د. فاطمة نصرالله متخصصة بالادارة التربوية للوفاق:
تحقيق الهدف يجب ان يكون متماشياً مع رغبة الطفل
سهامه مجلسي
تعتبر مرحلة الطفولة من أهم المراحل التي تكون سببا واضحا في التطوير الاجتماعي، والتي يمكن من خلالها تكوين الهوية الاجتماعية، وعادة تبدأ هذه المرحلة من ولادة الطفل وحتى مرحلة البلوغ، وتتمثل في بعض المراحل التي تختلف بناء على عمر الطفل، كل واحدة من هذه المراحل لها مميزات مختلفة، ويجب أن يكون الآباء على فهم بهذه المرحلة بشكل أكبر والتي يمكن من خلالها ايفاء حقوق الطفل وتبيين واجباته داخل العائلة وفهم المرحلة بشكل افضل، وفي هذا الصدد اجرت صحيفة الوفاق حواراً مع الدكتورة فاطمة نصرالله متخصصة بالادارة التربوية وفيما يلي نص الحوار:
ما هو المقصود بحق الطفل في الحياة والتعلم؟
لابد للمهتمين ونحن نتحدث الان عن الوالدين وعن المربين ان يسعوا الى تأمين حياة محترمة وحياة لائقة للطفل لكي يعيش حياة مستقرة من كافة النواحي، والمقصود بالحياة المستقرة، ان يقوم الوالدان بتقديم العاطفة للطفل ويقدمان له الأهتمام الكافي وهذا الأهتمام يعبر عنه بحق الطفل بالحياة الكريمة، الحياة التي تؤمن له كافة ابعاد نموه السليم سواء من الناحية الجسدية أو من الناحية العاطفية أو من الناحية الفكرية أو من جميع النواحي الأخرى والتي يتضمنها حق الطفل في التعليم، كثيراً من البيئات للاسف تهمل الجانب بالتعليم الخاص للأطفال تحت عنوان بأنه مكلّف وأنه لا يوجد مؤسسات تعليمية مناسبة أو انه ليس من المهم ان يلتحق الطفل بالمدرسة أو انه يتعلم بطريقة ذاتية وهذا طبعاً ينتقص من حق الطفولة وهنا الفت الى نقطة مهمة جداً ان حق الطفل بحياة كريمة وحق الطفل بالتعليم هو من أهم ما يتعلق بحقوق الطفل.
والفت النظر هناك ان بعض الأهل بمجرد يقدمون الاهتمام الجسدي للطفل الطعام أو الباس فهذا بنظرهم هو يكفي، ابداً هذا لا يكفي ولا يمكننا ان نقول هذه هي الابعاد التي يجب ان تكون متحققة في حياة الطفل أو الظروف الحياتية للطفل حتى يحيى حياة متناسبة مع احتياجاته، الطفل بحسب مراحله العمرية يجب ان يقدم له الوالدان كل الأمور التي تعتبر احتياجاته الأساسية من الطعام او الملبس بحسب مراحله العمرية.
هل اهتم الإسلام بالطفولة، وهل كان ذلك شرطاً أساسياً في التربية؟
نعم أهتم الأسلام بالطفل اهتماماً بالغاً باعتبار ان مرحلة الطفولة هي من اهم مراحل حياة الأنسان، والله سبحانه وتعالى بطبيعة الحال افرد لها مساحة كبيرة بالحياة سواء كان بالقرآن الكريم في الأحاديث النبوية الشريفة أو في احاديث المعصومين الذين تحدثوا عن المراحل العمرية للطفل وكان لهم الحث والتحفيز للمؤمنين لكي يهتموا باطفالهم كما يريد الله سبحانه وتعالى منهم، لذلك لو اردنا ان نتوقف عن بعض المصاديق التي تعتبر من الوقفات التي توقف عندها الاسلام الأهتمام بالطفولة منذ اللحظة الاولى التي يولد فيها المولود حيث يحثه الله سبحانه وتعالى ان نؤذن له في اذنه اليمنى ونقيم له في اليسرى وهذا يدل على ان الله سبحانه وتعالى امر بالتعاطي مع الطفل منذ الصغر، ولذلك عندما امرنا الله سبحانه وتعالى ان نؤذن، نحن لمن نؤذن اذا كنا نؤذن الى انسان لا يدرك شيئاً فهذا الفعل ليس له قيمة، وحاشى لله سبحانه وتعالى ان يأمرنا ان نقوم بافعال ان نقوم بها ليس لها قيمة في حياتنا لذلك التربية الأسلامية، وما المقصود بالتربية الاسلامية، فهنا المقصود بها التربية على الحياة ونحن نعتبر ان الاسلام هو دين الحياة وبالتالي التربية التي حث الله سبحانه وتعالى ان نقوم بها هي التربية على الحياة واذا اردنا ان نتوقف من خلال الآيات القرآنية التي مثلاً تحدث فيها الله سبحانه وتعالى عن الحمل بأن حملته امه، هذا يدل على ان الله سبحانه وتعالى يهتم بهذا الشيء وهي احدى مراحل التربية التي يبدأ بها الوالدان حيث يكون جنيناً وهنا تبدأ عملية التربية منذ هذه اللحظات، حيث يستحب للأم ان تقرأ القرآن الكريم وان تكون هادئة ،كل هذه السلوكيات استحب بها الاسلام ان نقوم بها من أجل ان تحصل على مولود مستقر هادىء متوازن، وبالتالي ان لديه القابليات لتلقف الأشارات وتعاليم التربية الاسلامية التي ارادها الله سبحانه وتعالى له، كما انه ورد عن الرسول(ص) انه قال (اتركه سبعاً وأدّبه سبعاً وصاحبه سبعاً) و قسم مراحل الطفولة الى ثلاث مراحل السبع سنوات الاولى والسبع الثانية والسبع الثالثة، وبكل مرحلة يخصص المعصوم التوصيف المناسب لهذه المرحلة العمرية ويحث الآباء والأمهات على الالتزام بها كي يحصل على شخصية طفل كما يريده الله سبحانه وتعالى.
هل للأسرة دور في حماية أبنائهم وإنشاء جيل جديد متطلع إلى مستقبل باهر؟
بطبيعة الحال نحن عندما نتحدث عن التربية، فالاصابع مباشرة تتوجه الى الوالدين لانهما يعتبران أهم مصدر من مصادر التربية موجود عند الوالدين لذلك دائماً نقول، خاصة الأولاد المقبلين على الزواج بانهم اذا اردتم ان تنشئوا حياة أسرية عليكم اختيار الزوجة التي تطمئنون انها هي أم مناسبة للاولاد وأيضا نفس الملاحظة اذا اردتي ايتها الفتاة ان تختاري زوجا وابا صالحا للاولاد عليك اختيار زوج مناسب لذلك هذه المعادلة يعني عملية التربية والتأثير على الابناء، تبدأ هذه اللحظات منذ اختيار الزوج والزوجة لكل منهما كازواج صالحين وبالتالي لتكون الأسرة اسرة واعية ومطلعة على كل القضايا العامة والخاصة لا سيما المتعلقة بشؤون الأسرة بالحقوق والواجبات ولديهما الوعي الكافي والعاطفة الكافية والفكر الكافي لكي ينشأ علاقة حب بينهما وعلاقة انسجام هذه العلاقة من شأنها ان تؤسس الى ابناء متزنين أبناء لديهم اشباع عاطفي لديهم وضوح في الأفكار والرؤية وبالتالي ينعكس على سلوكهم وبهذا يكون للاسرة الدور البالغ والمهم جداً في تأسيس الابناء المتزنين الذي من شأنهم عندما يخرجوا الى المجتمع ان يكونوا اشخاص فاعلين في حياتهم وحياة الامة.
ما هي الطريقة التي يغرس بها الآباء تحديد الهدف في نفوس الأبناء منذ مرحلة الطفولة؟
انه بمقدار ما يكون الوالدان لديهما الوعي بان مستقبل حياة الطفل هي مرحلة مهمة جداً بمقدار ما يكون هذا الوعي موجود في تفكيرهما في طريقة حياتهما في سلوكهما بمقدار ما يكون هذا الامر موجود وواقعاً ينعكس ايجاباً وتطبيقاً على حياة الأطفال وهنا ما هي الطريقة التي يمكن للوالدين ان يزرعا مفهوم الهدف في نفس ابنائهم، من خلال التركيز على أهمية المسار التعليمي والمسار العملي بمعنى انه لا يمكن ان يكون هناك طفل يتربى من دون ان يؤسس له منذ نعومة اظافره والقول له انت الآن تتعلم لان في المستقبل يجب عليك ان تحقق هدفاً ما، وطبعا هنا تحقيق الهدف يجب ان يكون متماشياً مع رغبة الطفل واحترام التخصص الذي يريد ان يتوجه اليه تخصص التأكيد على ضرورة وجود الهدف في حياة الطفل هذا الأمر يعمل عليه الوالدين وبشكل حثيث بمعنى انه يراقب الوالدين، نجاح الطفل من خلال اجتهاده في المدرسة، فهمه وتعزيز الكثير من المواهب الموجودة في شخصية الطفل، ونحن لا نعتقد ان هناك طفلا ما لا يوجد في شخصيته موهبة ما، سواء كانت فنية او عملية أو غيرها.
كيف يمكن تحقيق التوازن بين اكتشاف قدرات الطفل وبين توجيهه نحو الطريق الصحيح؟
بالواقع كما اسلفت بالاجابة السابقة انه لابد ان نعتقد جميعاً كمربين وكمهتمين انه بالضرورة يجب ان تكون هناك قدرات واستعدادات موجودة في شخصية الطفل تعينه وتساعده على التميز لذلك بمقدار ما يكون الأهل ملتفتين الى هذه القدرات وهذه الاستعدادات ومواطن التميز الموجودة في شخصية كل طفل على حدا، يعني اذا كانت العائلة متكونة من ثلاثة اطفال لا يجب ان تكون الاستعدادات والقدرات والميول الموجودة عند الطفل الاول هي نفسها موجودة عند الطفل الثاني ممكن ان تكون مختلفة وتكون متنوعة وتكون اقوى أو اخف، ليس هناك مشكلة لكن نعم هل يمكن ان نحكم على طفل معين بانه ليس له قدرات على الاطلاق، لا يمكن ان نحكم ذلك حتى ولو كان الطفل لا سامح الله متخلفا عقلياً أو متأخرا، حتى المتأخرين عقلياً أو الذين لديهم مشكلات وفروقات فردية هم لديهم الكثير من الاستعدادات، لكن يجب على الأهل والمربين والمهتمين والمؤسسات المعنية ان تلتفت الى القدرات الموجودة لديهم وتحفزها بمقدار مايستطيعون ان يعملوا عليها، لذلك هذه القدرات الموجودة عند الطفل الاهل هم يكتشفونها ويشجعون عليها ويأخذون بيد الطفل الى تحقيق الكثير من مواطن التميز من خلال الايمان بقدراته ومساعدته ومواكبته على الاستفادة من هذه القدرات من أجل تحقيق تمييز ما في المستقبل.
كيف يستطيع الطفل معرفة الفرق بين الهدف الإيجابي والهدف السلبي؟
بطبيعة الحال هناك الكثير من الاهداف التي لابد من الأهل الابتعاد عنها وهي لا سامح الله الاهداف السلبية التي من شأنها ان تعطينا أو تخرج الى المجتمع شخصاً غير متوازن أو شخص ظال أو منحرف لا سامح الله أو غير كفوء أو متأخر لذلك هذه الأهداف التي هي اهداف سيئة اذا كانت متحققة عند الطفل هذا يكون من الصعب حتى فكرة التعاون تكون منتفية لان هنا نحن لا نستطيع ان نقول ان الأهل فقط يتعاونون معهم، الأهل ليس وظيفتهم فقط عملية التعاون مع الأبناء وهي واجب اخلاقي وقيمي وديني وانساني ولعله واجب حتى من الناحية القانونية ان يهتم الأب والأم باولادهم وان يعينوهم على التمييز بين الطريق الصحيح والطريق الخطأ وللأسف الشديد اذا كان مسير الأب والأم مسير خاطئ فاكيد سيكون مسير الأبناء مسير خاطئ ايضا وبالتالي هذا المسير الخاطئ سيحقق اهدافا خاطئة واهدافا سلبية، أما اذا كان الوالدان حريصان على ان تكون كل السلوكيات والأهداف والمسير العائلي المستقبلي مسير ايجابي بكافة ابعاده من الناحية التعليمية من الناحية المهنية والاخلاقية، الاجتماعية الفردية، والسلوكية اذا كانت كلها ايجابية نحن بطبيعة الحال سنحصل على اطفال يدركون الطريق السليم ويحققون اهدافا ايجابية.
ﻟﻠﺤﻮار ﻣﻊ اﻟﻄﻔﻞ طريقة معينة وآداب يجب إتباعها ﻓﻲ ﻛﻞ اﻷﺣﻮال فما هي؟
في الحقيقة الحديث عن الحوار واداب الحوار يمكننا ان نتحدث ساعات وساعات ولكن باختصار يمكننا الاجابة بأن الحوار هو أهم العناصر التي يجب ان تكون متوفرة بين افراد الأسرة في عملياتهم التواصلية وبالتالي مع غياب الحوار يعني نحن قد نكون امام مشهدين، المشهد الاول الحوار موجود يعني بطبيعة الحال نحن نرى جلسات فيها حب وفيها تقارب وفيها أُنس وفيها مساعدة وتعاون بين كل افراد الأسرة بين الأولاد انفسهم وبين الأولاد والوالدين، اما المشهد الثاني عندما يغيب الحوار نحن بالتأكيد سننظر الى منزل يعلوه الصراخ، تعلوه الفوضى هناك اشخاص لا يفهمون بعضهم البعض، لماذا، لانه لا يوجد حوار فان الصراخ ليس حواراً فالصراخ فوضى وتعدي من طرف على طرف آخر او من طرفين باتجاه بعضهما لكن عندما نرى ان لدينا حوارا فاللحوار اداب، فان الله سبحانه وتعالى حدده لنا بان يكون بصوت منخفض وبتواضع والانصات للاخر، احترام رأيه وعدم استخدام الشتائم ورفض الفكرة التي يطرحها الآخر وعدم تخويفه، يعني اذا كان الوالدان يحاوران الأبناء ليس هذا بمعنى ان الوالدان هما بموقع اعلى ويحق ان يخوفوا الابناء أو يهددوا ابناءهم تحت عنوان انني اكبر ويجب ان لا تخالفني، هذا ليس حوارا اطلاقاً الحوار يجب ان يستخدم فيه العبارات الأيجابية والعاطفية.