تبدو هذه التعليقات متناقضة مع "بيان حقوق الإنسان" لكل شركة ودعمها الصريح للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان. بصرف النظر عن لا مبالاة مناقشة الفوائد المالية للصراع المسلح البعيد بهدوء، تثير التعليقات تساؤلات حول ما إذا كان هؤلاء المستثمرون المؤسسون الرئيسيون في أسهم الأسلحة يلتزمون بسياسات حقوق الإنسان الخاصة بهم. "نمارس تأثيرنا من خلال إدارة عمليات أعمالنا بطرق تسعى لاحترام وحماية وتعزيز مجموعة كاملة من حقوق الإنسان كما هي موضحة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان للأمم المتحدة"، يقول "بيان مورغان ستانلي حول حقوق الإنسان". "على الرغم من اعتقادنا أن حكومات العالم تتحمل المسؤولية الأساسية في حماية حقوق الإنسان، إلا أننا نقر بمسؤولية الشركات عن احترام حقوق الإنسان كما حددتها مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان". "يتم التزام تي دي باحترام حقوق الإنسان وفقاً لمسؤولية الشركات عن احترام حقوق الإنسان كما حددتها مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان"، هكذا يقول "بيان تي دي حول حقوق الإنسان". "منذ عام 2018، كنا نجري مراجعة للممارسات والإجراءات الحالية ونواصل العمل نحو دمج مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية في جميع فروع البنك". لكن بعد ثلاثة أيام فقط من حرب غزة، أصدر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تحذيراً مفاده أن "هناك أدلة واضحة بالفعل على أن جرائم حرب ربما ارتُكبت في حرب غزة، ويجب محاسبة جميع من انتهكوا القانون الدولي واستهدفوا المدنيين عن جرائمهم".
لاخوف من المساءلة
تنص [مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان] بوضوح على توقعاتها من الشركات باحترام حقوق الإنسان في سلسلة التوريد بأكملها"، يقول كور أوديس، قائد برنامج نزع السلاح الإنساني والأعمال وحقوق الإنسان في منظمة باكس للسلام وهي منظمة غير حكومية هولندية تدعو إلى حماية المدنيين من أعمال الحرب."بالنسبة للبنوك، يشمل ذلك التأكد من عدم تسبب عملائها أو الشركات التي تستثمر فيها في انتهاكات لحقوق الإنسان أو القانون الدولي الإنساني"،و يضيف أوديس "إذا استثمر بنك في شركة أسلحة تزود الدول بأسلحة تستخدم في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان أو القانون الدولي الإنساني، فوفقًا لمبادئ الأمم المتحدة التوجيهية، يتحمل البنك مسؤولية التصرف لمنع المزيد من الانتهاكات وكذلك تخفيف التأثير الحالي على حقوق الإنسان". لكن لن تكون الأمم المتحدة هي الجهة القانونية التي تحدد ما إذا كانت الشركات الأمريكية قد شاركت في انتهاكات لحقوق الإنسان، وهي ثغرة رئيسية بالنسبة للمستثمرين المؤسسيين وشركات الأسلحة.إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان جيد فقط بقدر تفسيره من قبل الحكومة المضيفة، وفي هذه الحالة "الولايات المتحدة"، توضح شانا مارشال، خبيرة في تمويل الأسلحة والتجارة ومديرة مشاركة في معهد الشرق الأوسط بجامعة جورج واشنطن "يمكن لهؤلاء المحللين الشعور بالأمان على علم بأن الولايات المتحدة لن تفسر تلك القوانين أبدًا بطريقة تمنعها من تصدير الأسلحة إلى دولة لا تفرض عليها الولايات المتحدة حظرًا شاملاً على الأسلحة،و الذي لن يكون له علاقة بقوانين حقوق الإنسان على الأرجح أيضًا".