الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وثلاثمائة واثنان وخمسون - ١٥ أكتوبر ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وثلاثمائة واثنان وخمسون - ١٥ أكتوبر ٢٠٢٣ - الصفحة ۸

«طوفان الأقصى».. نتائج أولية


وسام اسماعيل
كاتب ومحلل سياسي
حتى هذه اللحظة، ما زالت قيادة الكيان الإسرائيلي تكابر في تعاطيها مع التحولات التي سببتها "طوفان الأقصى"، إذ إنها تحاول ترميم صورتها النفسية والعسكرية التي تهشمت مع سقوط نظريتها الأمنية على حدود غزة، فالتصريحات الإسرائيلية لم تخرج حتى اللحظة عن إطار الانتقام وإثبات تفوق "الجيش" الإسرائيلي من خلال ادعاء قدرته على توجيه المعركة وفق ما يناسبه، إذ تعمل على ضمان غطاء دولي يطلق يده في المعركة ويقيد أو يعرقل أي تدخل لقوى المقاومة إلى جانب الفصائل المقاومة في غزة.
وفي هذا الإطار، يظهر أن القيادة السياسية الإسرائيلية تستهدف تغيير عنوان المعركة بما يمكّنها من ادعاء تحقيق إنجازات تمحو الصورة السيئة التي رسمتها "طوفان الأقصى"؛ فمن خلال ذلك، يمكن لها أن تلتف على إنجاز المقاومة الذي تمثل بالعبور إلى الأراضي المحتلة وتوجيه ضربة قاسية إلى فرقة غزة والمستوطنين، لتحاول استعادة هيبتها الضرورية للحفاظ على مكانتها كشريك استراتيجي موثوق لدى الولايات المتحدة الأميركية من جهة، وضمان استمرار مسار التطبيع العربي معها من جهة ثانية، إذ إن قوتها وإمكاناتها الردعية كانت من أهم الدوافع لهرولة الأنظمة العربية نحوها.
وبدلاً من محاولة ترميم الردع من خلال العمل على إعادة الأمن إلى المستوطنات والتعاطي مع موازين القوى المستجدة بواقعية، رفعت القيادة السياسية سقف أهدافها إلى مستوى العمل على كسر المقاومة في غزة وفرض معطيات جديدة تترك أثراً لأكثر من 50 عاماً، على حد زعمها.
وإذا كان هذا الهدف يدلّ على حجم الجرح الذي سببته قوى المقاومة في جسد الكيان ونفوس مستوطنيه وحلفائه في المنطقة والعالم، فإن في إعلان نتنياهو نيته تهجير كل سكان قطاع غزة إلى سيناء أو نيته الدخول في عملية برية يؤكد الجيش عدم قدرته على تحمّل وزرها، دليلاً على حجم تخبط القيادة داخلياً، إذ يمكن تقدير رفع سقف الأهداف في إطار محاولة تحشيد الدعم انطلاقاً من محاولة إثارة مشاعر مستوطني الكيان وسياسييه وغرائزهم.
وفي هذا الإطار، يظهر هذا التوجّه حنيناً إسرائيلياً إلى العودة إلى توازنات مرحلة ما قبل الطوفان، إذ كانت المعارك السابقة تتصف بمبادرة إسرائيلية وبرد فعل مقاوم يستهدف منع العدوان من تحقيق أهدافه، فكثافة النيران والتركيز على استهداف المدنيين الآمنين في القطاع يؤكدان مسعى الكيان للالتفاف على إنجاز الطوفان ومحاولة تحقيق ما عجز عن تحقيقه في معاركه السابقة.
وإذا كانت الولايات المتحدة الأميركية قد نجحت في تحييد معظم الأنظمة العربية عن قضية فلسطين، من خلال المساعي التي بذلتها لتطبيع علاقاتها مع الكيان الإسرائيلي، فإن موقف هذه الأنظمة الحيادي علناً والمتماهي إلى حد التضامن والتكافل المعنوي مع الكيان الإسرائيلي لم يقدم لهذا الأخير أي مساحة أمان إضافية.
وبالتالي، فإن نتائج الطوفان ستظهر حاجة الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي إلى الدفع نحو تعميق التكامل الاستراتيجي بين الأخير وهذه الأنظمة؛ فنجاح الولايات المتحدة الأميركية في تكريس الانفصال بين أكثر الأنظمة العربية والمقاومة والتحريض على عزلها وإضعافها، وذلك من خلال التسويق لتبعيتها للجمهورية الإسلامية ومشروعها من جهة، وإغراء الأنظمة المطبعة باتفاقيات أمنية مميزة معها من جهة أخرى، لم يساعد في تقييد فصائل المقاومة أو ردعها. وبالتالي، سيدفع هذا الواقع باتجاه تشبيك العلاقة الأمنية بين تلك الأنظمة والكيان الإسرائيلي بشكل مباشر، بما يجعل انغماسها في أي مواجهة مستقبلية بين المقاومة والكيان أمراً ممكناً.
وبناء عليه، أظهرت "طوفان الأقصى" في نتائجها الأولية التي لن تتأثر بوقف إطلاق النار، الذي يظهر أنه لن يكون قريباً، انتفاء وجود منطقة رمادية تناور الأنظمة المطبعة من خلالها، إذ أضحى الموقف من المعركة الحالية والمقاومة في غزة بمنزلة صراط يفصل بين محورين.
 أما الضغوط الأميركية التي مورست في الأيام الأخيرة من أجل ضمان عدم إطلاق أي موقف عربي تضامني مع غزة، وكذلك تجنب أي سلوك شعبي أو رسمي قد يُفهم على أنه موجه ضد الكيان، فإنهما سيؤسسان في المستقبل لمرحلة تظهر فيها العلاقة بين تلك الأنظمة والكيان أكثر تكاملاً واندماجاً، وذلك تحت رعاية أميركية
مباشرة.

 

البحث
الأرشيف التاريخي