محلل سياسي لبناني يتحدث للوفاق:
تأثير كبير لرسائل محور المقاومة على القرار الامريكي والإسرائيلي
في اليوم التاسع عشر من الحرب على غزة، واصل العدو الصهيوني قصف المدنيين بعدما أوقعت غاراته 700 شهيد خلال 24 ساعة، مما جعل حصيلة الشهداء تلامس الـ 7000 آلاف شهيدٍ، جُلّهم من الأطفال والنساء، وردّت كتائب القسام على الغارات الصهيونية بإطلاق صاروخ "عياش 250" على مدينة إيلات، التي تقع على البحر الأحمر وتبعد 220 كيلومترا عن غزة، كما قصفت مدينة حيفا بصاروخ "آر-160". وفي الضفة الغربية، استمر التصعيد الصهيوني، وبينما تتفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة مع انهيار المنظومة الصحية، دعت العديد من دول العالم إلى وقف العدوان على غزة وإيصال المساعدات للسكان المحاصرين. وفي نيويورك، قدمت المجموعة العربية بالأمم المتحدة وروسيا مشروعي قرارين منفصلين يدعوان إلى وقف إطلاق النار، في حين اكتفت أمريكا بعرض مشروع قرار يدعو فقط إلى هُدنٍ إنسانية.
في ضوء تسارع التطورات وفيما تزداد سخونة المشهد وفي الوقت الذي باتت فيه المنطقة تستقر على صفيح ساخن ينذر بإندلاع حربٍ شاملةٍ في أي لحظة، أجرت صحيفة الوفاق الدولية حوارا مع المحلل السياسي والخبير الإستراتيجي اللبناني د.محمد هزيمة، تحدّث خلاله حول آخر المستجدات في الساحة الفلسطينية، سيما التحركات الدبلوماسية الإيرانية المكثفة الأخيرة في المنطقة لوقف العدوان الصهيوني، علاوة على ضربات محور المقاومة لقواعد المحتل الأمريكي في سورية والعراق والمياه الإقليمية بالمنطقة، ناهيك عن استمرار المقاومة الفلسطينية بمشروعها البطولي ضد الإحتلال، وبحث ملفات من قبيل نظرية الأرض مقابل الأسير وتبييض صفحة السجون وتحرير الأسرى.
ايران شكّلت علامة فارقة
بشأن التحرك الديبلوماسي الايراني والذي تجسّد بسلسلة مكثفة من الزيارات أجراها وزير الخارجية الإيراني حسين اميرعبداللهيان الى دول محور المقاومة، ومباحثاته مع عدد من نظرائه في دول العالم، وتهديداته بشان الحرب وزيارة بايدن والمستشار الالماني الى المنطقة، وإنعكاسات هذا الأمر على مجريات الميدان، قال المحلل السياسي اللبناني: في الوقت الذي صمتت فيه انظمة العرب، وغاب معظمها إلا قليل منهم، لفت نشاط الدبلوماسية الإيرانية منذ اللحظة الأولى التي انخرط فيها العالم خلف الامريكي، ومنهم أنظمة عربية لدعم اسرائيل، جاءت تحركات وزير الخارجية الإيرانية وكان لوصوله إلى بيروت عاصمة المقاومة دلالات وأبعاد بمواجهة الدبلوماسية الاميركية التي انكشفت بوصول وزير خارجيتها إلى فلسطين المحتلة لدعم حكومة العدو، فكانت إيران علامة فارقة أكدت إلتزامها بالمقاومة ودعم خيار الشعوب وتبني قضيتهم.
دور ومكانة ايران في الحرب
وحول دور ومكانة ايران في الحرب، والشكوك المثارة حول تدخل ايران المباشر في الحرب، أوضح الدكتور هزيمة: منذ انتصار الثورة في إيران بقيادة الامام الخميني العظيم (قده) وقيام الجمهورية الإسلامية، تبنّت طهران دعم الشعوب المستضعفة في العالم، وإلتزمت بقضية فلسطين وكرّس الإمام يوما عالميا للقدس كقضية مركزية للشعوب الاسلامية، وترسّخت كعقيدة استراتيجية للجمهورية الإسلامية، وكانت ايران اول دولة بالعالم تقفل سفارة "اسرائيل" وتفتح مكاتب لمنظمة التحرير الفلسطينية، وترفع علم فلسطين ولم تشغلها الحروب التي شنّت عليها او الحصار عن دعم المقاومة وتبنيها في لبنان وفلسطين وغيرهم، نصرة لقضية محقة لشعب مستضعف، ولا يخفى عن أحد ان الجمهورية الإسلامية عملت وأعدت جيل المقاومة.
دعم الجمهورية الاسلامية واضح عسكريا
وأكمل بالقول: لقد جهزّت ايران ودرّبت كوادرها أكثر واكثر، فلا تزال آثار القادة الشهداء محفورة في فلسطين وغيرها، بطليعتهم الشهيد قاسم سليماني والشهيد ابو مهدي المهندس، والشهيد عماد مغنية، وثلة من قيادات المقاومة فتحي الشقاقي وعياش، ولائحة تطول رعتهم الجمهورية الإسلامية تدريبا وتسليحا ودعما ماليا، يضاف إلى الدعم السياسي واحتضان القضية حتى تمكنت هذه القوى ان تكون فاعلة بمواجهة عدو يدعمه العالم كله عسكريا وسياسيا واقتصاديا، ومما لا شك فيه ان دعم الجمهورية الاسلامية واضح عسكريا كما ظهر سياسيا بتحرك الدبلوماسية، ومتابعة من أعلى المرجعيات بالجمهورية في مقدمتهم قائد الثورة والسيد رئيس الجمهورية، ونشاط الدبلوماسية بوزير الخارجية إلا ان سياسة الجمهورية الاسلامية تترك لقيادات المقاومة تقدير ظروف كل جبهة وخصوصيتها، رغم توحيد الساحات الذي شكل عامل قوة بمواجهة إسرائيل واضعفها.
تأثير كبير على القرار الامريكي
أما عن رسائل محور المقاومة ضد العملية البرية للصهاينة، والهجمات على المواقع الامريكية في العراق اضافة الى اطلاق صواريخ من اليمن وسوريا وتبادل النيران في لبنان، أوضح الدكتور هزيمة: ليست كرم اخلاق من الأميركي أن يردع الإسرائيلي عن مغامرة اجتياح بري لغزة أو فتح جبهة لبنان، فالادارة الأميركية قرأت رسائلها بدقة وتعاملت مع العمليات بجدية، رغم التضليل الذي تعتمده الإدارة الأمريكية وسياسية الكذب والتهويل، إلا أن ما حصل من عمليات رغم محدوديتها العسكرية كان له تأثير كبير على القرار الامريكي قبل الإسرائيلي، صحيح أن عملية طوفان الاقصى ارعبت العدو الإسرائيلي واغرقته في بحر أزمات، إلاّ ان عمليات اليمن والعراق وجهوزية المقاومة في لبنان تضاف لموقف الجمهورية الاسلامية، كانت كلها صفعات تلقاها الأميركي مباشرة حاول تغطيتها، لكنها قلمت أظافره جيدا، وبات يدرس خطواته بالميدان اكثر فاكثر، وحتما لم ولن يتجرأ على مغامرة عسكرية، ولن يسمح كذلك للصهيوني بها، وسيعتمد أساليب مغايرة، وله كثير من الأدوات بما في ذلك الأنظمة والرؤساء والإعلام، وهنا نؤكد بأن الامريكي أقرّ بتراجع دوره وسلّم بخسارة يسعى إلى تقليلها.
ملف الأسرى
وحول ملف الأسرى الذي على مايبدو آخر ما يشغل بال العدو الصهيوني ،خصوصاً أن الأخير كانت قد تسببت إعتداءاته بقتل بعضهم في غزة، وحول نظرية الأرض مقابل السرى، بمعنى ان حماس تطلق الاسرى الاسرائيليين مقابل تحرير الاراضي الفلسطيني، يوضح المحلل السياسي اللبناني للوفاق: لا شك أن الأسرى الصهاينة ورقة رابحة في يد المقاومة والتي خاضت تجارب سابقة، وعرفت كيف تستفيد، لكن اليوم الملف أكبر وأكثر تعقيدا، واذا كان المطروح عملية تبادل تعطي مساحة من الأرض يكون هذا تسخيف الإنجاز الذي تحقق، وحتما لا يخدم القضية الفلسطينية ابدا فهذا الملف هو نتاج عملية قلبت الموازين، ولم يعد الصهيوني بموقع القوّة أبداً، وهذا الانتصار الذي حقّقته المقاومة كمشروع أكبر من أن يُقزّم في عملية تبادل تعيد للاسرائيلي بعضا من القوة على حساب وحدة الساحات بمواجهته، وهذا حتما سيكون مسعى أميركي لصالح "إسرائيل".