الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • خوزستان
  • طوفان الأقصى
  • الریاضه و السیاحه
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وخمسة وستون - ٣٠ أكتوبر ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وخمسة وستون - ٣٠ أكتوبر ٢٠٢٣ - الصفحة ٤

بعد تصاعد التوترات مع الكيان الصهيوني

كيف يؤثر الصراع في فلسطين على سياسة تركيا الإقليمية؟

الوفاق/ في خطوة مفاجئة، ألغى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارته المخططة لإسرائيل بسبب «حربها غير الإنسانية» على فلسطين. وقال أردوغان إن حماس «ليست منظمة إرهابية، بل هي حركة تحرر وطني»، معبراً عن دعمه للشعب الفلسطيني. وقال أردوغان أيضاً إنه سيكشف للعالم حقيقة «إسرائيل» بوصفها مجرم حرب، كما وصف الغرب الداعم لإسرائيل بأنه المتهم الرئيسي في «المجزرة» التي تجري في غزة.وفي وقت سابق أيضا قال أردوغان إن على «إسرائيل» وضع حد لحالة «الجنون» ووقف هجماتها على قطاع غزة،و بعد تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أعلن وزير خارجية العدو، أنه قرر استدعاء الممثلين الدبلوماسيين لبلاده من تركيا لإعادة تقييم العلاقات بين البلدين. وتأتي هذه التصريحات في ظل تصاعد العنف من قبل الكيان الصهيوني و تصعيد حملاته الجوية على قطاع غزة ،و  الذي أسفر عن استشهاد أكثر من سبعة من آلاف الفلسطينيين حتى الأن. وتشير هذه التطورات إلى تدهور العلاقات بين تركيا و الكيان الصهيوني، رغم أنها كانت في طريقها نحو التحسن منذ العام الماضي. ما تأثير هذه التوترات على المشهد الإقليمي والدولي؟ وما هي دوافع تركيا وراء هذا الموقف؟ وما هو مستقبل العلاقات بين أنقرة وتل أبيب؟
العلاقات التركية مع الكيان الصهيوني
 يقول الباحث المتخصص في الصراعات الدولية اوريل اراوغو في مقال نشره موقع «اينفو بريكس» ، منذ العام الماضي، كانت العلاقات الثنائية بين تركيا و الكيان الصهيوني، بما في ذلك التعاون الاستخباراتي والأمني، في طريقها نحو التحسن، بعد عدد من الخلافات التي تعود إلى فترة طويلة. لقد كانت العلاقة بين الطرفين متقلبة ومتوترة على مر السنين. استعاد الطرفان علاقاتهما في عام 2016، لكن تركيا طردت مبعوثي الكيان مرة أخرى من بلادها في أعقاب استخدامها القوة المميتة ضد المتظاهرين خلال احتجاجات حدود غزة 2018،و من المرجح أن تضع التطورات الأخيرة العلاقات بينهما مرة أخرى في مأزق.
منذ اتفاقيات ابراهام عام 2020، ذهب عدد من الدول العربية الى تطبيع علاقاتها مع تل أبيب وفي بعض الحالات حتى تقدمت لتعميق اتفاقيات التعاون الاستراتيجي. لكن بعد معركة طوفان الأقصى قد تغير كل شيء. من المؤكد أن مثل هذه الاتفاقيات منذ البداية زادت من حدة التوترات داخليًا ليس فقط في العالم العربي، ولكن أيضًا في منطقة الشرق الأوسط الأوسع وما بعدها، حتى في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى (حتى وسط الدول غير المسلمة)، مما أدى إلى مظاهرات و انقسام في الرأي العام حول قضية فلسطين. لا تختلف الأمور عندما يتعلق الأمر بتركيا، وبالتالي فإن المظاهرات الضخمة الحالية ربما لعبت دورًا في قرار أردوغان بإلغاء رحلته إلى الكيان الصهيوني، وتصعيد لهجته اتجهاهه، لاسيما  بعد الحملة الهمجية للكيان الصهيوني على غزة و استخدامه العنف في الضفة الغربية أيضاً. عُقدت مظاهرات ضخمة في جميع أنحاء إسطنبول وأنقرة، كما هو الحال في العديد من المدن في أوروبا والعالم. سحب الكيان الصهيوني جميع دبلوماسييه من تركيا في 19 أكتوبر، وسط مظاهرات ضخمة مؤيدة لفلسطين في البلاد. تعد غزة، الهدف الرئيسي لحملة قصف عشوائية، و هي موطنًا لأكثر من مليوني فلسطيني. أسفرت الضربات حتى الآن عن استشهاد ما لا يقل عن 7000 فلسطيني في غزة وحدها.
تأثير الصراع على تركيا
ينطوي مثل هذا الصراع على مخاطر تصعيده وانتشاره في الشرق الأوسط بأكمله. لذلك تعرض الكيان الصهيوني لانتقادات شديدة عالميًا بسبب هذه الحملة العسكرية الضخمة والكارثة الإنسانية المترتبة عليها، وهذا هو سياق الاحتجاجات الأخيرة في تركيا وغيرها. حتى وقت قريب جدًا، اعتقد بعض المراقبين أن تركيا كانت في وضع جيد للتوسط بين الكيان الصهيوني وحماس، لأنها تحافظ على علاقات مع الطرفين. على سبيل المثال، أبرز طه أوظان، مدير الأبحاث في معهد أنقرة، حقيقة أن «لدى تركيا قناة اتصال جيدة مع حماس، وهي ميزة مهمة». في الواقع، أصر أردوغان حتى وقت قريب على التقدم كوسيط محتمل. التقى الرئيس التركي ورئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو شخصيًا للمرة الأولى في 19 سبتمبر خلال الجمعية العامة السنوية للأمم المتحدة. تم الإعلان مؤخرًا عن اتفاقيات طاقة تركية «إسرائيلية»، ونظرت أنقرة في الانضمام إلى خط أنابيب الغاز الطبيعي المدعوم من الولايات المتحدة في الكيان الصهيوني، لكن كل ذلك ومستقبل مثل هذا التعاون أصبح محل شك الآن. صرح أردوغان مؤخرًا أنه «بالطبع، كانت لدينا نوايا حسنة، لكن نتنياهو أساء استخدامها»، مضيفًا أنه «لو استمر نتنياهو مع النوايا الحسنة، لربما كانت العلاقات بيننا مختلفة، ولكن الآن، للأسف، لن يحدث هذا».
تحديات تركيا في الساحة الإقليمية والدولية
 كانت خطط تركيا المتوقفة الآن لتعزيز العلاقات مع الكيان الصهيوني جزءًا من الدبلوماسية المعقدة لأنقرة. شهدت السنوات القليلة الماضية اتجاهًا جديدًا في السياسة الخارجية التركية نحو التقارب مع خصوم تقليديين، مثل الإمارات العربية المتحدة ومصر والسعودية. في حين تطمح أنقرة لتكون لاعبًا عالميًا، إلا أنها تسعى أيضًا لتكون زعيمة للعالم الإسلامي بما يتضمن الأراضي التي تقطنها أقليات تركية، بغض النظر عن القضية الدينية. كما هددت الطموحات العثمانية الجديدة لتركيا بزعزعة السلام في آسيا الوسطى والشرق الأوسط وما بعدها. أي تعاون استراتيجي تركي «إسرائيلي» مستقبلي أمر بعيد المنال، بالرغم من محاولات أردوغان تحقيق ذلك. إن علاقات الكيان الصهيوني مع اليونان وفرنسا التي تتنازع مع تركيا على النفوذ في شرق المتوسط هو عامل معقد في هذه المعادلة. إن السياسة الخارجية المعقدة لتركيا بدت وكأنها تطمح لاحتواء كل شيء: من شمال أفريقيا إلى جنوب القوقاز، مع ضبط منافستها مع روسيا، واستغلال نفوذها داخل حلف الناتو. إن هذه علاقات ثنائية بالغة التعقيد يصعب التنقل بينها. وما زال هذا صحيحًا  حتى اليوم. إن العلاقات بين تل أبيب وأنقرة هشة بالفعل، وربما كذلك بالنسبة لعلاقاتها مع الغرب،و لكن و على الرغم من التطورات الأخيرة، تبقى العلاقات بين تركيا و الكيان الصهيوني معقدة ومتقلبة، مع تأثرها بالتطورات الإقليمية مثل الصراع الفلسطيني. وسط هذه الديناميكيات، تواصل تركيا مساعيها لتعزيز نفوذها الإقليمي والدولي من خلال سياسة خارجية مرنة ونشطة.
في الوقت الذي تواصل فيه تركيا التقارب مع الغرب من خلال حلف الناتو، إلا أن موقفها تجاه فلسطين قد يضع عراقيل أمام تحسين علاقاتها مع الكيان الصهيوني وشركائه. إن انتقاد أردوغان الحاد للكيان ووصفه حماس بأنها حركة تحرر وطني بدلاً من منظمة «إرهابية» كما يصفها الغرب، قد يؤدي إلى مزيد من التوتر مع تل أبيب وواشنطن. مع ذلك، من المحتمل أن تظل تركيا تمارس دبلوماسية مرنة تجاه جميع الأطراف، مع المحافظة على قنوات اتصال مفتوحة. فالمصالح الاقتصادية والأمنية طويلة الأمد قد تدفع الطرفين لتجاوز الخلافات السياسية الراهنة.
 إن صعود تركيا كقوة إقليمية فاعلة يجعلها لاعباً لا يمكن تجاهله في أي تسوية سياسية في المنطقة. ومع ذلك، فإن طموحاتها الإقليمية الواسعة تنطوي أيضًا على مخاطر المزيد من الصراعات مع دول الجوار.
لذا فإن المراقبين يتوقعون أن تظل السياسة الخارجية التركية معقدة وغير ثابتة في المدى المنظور.

البحث
الأرشيف التاريخي