الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • طوفان الأقصى
  • الریاضه و السیاحه
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وخمسة وخمسون - ١٨ أكتوبر ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وخمسة وخمسون - ١٨ أكتوبر ٢٠٢٣ - الصفحة ۷

من الصداقة إلى تهديد الوجود

النظام البهلوي عزز علاقاته مع الصهيونية.. والثورة الإسلامية حطمتها

الوفاق / بعد تأسيس الكيان الصهيوني، بنى النظام البهلوي علاقةً وثيقةً به، ويمكن اعتبار الهدف الرئيسي من هذا التعاون بين النظامين نتيجة المصالح المشتركة لهما، وظهور وتطور سياسات معادية للعرب ومؤيدة للصهيونية بين المسؤولين البهلويين. كان ضمن استراتيجية "إسرائيل" التي وضعها "بن غوريون" في خمسينات القرن الماضي محاصرة الدول العربية ومحاربتها عن طريق الدول الإسلامية المحيطة بها، ونجحت "إسرائيل" في صياغة سياسة تحالف استراتيجي مع هاتين الدولتين في عهد شاه إيران "محمد رضا بهلوى"، والحكام الأتراك العسكريين.
تحالف استراتيجي بين إيران الشاه والكيان الصهيوني
اعترف النظام البهلوي بالكيان الصهيوني في 14 اذار / مارس من العام 1950 م، وبدأت العلاقات بينهما بعد انقلاب 19 آب/ اغسطس عام 1953 م، واتسعت في مختلف المجالات، واستمرت حتى انتصار الثورة الإسلامية، وكانت إيران في عهد الشاه في حالة تحالف استراتيجي دائم مع العدو الصهيوني، وكان التنسيق قائماً على قدم وساق في جميع المجالات العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية، إذ كانت الدولتان تتبادلان الزيارات لكبار القادة العسكريين والأمنيين للتنسيق بينهما في العدوان على من يقود حركة تحرّر ضدّ الاستعمار والصهيونية وأعوانها في المنطقة، إذ كان الشاه خادماً طيّعاً للقوى الامبريالية والصهيونية، ويسخّر إمكانات بلاده لهذا الغرض خدمةً للأهداف الاستعمارية لأنه كان أحد الأدوات التي يستخدمها الغرب الامبريالي.
إن الكيان الصهيوني المحتل ولقاء الاعتراف به على يد النظام البهلوي، أعلن عن رغبته بتوسيع نطاق العلاقات بين الجانبين، وكانت القضايا الاقتصادية منطلقاً لبدء هذه العلاقات، واتسعت تلك العلاقات لتشتمل على الجوانب السياسية والأمنية.
تعاون أمني استخباراتي بهلوي صهيوني في مواجهة فلسطين ومقاومتها
وقف شاه إيران بشدّة ضدّ الشعب الفلسطيني وثورته المسلحة، وكان يتعاون أمنياً واستخبارياً مع "إسرائيل" بهذا الصدد، وكان يتمّ التنسيق بين جهاز الشاباك الصهيوني وجهاز السافاك لملاحقة ومتابعة الثوار الفلسطينيين. وتقول الوثائق الأميركية التي تمّت مصادرتها بُعيد الثورة من السفارة الأميركية وفق الكاتب والصحافي محمد شعيتاني إنّ اغتيال القادة الفلسطينيين "أبو يوسف النجار" و"كمال عدوان" و"كمال ناصر" تمّ الإعداد والتخطيط له في سفارة أميركا في إيران، وبما أن إيران تُعتبر أهمّ محطة استخبارية بالنسبة لأمريكا والعدو الصهيوني فقد كان السفير الأمريكي في إيران في ذلك الوقت "ريتشارد هولمز" الرئيس السابق لـ«سي أي آي» أي جهاز المخابرات الأمريكي، وكذلك الأمر بالنسبة لـ"الموساد" إذ كانت أهمّ محطة للموساد في المنطقة في طهران حيث التنسيق اليومي بين الأجهزة الأمنية الثلاثة ضدّ حركات التحرّر والأنظمة التحرّرية في المنطقة.
لم يكن التعاون الأمني خافيًا آنذاك على الرأي العام الداخلي والعالمي، فقد استفاد الشاه من المخابرات المركزية الأمريكيّة CIA ومن المخابرات الإسرائيليّة “الموساد”، كما واستعان بهم في تأسيس جهاز “السافاك الذي كان له الدّور الكبير في كبح جماح المعارضة ومحاربة المجموعات المناوئة للنظام، وقد عُرف هذا الجهاز بقسوته في تعذيب وقمع واغتيال المعارضين للنظام، بالتنسيق مع أجهزة المخابرات الأميركية والغربية والإسرائيلية، بل وتلق منهم المساعدة المباشرة في قمع الثوار الإيرانيين. فوفق معهد الدراسات والبحوث السياسية فقد اعترف محقق  من  جهاز السافاك عن الارتباط التدریبي بینه وبين "إسرائيل" ، فيقول:" في كل عام، كانت عدة وفود تذهب من إيران إلى "إسرائيل" للتدریب، وفي المقابل، کانت تتم دعوة بعض موظفي الموساد إلى إيران، حیث کان یُستخدم وجودهم لإجراء دورة تدریبیة ليوم واحد أو يومين أو كحد أقصى خلال کم یوم في أندية السافاك، في وفي هذه الحالة المديرية العامة للتدریب كانت تقوم بتخطیط سفرهم واستضافتهم".وعن هذا الموضوع ورد في كتاب "السافاك ودوره في التطورات الداخلية للنظام البهلوي" الذي نشره مركز وثائق الثورة الإسلامية حول العلاقات بين النظام البهلوي والكيان الصهيوني: أنه قادت المصالح المشتركة بين النظام البهلوي والكيان الصهيوني إلى التعاون في القضايا الأمنية، وكان الهدف الجوهري هو توسيع نطاق السياسات المعارضة للعرب والمؤيدة للصهاينة عند المسئولين في النظام البهلوي، هذا وإن علاقات النظامين في تلك السنوات كانت تتم بشكلٍ سري، وفي الوثائق التي بقيت من السفارة الأمريكية المذكورة في وثائق وكر التجسس ونقلا ًعن المسؤول الثاني في بعثة الكيان المحتل "تورجمن" إذ يقول: إن العمليات الإسرائيلية في إيران سرية في الأغلب، وبينما ترغب إسرائيل بتوسيع نطاق علاقاتها بإيران، فإنها تأخذ بعين الاعتبار مكانة إيران في الاعتراف بإسرائيل وكذلك الكثير من الدول العربية، ولا تصر كثيراً
على إقامة
العلاقات معها".
على هذا إن النظام البهلوي، وعلى الرغم من اعترافه بالكيان الصهيوني، لم يتمكن من إقامة علاقة عامة معه بسبب مكانته الخطيرة في المنطقة وكذلك معاداة الشعب الإيراني ومُسلمي العالم للكيان الصهيوني المُجرم، لذلك وعلى الرغم من علاقتهما السرية، إلا اأن النظام البهلوي كان يتظاهر بعدائه لإسرائيل، ويظهر ذلك في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية عندما كان يصوت دائماً ضد الكيان المحتل، ويدينها، لكن هذا الأمر لا يتجاوز كونه شكلياً.
استفاد كلا النظامين بشكل كبير من هذا التعاون البعيد عن الضوضاء. وبهذا التعاون، حاصر الكيان المحتل العالم العربي، كما أنه لم يشعر بالوحدة الكاملة في الشرق الأوسط. من ناحية أخرى، تمتع النظام البهلوي بمزيد من الدعم من الولايات المتحدة وحلفائها، كما استخدم الأساليب الأمنية المتطورة التي قدمه له الكيان المحتل.
الشاه محمد رضا… شريان الحياة للكيان الإسرائيلي
شكل كلاً من النظام البهلوي والنظام الصهيوني عاملا استقرار لصالح الولايات المتحدة الأميريكيّة في المنطقة، وهذا ما ذكره السناتور الأميركي "جاكسون" أشد أعضاء مجلس الشيوخ الأميريكي عداوةً للعرب في حديثه لمجلة (US News and World Report)، والذي قال:" أنّه لولا وجود شاه إيران وإسرائيل في الشّرق الأوسط لخسرت الولايات المتحدة الأمريكية مصالحها النفطيّة ولزالت العديد من الدّول التابعة للغرب كالأردن والسعودية".
فلقد قدّمت إيران الشاه إلى الكيان الإسرائيلي خدمة البقاء على قيد الحياة، فكانت شريان الحياة النفطي لها عندما لجأ العرب إلى استخدام سلاح النّفط في حرب 1967 و1973م – بغض النظر عن مدى فعاليتهم – ففي أصعب الظروف قدّمت إيران لإسرائيل النفط من العام 1957م وخفّفت عنها عبء استيراد النّفط الغالي الثمن من فنزويلا، وحقّقت بذلك أرباحًا طائلة من الاستخدام المحلّي وإعادة التّصدير سمحت لها بإنشاء خط أنابيب إيلات حيفا، وقد بقيت إيران لسنواتٍ عديدة هي المصدر شبه الوحيد للنفط إلى إسرائيل. كذلك لم تقتصر العلاقات بين البلدين على المستوى الرسمي السياسي، بل تعدّته لتكون هناك علاقات شبه طبيعيّة نوعًا ما مع جزء من المجتمع، وقد كانت وكالة الهجرة اليهودية تعمل بيسر في جزء من البيئة الاجتماعيّة الإيرانيّة المنفتحة على الثقافة الغربيّة، كما وتخطّى التعاون ليطال جوانب أمنيّة تتعلق بتبادل المعلومات الاستخباريّة
المفيدة للبلدين.
توقع صهيوني مُسبق بسقوط الشاه
تُعتبر "إسرائيل" أول من توقع سقوط الشاه وذلك في أكتوبر 1977، وكذلك أبرقت سلطات الكيان الصهيوني إلى سفارتها في طهران في ديسمبر تطلب إعداد تقرير حول ما قد يحدث إذا ما غادر الشاه طهران وعن الشخصية المرشحة لتولي مقاليد الحكم خلفه وكيفية التعامل معها فكان يعتقد القائم بأعمال سفارة الكيان المحتل "يوري لوبراي" في طهران بعدم احتفاظ الشاه بمنصبه أكثر من عامين أو ثلاث، وصرح الجنرال الإسرائيلي "يهوشفاط هركابي" في مارس / آذار في العام 1978 أن وجود الشاه في إيران يُعد قوةً أساسيةً إضافية للقوة الإسرائيلية، فهو عدو لعدو الكيان، وأن خروجه من إيران سيُخلف آثارًا سلبية تنعكس على العالم كله بشكل عام وإسرائيل بشكل خاص، ومن ثم أطلت استراتيجية شد الأطراف برأسها من جديد عام 1978، إذ رأت "إسرائيل" ضرورة إحيائها وتطويق البلاد العربية للحد من الخسائر الأمنية التي ستلحق بإسرائيل
إذا سقط الشاه.
وكذلك أكدت صحيفة معاريف الإسرائيلية في تقرير لها في السابع من يناير /كانون الثاني 1979 بأنه لا يجب على إسرائيل الوقوف مكتوفة الأيدي عما يدور في إيران لمّا في ذلك من خلل في ميزان القوى العالمية وهو ما ينعكس سلبًا على مكانة إسرائيل في المنطقة.
بناءً على ما تقدم يمكن القول إنّ التحركات الإسرائيلية لمحاولة إنقاذ الشاه من السقوط برهنت على عمق العلاقة بين الشاه وبين "إسرائيل" إذ إن سقوط الشاه يعني خروج إيران من التحالف معها ومجيء نظام إسلامي جديد يتمتع بعلاقات قوية مع العام العربي ما يعني وضع "إسرائيل" سيكون بين فكي كماشة، فضلًا عن تقوية الجبهة الشرقية للوطن العربي وهو ما يجعلها في خطرٍ دائم، بالإضافة إلى أن النظام الجديد سيقطع إمدادات النفط عن "تل أبيب" وكذلك العلاقات الاقتصادية والعسكرية بينهما وهو ما يسبب خسائرة فادحة للكيان سواء على المستوى الاقتصادي أم العسكري أم الاستراتيجي ولذا استماتت "إسرائيل" في الدفاع عن الشاه.
وقد اعتقد الصهاينة أنه بانسحاب مصر من الصراع العربي الإسرائيلي وأيضاً في ظل تحالف استراتيجي مع نظام الشاه، سيكونون قادرين على السيطرة ليس فقط على فلسطين، ولكن على المنطقة بأسرها ووضعها تحت سيطرتهم وهيمنتهم.
علاقة تعاون..أنهتها الثورة
انتهى التعاون بين النظام البهلوي والكيان المحتل وكذلك الأجهزة الأمنية بين الجانبين، بعد انتصار الثورة الإسلامية وسقوط النظام البهلوي، وأصبحت إيران الإسلام العدو الرئيسي للكيان الصهيوني والداعمة للحق الفلسطيني بكافة الوسائل في محاربتهم الكيان المحتل، وتطوّرت إيران الثورة بوصفها تهديدًا على الكيان الإسرائيلي من مستوى يقتصر على فرض تهديدات أمنيّة محدودة إلى تهديد استراتيجي، ليتحوّل لاحقًا إلى تهديد وجودي وفق تعبيرات المؤسسة الأمنيّة
الإسرائيليّة.
لقد أطاحت الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني (قدس) بمخططات إسرائيل وأميركا كلها في المنطقة وغيّرت وجه المنطقة وخلطت الأوراق في منطقة غرب آسيا، وحوّلت المنطقة من اللااستقرار السياسي ضدّ العرب إلى اللااستقرار السياسي ضدّ "إسرائيل"، فكانت الحاضن الأوّل للمقاومة الفلسطينية على الرّغم من الحرب العراقيّة المفروضة عليها، وكانت المساهم الأوّل في تأسيس المقاومة الإسلامية في لبنان بوجه
الكيان الإسرائيلي.

 

البحث
الأرشيف التاريخي