الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وسبعة وأربعون - ٠٩ أكتوبر ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وسبعة وأربعون - ٠٩ أكتوبر ٢٠٢٣ - الصفحة ۸

مجزرة الكلّية الحربيّة في حمص.. الجريمة أمريكية

حيّان نيّوف
موقع العهد الاخباري
لم يكن ما حدث في سوريا حدثاً عادياً بل يندرج في إطار الإرهاب والإجرام الدولي المنظم، طائرات مسيرة تحمل مواد متفجرة استهدفت حفل تخرج طلاب الكلية الحربية في مدينة حمص وسط سوريا بعيد انتهاء مراسم الحفل مباشرة وأثناء تجمع الطلاب الضباط وأهاليهم في ساحة الإحتفال، ونتج عن الهجوم ارتقاء 90 شهيداً بينهم 31 من النساء و5 أطفال و 277 جريحا في حصيلة غير نهائية.
بيان وزارة الدفاع السورية وجه الإتهام للعصابات الإرهابية المدعومة من جهات دولية معروفة وأكد بالرد على تلك العصابات ومن خطط لها، وعلى الفور بدأت وحدات الجيش السوري باستهداف مقرات ومراكز التنظيمات الإرهابية في إدلب وريف حلب الشرقي وريف حماه الشمالي بوابل من القصف المدفعي والصاروخي والجوي، والذي انضمت له لاحقا البوارج الحربية الروسية من البحر.
بالعودة إلى العملية الإرهابية من الواضح وبلاشك بأن من خطط لها يمتلك تقنيات وتكنولوجيا عالية الدقة مكنته من استخدام طيران مسير حديث و التحكم به من مسافات بعيدة وتنفيذ الجريمة بشكل دقيق، وهو ما يؤكد بأن هذا العمل الإرهابي تقف خلفه دولا لديها تكنولوجيا عسكرية متطورة وتقف خلفة اجهزة استخبارات محترفة، لا يمكن لتنظيمات إرهابية ان تقوم به بمفردها. إن قراءة الحدث إقليميا ودوليا تدفع للقول بإن الولايات المتحدة تتجه لخيار كسر معادلات التهدئة القائمة والدفع باتجاه إعادة خلط الأوراق في سوريا والإنتقال إلى مرحلة جديدة من التصعيد.. فما هي خلفيات ودوافع واهداف الولايات المتحدة من هذا التصعيد؟
بالنظر إلى المشهد الإقليمي و الدولي فإنه يمكن إيجاز الخلفيات و الدوافع الأمريكية بالآتي:
إن إدارة بايدن تسعى لتحقيق إنجاز إقليمي او دولي يشكل رافعة لها في ظل التنافس الشديد والإنقسام الذي تشهده الجبهة الداخلية الأمريكية ومع اقتراب الدخول في معركة الإنتخابات الرئاسية الذي ستجري بعد عام من الآن.
تخشى الولايات المتحدة أجواء المصالحات التي تعيشها المنطقة خاصة المصالحة السعودية ــ الإيرانية والسورية ــ العربية، وهو ما يشكل خطرا على نفوذها الإقليمي.
فشل الولايات المتحدة في مخططها الرامي لإغلاق الحدود العراقية ــ السورية ، بالإضافة إلى الفشل في تحويل السويداء في الجنوب السوري إلى بؤرة توتر جديدة بعد الحكمة التي اظهرتها القيادة السورية في التعاطي مع احداث السويداء.
شكلت زيارة الرئيس بشار الاسد إلى الصين مؤخرا والاهمية الإستراتيجية لهذه الزيارة وإعلان الجانبين السوري والصيني التوقيع على اتفاق شراكة استراتيجية بينهما ، شكلت عامل قلق بالنسبة لواشنطن التي تسعى لإفشال التغلغل الصيني في الشرق الأوسط.
تدرك الولايات المتحدة بأن مشروعها الذي طرحته في قمة العشرين "مشروع الممر الهندي السعودي الأوروبي" لن يكتب له النجاح طالما انه يمر في مناطق جغرافية يسيطر عليها محور المقاومة بشكل او بآخر.
تسعى الولايات المتحدة لإنجاز اتفاق التطبيع السعودي ــ الإسرائيلي في اسرع وقت ممكن وإعلان اتفاق الشراكة الاستراتيحية بين الرياض وواشنطن وتدرك جيدا بأن دمشق ما زالت تمتلك التاثير المعنوي والعملي لمعارضة التطبيع، ولمنع اندماج الكيان الصهيوني في المحيط الإقليمي. كما تسعى الولايات المتحدة إلى إفشال اي تقارب سوري ــ تركي خاصة في ظل عمليات القصف الجوي التي تنفذها تركيا ضد "قسد" في الشمال والشمال الشرقي والتي تخشى واشنطن ان تترك تاثيرا على الواقع الميداني هناك، هذا بالإضافة إلى رغبة واشنطن في إفشال المبادرة الإيرانية للحل بين سوريا و تركيا والتي أعلن عنها مؤخرا.
فشلت الولايات المتحدة في تفجير القوقاز من جديد بعد أن انجزت اذربيجان عملية خاطفة في قره باغ خلال 24 ساعة، وبعد الموقف الحكيم لكل من طهران وموسكو بعدم الإنجرار للصراع هناك، وما نتج عن ذلك من تحولات جيوسياسية من الممكن ان تسهم في انتقال العلاقة بين اذربيجان وكل من طهران وموسكو إلى الشراكة بدلا من الصدام، وهو ما يعني لاحقا زوال النفوذ الاميركي من المنطقة.
إن العمل الإرهابي الجبان الذي استهدف الكلية الحربية في مدينة حمص السورية هو إرهاب دولي امريكي اولا وثانيا وثالثاً، وأن الولايات المتحدة تعمدت ان يكون حجم هذا العمل الإرهابي كبيرا وتريد القول بأنها ما زالت قادرة على خلط الاوراق من جديد على المستوى الإقليمي والدولي، وقد أرادت إيصال رسائلها بهذه الطريقة الوحشية واللاإنسانية. لكن في ذات الوقت فإن هذا العمل الدنيء يعكس مدى الوضع المأزوم الذي وصلت إليه الولايات المتحدة على المستوى الداخلي والخارجي والمأزق الذي اصاب استراتيجياتها الإقليمية والدولية، وأن عالم اليوم لم يعد كما كان بالأمس بل عالما جديدا يولد وليس باستطاعتها إيقاف ذلك مهما مارست من إرهاب دولي.

 

البحث
الأرشيف التاريخي