الكاتبة والأديبة الأردنية الدكتورة سناء الشّعلان للوفاق:
على كلّ قلم شريف ومبدع أن يجنّد نفسه للجهاد إلى جانب فلسطين
موناسادات خواسته
الدكتورة سناء الشعلان أديبة وأكاديمية وإعلامية أردنية من أصول فلسطينية، وكاتبة سيناريو، وناشطة في قضايا حقوق الإنسان والمرأة والطفولة والعدالة الإجتماعية، تعمل أستاذة للأدب الحديث في الجامعة الأردنية، عضو في كثير من المحافل الأدبية والأكاديمية، منها إتحاد كتّاب العرب، وهي حاصلة على نحو 65 جائزة دولية وعربية في حقول الرواية والقصة والبحث العلمي والمسرح، كما تم تمثيل كثير من مسرحياتها على مسارح عربية ومحلية. لها مؤلفات منشورة كثيرة مع رصيد كبير من الأعمال المخطوطة التي لم تنشر بعد، ولها مشاركات واسعة في مؤتمرات عربية وعالمية، وتُرجمت أعمالها إلى الكثير من اللغات، ومنها الفارسية، ونالت الكثير من التكريمات والدروع والألقاب الفخرية والمحافل الثقافية والمجتمعية والحقوقية. فازت الدكتورة سناء الشعلان بجائزة فلسطين العالمية للعام الماضي، بعد أن حازت على الجائزة الذهبية الأولى عن مجموعتها القصصية "تقاسيم الفلسطيني"، وهي ناشطة في دعم القضية الفلسطينية ولها نشاطات كثيرة هذه الأيام لدعم القضية الفلسطينية، فاغتنمنا الفرصة وأجرينا حواراً معها، وفيما يلي نص الحوار:
في أجواء العدوان الصّهيونيّ وما يجري في غزة، برأيكِ كيف يمكن دعم الشّعب الفلسطينيّ بالأدب والقلم؟
لا شكّ أنّ المعركة الآن في فلسطين هي معركة السّلاح والجهاد المقدّس والبذل والنّضال، وهؤلاء هم أبرار الأمّة وأبطالها، لكن لا بدّ لمن لا يستطيع حمل السّلاح أن يحمل ما يتقن حمله ليدعمهم، ولقاتل معهم؛ والأدباء والإعلاميّون عليهم أن يحاربوا بأقلامهم إلى جانب القضيّة الفلسطينيّة، وأن يبذلوا غاية جهودهم لفضح بشاعة الاستعمار الصّهيونيّ، وحمل عدالة القضيّة الفلسطينيّة إلى العالم كلّه.
كيف يمكن توثيق حقائق ما يجري في فلسطين عن طريق الرّواية؟
على كلّ قلم شريف ومبدع أن يجنّد نفسه الآن للجهاد إلى جانب فلسطين، ومَنْ يملك قلماً للجهاد به، ولا يفعل ذلك، هو خائن دون شكّ؛ فالجهاد المقدّس الآن في فلسطين على المحكّ، ومَنْ ليس معه، فهو ضدّه، وهذه هي الخيانة الكبرى التي لا تُغتفر.
ما أقرب رواياتكِ إلى نفسكِ؟ ولماذا؟
الأعمال الإبداعيّة مثل الأبناء، أصغرهم عمراً هو الأقرب إلى نفس الأب والأمّ، ولكن إنْ وُلد غيره تحوّل الحنو والاهتمام إليه.
ما رأيكِ في الرّواية المقاومة؟ وما تأثيرها على المجتمع وعلى الأجيال القادمة؟
الرّواية المقاومة هي كلمة مجاهدة، ليس من وظيفتها المتعة والتّسلية والفائدة، بل هي سيف مجاهد وظيفته الدّفاع عن الأمّة، والإغارة على العدّو المستلب إلى حين دحره أو قتله.
ما رأيكِ بخصوص الرّواية التي توثّق للقضيّة الفلسطينيّة وما يقع على عاتق الرّوائيّ في هذا الشّأن؟
الرّواية الفلسطينيّة قدرها هو النّضال والمقاومة والتّوثيق لجهاد شعبها؛ لذلك هي محمولة على أسنّ الرّماح وحدّ السّيوف، ولها خصوصيّتها التّأريخيّة والإنسانيّة والنّضاليّة.
في ظلّ ما نشهده اليوم من مجازر يرتكبها الكيان الصّهيونيّ في غزة، فكيف يمكن تصويرها في الرّواية لمواجهة للرّوايات المزيّفة التي يقوم الكيان الصّهيونيّ بترويجها؟
لعلّ الفلسطينيين هم المعوّل الأكبر عليه في توثيق همجيّة العدوّ الصّهيونيّ في فلسطين بحكم أنّهم الرّابضون على أرض المعاناة والمواجهة، لكن ذلك لا يمنع أن يشارك الأحرار في كلّ مكان في هذا التّوثيق عبر منابرهم ومشاهداتهم وفضاءاتهم المتاحة لذلك.
قبل أيّام كنتِ ضيفة على جائزة كتارا للرّواية العربيّة في دورتها للعام 2023 ما هو دورك فيها؟
حضرتُ فعاليّات إشهار جائزة كتارا للرّواية العربية في دورتها التّاسعة بوصفي ضيفةً على الجائزة في هذه الدّورة التي تضمّنتْ حفل توزيع الجائزة على الفائزين بها في هذه الدّورة وفعاليّات أدبيّة إعلاميّة ومعرض كتاب ولقاءات أدبيّة ومؤتمر صحفيّ، وقد أشرتُ في المؤتمر الصّحفيّ المعقود على هامش توزيع جائزة كتارا إلى مجموعة من القضايا حول شروط الجائزة ولجان التّحكيم وبعض القضايا الجدليّة فيها التي اقترحتُ مقترحات عديدة بشأنها على رأسها إدراج الرّواية القصيرة في حقول الجائزة، والدأب على إعلان أسماء لجان التّحكيم للحفاظ على رصانة الجائزة وموثوقيّتها، وضمان تغيير لجان التّحكيم سنويّاً للمزيد من الحياديّة والنّزاهة، وتقليص أعداد المدرجين في القائمة القصيرة، والمساواة الماليّة بين جوائز الرّواية للكبار والفتيان، وشملت رواية الفتيان بالتّرجمة إلى الإنجليزّية، وعدم تقليد جوائز عربيّة أخرى في بعض التّفاصيل، والمحافظة على السّمت الخاصّ الذي صنعته جائزة كتارا لنفسها، ونشر شروط اختيار الرّوايات الفائزة لتحويلها إلى أعمال دراميّة، فضلاً عن الإشادة بجهود هذه الجائزة، واهتمامها باستحداث حقول ومشاريع جديدة في سبيل تعزيز صناعة الرّواية، وتواصلها الدّائم مع الفائزين بالجائزة في دورتها السّابقة، وتوسّعها بفعاليّاتها خارج قطر في حفلات توقيع وملتقيات ترعاها في بعض الدّول العربيّة، فضلاً عن اجتهادها في إيصال الرّواية العربيّة إلى شتّى أصقاع الدّنيا عبر ترجمة الرّوايات الفائزة، وتحويلها إلى أعمال صوتيّة، وتحويل بعضها إلى أعمال دراميّة.
ماذا تقولين عن جائزة كتارا للرّواية العربيّة بعد سنوات من انطلاقها؟
استطاعتْ جائزةُ كتارا للرّوايةِ العربيّةِ في دوراتها المتتالية النّاجحةِ بشهادة الجميعِ أو على الأقلّ بشهادة المهتمين والمتخصّصين والعارفين بها أن تكون مثالاً بارزاً للجائزةِ ذاتِ الاتّجاهِ الواضحِ والدّيمومةِ والاختصاصِ والحرفيّة والنّجاح؛ إذ هي معنيّةٌ بالرّواية العربيّة على مستويي الكبار والفتيان في حقلي المنشور والمخطوط، إلى جانبِ تخصيصِ جائزةٍ مستقلّةٍ للرّواية القطريّة لدعمِ مواطني الجائزة، فضلاً عن أنّها قد خصصّتْ جائزةً دائمةً للدّراساتٍ النّقديّةٍ عن الرّواية العربيّة.
هل تعتقدين أنّ كثرة الجوائز في حقول الرّواية تصنع روايات جيّدة؟
من الإنصاف القول إنّ الجوائزَ العربيّةَ قدْ خلقت حراكاً إيجابيّاً في المشهد العربيّ بشكل أو بآخر، لا سيما في فترات إعلانها وفعاليّاتها، كما وفّرتْ فرصاً للعملِ في إداراتِ هذه الجوائز، وفي القطاعات المساندة لها في الإعلام والتّصميم والطّباعة والنّشر والتّوزيع والتّرويج الإلكترونيّ والورقيّ والمرئيّ والسّمعيّ، فضلاً عن توفير مساحات كبيرة للمتنفّعين والمطبّلين والمزّمرين الذين يتناحرون على فتات موائد الجوائز لا سيما ذات الميزانيّاتِ العملاقة والصّرفِ الباذخ، إلى جانبِ الكثيرِ من الفعاليّاتِ الثّقافيّةِ المهمّةِ التي تُعقدُ على هامشِ تلكَ الجوائزِ وبتغطية ماليّة منها.
خلاصة ُالقول: لا يمكن لنا - بأيّ حال من الأحوال- أن ننكرُ أنّ الجوائزَ العربيّةَ الإبداعيّةَ قد ساهمتْ في الدّعم الماليّ والمعنويّ للمبدعين الفائزين بها، كما شجّعت الكثيرون على أن يكتبوا مشاريعهم الإبداعيّة بغيةَ المشاركةِ في الجوائز وطمعاً في المردود الماليّ والمعنويّ منها، وإنْ أدّى ذلك إلى أن يتضخّم المشهد الإبداعيّ العربيّ عدداً على حساب النّوع، كما قامتْ بعض الجوائز بجريمة تقديم أقلام متهاوية لا علاقة لها بالموهبة والإبداع عبر تفويزها لها بجوائز أثارت تساؤلات كبرى حول كيفيّة انتقاء أصحابها للفوز.
وفق رأيكِ: ما هو دور الرّواية في الوقت الرّاهن؟
دور الرّواية الآن هو رسم العالم ضمن خرائطه الجديدة بصدق وجرأة وشفافيّة تسمح بتسليط الضّوء على مخازي الوجود وعيوبه وفضائحه، مع الإيماء إلى الحقيقة والجمال والصّدق المغيّب في الوجود.
ما هو الفرق بين الرّواية الجيّدة والرّواية العظيمة؟
الرّواية الجيّدة هي منجز سرديّ استوفى الحدّ الأدنى من مكوّنات هذا الجنس الأدبيّ، وهي مكوّنات معلومة للجميع، أمّا الرّواية العظيمة فهي ذات سرديّة مستقلّة لها شروطها وحياتها وقدرتها على تجاوز أيّ محدّدات بقوّة بنائها وطرحها ورؤيتها، وهي متأبّية على النّسيان والتّكرار والتّجاوز عنها.
هل ستكتبين رواية عن حياتكِ وذاتكِ في يوم ما؟
لا أعتقد أبداً؛ فالرؤية الرّوائيّة - في نظري- أوسع من ذاتي، ولا يمكن أن أحصر قلمي بذاتي؛ فهذا قمع وقتل له، إنّني أنطلق إلى الآخر لأرى نفسي.
هل تؤمنين بالرّواية المثقّفة؟
من الطّبيعيّ أن تستحضر الرّواية معارف مؤلّفها ومعارف زمنه؛ وبخلاف ذلك فهي تقدّم تعرية للكاتب وفضحٌ لضحالته؛ إذ لا يمكن أن ينجح الرّوائيّ في اصطناع دور المثّقف والواعي إنْ لم يكن فعلاً على هذه السّويّة؛ إذ إنّ الرّواية تفضح أعماق الرّوائيّ، وتسبر أعماقه بكلّ وضوح.
هل الرّواية الحداثيّة هي حقل لتداخل الأجناس الأدبيّة؟
بكلّ تأكيد؛ إذ لا يمكن للرّواية الحداثيّة أن تعزل نفسها عن فنون الحاضر وأجناسه؛ إذ هي منبثقة من توليفة عملاقة يصعب الفصل بينها بشكل حدّيّ وواضح وقطعيّ.
هل أنتِ موجودة في رواياتكِ بوصفكِ بطلة من أبطالها؟
البطولة الرّوائيّة للرّوائيّ لا تكون في تجلّيه في شخصيّة بعينها، بل تنفّك في عوالم الشّخصيّات بشكل خفيّ لا يمكن أن يلحظه إلّا الرّوائيّ ذاته، لا سيما أنّ هذا الانفكاك قد يكون على شكل الاختلاف والافتراق لا التّشابه والتّماهي كما يعتقد البعض.
ما هي الرّواية التي ترين أنّ مسيرتكِ الإبداعيّة لا تكتمل أبداً دون كتابتها؟
لا يمكن لمسيرتي الرّوائيّة والإبداعيّة أن تكتمل دون أن أنتهي من تأليف رواية تسجيليّة عملاقة تؤرّخ للقضيّة الفلسطينيّة، وترسم صفحات النّضال المقدّس لهذا الشّعب الذي لم يكفّ يوماً عن النّضال المؤمن بالتّحرير والحريّة والعزّة.
كيف يبدو العالم في روايات سناء الشّعلان؟
يبدو عالماً منحطّاً قبيحاً رديئاً ظالماً، يملكه الأشرار والأوغاد، ويُسحق الكرام والنّبلاء فيه، لا شرف أو رحمة أو خير فيه، ولا أمل ولا نور في آفاقه المظلمة إلّا في درب الأحرار الأشراف الذين يرفضون الذّلّ والإهانة، ويثورون على الظّلم حتى ولو كانتْ دماؤهم الزّكيّة ثمناً لذلك.
هل هناك روح تسكنكِ دائماً في الكتابة فضلاً عن روحكِ الخاصّة؟
نعم، هي روح أمّي الرّاحلة نعيمة المشايخ، هي أمّي الفلسطينيّة التي زرعتْ في أعماقي معاني عروبتي وإسلامي وفلسطينيتيّ، وهي مَنْ غرفتُ من روحها الطّيّبة، وسكبتها في قلبي، وعلّمتني أنّ الله غالبٌ دائماً، وأنا الكرامة فوق كلّ شيء، حتى فوق الحياة ذاتها.
هل أنتِ الآن تكتبين رواية ما وما موضوعها؟
نعم، هي رواية انتصار للإنسان المتمرّد، ودعوة للتّمرّد والغضب والرّفض؛ فهي مقومّات الشّرف الإنسانيّ.
ما أغرب عاداتكِ في كتابة الرّواية؟
أنّني أبدأ كتابة الرّواية منذ كتابة العنوان؛ فلا يمكن أن أكتب أيّ حرف في روايتي دون أن أكتب اسمها النّهائيّ في أوّل صفحة منها، كذلك أنا أكتب الفصل الأخير من الرّواية أوّل شيء، ثم أعود إلى كتابة الرّواية من البداية؛ إذ إنّ الرّواية تكون كاملة في ذهني قبل أن أنزلها على الورق؛ لذلك أسارع في كتابة الفصل الأخير منها خوفاً من أن تتلاشى من ذهني.
ما هي الرّواية التي تمنّيتِ كتابتها ولم تستطيعي فعل ذلك ولن تسطيعي فعله؟
بالتّأكيد هي رواية عن حياتي وسيرتي؛ فإبداعي خارج ذاتي، لا داخلها.
هل اشتغالكِ الأكاديميّ هو لصالح الرّواية أم ضدّها؟
العمل الأكاديميّ يخلق نوعاً من العته والتخلّف الإبداعيّ للإبداع؛ إذ إنّ الأكاديميّة ترسّخ هذه الرّجعيّة بفعل رتابتها وضيق أفقها وسلبيّة قوانينها وعقم إداراتها وفشلها، فضلاً عن أنّها تسرق وقت المبدع، وتبدّده في ثنايا الوظيفة الأكاديميّة الممزّقة بين الدّوام الأكاديميّ وأعبائه المعاقة. لكن يمكن أن يجد المبدع في هذه المساحة الضّيقة مادّة غنيّة بالمشهد الإنسانيّ والنّماذج الإنسانيّة لا سيما تلك النّماذج المهزوزة المرتجفة الموجودة بكثرة في البيئات الأكاديميّة العربيّة المتعفّنة في الغالب.
ما هي الأفكار التي تشتغلين عليها في رواياتكِ وكيف يمكن للرّواية أنْ توصل أفكاركِ؟
أنا منحازة في رواياتي إلى الإنسان والحقيقة والخير والجمال، ومغرمة بالثّورة والثّوار والغضب والرّفض، وأرى أنّ رواياتي غاضبة وجريئة وساخرة مثلي؛ فهي لا تبالي بالأوغاد والمهزومين، وتنظر بإعجاب إلى الأحرار الثّوار الذين يرفضون القهر والذّلّ والظّلم.
ما رأيك ما هي عناصر الرّواية النّاجحة؟
العناصر الفنيّة البنائيّة لصنع الرّواية هي معلومة في أوليّات أبجديّات هذا الجنس الفنيّ، إلّا أنّ عناصر النّاجح فهي محاميل منفلتة متجاوزة المعتاد، وخارجة عن النّمطيّ، لكنّها في الوقت ذاته قادر على صنع أعرافها الخاصّة التي تخرج بها من العامّ إلى الخاصّ، ومن التّقليد إلى الإبداع، ومن المعتاد إلى الاستثناء.
لماذا تجنحين إلى التّجريب في شكل رواياتكِ؟
لأنّه يشبه طريقتيّ في التّفكير والتّفكيك وإعادة البناء لتجسيد الفكرة والرّؤية.
أين ترين ذاتكِ في الرّواية أم في الأجناس الأخرى التي تكتبين فيها، مثل: القصّة القصيرة والمسرح وأدب الأطفال؟
أرى نفسي في اللّحظة الإبداعيّة والاستجابة الإبداعيّة التي تستطيع استيعاب قلمي ورؤيتي ومسعاي في الكتابة.
هل تحضر النّاقدة الأدبيّة المتخصّصة بالأدب الحديث ونقده عندما تكتبين الرّواية؟
بالنّسبة لي تحضر النّاقدة المتخصّصة الأكاديميّة عندي في توصيف الحالة الإبداعيّة، وفي القدرة على تجنيسها والتّأسيس لها، لكنّها لا تقيّد عملي الإبداعيّ، ولا أسمح لها بأن تحدّ من خيالي وجنوحي وطاقتي على الخروج والانفلات من قيود التّقعيد الفنّيّ.
مَنْ هو الرّوائيّ الذي تحلمين بأن تكتبين بطريقته؟
أحلم بأن أكتبَ ما يشبهني؛ فالمبدع عندما يخلص لذاته يستطيع أن يجرّ الآخر إليه، وأن يكتب إبداعاً قادراً على تجاوز تروس الآخرين، وأن يصل إلى أعماقهم وأفكارهم وأحاسيسهم.
كيف تنظرين إلى رواية الفتيان والفتيات وما أهميّتها؟
رواية الفتيان هي مساحة سرديّة مختصّة شكلاً وفنّاً ومعالجة بعوالم الفتيان والفتيان، ومن هذا المنطلق هي تجربة سرديّة حسّاسة لها شروطها ومتطلّباتها، وتستدعي أدوات خاصّة بها لا يمكن التّهاون بها؛ لأنّها تحمل رسالة عليا تجاه النّاشئة.
عمّ تدور روايتكِ للفتيان "أصدقاء ديمة"؟
رواية "أصدقاء ديمة" لليافعين هي رواية خيال علميّ للأطفال في قالب دراميّ إنسانيّ، وهي رواية انتصار الإرادة والمحبّة والعمل والعلم والقدوة الحسنة على الإعاقة والعجز والحزن واليأس، وهي رواية البطولة المطلقة لأطفال جميعهم يعانون من الإعاقات المختلفة، أيّ هي رواية البطولة الإنسانيّة لأطفال أقوياء رفضوا أن يستسلموا لإعاقاتهم وللنّظرة السّلبيّة لمجتمعهم لهم.
هم يقرّرون أن يعيشوا السّعادة والحياة بتفاصيلها جميعاً على الرّغم ممّا يعانون منه من تجاهل المجتمع لهم، وإصراره الظّالم على تهميشهم في ظلّ رفضه لهم ولوجودهم المختلف عن وجود معظم أفراده ممّن لا يعانون من إعاقات. هذه الرّواية تسعى إلى تقديم تجربة أخلاقيّة نفسيّة اجتماعيّة جماليّة للأطفال حول انتصار ذوي الإعاقات على إعاقاتهم، وهي تبرز هذه التّجربة في وضعها تحت مجهر الدّراسة والتّعامل معها ومع تفاصيل حياتها ومعاشها وظروف التّعامل معها. هذه الرّواية تعلّم الطّفل من فئة ذوي الإعاقات أن يكون شجاعاً قويّاً متحدّياً، كما تعطي درساً أخلاقيّاً وإنسانيّاً للمجتمع كلّه ليعترف بأبنائه من ذوي الإعاقات، وأن يوليهم اهتماما وافراً، وأن يعطيهم حقوقهم الكافية.