رغم الوعيد والتهديد.. طلاب العالم يتضامنون؛
الوقفات التضامنية الطلابية لغزة.. كابوس يؤرق الاحتلال
الوفاق /وكالات - إنّ مرحلة الشباب هي أخصب مراحل العمر، فهي مرحلة الحيويّة الدافقة والعطاء اللامحدود والقدرة على الإنتاج، ومرحلة الاندفاع إلى معترك الحياة من بابها الواسع. هي العزيمة والعمل وصنع المعجزات، وهي طاقة إنسانية للتغيير والتطوير.
ويُعتبر الشباب ثروة الشعوب الحقيقية وتاج الأوطان وعزّها، وهم همزة الوصل بين الماضي والحاضر، وعليهم تقع قيادة المستقبل وتشكيله. وهم الأمل والطموح لكل تقدّم وتنمية، وهم المحرك الرئيس والفعال لأي إصلاح أو حركة تغيير في المجتمعات، والرقم الأصعب في أي مقاومة أو ثورة إصلاحية، وأداة فعالة مهمة في التطور الحضاري للمجتمع، وبصلاحهم تنهض الأمم.
تُشكل الحركة الطلابية أحد أهم التجمعات الشبابية والتي تحمل همومهم وقضاياهم المختلفة، وأهمها قضية مقاومة ومواجهة العدو الصهيوني، فهي في هذا المجال تلعب دوراً في إعلاء صوت المقاومة وثقافتها، وتُعتبر العمود الفقري للمقاومة عبر انخراط كوادرها في صفوف الأجنحة العسكرية المقاوِمة للمحتل.
في فلسطين تُعتبر الحركة الطلابية الفلسطينية الجامعية العمود الفقري الذي أوقف الثورة الفلسطينية على قدميها، وكانت بمثابة العقل الموجه لجسد الانتفاضات الحديثة، وهي كانت مخزنًا رئيسيًا لولادة الثوار والشهداء على مدار الثورة الفلسطينية في الداخل والخارج. فحين ينادي مجلس الطلبة استنفارًا للطلاب ضد قرارات الاحتلال الإسرائيلي كأن فوهة بركان انفجرت، فقدرة مجالس الطلبة في الجامعات الفلسطينية على التحشيد، ظلت الينبوع الأول للحراك الثوري الفلسطيني وما تزال. وكانت دورة العمل الحراكي الفلسطيني تبدأ بقرار الاعتقال للطلبة داخل حرم الجامعي، لتتبعه الاشتباكات بين الطلبة وقوات الاحتلال، تبدأ بإقامة المتاريس وإشعال الإطارات، ثم انضمام الطلبة للخلايا الفدائية والجهادية المسلحة دون سابق انذار.
تاريخياً.. نشأة الحركة الطلابية الفلسطينية
تعمل الدول الاستعمارية بشكلٍ ممنهج على تغيير ثقافة الشعوب التي تقوم باحتلال أراضيها، محاولةً تجهيل الشعب وسلخه عن هويته الثقافية والوطنية والتاريخية.
الاستعمار البريطاني، قام مثلاً، بالحد من فرص التعليم وتحديد عدد المدارس لكل مرحلة تعليمية في فلسطين أثناء فترة احتلاله لها، بالإضافة إلى منع إنشاء جامعة وطنية، ما جعل التعليم متاحاً فقط لمن يستطيع دفع تكاليفه باهظة الثمن، واستمر العمل على هذا المنوال مع الاحتلال الصهيوني.
لا تاريخ محدد لبداية الحركة الطلابية الفلسطينية، لكن المقاربات تتحدث عما قبل النكبة 1948، حين تشكلت مجموعات من الروابط الطلابية والمنتديات الثقافية الشبابية والأدبية في فلسطين، وكان جزء من نشاطاتها يقوم على مقاومة الصهيونية وهجماتها الاستيطانية. ولا يزال الحراك الفاعل للحركة الطلابية الفلسطينية يُشكل كابوسًا للاحتلال الإسرائيلي، خاصة أن الميادين كافّة بحراكاتها الشعبية والثورية ضد الاحتلال كان محرِّكها الأول والأساسي "الحركات الطلّابية" في الجامعات، والتي قدمت الشهداء والجرحى والأسرى، على مدار سني الاحتلال الإسرائيلي.
وفي السنوات الأخيرة برز إسم الشهيد "باسل الأعرج" الملقب بـ"المثقف المشتبك" كأيقونة جديدة للحركة الطلابية - الذي استشهد في مارس 2017 إثر اشتباك مسلح مع جنود الاحتلال الإسرائيلي في مدينة البيرة -، ورغم أنه درس الصيدلة في مصر، فإن مساهماته في الأنشطة والحراك النضالي والثقافي والسياسي معتمدًا على اللبنة الأولى للثورات الفلسطينية في وجه الاحتلال والاستيطان، الطلبة الفلسطينيين، ولعله دافعًا جديدًا لإعادة إحياء دور الحركة الطلابية في العمل المقاوم والمشتبك مع الاحتلال.
في هذا السياق ولأهمية دور الحركة الطلابية والتي تُعتبر نبض العمل الثوري المقاوم، ستعرض هذه المقالة أنشطة وفعاليات الحركات الطلابية في العالم العربي وحتى الغربي الداعمة لغزة بعد عملية "طوفان الأقصى" لإبراز التفاعل الطلابي العربي والإسلامي والدولي الساعي إلى وقف الحرب والمجازر المرتكبة في حق الأطفال والنساء، ولإظهار الهمجية الصهيونية.
وقفات تضامنية لطلبة سورية دعماً لفلسطين
غصت ساحة كلية الهندسة في جامعة دمشق بآلاف من الطلاب السوريين والفلسطينيين والعرب الذين تجمعوا دعماً لقضية فلسطين وابتهاجاً بمعركة "طوفان الأقصى" التي أعادت الكرامة للأمة العربية والإسلامية عبر ما تجترحه من بطولات. ولقد أكد طلبة سورية المشاركون في هذه الوقفات التضامنية دعمهم للقضية الفلسطينية، باعتبارها القضية المركزية لأبناء الأمة العربية حتى تحرير الأرض وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، لافتين إلى أن ما يصنع من بطولات اليوم في فلسطين هو أمل بالنصر لكل الشعوب التي آمنت بالقضية، وقاومت المحتل، وقدمت الشهداء لتحرير الأراضي المحتلة. كما أكدوا أنهم درسوا في مناهجهم التربوية ومنذ الطفولة أنه لا يوجد شيء إسمه “إسرائيل” وأن هناك فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر، وشدد الطلبة على ضرورة النضال والمقاومة لأن العدو الصهيوني لا يفهم إلا لغة القوة لتحرير جميع الأراضي العربية المحتلة.
طلاب الجامعة الأمريكية في القاهرة يتظاهرون دعماً لفلسطين
خرج العشرات من طلاب الجامعة الأميركية بالقاهرة، في مسيرة داخل الحرم الجامعي، تضامناً مع القضية الفلسطينية، عقب عملية "طوفان الأقصى" التي شنّتها كتائب القسام على مستوطنات إسرائيلية متاخمة لقطاع غزة، في الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري. وهتف الطلاب "فلسطين عربية رغم أنف الصهيونية"، و"بالروح بالدم نفديك يا أقصى.. بالروح بالدم نفديك يا فلسطين"، و"فلسطين عربية من الجامعة الأمريكية"، و"بنرددها جيل ورا جيل بنعاديكي يا "إسرائيل" "، و"مش هنسلم مش هنطاطي يا فلسطين أحنا وراكي".
كما رفع الطلاب لافتات تأييداً للقضية الفلسطينية وحق المقاومة في استرداد كل شبر من أراضي الدولة الفلسطينية، وارتدى بعض الطلاب الشال الفلسطيني. يُشار إلى أن تظاهرة حرم الجامعة الأميركية، هي أول تظاهرة تخرج من مصر في أعقاب انتفاضة "طوفان الأقصى"، رغم حجم التأييد الشعبي العارم للعملية، والذي عبر عنه مئات الآلاف عبر وسوم مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، حيث إن القبضة الأمنية الحديدية في مصر، تحكم الميادين العامة وكل سبل التظاهر والمقاومة.هذا ولقد عمت التظاهرات الداعمة للفلسطينيين والمنددة بالجرائم الصهيونية معظم الجامعات
المصرية.
رغم التهديد والوعيد... جامعات أميركية تتظاهر دعماً لغزة
تجاوزت تداعيات الحرب الجارية في قطاع غزة، منطقة الشرق الأوسط، لتصل إلى الجامعات الأميركية الكبرى، التي تحولت إلى ساحة لصراع الخطابات بين الطلاب المؤيدين لطرفي النزاع، وسرعان ما توسع نطاقها لتضم سياسيين ورجال أعمال انتقدوا الأصوات التي تحمّل "إسرائيل" مسؤولية العنف، بينما خرج مئات الطلاب، الخميس الماضي، في مسيرات لإعلان التضامن مع فلسطين بعدد من الجامعات، منها أريزونا، وفرجينيا، وأوهايو، ونيويورك، وجورج تاون في واشنطن، وجامعات أخرى.
ففي جامعة هارفارد المرموقة أصدر ائتلاف يضم 34 منظمة طلابية بالجامعة بياناً اعتبر فيه أن هجوم حركة "حماس" ضد إسرائيل "لم يأت من فراغ" ويحمّل "النظام الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن جميع أعمال العنف المنتشرة”، بعد عقود من الاحتلال، مؤكداً أن "نظام الفصل العنصري هو المسؤول الوحيد".
أثار البيان ردود فعل غاضبة في وسائل الإعلام الأميركية ومواقع التواصل الاجتماعي، ومن سياسيين تخرجوا في الجامعة على غرار عضو مجلس الشيوخ تيد كروز الذي اتهم الموقعين على البيان بـ"دعم الإرهابيين"، والنائبة إليز ستفيانيك التي طالبت الجامعة بإدانة البيان. وتصاعدت ردود الفعل الغاضبة لتشمل رجال أعمال أميركيين طالبوا بالكشف عن أسماء الطلاب الموقعين على البيان المؤيد لفلسطين، وهددوا بإدراجهم على قوائم شركاتهم السوداء، حتى لا يتم توظيفهم عقب التخرج، وفق ما نقلت مجلة "فوربس".
إيران.. وقفات طلابية وأنشطة متنوعة دعماً لغزة
تنوعت الأنشطة والفعاليات في الجمهورية الإسلامية الداعمة للشعب الفلسطيني في غزة والمنددة بجرائم النظام الصهيوني، فلقد نظم الطلاب في الجامعات الإيرانية احتفالات بانتصار قوات المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي وأدانوا اعتداءات الكيان الصهيوني. وأعرب المشاركون في الوقفات التضامنية عن رفضهم لجرائم الإحتلال الإسرائيلي مُعربين عن دعمهم للشعب الفلسطيني مؤكدين على ضرورة الوحدة بين العالم الإسلامي تجاه الاستكبار العالمي. كما أصدر تسعة آلاف أستاذ جامعي بياناً عقب إدانة جريمة الكيان الصهيوني في مستشفى المعمداني، مطالبين فيه متابعة عقاب الحكومة الصهيونية الإرهابية والغاشمة. إن كل الضمائر المستيقظة تعترف بأن جريمة قتل الأطفال والنساء الفلسطينيين المنتشرة هذه الأيام يجب ألا تمر دون عقاب، ويجب محاكمة ومعاقبة جميع عملاء النظام الفعليين والمجرم نتنياهو من قبل محاكم دولية ومستقلة. واليوم الجامعة تحت الفحص، وسيسجل التاريخ احتجاج أو عدم وقوف الأكاديميين والمفكرين والناشطين الثقافيين والاجتماعيين ضد هذا الورم السرطاني، وينبغي للعالم أن يعلم أن أهل غزة ليسوا وحدهم، وأن فلسطين كانت دائماً، وستظل، جزءاً من جسد العالم الإسلامي.
رسالة رؤساء الجامعات الإيرانية إلى الأمين العام للأمم المتحدة
أدان رؤساء الجامعات ومعاهد البحوث ومجمعات العلوم والتكنولوجيا في إيران انتهاك حقوق الإنسان والاعتداءات على المدنيين في فلسطين وجرائم النظام الصهيوني في رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة. ومما جاء في الرسالة:" إن القصف المستمر على كافة مناطق قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر قد خلف آلاف القتلى وعدة آلاف من الجرحى، وبحسب الإحصائيات فإن 70% من الضحايا هم من النساء والأطفال. إن حجم هذه الكارثة كبير جدًا لدرجة أن المستشفيات في غزة لا تملك القدرة على استقبال العدد الكبير من الضحايا والجرحى، خاصة وأن مخزون الأدوية والمرافق الطبية في المراكز قد استنفد، وفقاً لاتفاقيات حقوق الإنسان مثل اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية واتفاقية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فإن للفلسطينيين والمدنيين حقوق إنسان تقليدية وحقوق إنسان يجب الحفاظ عليها.
الإعلان عن جاهزية 100 مكتب تعبئة لطلبة العلوم الطبية لمساعدة أهل غزة
أصدر أكثر من 100 مكتب تعبئة طلابي في جامعة إيران للعلوم الطبية بياناً لنصرة للشعب الفلسطيني المظلوم وإدانة للكارثة الإنسانية في هجوم الکیان الصهيوني على مستشفى المعمداني في غزة، اعلنوا فيه عن إستعدادهم لإرسال عمال الإغاثة والمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، باتباع طريقة مستدامة لدخول هذه المساعدات إلى غزة بشكل أكثر جدية، وكذلك الاستفادة من قدرة الطلاب والمتطوعين على تقديم الخدمات الإنسانية، كذلك عُقد اجتماع كبير للطلبة الدوليين في جامعة طهران للعلوم الطبية بحضور 600 طالب دولي نصرة لشعب غزة المظلوم في مقر جامعة طهران للعلوم الطبية.
ختاماً سيبقى دور الحركة الطلابية يتمثل في إعلاء صوت المقاومة وثقافتها في كافة أرجاء المعمورة، لذا من الأهمية خلق تواصل دائم ومستمر مع الحركة الطلابية العربية والعالمية، بما يضمن إبقاء صوت فلسطين وقضيتها عالياً.