من أشهر الأطباء عالمیاً الطبیب «صاكي» للوفاق:
مركز علاج الأنف والأذن والحنجرة في خوزستان أشهر المراكز في العالم
كوثر عبياوي
الدکتور نادر صاكي، (أخصائي الأنف والأذن والحنجرة) بدأ مسيرته الطبية من مدينة هويزة في خوزستان، في ظروف معيشية صعبة للغایة، الى أن أصبح من أشهر الأطباء في زراعة قوقعة الأذن عالمیاً. الدکتور صاکي، صاحب أول عملية جراحية لزراعة قوقعة الأذن لفاقدي السمع في خوزستان، وأجرى الكثير من العمليات بالمجان لأصحاب الدخل المحدود. أنشأ الدكتور صاكي في هويزة مركزاً للبحوث العلمية باسم "كوهورت"، من أجل إجراء البحوث لدراسة الأمراض المزمنة ومتابعتها خطوة بخطوة تحت إشراف أساتذة جامعة أهواز، فنظراً لنشاطاتها الواسعة اغتنمنا الفرصة وأجرينا حواراً معه، فيما يلي نصه:
من هو نادر صاکي؟
نادر صاكي هو مواليد سنة ١٩٦٠م، في مدينة هويزة. عشت في هويزة ما يقرب من عشر سنوات ودَرَستُ المرحلة الإبتدائية في إحدى مدارس هذه المدينة، ثم نجح أخي فيصل في مجال الطب بجامعة أهواز، لهذا انتقلنا إلى مدينة أهواز وفي ذلك الوقت كنتُ أبلغ من العمر عشر سنوات.
عندما كان عمري ثماني سنوات كنت أحب أن أصبح طبيباً في يوم من الأيام، لأن حُبي لخدمة الناس جعلني أبحث عن طريق للوصول إلى هذا الهدف السامي، وأتذكّر جيداً أنه في ذلك العمر كنت أرتدي ملابس الطب، وأمُثّل دور الطبيب في ألعابي، وکنت أقول كيف يمكن أن أصبح طبيباً في ظل هذه الظروف الصعبة؟
كما تعلمون بأن هويزة هي مدينة صغيرة، فكنت أقول مع نفسي أنه مع هذه الفُرَص القليلة والمعاناة الموجودة في مدينتي الحبيبة كيف يمكن أن أصبح طبيباً، وربما أن يكون هذا حُلماً مستحيلاً.. وحتى في ذلك الوقت لم تكن عندنا ثلاجة ووالدتي المرحومة كانت تجلب الماء لنا من النهر وتضعه في حاویة بإسم "حُبّانة" ويبقی الماء في هذا الوعاء لمدة يومين حتى يبرد ومن ثم نشربه؛ لذلك، هكذا عشنا ببساطة وقناعة. وعندما رأيت أن أخي الذي يعيش معي قد نجح في مجال الطب بأقل الإمكانيات المتاحة، بدأ الأمر أسهل بالنسبة لي، وحاولت جاهداً الوصول
إلى هدفي.
إنتقلنا إلی أهواز وإستمريت بالدراسة، وکنت من ضمن الناجحین، علماً بأني لم أكن أجید اللغة الفارسية في المدرسة الإبتدائية، وعندما نتحدث، كنا ننطق كلمة فارسية وكلمة عربية معاً، لكن عندما انتقلنا إلى أهواز، تحسنت لغتنا الفارسية وواصلنا دروسنا شیئاً فشیئاً. وبفضل الله، وبعد حصولي على شهادتي، نجحت في مجال الطب في جامعة أهواز وبعد ذلك أصبحت أخصائيا في فرع الأنف والأذن والحنجرة.
البحث عن طريقة لخدمة الناس
ويتابع الدكتور صاكي: كنت أبحث عن طريقة لخدمة الناس بشكل لا توجد مثلها في محافظة خوزستان وهي عمليات جراحة الأذن وموضوع السمع. والحمد لله دخلت القسم الإستشاري في فرع الأنف والأذن والحنجرة. وسجّلتُ في دورات تدريبية في ألمانيا وكندا وأستراليا وإنجلترا، وفي المجمل ذهبت إلى 5-6 دول لديها أفضل التدريب في هذا المجال. في الواقع، قمنا بنقل أفضل التقنيات من هذه البلدان إلى مدينتنا أهواز الحبیبة. ومن خلال هذه التدريبات والتعليم المتميز في مجال الحنجرة والأذن تمكنا من بناء مبنى مخصص لعلاج فقدان السمع ومایرتبط بالأذن بشكل عام. وبفضل الله نجحنا بهذه الطريقة وصرنا من بين 16 مركزاً طبياً في إيران، ونحن قد أصبحنا أحد المراكز الطبية الثلاثة الأولى في إيران من حيث التكنولوجيا وتقديم الخدمات للناس.
وانتشرت جميع خدماتنا في خوزستان إلى المحافظات المجاورة، بما في ذلك إيلام ولرستان وبوشهر، وحتى أصبح الناس یأتون من خارج البلاد لتلقي العلاج، بما في ذلك من الإمارات والكويت وعمان والعراق، وتعلیماتنا في قسم النطق والسمع، تتوفر باللغتين العربیة والفارسیة، ویتم إختیار اللغة من قبل الناس. واليوم أشعر أنني كمواطن في أهواز قد قمت بواجبي ومسؤوليتي تجاه هذه المدينة وأشعر بالسعادة والراحة لأنني قمت بما كنت مسؤولاً عنه. وفي غضون 9 سنوات، تم إجراء 1250 عملية زراعة قوقعة أذن في محافظة خوزستان وفي الواقع، يعد هذا رقماً أكبر بكثير مقارنة بإحصائيات زراعة القوقعة للأذن في العشرين عاماً الماضية مع دولة بلجيكا، مثلا.
لأي فئة عمرية يتم إجراء زراعة قوقعة الأذن؟
إن زراعة القوقعة للأذن هي في الواقع مخصصة للأطفال الذين نقوم بإجراء فحوصات عليهم منذ الولادة ومعرفة ما إذا كانوا يستطيعون السمع بشكل صحيح أم لا، لكن مشكلتنا هي أن بعض الآباء عندما نقول لهم أن أطفالكم لا يستطيعون السمع، لا يصدقون أو يتقبلون ذلك ولا ينتبهون لكلامنا على الإطلاق. وهذا العناد من جانب الأهل تسبب في عدم نجاح بعض العمليات للأطفال، لأنه بعد مرور سنة إلى ثلاث سنوات من عمر الطفل وهو مريض، ثم بعد ذلك يأتون إلينا للأسف ويقولون: "إننا لم نستمع لکلامکم ولم ننتبه إليكم منذ البداية"، وفي الحقيقة أن العمر المفيد والذهبي للعملية قد وَلّى، حيث كان ينبغي إجراء العملية للطفل وعمره أقل من عامين.
هل يعني أن الأسر التي لم تحضر أطفالها إلى المراكز الطبية لزراعة قوقعة الأذن منذ ولادتهم، يكون من المستحيل إجراء هذه العملية في عمرِ 10 سنوات؟
مع تقدّم العمر لا یستطیع الطفل، الکلام أي النطق، في الحقيقة ليس لدينا مشكلة في معالجة السمع، وحتى بالنسبة لشخص عمره 20 سنة، يمكننا إجراء زراعة القوقعة للأذن، لكنه لا يستطيع النطق. وسأضرب لك مثالاً: إذا لم نسقي أرضاً زراعية في وقت معين، فستبقی جافة ولن ينمو فيها شيء، فالدماغ البشري كذلك، لديه أماكن لها وقت معين، على سبيل المثال، بالنسبة للتحدث، المدة هي ثلاث سنوات، وإذا مرّت ثلاث سنوات يجف هذا المكان من دماغ الإنسان. لكن السمع ليس له وقت محدد، لأن جزءاً كبيراً من دماغ الإنسان مخصص للسمع، لذلك، نقوم بسهولة بزراعة القوقعة للأشخاص؛ بعضهم أطفال، وبعضهم في العشرينات أو الخمسينات أو أياً كان عمرهم وقد تعرضوا لحادث وفقدوا السمع خلاله؛ فبسهولة يمكن زراعة القوقعة لهم، علماً بأنهم لا يعانون من أي مشاكل في النطق بعد العملية لأنهم يستطيعون التحدث منذ البداية وحتى ما قبل الحادث بدقائق قليلة، أو كبار السن الذين تضعف أعصابهم السمعية مع مرور الوقت ويقل من سمعهم تدريجیاً، نعالجهم بزراعة القوقعة للأذن أو بإعطائهم أجهزة مساعدة للسمع، أو بعض هؤلاء الذین یعانون من قلة السمع، عندما نفحص أذنهم نرى أن إحدى عُظَيمات الأذن الوسطى مثل السندان أو المطرقة أو الركاب متعرضة لمشكلة؛ لذا يمكننا استبدالها بعظمٍ جديد ومعالجة مشكلة السمع التي عند الشخص.
مركز علاجنا یعد من المراكز المتطورة عالمیاً
ويضيف الدكتور صاكي: على سبيل المثال، كثير من الأشخاص الذين يأتون إلى مركزنا العلاجي ويستخدمون المعينات السمعية منذ 5 سنوات ويعانون منها، عندما نفحص آذانهم نرى أنه يمكن استبدال إحدى عُظيمات أذنهم، لذلك قمنا باستبدال هذه العظيمة وبهذا الطريق تحسن سمعهم دون الحاجة إلى أي أدوات مساعدة للسمع.
ولذلك فإن مركز علاج الأذن والأنف والحنجرة الذي أنشأناه في محافظة خوزستان يعد من مراكز العلاج المتقدمة في هذا المجال في العالم. وبإمكاننا منافسة الدول الأوروبية من حيث الأجهزة والتكنولوجيا والعمليات الجراحية الناجحة. لأننا عندما نشارك في المؤتمرات الدولية ونتحدث عن كل أعمالنا الناجحة، فإنهم یتفاجأون ويفرحون بذلك نوعاً ما.
كيف نقنع الأسر بإحضار أطفالهم الصم والبكم بسرعة إلى المراكز الطبية لتلقي العلاج؟
في البداية، عندما يولد الطفل، نكتشف ما إذا كان يستطيع السمع أم لا، وإذا اكتشفنا أنه لا يستطيع السمع، نطلب من الأهل التوجه إلى المركز الطبي لإعادة فحص الطفل بعد ثلاثة أشهر، وإذا تبين بعد ثلاثة أشهر أن الطفل يعاني من فقدان السمع أو أنه أصم تماماً، نبدأ بالتدريبات اللازمة على السمع ومن ثم التدريب على النطق.
أي أنه يمكن للطفل استخدام سماعة طبية للأذن مؤقتة حتى بعد 6 أشهر، لأننا نريد إيصال الصوت إلى دماغه، وبهذه الطريقة سيبدأ الدماغ في العمل ببطء وسيتمكن الطفل من التحدث مع مرور الوقت، خلال هذا الوقت يمكننا تمهيد الطريق لزراعة القوقعة للأذن. نظراً لأن زراعة القوقعة الصناعية مكلفة للغاية من حيث التكنولوجيا، فإن تكلفتها تبلغ حوالي 9000 دولار، ومع ذلك فإن بلدنا يمنح هذه القوقعة للناس مجاناً.
مجموعة من الأشخاص يشعرون بصوت مزعج في آذانهم، ما هو السبب؟
الصوت المزعج الذي يشعرون به في الأذن يمكن أن يشير إلى مرض في الأذن أو نوع من المرض لا علاقة له بالأذن. ومن أمراض الأذن يمكن أن نذكر ما يلي: إذا انخفض مستوى السمع في الأذن، ففي هذه الحالة تصدر الأذن صوتاً مزعجاً. وسبب آخر هو أنه عندما يكون هناك ضغط في الأذن، يصدر صوت مزعج في الأذن ويشعر الشخص بالدوران (دوخة)، ويُعرَفُ هذا المرض بمرض مينیير. وتم اكتشاف هذا المرض لأول مرة على يد الدكتور بروسبر مينيیر، ولهذا السبب عرف باسم مرض "مينيیر"؛ لذلك، إذا كان الصوت المزعج في الأذن مصحوباً بالشعور بالدوخة وكان هناك أيضاً ضعف في عصب الأذن، فهذه الحالة تشیر إلى حدوث مرض مینيیر، الذي يتطلب علاجاً خاصّاً.
وهناك مجموعة أخرى من الناس يشعرون بصوت مزعج في آذانهم، لكن لا توجد مشكلة فيها، فيمكن أن يكون لها أسباب عديدة، مثل القلق، أو السهر، أو حتى مشاكل اقتصادية، لأنه عندما يكون الدماغ البشري متعب، في البداية تتعرّض الأذن لضغط كبير ويخرج منها صوت مزعج، وإذا لم تتفاعل الأذن مع هذا الضغط، يقوم الدماغ بالضغط على العينين في المرحلة الثانية.
وإذا لم تتفاعل العين مع هذا الضغط، يقوم الدماغ في المرحلة الثالثة بالضغط على الرقبة. لذلك، إذا تعرض الإنسان لمثل هذه الحالة، عليه أن يفكر، أي من هذه الأسباب يمكن أن يكون سبب الصوت المزعج في أذنيه؟ هل كان مستيقظا طوال الليل؟ أم أنه كان مضطرباً أو متوتراً إلى حد ما؟ وفي هذه الحالة نكتب له حبوب مُسَكنة في الوصفة الطبية، حتی یشعر الشخص بالهدوء والاسترخاء وتقل شدة الصوت المزعج.
ولكن إذا كان یبحث عن حل آخر، فهناك سلسلة من التمارين الخاصة التي يتم إجراؤها بمساعدة بعض أجهزة الأذن. هناك طبٌ فيزيائيٌ خاص للصوت المزعج في الأذن. وهو أنه بإمكان المريض أن يسجل في عدة جلسات علاجية وخلال هذه الجلسات ستقل شدة الصوت المزعج، أما إذا كان سبب هذا المرض هو الجهاز العصبي؛ فسنعرضه على طبيب المخ والأعصاب.
لدينا أطفال لا ينطقون الكلمة بشكل صحيح حتى عمر 4 سنوات ويصعب علیهم نطق المفردة، ما الحل لهذه المشكلة؟
في مثل هذه الحالة يجب أن نفحص الأذن أولاً، فإذا كان سمعه جيداً فإن مشكلته ليست في السمع، ولكن يجب أن يذهب إلى طبيب المخ و الأعصاب ليفحص دماغه، وإذا لم يكن هناك مشكلة في دماغه فعلی والدي الطفل تسجيل إسمه في الدورات التدريبية للنطق؛ لأن بعض الأطفال يتأخرون في النطق والتكلُم والبعض الآخر يقسمون الكلمة إلى أقسام أثناء التحدث، لذلك يجب أن يعلمهم أحد كيفية ترتيب الحروف لتكوين الكلمة الصحيحة.
حدِّثنا عن المركز الصحي في هويزة
هناك سلسلة من الدراسات والبحوثات أثبتت أنه إذا أصيب الإنسان بنوبة قلبية أو دماغية، فإن هذه النوبة الدماغية أو القلبية کانت قد حذرته منذ عشرة أو خمسة عشر عاما، لكنه لم يلاحظ هذا التحذير.
في هذا المركز الصحي الذي أنشأناه لمدة 20 عاماً، نقوم بالفحص والاطمئنان على صحة الناس جميعاً، وقد مرّت حتى الآن 7 سنوات من نشاطنا وبقي 13 عاماً آخر. وهذه الخدمة مختصة لمدينة الهويزة فقط، لأنه علينا أن ندفع مصاريف باهظة، ومن ناحية أخرى فإن طاقمنا المتخصص محدود. على سبيل المثال، نرى حدوث تغييرات في فحص الدم، ما يدل على ضعف وظيفة الكلى؛ فإذا قام الطبیب بتغيیر عادات الأكل للمريض، و وصف له الحبوب، فإن هذه الكلية ستبقى سليمة ولا داعي لزراعتها. كما لدينا الكثير من الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم، لكنهم لا ينتبهون إليه، حتى يصل ضغط دمهم إلى 19 أو 20 ويصابون بنوبة قلبية أو دماغية، كما أننا نفحصهم في البداية ونحذرهم من تناول الأطعمة المالحة والابتعاد عن حالات العصبية ومراجعة طبيب القلب طوال الوقت.
لذلك، في المركز الصحي نقوم بفحص مرضانا ونعلمهم ونحذرهم. كما نقوم بأخذ عينات الدم من الأشخاص وحفظها في ثلاجات المختبر بحيث إذا أصيب هذا الشخص بمرض أو مشكلة بعد سنوات عديدة، یمکننا التحقق من الخلل في هذا الدم منذ البدایة وما هي التغييرات التي طرأت عليه الآن. ومن ثم ننصح المريض ونعطيه الحل المناسب لعلاج هذا الأمر. ولذلك، لدينا في هذا المركز تقنيات واختبارات متقدمة وتواصلات عالمية مع دول أخرى. والأخصائيون الموجودون في مركز العلاج ليس عملهم كتابة الوصفة للمرضى فقط، بل أنهم يقدمون تدريباً علمياً لهم. وعدد هؤلاء الأخصائیون هو 25 شخصاً.
كيف كان استقبال المواطنین؟
كان الإستقبال جید جداً لدرجة أن وزارة الصحة أيضاً تفاجأت بهذا الأمر، ولا شك أن هذه مهمتنا تُعتبر خدمة للناس. لكن توصلنا إلى إحدى النتائج وهي أن نسبة الإصابة بأمراض القلب تكون أكثر في هويزة من بقية المحافظات الأخرى ولذلك صرنا نبحث عن سببه الوراثي.
وفي النهاية ماذا تنصح المتابع؟
ختاما، أقدم نصيحتان، الأولى: یجب الاهتمام بصحة السمع، والثانية: لا تعبث بأذنيك، أما النصيحة الثالثة: أي مشكلة في السمع سيتم حلها طالما أنك تراجع الطبيب في أسرع وقت ممكن.