الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وخمسون - ١٢ أكتوبر ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وخمسون - ١٢ أكتوبر ٢٠٢٣ - الصفحة ٦

المتخصصة في علم النّفس الدكتورة رُلى فرحات للوفاق:

الصّحة النفسيّة السليمة هي القدرة على ضبط الإنفعالات

سهامه مجلسي
إنّ الصّحة النفسية تُعادل بالأهميّة الصّحة الجسديّة، وكما يُجري الشخص فحوصات دوريّة لجسده، عليه أن يهتم بصحته النّفسيّة، لكنّه للأسف ما يزال الحرج والخوف مسيطران حين يأتي الحديث حول أي إضطراب أو مرض متعلق بالصّحة النفسيّة. لذلك يجب نشر التّوعيّة الفرديّة والمجتمعيّة، وكسر حاجز الصمت وإلغاء وصمة العار عند التعامل مع الصّحة الَنفسيَة، إذ أن العقل السليم والنّفسيّة السويّة جزآن لا يتجزآن من الجسم السليم. الصّحة النفسيّة هي حالة الرفاه النفسي الّتي تمكّن الشخص من تحقيق إمكاناته، والمساهمة في أسرته ومجتمعه، ومن مواجهة ضغوط الحياة واكتساب الخبرات والتعلّم والعمل بشكل متزن وجيد،. وهي تلعب دوراً بارزاً في قدرات الشخص الفردية والجماعية لإتخاذ القرارات وبناء العلاقات وتشكيل جوانب الحياة. ببساطة الصّحة النّفسيّة هي التكيّف والحديث عن ما يعنيه الشّخص بالنسبة لأي حدث، يحتفل العالم باليوم العالمي للصّحة النفسيّة، في يوم 10 أكتوبر من كل عام لتعزيز الوعي العام بقضايا الصّحة النفسيّة. فيهدف هذا اليوم إلى نشر التوعيّة وتوظيف الإستثمارات في خدمات الصّحة النّفسيّة ووسائل الوقاية اللازمة لصحة نفسيّة سويّة، وإجراء مناقشات منفتحة عن الأمراض النفسيّة. وشعار هذا العام 2023 "الصّحة النّفسيّة للجميع"، وفي هذا الصدد اجرت صحيفة الوفاق حوارا مع الدكتورة رُلى فرحات وفيما يلي نص الحوار:

كيف تؤثر الصحة النفسية على المجتمع؟
تؤثر الصّحة النفسيّة على حياة الإنسان اليوميّة بما فيها من علاقات إجتماعية وحياتيّة، وعلى صحة الجسد. فالتمتع بالصّحة النفسيّة الجيّدة يُسهم في تحقيق الراحة العاطفيّة والإجتماعيّة والنفسيّة لأنها تساعد الإنسان في تحديد طريقة تفكيره وأدائه وتصرفاته، وهذا ينعكس على مشاعره وأحاسيسه، وهذا بدوره يُساعد في فهم الحالة النّفسيّة والتّعامل معها والتّفاعل مع الآخرين وكذلك إتخاذ القرارات والخيارات المناسبة بعيداً عن القلق والتوتر. والصّحة النّفسيّة تنشئ أشخاصاً مستقرين نفسياً لديهم القدرة على ضبط الإنفعالات والتّكيف النّفسي السّليم مع المتغيّرات والمستجدّات، فتُشكل الإستقرار والتكيّف النّفسي السليم مع الذّات ومع المجتمع. وعليه فإنّ الصحة النفسيّة الموجودة في ذات الشّخص وكيفية توجيه سلوكياته بشكل سليم وسوي قادرين على حل المشكلات، فالتّعامل بشكل مرن مع مختلف المشكلات يُحولهم ويجعل منهم طاقة أكثر فاعليّة للعطاء والإنجاز. فالأشخاص الذين لا يتمتعون بصحّة نفسيّة يُفضلون الإنسحاب والهروب من المشكلات، وتكون سلوكياتهم غير سوية.
وللصّحّة النفسيَة أهمّية كبيرة بالنسبة إلى الفرد والمجتمع، فهي تعطي الإستقرار وتخلق التكيّف النفسي السليم مع الذات ومع المجتمع، فالصّحة النفسيّة تنشئ لديهم القدرة على ضبط الإنفعالات والتحكم بالسلوك وتوجيهه ضمن أطر صحيحة،  فيصبحون قادرين على المواجهة وحل المشكلات بإيجابيّة وأكثر فاعلية للإنجاز وللعطاء، عكس أولئك الذين يفتقدون الصّحة النّفسيّة الجيدة فيستخدمون الهروب والإنسحاب كلما واجهتهم مشكلة!
ما هي أهم مظاهر الصّحة النّفسيّة؟
من أهم مظاهر الصّحة النفسيّة السليمة هي قدرة الشخص على ضبط إنفعالاته العاطفيّة وتقييد إستثاراته الحياتيّة، حيث يشعر بالإتزان الإنفعالي، فيكون لديه القدرة على قراءة الأمور وتحليلها ومواجهتها وكذلك التّصرف في كافة الإنفعالات بعقلانية واتزان نفسي، بدون عصبيّة وتوتر وقلق. هذا الشخص يمتلك القدرة على الإبقاء على تفاؤله بعيداً عن الخوف والقلق والتوتر. وتتجسد مظاهر الصّحة النفسيّة في التكيف مع المجتمع، الدافعيّة، الإتزان الانفعالي، العلاقات الإجتماعية، التفوق العقلي، الخلو من الأمراض والإضطرابات النفسيّة. وهذا بالطبع ممكن من خلال التنسيق بين فعل الأمور التي نفضلها وبين المسؤوليات المترتبة علينا لتحقيق المرونة النفسية للتمكن من الحفاظ على التوازن والإستمتاع في الحياة، لذلك يجب علينا تجنب الأشخاص السلبيين وكذلك تجنب بعض الأمور السلبية أيضاً والّتي لها أي تأثيرات جانبيّة سيئة مثل الضغط والتوتر والقلق والخوف لأنها تؤثر سلباً على الصحة النفسية، وتنعكس إنعكاساً وثيقا على الصّحة الجسديّة والفكريّة لأنّ معظم الإضطرابات النفسيّة يكون لها ارتباطا وثيقاً مع الإنتكاسات الجسدية.
ما هي العوامل التي تؤثر على الصحة النفسية؟
إنّ للضغوطات البيئية والإعلاميّة وللظروف الحياتيّة الإجتماعيّة والتعليميّة والثقافيّة والإقتصاديّة مثل العزلة، بيئة العمل المجهدة، الفقر، الحرب، تدني الوضع الإجتماعي، عدم التكيّف مع البيئة الأسريّة او العمليّة الغير الداعمة، العيش في بيئة عدائية، او للتمييز وللتفرقة وللمقارنة أثر كبير وخطير في ظهور الإضطرابات والأمراض النفسية. من جهة ثانية، يُستدل على صاحب الصّحة النفسيّة من الأنشطة الّتي يقوم بها الفرد ومن سعيه لتحقيق هدفه وتذليل العقبات وخلق الأفكار والحلول. أيضا من مظاهر الصّحة النّفسيّة شعور الفرد بالطمأنينة والأمن النفسي والإكتفاء الذّاتي وهذا المظهر يستدل عليه من أوجه النشاط الذي يقوم به الفرد لتحقيق حاجاته واهدافه بالحياة والشعور بالإستقرار النّفسي والتحرر من الشعور بالألم والوحدة والقلق... ولإبعاد إقتحام المخاوف الشديدة والقلق العام إلى تفكيره، فيقوم المنقذ النفسي (اسمحولي أن أطلق عليه هذه التسمية) والذي يتمتع بالتفاؤل والبشاشة والإستقرار النفسي والتحرر من الشعور بالاثم والقلق والوحدة النفسيّة والبعد من سيطرة المخاوف.
ما هو أخطر انواع الأمراض النفسيّة؟
تتفرع الأمراض النفسيّة إلى 300 مرض نفسي وفقاً لشدة خطورتها، منها ما هو شديد الخطورة ومتوسط الخطورة ومنخفض الخطورة، وقد  صُنفت لمجموعتين: الأمراض النفسيّة الشديدة والأمراض النفسيّة الأخرى. وتُعد الأمراض النفسيّة الخطيرة من الإضطرابات النفسيّة والسلوكيّة الشديدة التي تؤثر سلباً على أنشطة الحياة المختلفة وهي تفتك بالإنسان، ومنها إضطراب الإكتئاب الرئيس والفصام أو إنفصام الشخصية أو الشيزوفرينيا وإضطراب ثنائي القطب وإضطراب فقدان الشهيّة العصبي، والبعض منها يكون فيها المريض أكثر خطراً وأقرب إلى إرتكاب جريمة، وتتضمن :
الإكتئاب السوداوي: عندما يكون فى أقصى حالاته قد يقوم المريض بقتل الأشخاص الذين يحبهم قبل أن يقتل نفسه، لأنه يشعر أن الدنيا  ظالمة وسيئة ولا تستحق وجودهم فيها. فيفعل ذلك بدافع الحب وهذا هو الأكثر خطورة.
الفصام البارانوي والإضطراب البارانوي: يُقدم المريض على القتل أحيانا، الذى يكون متعمدا بخطوة إستباقيّة لأنه يكون لديه تخيل أن الشخص الآخر سيقتله.
مريض الوسواس القهري: والمشكلة في الومضات، الّتي هي تكرار فكرة من دون توقف، فمن الممكن أو يقوم بخنق شخص آخر أو قتله بدون سبب غير أنه تحت ضغط هذه الفكرة الوسواسيّة.  الصرع يقتل وهو ليس في وعيه ولا يشعر بشىء. مريض الهوس، من الممكن أن يضرب شخصا أو يدفعه أو يؤذيه بطريقة ما ويكون غير متعمد القيام بذلك إطلاقا.
 كيف نُسهم في تحسين الصّحة النفسيّة؟
هناك الكثير من الطرق الّتي أثبتت نجاحها في حل وعلاج العديد من المشاكل التي تُصيب الصّحة النفسيّة، مثل التوتر النفسي والإكتئاب. وللمحافظة على صحتنا النفسية علينا أن نقوم بتخصيص وقت لنا لممارسة الهوايات المختلفة من قراءة وكتابة ورسم وأشغال يدوية ورياضة مختلفة من تأمل ومشي وغيرها. كذلك علينا أن نحافظ على علاقاتنا الإجتماعية والأسرية مع المحافظة على إبقاء مسافة تقنية قول (لا) ومعرفة ذواتنا خير معرفة وتحديد ماذا نريد وما هي أهدافنا لمنع الإحتراق النفسي. بالإضافة إلى تناول الغذاء الصحي والمتوازن وأخذ قسط وافر من النوم. وهناك العديد من العادات والنشاطات التي من شأنها دعم الصّحة النفسيّة وتحسينها، نذكر منها ما يلي:
- التواصل المستمر مع الآخرين بشكل جيد، وبناء العلاقات الجيدة معهم والحفاظ عليها، والخروج مع الأصدقاء خاصة الذين لم يتم رؤيتهم منذ فترة بعيدة، فهذا مهم جداً للصّحة النفسيّة، وله دور مهم، فهو يساعد في بناء الشعور بالانتماء ويعزز من تقدير الذات، يُتيح فرصة جيدة لتبادل الخبرات الإيجابية وتطويرها، يُقوي الروابط الإجتماعيّة ويُقدّم الدعم العاطفي ويُحسن  من جودة الصّحة النفسيّة.
ممارسة الرياضة: مفيدة جداً للصّحة بشكل عام، وتعدّ ممارسة النشاطات البدنية من أهم الطرق لتحسين الصّحة النفسية، لأنّها تساعد في التخلص من المشاعر السلبية بشكل كبير، وتساهم في تحسين المزاج، كما أنها تُساعد في تعزيز إحترام الذات وعلى تحديد الأهداف وتحقيقها، وتزيد من الثقة بالنّفس، كذلك تحدث تغيرات كيميائيّة في الدماغ فترفع منسوب السّعادة، وتقلل من القلق النفسي.
- تعلم مهارات جديدة: من أهم الوسائل الّتي تُضيف رونقاً خاصاً على الإنسان وتُشعره بالتميّز وهي تلعب دوراً هاماً في تحسين الصّحة النفسيّة حتى وإن كان الوقت الذي يمتلكه غير كافٍ، حيث أنّ الهدف هو تقليل إحتمال الإصابة بالمرض النّفسي، من خلال تقدير قيمة الوقت وتعزيز الإحساس بالمسؤوليّة وزيادة القدرات بشكل عام وتطوير الجانب الشخصي وهذا ما يُتيح فرص أكثر وأفضل  للتواصل مع الآخرين.
- تعزيز القدرة على العطاء وإظهار الإحترام للغير: وهذا ما يتوافق مع فطرة البشر وله أبعاد جيدة على مستوى الفرد وعلى مستوى المجتمع يمن خلال التعامل بلطف وطيبة وتقديم المساعدة للآخرين وهذا ما ينعكس إيجاباً في خلق مشاعر إيجابية مع الإحساس بالرضا،  الإهتمام في الحاضر(هنا والآن) في المشاعر وفي الأحداث وفي البيئة المحيطة، بدون الإنشغال المطلق بالمستقبل أو الإنغماس في ملفات الماضي، لأن الإهتمام باللحظة الحاليّة يؤدي إلى تحسين الصّحة النفسيّة، ويسمى هذا التصرف بالوعي أو باليقظة، وهذا ما يُعطي الإنسان القدرة على إدراك ذاته والتعامل مع التحديات بشكل إيجابي،  المساعدة في تكوين علاقات جيدة وقوية.
- السعي لتطوير مهارات التواصل وغيرها من الّتي تساعد في تحمل مسؤوليات جديدة في العمل أو المنزل وتمكّن الشّخص من إنجاز أفضل وتقدير أكبر.    
كيف نُعزّز صحة الأطفال النفسيّة؟
الصّحة النفسيّة للأطفال هي الطريقة التي يفكرون ويشعرون بها تجاه من حولهم من أشخاص وبيئة ومتغيرات وكذلك أهداف ورغبات، وهي تؤثر على كيفيّة تعاملهم مع تحديّات الحياة وتغيّراتها وضغوطاتها، وهنا نذكر بعض الطرق لتحسين الصّحة النفسيّة عند لأطفال، وبعض النصائح التي تفيد في ذلك:
- تحفيزهم على تجربة أشياء جديدة أو صعبة، لزيادة قدراتهم.
- التعامل معهم بلطف وتعليمهم أن يكونوا لطفاء مع أنفسهم خلال الأوقات الصعبة .
- جعلهم يشعرون بالسعادة والإيجابيّة تجاه أنفسهم من خلال تعزيز ثقتهم بذواتم والثناء عليهم وتقديم كلمات الشكر لهم حين إتمام إنجاز ما، كذلك السعي إلى شرح أخطائهم بطرق بسيطة خالية من العنف والتنمر.
- دعمهم للتماسك وعدم اليأس عندما لا تسير الأمور بالطريقة التي يتوقعونها.
- مساعدتهم على الإستمتاع بالحياة، وتوفير إحتياجاتهم الأساسيّة والشرح لهم عن ظروف الحياة وعن القدرة الشرائيّة والحياتيّة حتى يتعلم الطفل المشاركة وتحمل المسؤولية.
- توفير التعليم الجيد لهم، ومساعدتهم في كيفيّة تحصيل المعلومات الثقافيّة والتي تُغني قاموسهم اللغوي والعلمي وتطوير مهاراتهم وهواياتهم بإستمرار.
- تحفيزهم على التعايش مع العائلة والأصدقاء، وتقبلهم ليتمكنوا من تحسين علاقاتهم معهم ومع أنفسهم.
- من أهم النقاط، تعليمهم وتدريبهم كيف عليهم إدارة طريقة تعاملهم مع مشاعر الحزن أو الغضب، لأي سبب كان ومهما كان الظرف، ومساعدتهم في تخطيها. ويهمنا أن نُشير مجدّداً على أنّ الصّحة النفسيّة لا تعني أن تكون خال من حالة الحزن والبكاء وبعض من التوتر والقلق بل هي القدرة على التكيّف والتّمتّع بالمرونة وقابليتك للتّكيّف والتّقبل. وفي اليوم العالمي للصّحة النفسيّة نؤكد على طلبنا الدائم، إذا وجدت نفسك تعبا من ضغوطات الحياة ولا تستطيع مواجهة مشكلة ما أو أنك تعاني من إختناق نفسي، أكسر حاجز الصمت وتكلم، المرض النفسي ليس عارا، المرض النفسي إن لم يعالج فسيكون له الكثير من التداعيات السلبية الجسدية والسلوكية والأدائية.

 

البحث
الأرشيف التاريخي