دور الوالدين في تنمية مهارات صنع القرار لدى الطفل
إبراهيم الكحلاني
يرى خبراء التربية أن مهارات صنع القرار لدى الطفل أساسها طبيعة العلاقة التي تربطه بوالديه، فإذا كانت العلاقة إيجابية نما لديه الشعور بالاستقلالية وتطورت مهارات صنع القرار لديه. وينصح الخبراء الوالدين بالتواصل مع أبنائهم وبالدخول في حياتهم بكل ثقلهم وإسناد المهام إليهم حتى يتعلموا المسؤولية، وفي هذا الصدد وضع المختص بالتنمية البشرية من اليمن ابراهيم الكحلاني مجموعة من النقاط المهمة التي تساعد الأبناء على اتخاذ قراراتهم بأنفسهم واحترام والديهما:
الأسلوب الصحيح في تربية الابناء
قد يحترمك ابنك ويُقَبِّل رأسك، ولكنه ربما لم يُقْدِم على تقبيل رأسك إلا بسبب العادات المجتمعية.
فكيف يمكن للوالدين أن يصلا بأبنائهم في علاقتهما معهم إلى درجة العشق لهما والشغف بهما؟
الاتصال الجيد والأسلوب الصحيح مع الأبناء يضمن لنا وصول علاقتنا مع أبنائنا إلى درجة العشق والشغف لهم لنا، وذلك لما له من أثر عميق وأبدي في قلوب ومشاعر الأبناء يحملونه معهم طوال حياتهم.
وإليك بعض صور ذلك الاتصال الجيد مع الأبناء:
- سحر القبلة: والمعنى الذي توصله القبلة هي معاني ومشاعر الحب والرحمة والذوبان الذي يحمله الوالدان تجاه ابنهم.
دخل أحدهم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقبل الحسن والحسين عليهما السلام، فقال: يا رسول الله إني لي عشرة أبناء ما قبلت أحداً منهم، فقال له رسول الله(ص): وما أصنع لك إن نزع الله الرحمة من قلبك.
- الطبطبة على الكتف: والمعنى الذي توصله الطبطبة على كتف الابن هي معاني ومشاعر الإشادة بالابن وبما قام به، والذي يدفعه للمزيد من القيام بتلك الأعمال الحسنة، والسلوكيات الجيدة.
- اللعب والمزاح: والمعنى الذي يوصله اللعب والمزاح مع الأبناء هي معاني ومشاعر الصداقة معهم، وأن علاقة الأب مع ابنه هي علاقة الصديق بصديقه، وليست علاقة المدير بموظفه التي يغلب عليها العلاقة الرسمية البحتة والجافة.
- إجلاس الابن في الحضن: المعنى الذي توصله تلك الجلسة هي معاني ومشاعر الامتلاك والسيطرة التي تنتاب الابن مع أبيه أو أمه، وعدم مشاركة غيره فيهما.
- الحمل على الصدر أو على الكتفين: المعنى الذي توصله تلك الوضعية، هي معاني ومشاعر الاعتزاز والفخر.
فقد نزل رسول الله(ص) ذات مرة من منبره، وأوقف خطبته لينزل من على منبره ليحمل الحسن(ع) على صدره ويصعد به معه إلى منبره.. ترى كم ترك هذا التصرف أثره في قلب الامام الحسن عليه السلام؟
تلك صور الاتصال الجيد مع الأبناء وما تتركه من أثر عميق وأبدي في قلوبهم..
صور الاتصال السلبي مع الأبناء
- الصفع على مؤخرة الرأس: والمعنى الذي يتركه ذلك التصرف على الابن، هو مدى الغباء الذي يحمله الابن.
- جر الأذن لا سيما مع البنات: والمعنى الذي يتركه ذلك التصرف على ابنتك، هو مدى الوقاحة وقلة الأدب التي وصلت إليها الابنة.
- شد مقدمة شعر الرأس: والمعنى الذي يتركه ذلك التصرف مع الأبناء، هو الشعور بالإهانة والإذلال في أعلى درجاتها.
ولذلك هي أحد أنواع الإهانة والإذلال التي يستخدمها الله مع المجرمين عندما قال: «فيؤخذ بالنواصي» أي سنأخذهم أخذ المهان الذليل عندما يؤخذ من ناصيته أي مقدمة شعره.
- الصفع على الوجه: والمعنى الذي يتركه الصفع على وجه ابنك، هي كل المعاني السابقة التي ذكرناها لأثرها الكبير في نفس الابن.
وكل تلك التصرفات السلبية مع الأبناء تترك أثراً عميقاً وجرحاً غائراً لدى أبنائنا، يحملونها معهم طوال سنوات حياتهم، أما إذا كانت تلك التصرفات أمام زملائهم وأصدقائهم، فإن ذلك الأثر على نفسية الأبناء يصل إلى عشرات الأضعاف عكس لو لم تكن أمامهم.
فكن على حذر من تصرفاتك تلك، فبأسلوبك قد ترفع ولداً يرفع رأسه إلى عنان السماء، فتحصل على أجرين، أجر على أسلوبك الجميل الذي قمت به، وأجر على أثر أسلوبك الجميل الذي تركته في نفس ولدك.
وبأسلوبك قد تحط ولداً يدس رأسه في التراب، فتحصل على وزرين، وزر على أسلوبك الفظ الذي قمت به، ووزر على أثر أسلوبك الفظ الذي تركته في نفس ولدك.
القاعدة الذهبية في تربية الأبناء
وحتى تعزز من أسلوبك التربوي مع أبنائك؛ إليك أيها الأب الحكيم، وإليكِ أيتها الأم الحكيمة أسلوباً آخر وقاعدة تربوية قوية ومؤثرة في التعامل مع الأبناء قادرة على أن تترك أثراً عميقاً في نفوسهم، وبصمة جميلة في سلوكهم، هي: «قاعدة سبعة سبعة سبعة»، أي: (عامل ولدك سبعاً كأمير، وسبعاً كأجير، وسبعاً كوزير)، هذه هي القاعدة الذهبية في تربية الأبناء، وتعني:
١- سبعاً كأمير: في السنوات السبع الأولى من عمر ولدك، من ١-٧ عامله معاملة الأمير، والذي يجب أن يغلب فيها الدلال والمرح والاتصال الجسدي معه.
فالطفل في هذه المرحلة لا يفهم لغة النصائح والإرشاد اللفظي، وعليه وفّر كلامك له في هذه المرحلة ولا داعي لأن تتعب نفسك كثيراً فلا ثمرة كبيرة تجنيها من نصائحك معه في هذه المرحلة من عمره.
البعض سيقول: إنني بهذه الطريقة سأجني على ولدي بالخراب، وسأجعله يتعود على الدلع والغنج.. أقول له: لو كان كلامك صحيحاً لما استخدم رسول الله(ص) هذا الأسلوب مع الحسن والحسين علیهما السلام، فقد أطال سجوده إحدى المرات، وعندما سئل عن سبب تلك الإطالة، قال عليه الصلاة والسلام وعلى آله: صعد ولدي الحسن على ظهري فخفت أن أؤذيه، فتركته حتى يكمل لعبه.
٢- سبعاً كأجير: في السنوات الثانية من عمر ولدك، من ٨ وحتى ١٤، تبدأ مرحلة جديدة تحتاج لأسلوب جديد في التربية غير الأسلوب الأول ولكن تدريجياً.
عامله في هذه المرحلة كأجير، أي يجب أن تعركه في هذه المرحلة بكثرة الاحتكاك بالآخرين، ودعه هو من يتعامل مع مشاكله التي تواجهه، وإذا اضطررت لمساعدته فاحصر مساعدتك تلك على المواقف الحرجة فقط وفي اللحظات الأخيرة منها فحسب، ما لم فإنك ستخرج ولداً مدللاً ينهار أمام أبسط المشكلات التي تواجهه في مستقبل حياته. ولكن يجب أن يترافق مع هذه المرحلة أمر هام جداً حتى تمر تلك المرحلة بنجاح، وذلك الأمر الهام هو الإكثار من الكلمات التشجيعية، فالأجير يحتاج لمن يشجعه حتى يتزود بالوقود الكافي للمواصلة وزيادة إنتاجيته.
ولكن المؤسف والغريب هو حدوث العكس من ذلك تماماً، فأغلب الكلمات التحطيمية يتلقاها الأبناء في هذا السن مما ينعكس سلباً على شخصيتهم.
٣- سبعاً كوزير: تراكم سنوات الأجير تشكل لدى أبنائنا ترسانة ضخمة من المعارف والدروس والتجارب التي مرت عليه، تجعله ناضجا بما يكفي لجعله وزيراً ومعيناً ومستشاراً لوالديه في السنوات السبع الثالثة من عمره، من ١٥ وحتى ٢١ وما بعدها.
وعليه إن أردت مواصلة صقلك لشخصية ولدك يجب أن تركز في هذا السن على الإكثار من استشارته في الأعمال التي ستقوم بها.
ستُقدم على شراء سيارة مثلاً، استشر ولدك حتى وإن قد عزمت، ولا تفوت هذه الفرصة في بناء شخصية ولدك.
ستقدم على شراء أرضية أو هاتفاً أو ملابساً أو أي شيء آخر، استشر ولدك حتى وإن قد عزمت، ولا تفوت فرصة تربية ولدك. فمع كل تلك الاستشارات يحس الابن بقيمته وشخصيته وكمال عقله، مما يزيد من نضج تفكيره وحسن تصرفاته وقوة قراراته في مستقبل حياته.