الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • طوفان الأقصى
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وستة وستون - ٣١ أكتوبر ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وستة وستون - ٣١ أكتوبر ٢٠٢٣ - الصفحة ٦

الباحثة الاجتماعية ليلى صالح لـــ «الوفاق»:

الحرب اليوم حرب الرصاصة والصور

 

سهامه مجلسي
الإنسان اجتماعي بالطبع يتأثر ويؤثر في بيئته الاجتماعية، حيث يُفّعِل قابلياته وقدراته ومهاراته بالتواصل مع محيطه الاجتماعي بكل أبعاده. فعملية التواصل الاجتماعي مع الأفراد الآخرين تُعتبر من أكثر الأمور أهمية والتي لا يَقدر أي إنسان على الاستغناء عنها، حيث لا يتمكن أي فرد من العيش وحيداً، فالتكامل والتعاون بين البشر هو سنة الحياة التي تستقيم من خلالها، ولهذا قد وضع الله -تعالى- آداباً وقواعد للتواصل بين البَشر معتمدة على التوادّ والتراحم واحترام حقوق الآخرين. والتواصل الاجتماعي بقي تواصل مباشر حتى اكتشاف التواصل غير المباشر السمعي عبر الهاتف ثم البصري بالفيديو، واليوم مع تقدم عالم المعلوماتية والذكاء الاصطناعي وحين تعد اللغة من أهم الأدوات المستخدَمة في التواصل الاجتماعي، نشط التواصل الاجتماعي غير المباشر وأصبح حاجة مجتمعية وفردية في كل مجالات حياة الإنسان، وأوقاته، في العمل، والتعلم، والترفيه، ونقل المعرفة والمهارات والخبرات وبلغ حد أهمية التواصل الاجتماعي غير المباشر بأنه وسيلة للتطور والتقدم المهني والمعرفي حيث دخل في كل جزئيات حياتنا اليومية، وفي هذا الصدد اجرت صحيفة الوفاق حوارا مع الباحثة الاجتماعية ليلى صالح وفيما يلي نص الحوار:

كيف يمكن تقييم أهمية التواصل الاجتماعي في يومنا هذا؟
التواصل الاجتماعي الرحمي وبين الأصدقاء المباشر مطلوب الاّ أنه مع الانشغالات اليومية والتزاحم في الوقت قد يقصر الإنسان في تلبية الكثير من المتابعات الاجتماعية فيوفرها التواصل الاجتماعي الافتراضي، كما أنه يوفر الوقت والجهد في التسوق، والاستفسارات في المعرفة والعلم والعمل، حتى أصبح المجال الافتراضي جزءا من المجالات الواقعية لهم. وتنسحب أهميته على المجالات الأخرى الإعلامية والسياسية التي أصبح فضاؤها الأهم بفعل كثافة المنصات وسرعة نشرها للخبر والتفاعل بين المستخدمين عبر العالم الأجمع، حيث يمكن لمقطع قصير لا يتجاوز الدقيقتين أن يرسخ قيمة أو ينصر حقاً أو يزهق باطلاً أو ينشر سعادة وفرحاً، أو يواسي محزونين، أو يدعم الخير بوجوهه المتعددة، وكم من مقالات قصيرة، أو تغريدات يسيرة، كتبها صاحبها من أعماق قلبه فطافت خلال البلاد وسرت في قلوب الناس ونقلت معرفة وحقائق، وبالمقابل تم توظيفه للعبث والتسلية والترفيه ونشر الرذيلة وإخفاء الحقائق واستخدم في حروب واقعية وسيبرانية، فهو يحمل وجهتي استخدام.  
هل نجح المجتمع في الاستفادة من وسائل التواصل بما يخدم المجتمع الإسلامي؟
صحب التطور الكبير في مجال العلم انبهار مجتمعات العالم، وبالأخص مجتمعاتنا التي كانت خاضعة تحت الاستعمار وتغرق في التخلّف حتى سميت بالعالم الثالث، اقترن هذا الانبهار باستقبال ما رافق العصر الجديد من نظريات وأفكار فلسفية وسياسية واجتماعية، حيث نشأت تيارات وأحزاب تتبنّى أشكال الفكر الغربي المستورد رغم التناقض والتضاد الذي يعيشه هذا الفكر بين مدارسه ومناهجه المختلفة، وبين الإسلام، وتأثرت مجتمعاتنا بالغزو الثقافي الذي ترك إرهاصاته في مختلف المجالات الحياتية لا سيما الاجتماعية منها من تغيير في أنماط السلوك والعادات والتقاليد، فضلاً عن القيم والثقافات. واليوم بدخول العالم الثورة الرقمية، التي ألغت كل الحدود والحواجز بين المجتمعات، ودخل العالم الافتراضي بغربته ويكل منصاته إلى مجتمعاتنا، فارضاً واقعاً نهضويا حداثويا، ببث هائل من البرامج الرقمية الهادفة لتلبية احتياجات السوق الافتراضية، متوجه به لسوق استهلاكي عالمي لا يتوقف تطوره، ومع غزو الوسائط الرقمية كل المجالات الحياتية بالكم الهائل من المعلومات والمعارف والعلوم والقيم بدون ضوابط ومعايير تميز بين الصحيح والخطأ، تريثت مجتمعاتنا بفعالياتها الثقافية والنخبوية من الولوج في ساحات العوالم الافتراضية الغامضة الأهداف، محاولة في مواجهة الغزو الثقافي الجديد، الاّ أنه مع حتمية التعايش مع الواقع الافتراضي المستجد نسبياً، بات يتعذر علينا إيجاد فرد لا يحتاج لاستخدام هذه العوالم.
حاول البعض تحجيم دور وسائل التواصل وتقديمها على انها تختص بفئة معينة من المستخدمين، هل يمكن القول ان هذه الوسائل اصبحت تخدم القضايا العربية والاسلامية؟ كيف؟
بدأ العالم الافتراضي بمنصات مفتوحة ومغلقة للتواصل الاجتماعي العالمي كالفيسبوك الا انها تطورت واتسعت لتلبي الاحتياجات الواقعية والمستجدة، حتى استطاعت ان تغطي كل المجالات الإنسانية العلمية والأكاديمية والبحثية والصحية وغيرها، ولاتساعها بات من الصعب تحديد مجالاتها فقد تجاوزت الترفيه والتسلية وتمضية الوقت الى الخدمات المتنوعة وغير المتوقعة، حيث نجدها توفر  كم هائل من الخدمات البحثية بمختلف الموضوعات الحياتية، فقد  لب كم هائل من الاحتياجات الاجتماعية والانسانية لا سيما المتعلقة بالوقت وحتى بالكلفة والجهد لم يتوقع أحد يوماً أن نصل إليها، من هنا جاء توجه السيد القائد في جهاد التبيين بالتواجد في العالم الافتراضي بعد الدخول عليه كأفراد وجماعات ومؤسسات، معتبراً بأنه يشكل عالم تأثير وتأثر يجب الاستفادة منه لخدمة قضايانا المحقة.
 هذا الواقع لم يغير في أهداف انشائها من قبل الشركات العالمية المتحكمة بالعوالم الافتراضية. فكل المستخدمين للعوالم هم سلع وفق حسابات هذه الشركات وإن تقدمت لهم خدمات مجانية، ولا شك بان لكل منصة من منصات التواصل هدف وفئة مستخدمة، وقد تدرجت في تلبية الاحتياجات المجتمعية ما جعل البعض يذهب لتحجيم دورها لحصرها بأهداف كل منصة وفئاتها المستخدمة، الا أنه مع توسع منصات وسائط التواصل وتطورها بتسارع شديد وتفاعلها مع مستخدميها اتسعت لتنفتح على كل مجالات الانشطة الإنسانية بكل ما للكلمة من معنى، وباتت ساحات مفتوحة على مصراعيها بدون حدود للطروحات والنقاشات والحوارات المختلفة الابعاد والتوجهات، هذه الحرية المطلقة في التعبير عن المشكلات والتحديات الاجتماعية والمواقف، صحيح أنه تم توظيفها لخدمة الاعتداء على أمن الدول . فلو قاربنا القضية الفلسطينية جرح الامة النازف، وما يجري اليوم في معركة «طوفان الأقصى» وما أظهرته وسائل التواصل الاجتماعي من صور ومشاهد إذلال للجنود الصهاينة الهاربين والأسرى، حين غيرت قواعد الاشتباك، بين أصحاب الأرض بأسلحة متواضعة قياساً لترسانة العدو الإسرائيلي، حيث استطاعت الكاميرا أن تكشف وعي المستوطنين الصهاينة في مقولة «الجيش الذي لا يقهر» ورفعت مستوى الوعي المجتمعي لحقيقة ما يجري في مختلف الساحات.
المرأة في وسائل التواصل بحجابها الاسلامي، هل استطاعت ان توظف هذه الوسائل بما يخدم اهدافها وتطلعاتها كمرأة مسلمة ذات حجاب؟
الإنسان في هذا العصر الرقمي أصبح مستهلكاً للمنتجات الإعلامية والاتصالية بصورة سيئة، وتداعياتها تشمل الجنسين المرأة والرجل، والخطورة تكمن بأن هذه الأجهزة الإعلامية والاتصالية تقدم للفرد دورات معرفية وثقافية وإخبارية وتربوية تتسم بثلاث خصائص وسمات هي «التشتت، التشوش، اللايقين»، بهذه الثقافة الاتصالية يفتخر أحد الباحثين الليبراليين بأن نسب اليها الفضل في بناء «الفرد الرقمي الثوري» المتمرد على كل الأيديولوجيات الثقافية والدينية والسياسية، وهذه الثقافة تأثيرها على المرأة أكثر من الرجل لكونها التربية الأسرية مسؤوليتها الأولى إلى جانب مسؤولية الرجل عن بناء إنسان الحضارة هذا من جهة، ومن جهة ثانية يعتبر سماحة قائد الثورة الاسلامية الايرانية آية الله العظمى الخامنئي أن الإعلام يوفر فرص كثيرة يمكن استثمارها واغتنامها لتبليغ الرسالة الإسلامية والقيم الإسلامية، ولمواجهة الغزو الثقافي وأمواج الحرب الناعمة، والمسالة رهان لطبيعة وحدود ومعايير مشاركة المرأة وطبيعة وهدفية هذه المواقع التي تشارك فيها ان كانت في خدمة الحضارة الانسانية ام انها للهو والعبث والانحدار الاخلاقي والحضاري، كما أن مواقع التواصل الاجتماعي او العوالم الافتراضية لا تختلف من حيث الكيفية المعيارية عن مواقع التواصل المباشرة في واقعنا الاجتماعي، ونستطيع القول بأن المرأة المحجبة المتزنة الحاملة لقضيتها بوعي وبصيرة تشارك الرجل في منصات كثيرة وتوظف هذه المنصات لخدمة قضاياها.
كيف يمكن للمرأة ان تقدم نفسها في أية وسيلة للتواصل الاجتماعي بحجابها وشخصيتها كإمرأة مسلمة؟
معايير الاتزان والعفاف والحياء والأدب والصدق واحدة في العالمين الافتراضي والواقعي، فكما تحضر المرأة المحجبة في مواقع الحياة الاجتماعية في المجالات المختلفة من سياسية وإدارة وعسكر واجتماع وفن وطب وهندسة.. باتزانها وقيمتها الإنسانية يمكن لها ان تقدم نفسها على وسائل التواصل وفق نفس المعايير الأخلاقية، ونموذج المرأة الايرانية الملتزمة بحجابها والمستقلة بآرائها والمسؤولة عن أسرتها والداعمة لها في كل مجالات العمل وخير شاهد على امكانية مشاركة المرأة المحجبة بفعالية في كل ميادين الحياة بدون استثناء، نراها محافظة على شخصيتها الانثوية الخاصة بها وبأسرتها وبدورها كأم وأبنة واخت، وشخصيتها الإنسانية الحضارية في العمل والعلم. وأطروحة الإمام القائد في الإعلام لها عدة أبعاد، تبدأ من إدراكه للأهمية كفرصة، ومعرفته بالخطورة كتهديد، ولهذا نجد سماحته يشدد من جهة على خطورة دور وسائل الاتصال والإعلام لدرجة القول «إن وسائل الإعلام لا تقل خطورة عن القنبلة الذرية من حيث قدرتها التدميرية»  وقد أكد سماحته على واجب وسائل الإعلام الإسلامية والإعلاميين والفنانين الإسلاميين العمل على رفع كفاءة وجاذبية الفن والإعلام الإسلامي الأصيل كي يضاهي ما تقدمه وسائل الإعلام الأمريكية والغربية، وموجهاً نحو تقديم نموذج إسلامي للحياة الطيبة المتوازنة معنوياً ومادياً بمواجهة نموذج الاستهلاك والإباحية الذي تقدمه أميركا والذي يروج عبر المسلسلات التلفزيونية والإنتــرنت، والمرأة بحجابها وحدها يمكنها أن تقدم نموذجا إنسانيا حضاريا قيميا للهوية الإسلامية.  
برأيكم ما هي الضوابط التي يجب على المرأة المسلمة مراعاتها على وسائل التواصل وفي نفس الوقت أن تحافظ على هدفها من اي منشور تريد تقديمه بقالب اسلامي للمتابعين؟
ظهور الفرد على وسائل التواصل الاجتماعي يكون عبر الصورة والفيديو والمسج والصوت، فوسائل التواصل الاجتماعي ومنصات العالم الافتراضية تتيح للفرد ظهور صورته ببوستر او بفيديو ضمن محتوى يقدم بشكل بصري او سمعي او الاثنين معاً، مع امكانية ادخال مؤثرات سمعية وبصرية، ولا يخفى على أحد ان لكل منصة معايير خاصة فرضتها سياسة المنصة لخدمة اهدافها التسويقية في تقديم المحتوى والظهور فيه ودفعت المستخدمين لاعتماد هذه المعايير لضمان نجاح نشاطهم، حيث يرتبط عدد اللايكات والمنشات التي يحصل عليها اي محتوى ينشر على وسائل التواصل بالسماح له بالانتشار والظهور على اوسع نطاق، واحياناً قد يحصل فيديو هابط وعابث على عدد هائل من اللايكات والمشاركات، من هنا فأن معايير مشاهدة الفيديوهات لا ترتبط بأهمية الفيديو بالضرورة، وحين يكون حجاب المرأة يمثل هويتها الدينية بالتالي يظهر الهوية الإسلامية للفرد في اي موقع شاركت فيه، بالتالي لا يمكن للمرأة المحجبة في تقديمها للمحتوى بأن تلتحق بالمعايير الافتراضية للظهور على حساب عفتها وحجابها واتزانها في تقديمها للمحتوى لأنها في نفس الوقت تقدم هويتها الإسلامية، وما نشهده من مشاركات على وسائل التواصل من محجبات، يجعل طبيعة الموقع واستخداماته يضفي على المحجبة هوية وليس العكس.
القضايا العربية والعالمية على وسائل التواصل التي يتم تداولها ودعمها ومتابعتها واثارتها، هل يعني ان وسائل التواصل تم توظيفها بالشكل المطلوب؟
إن أي تقنية حديثة هي سلاح ذو حدين، فإن كان هناك الوعي الكافيِ فإنه سيتم الاستفادة الحقيقية للدعم الذاتي والمجتمعي والأممي، ولا بد أن نحرص على ِ تفادى المخاطر من الانجرار وراء الأخبار المفبركة، من خلال التأكد من صحة المعلومات المنشورة ومصدرها، على قاعدة «تبينوا».
إن وسائل التواصل الاجتماعي لم تُنشأ في بدايتها لأسباب سامية، بل لأسباب تسويقية إنتاجية بحتة، الاّ أن توظيفها في مجالات عدة منها القضايا الاجتماعية والسياسية العربية والعالمية سمح لهذه القضايا بأن تنشر في الفضاء الافتراضي الواسع ليصل إلى أكبر عدد ممكن من المستخدمين ممن تعنيهم هذه القضايا وممن لا تعنيهم.
وقديماً كانت قضايا الرأي العام تثار على نشرات الاخبار والصحف المحلية، أما اليوم أصبحت هذه القضايا تأخذ مداها حسب انتشارها في مواقع التواصل الاجتماعي، واصبحت الكلمة تقاوم كما الرصاصة وكلما تصدرت العناوين صار تجاوب أصحاب القرار والجماهير أقوى وأسرع، قد يبدو لرواد هذه المواقع قوتها في إيصال الكثير من القضايا للرأي العالمي وقدرتها على التأثير في الجهات المعنية من أجل تغيير مصير ضحاياها، وتغيير مواقف الجماهير في كثير من القضايا العربية الشائكة التي تمت إثارتها على وسائل التواصل بفعل التفاعل معها عربياً وعالمياً وتغيير مسار هذه القضايا، ونشهد اليوم تفاعل الشعوب العربية والإسلامية على وسائل التواصل مع «طوفان الأقصى» بين موقف الفلسطينيين أصحاب الأرض والحق بالدفاع عن حقوقهم من الغطرسة والظلم الصهيوني والتنكيل بهم وبين ادعاء «الصهاينة» بالدفاع عن النفس، هذه التفاعلات على وسائل التواصل الاجتماعي عربياً وعالمياً أصبحت جزء من قواعد الاشتباك الحربية ومقومات القوة، وتجاوزت وظيفة نقل الخبر ونشره.

 

البحث
الأرشيف التاريخي