السينما تخلّد ما سجّلته دماء الشهداء
أفلام الدفاع المقدس تنشر ثقافة المقاومة وعابرة للحدود
الوفاق/ دائماً وفي أي بلد يحظى موضوع الشهداء وثقافة المقاومة والدفاع عن الوطن والمقدسات بأهمية كبيرة، وفي هذا المجال نشهد أنه كيف يضحي المقاومون بأنفسهم من أجل الدفاع عن المقدسات، وهذا ما شهدناه خلال سنوات الدفاع المقدس في إيران.
كم من أبطال جبهات الحرب قدّموا كل ما لديهم من أجل الدفاع عن الوطن، وسجّلوا مشاهد خالدة إلى أبد الدهر.
السينما فن يمكنه تخليد التاريخ
السينما فن يمكنه تخليد التاريخ وترك سرد بصري له. إن الدفاع المقدس، باعتباره أهم صفحة في تاريخ الجمهورية الإسلامية الإيرانية، قد ساهم بشكل كبير في السينما الإيرانية.
تكمن أهمية الدفاع المقدس في إيران في وجود نوع منفصل للأفلام المتعلقة به، ويتم إنتاج أعمال مختلفة كل عام في القطاعين العام والخاص.
ومن بين المنظمات التي لديها العديد من الإنتاجات في هذا النوع، منظمة سورة السينمائية التابعة لـ(حوزه هنري)، ومؤسسة "أوج" الفنية الإعلامية، ومؤسسة "رواية الفتح" الثقافية، ومؤسسة الفارابي للسينما وغيرها. وبالطبع فإن أسماء بعض هذه المراكز، مثل مؤسسة "رواية الفتح"، لها تاريخ طويل وتتعلق بأسماء مثل الشهيد
سيد مرتضى آويني.
قراءة الصورة الحقيقية لأبطال الدفاع المقدس
بما أننا في أسبوع الدفاع المقدس في إيران كتب محمد خزاعي رئيس منظمة السينما في مذكرة بمناسبة هذا الأسبوع:
إننا اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بحاجة إلى إعادة النظر والقراءة والتأمل في الصورة الحقيقية لأبطال الدفاع المقدس الذين صنعوا التاريخ؛ إلى رسالة الشهداء، وهم المشاعل الإنسانية في الهمة والمعرفة، لوعي الذات وحماية وحراسة الحدود الأخلاقية والهوية، ولحماية كرامة الوطن.
الشهداء هم الهوية الخالدة لهذا الوطن. إنهم الوثيقة الأكثر فخراً في هذا البلد. لا يمكن لأي عدسة أو كاميرا التقاط صورة لهذا الشعاع المضيء جداً، ولأن السينما إطار صغير لصورة كبيرة كهذه!
أفلام عابرة للحدود
هذا وقد شهدنا إنتاج أفلام سينمائية ووثائقية كثيرة منذ عدة سنوات، حتى يومنا هذا وسيواصل السينمائيون هذه المسيرة، بما أنه حقل واسع لأخذ العِبَر والدروس.
تحدثنا عن أفلام الدفاع المقدس القديمة كـ "الحارس الشخصي" و"من كرخه إلى راين" و "مضيق أبوغريب"، و "جزيرة اروند" و "الصدع 143" و "الوكالة الزجاجية" وغيرها من الأفلام التي لم تُعرض في إيران فقط بل تم عرضها في مختلف أنحاء العالم وخاصة البلدان العربية، فكان لها صدى كبير في هذه البلدان ومحور المقاومة خاصة، فبهذه المناسبة نقدّم نبذة عن بعض الأفلام بمحورية موضوع القادة الشهداء والأبطال الذين سجّلوا بطولاتهم في جبهات الحرب، ولم يكونوا فقط قادة حرب، بل أصبحوا أنموذجاً في جميع المجالات والآن بعد أعوام متتالية، يقوم المنتجون بإنتاج أفلام سينمائية
عن حياتهم.
غريب
فيلم "غريب" السينمائي الذي يصفه الناقد السينمائي اللبناني "جهاد أيوب" بأنه إخراج منافس وأداء تمثيلي مبهر، من إخراج محمدحسين لطيفي، ويصور الفيلم حقبة من حياة الشهيد القائد محمد البروجردي، والذي أرسل في مهمة إلى إحدى المناطق الإيرانية بطلب من الإمام الخميني(رض)، وذلك من أجل رفع الظلم عن أهل تلك المنطقة، ووقف أعمال المجموعات الإرهابية هناك، وقد أذهل هذا القائد الجميع بأسلوبه القيادي الفريد.
تم عرض الفيلم في بعض البلدان العربية ومنها لبنان، حيث واجه إقبالا واسعا، واكتظت قاعات العرض بالجمهور، وقد قال مدير الجمعية اللبنانية للفنون - رسالات المهندس محمد خفاجة في كلمة ألقاها خلال حفل افتتاح عرض الفيلم: إنَّ رسالات تفتتح البرامج الصيفية بهذه التحفة الفنية التي تُعرّفنا على شخصية مميّزة بطلها الإنسان، والسينما تكفل عدم ضياع الحق في زمن جنون تشويه السّمعة.
ومن جهته قال مخرج الفيلم محمد حسين لطيفي أنه يتمنى أن تبقى المودة والمشاركة في مختلف الأعمال الفنية وغيرها بخدمة جبهة المقاومة، وكشف أنّه يسعى من خلال أعماله لإظهار النجوم الحقيقيين وهم الشهداء الذين حموا حدود البلاد وحافظوا عليها.
موقع مهدي
أما الفيلم الذي يتحدث عن أحد قادة الدفاع المقدس هو فيلم "موقع مهدي" الذي يتطرق إلى حياة القائد الشهيد مهدي باكري.
حصد الفيلم إعجاب المشاهدين والنقاد على حد سواء وذلك خلال عرضه في صالات السينما داخل إيران وخارجها، ووصفه المنتج "سيد محمود رضوي" على أنه "إعجاز المخرج حجازي فر".
وشهدنا ردود فعل الجماهير والنقاد على الفيلم، حيث عبر البعض عن "امتنانهم" لرؤية الفيلم، فيما وصفه آخرون أنه "رائع" وسط تناقل على تويتر مقاطع من سيناريو "موقع مهدي".
وتدور قصة الفيلم حول حياة الشهيد مهدي باكري الأسرية وإنجازاته أيام حرب الثماني سنين المفروضة على إيران، وذلك في قالب درامي، شاعري.
القناص
فيلم "القناص" أيضاً فيلم إيراني آخر يروي بطولات الشهيد عبد الرسول زرين، وقد حاز على عدة جوائز، وتطرق إلى جانب من حياة الشهيد"عبد الرسول زرين" أحد الشهداء الإيرانيين خلال السنوات الثماني من الدفاع المقدس، البطل الذي أسمته القوات العراقية بـ "صياد الإمام الخميني (رض)" ويعتبر من أفضل القناصين في العالم.
تم عرض هذا الفيلم وترجمته أيضاً في دول محور المقاومة، حضره جمع غفير من محبي سينما المقاومة، ويقول مخرج الفيلم "علي غفاري": حاولنا في فيلم "القناص" أن نصور نوع رؤية هذا الشهيد بالنسبة للحرب والصراع والتي تختلف عن نظرة كل القناصين في العالم، ولم نقرر أن يكون هذا الفيلم فقط سيرة هذا الشهيد، هذا الفيلم يصوّر فترة قصيرة من حياة الشهيد "زرين" في ساحات القتال.
أفلام الدفاع المقدس تجذب محور المقاومة
كما ذكرنا عند دراسة ردّات الفعل التي تواجهها أفلام الدفاع المقدس في دول محور المقاومة، نشهد أنها تواجه إقبالاً كبيراً عند الجمهور العربي، حيث يرون في حياة قادة الدفاع المقدس أنموذجاً للحياة في شتى مجالاتها، من الحياة العائلية إلى الأخلاق والتضحية وغيرها، وعلينا تسليط الضوء على حياة هؤلاء الشهداء الذين أصبحوا نجوماً لإنارة الطريق.
موضوع الدفاع المقدس وأفلام المقاومة، مواضيع خالدة، ويمكن تصويرها من خلال عدسة الكاميرا وأرشيفها للأجيال القادمة.