مذكرات الدكتور حميدرضا طيبي، الرئيس السابق لهيئة الجهاد الأكاديمي حول سنوات من النشاط في الجهاد الاكاديمي في جامعة العلم والتكنولوجيا

التطور من قلب العمليات

الوفاق-خاص
اجرى الحوار: بهنام باقري
مشكلة غريبة، وحل أغرب
لقد قمنا بصناعة هذه الأجهزة إلى حد 20 كيلو واط، ولكن بما أنها صناعة إيرانية، فلم نتمكن من بيع أكثر من 2 كيلوواط للشركات الايرانية والشركات الكبرى في المناطق الغنية بالنفط. وفي إحدى المرات قال لي أحد رؤساء صناعة النفط الذي كان على اطلاع بوضعنا: اسمع! لن تتمكن من بيع هذه الأجهزة لقطاع النفط مالم يكن بجانبك اسم إحدى الشركات الأجنبية. لذلك ضع اسم أجنبي بجانب اسمك وبعدها قم ببيعها. هكذا ستتمكن من البيع وهذا هو الحل الوحيد. كان ذلك في عام  1997 عندما اقترح علينا هذا الحل، فتحدثنا إلى الأصدقاء واتفقنا أن نبحث عن أفضل الشركات التي كانت تبيعنا أجهزة UPS  قبل الثورة الاسلامية لنتحدث إليها بهذا الخصوص. وبعد البحث والتحقيق توصلنا إلى شركة  ارسكين الانجليزية. وكنتُ في ذلك الوقت طالب دكتوراه في الهندسة الكهربائية في جامعة براتفورد في بريطانيا ولم أكن قد ناقشت أطروحتي بعد ولذلك كنت أتردد دائماً إلى بريطانيا. قررت أن أذهب وأجد تلك الشركة لأتفاوض مع رئيسها، فعلا حصلت على العنوان وذهبت إليهم. وعندما تعرفت على الشركة علمت أن التكنولوجيا التي لديهم متأخرة بجيل عن التي لدينا وحتى هذا الجيل السابق لم يكن ملكهم بل كانوا يأخذونه من ايطاليا ويضعون علامتهم التجارية عليه ويبيعونه لإيران.
سألوني هل حقاً أنتم تقومون بتصنيع أجهزة UPS  بسعة 20 كيلو واط من نوع IGBT base فقلت نعم. فقالوا إذا قمتم حقاً بصناعته وأثبتت فعاليته فسوف نقوم نحن بشرائه منكم. وقاموا بإرسال المسؤول التقني لديهم "السيد بيتر وينتر" إلى ايران ليقوم بمعاينة وتقييم الاجهزة، فحضر وقام بتقديم تقرير مميز عما رآه من علم وتطور لدينا، وقال في تقريره أنه يمكننا أن نشتري منهم الأجهزة بالكامل أو أن نشتري التقنية العلمية منهم وهم موافقون على كلا الأمرين. وكنا حقاً راضين بإعطائهم الخبرة التقنية لأن ذلك سيكون بالنسبة لدينا أمراً عظيماً بأن تقوم بريطانيا بشراء النقنية من إيران. واشترطنا أنه في حال قمنا بإعطائهم الخبرة التقنية فلن يكون لديهم الحق بتصديرها إلى السوق الإيرانية مجدداً. وبكل سعادة وسرور، أخذنا هذه الشهادة أو وثيقة الخبير البريطاني وذهبنا إلى مدير النفط وقلنا له: تفضل لقد أصبح العكس تماماً. ألم نقل أننا أصحاب الخبرة في أجهزة USP. فقال أنت لاتفهم أبداً ما أقوله لك، يجب أن يكون لديك اسم أجنبي بجانبك لتتمكن من البيع، فبدون اسم أجنبي لن تستطيع!
الإيرانيون يحبون شراء البضائع الأجنبية !
لقد قلنا لذلك الأجنبي ضع اسمك إلى جانب اسمنا وسنقوم نحن أيضاً بإعطائك وكالة تجارية، فقال أنا لا أفهم لماذا تريدون استخدام اسمنا وأنتم أصحاب التكنولوجيا؟ ومهما قلنا له فلم يقنع بذلك. فذهب بعدها إلى مستشاره الذي كان يستشيره قبل الثورة الاسلامية بخصوص البيع لأيران وأخبره بالقصة، فقال الأخير أن الايرانيين يحبون شراء البضائع الأجنبية وهذا هو السبب. العجيب في الأمر أن هذه الشركة الانجليزية جاءت إلى ايران وتمكنت من بيع أحد مشاريع النفط الخاصة بنا (UPS) ذات التكنولوجيا القديمة ونحن لم نتمكن من بيع مشروعنا ذي التكنولوجيا الجديدة.  باختصار، لقد حاولنا جاهدين بيع أجهزة UPS محلية الصنع، وبفضل الخلفية الجيدة التي تركناها وراءنا في صناعة مقومات الحماية الكاثودية، تمكنا أخيراً من إقناع المسؤولين في شركة النفط بتوقيع عقد تصنيع أجهزة UPS معنا.
الجهاد المستمر
منذ عام 1997 أصبحت رئيس الجهاد في جامعة العلم والتكنولوجيا وأكملت عملي هناك بهذه الصفة. وفي جميع الأحوال اخترت هذا المجال بعنوان مجالٍ أريد التعمق فيه. ومنذ عام 1997 وبعد أن أصبحت رئيساً للجهاد الأكاديمي في جامعة العلم والتكنولوجيا أصبحت مؤمناً بأننا يجب أن نعمل بتخطيط مسبق وتخصص عميق، وأن تكون لدينا مجموعات بحثية قوية وأن نراعي الضوابط العالمية وأن نعتمد شهادة iso في أعمالنا بكل جدية. ومن أجل تحسين الأعمال وتحقيق تقدم علمي أعلى، قمنا بتقسيم الأعمال في الجهاد، ففي الميكانيك عملنا على أنظمة التحكم في الانبعاثات، والتي كانت مهمة كبيرة أيضًا، وفي إلكترونيات الطاقة، عملنا على نفس أجهزة UPS والشواحن، وكذلك أنواع العاكسات و المحولات (الانفرترات) وتصنيع اجهزة مخبرية عالية الضغط. المهم أنه قد تم اكتساب المعرفة وكسب المال بطرق مختلفة والتعامل مع الموضوع في الوقت المناسب؛ هذا يعني أنكم يجب أن تتوقعوا أنكم ستحتاجون إلى هذه الأشياء في المستقبل ويجب عليكم التخطيط لمستقبلكم من الآن فصاعدًا. كل هذه الأحداث والتطورات المهمة حدثت في الجهاد الأكاديمي في جامعة العلم والتكنولوجيا حتى وصلنا إلى عام 2006 وتم تعييني رئيساً للجهاد الأكاديمي في المركز. وفي تلك الأيام، قمنا بأعمال جيدة ومثيرة للاهتمام، وكان نظام الدفع لعربات مترو الأنفاق والقاطرات الكهربائية أحدها، ولها ذكريات وأحداث مثيرة.

 

البحث
الأرشيف التاريخي