مشاكل نفسية تؤثر على سلوك الطفل
«الرهاب المدرسي» وكيفية معالجته
الوفاق/ وكالات - تتجدد معاناة الأهالي مع أبنائهم مع بداية كل عام دراسي، حيث يرفض بعض الأطفال الذهاب إلى المدرسة بشدة، ويتحول صباح كل يوم إلى معركة تدور رحاها بين الأمهات والأطفال. ويعرف علم النفس رفض الطفل الذهاب إلى المدرسة بما يعرف بـ«الرهاب المدرسي» الذي قد ينتج عنه إذا لم يعالج مبكرا وبطرق صحيحة مشاكل نفسية تؤثر على سلوك الطفل وتطوره النفسي والاجتماعي فضلا عن تأثيره على تحصيله
الأكاديمي.
والرهاب هو خوف شديد من شيء ما بدون سبب واضح. والرهاب المدرسي هو أحد أنواع الرهاب الشائعة بين الأطفال بعمر 5- 7 سنوات. لكن يمكن أن يعاني اليافعون أيضاً منه. ويعرف حاليا بأنه متلازمة معقدة يمكن أن تتأثر بمزاج الطفل، والوضع في المدرسة، والوضع العائلي، وقد يكون مرتبطا بقلق الانفصال.
ويعاني الأطفال المصابون بالرهاب المدرسي من القلق والأعراض الجسدية عند ذهابهم إلى المدرسة. وعادة يكونون مصرين على التغيب رغم محاولات الأهل، وعند إصرار ذويهم على ذهابهم إلى المدرسة، يعانون من نوبات غضب أو يصابون بالاكتئاب. وقد يهددون بإيذاء أنفسهم إذا أُجبروا على ذلك. وعند السماح للطفل بالبقاء في المنزل، يبقى في منزله ولا تكون لديه نية الخروج واللعب، بل قد يعمد أيضا لإكمال واجباته المدرسية في المنزل. غالبا، لا يقترن رهاب المدرسة بسلوكيات عدوانية كالسرقة والكذب أو الإدمان.
أسباب الرهاب من المدرسة
يهاب الأطفال الذهاب إلى المدرسة لأن القيام بذلك يسبب مشاعر غير مريحة أو توتراً أو قلقاً أو ذعراً. وقد يصاب العديد منهم بأعراض جسدية، مثل الدوخة أو آلام المعدة أو الصداع، عندما يُجبرون على الذهاب إلى المدرسة. ويتطور رفض المدرسة عادة بعد عودة الطفل إليها بعد فترة إجازة نتيجة إصابته بمرض أو نتيجة حدث عائلي مرهق، مثل الطلاق أو مرض الوالدين أو الإصابة أو وفاة أحد الأقارب أو الانتقال إلى مدرسة جديدة.
وعادة ما يتطور الرهاب من المدرسة تدريجيا، حيث يبدي الأطفال مقاومة شديدة بشكل متزايد للذهاب إلى المدرسة مع مرور الوقت. ويعتقد الأطباء النفسيون أنه عند الأطفال الصغار غالباً ما يكون العامل المحفز هو الرغبة في البقاء مع الوالد أو مقدم الرعاية وتجنب المواقف غير السارة في المدرسة.
ولدى الأطفال الأكبر سناً، إذا حدث رهاب المدرسة فجأة، فقد يكون مرتبطاً بتجنب موقف مؤلم في المدرسة مثل التنمر أو المضايقة أو انتقاد المعلم الشديد، أو قد يتبع حدثاً مهيناً مثل التقيؤ في الفصل. وكلما طالت مدة بقاء الطفل خارج المدرسة، زادت صعوبة
عودة الطفل.
قد يكون التعامل مع بيئة جديدة أمرا مخيفا للأطفال في سن المدرسة وما قبلها، خاصة مع انفصال الأطفال عن الوالدين، لذا يقع على عاتق الوالدين طمأنة الأطفال ومساعدتهم في تخطي قلق الانفصال ليحظوا بأيام مدرسية ممتعة بدلا من أن تكون أيام مليئة بالبكاء والتوتر، إذ إن دخول الطفل إلى المدرسة هو خطوته الأولى خارج بيئته الآمنة، ويخشى الطفل من فقدان والديه والروتين الذي اعتاده.
رغم أن خوف الأطفال من المدرسة أمر شائع وطبيعي، لكن في الوقت نفسه يجب أن يفرق الآباء بين محاولات الأطفال المخادعة لتجنب الذهاب إلى المدرسة وبين الاحتياج الحقيقي للمساعدة.
قلق الانفصال
وفقا للأطباء المتخصصين، يحدث القلق من الانفصال بسبب مهارة فكرية يكتسبها الأطفال في سن دخول المدرسة تعرف بـ«بقاء الكائن»، وهي مهارة تعزز قدرة الأطفال على تذكر أشياء وأشخاص غير موجودين، ويستدعي الطفل خلالها صور ذهنية للأم والأب في غيابهم، فيفتقد الدفء والألفة المصاحبين لوجوده معهم.
وما يُصعب الأمر على الأطفال أنهم في هذه السن لا يستشعرون الوقت بدقة، فلا يتمكنون من تقدير كم من الوقت غابوا عن ذويهم.
المشاكل النفسية والاضطرابات المختلفة
يعد الخوف الشديد من المدرسة أكثر شيوعاً عند الأطفال الذين يعانون من مشاكل عقلية وتنموية مثل صعوبات التعلم، يخاف هؤلاء الأطفال من العقاب أو اللوم أو عدم التعلم بأنفسهم؛ خاصة إذا لم يتم دعمهم بشكل صحيح في المنزل أو المدرسة أو لم يتم تشخيص مشاكلهم وعلاجها.
لا يمتلك الأطفال القدرة على معالجة أو التعامل مع بعض الأحداث أو الحوادث أو الإصابات العاطفية والنفسية الشديدة، يمكن أن تكون هذه المشكلة أساس رهاب المدرسة والخوف من التواجد في بيئة مختلفة عن الأسرة، إن فقدان أحد أفراد الأسرة المقربين، والخلافات الأسرية القوية، وطلاق الوالدين، وتغيير مكان الإقامة، وتغيير المدرسة المفضلة للطفل، كلها أحداث جديدة تتطلب بناء قدرات الأطفال والمراهقين..
كيف نطمئن أطفالنا؟
في البداية لا ينبغي أن يصدر أولياء الأمور قلقهم الشخصي لأطفالهم، ويُنصح بإظهار الجوانب الإيجابية من الدراسة، وطمأنة الأطفال بأن ليس هناك ما يدعو للخوف، لكن لا بأس من تسمية مخاوفهم وتفكيكها وتعريفهم أنها مشاعر طبيعية تحدث لكل الناس في المواقف الجديدة.
يفضل أن يكون الآباء منفتحين لسماع توقعات الأبناء حول المدرسة دون تدخل منهم، والاستماع إلى الحلول التي يطرحها الأطفال مما يعزز قدرة الأطفال على الاعتماد على أنفسهم وتقليل قلقهم ومخاوفهم. يمكن تذكيرهم بالأوقات التي تحلوا فيها بالشجاعة وكانوا على قدر المسؤولية مهما كانت
المسؤوليات صغيرة.
الاعتراف بالمشاعر لا تجاهلها
يحاول بعض الآباء التسفيه من مشاعر الخوف لدى الأطفال أو السخرية منها ظنا منهم أنهم بذلك يساعدون الأطفال على التخلص منها، لكن ما يحدث في ذلك الوقت أن الأطفال يشعرون أنهم وحيدون مع مشاعر الخوف والقلق من دون تعاطف من أحد، مما يعزز هذه المشاعر داخلهم.
ما ينبغي فعله هو الاعتراف بمخاوفهم وإظهار التعاطف معهم، لأن التعاطف يهدئ الطفل ويساعده على تقبل مشاعره وتطوير مسارات جديدة في عقله تساعده على التعافي بعد المشاعر الصعبة.
التركيز على الايجابيات والانشطة الممتعة
يمكن للوالدين التركيز على الأنشطة الممتعة التي سيجربها الأطفال مثل الأشغال اليدوية والرسم والتلوين والزراعة والاستماع إلى القصص وتعزيز الروح التنافسية للأطفال، كما أن تجهيز ما يحتاجه الطفل ليومه الدراسي الأول من أقلام وألوان وملصقات وحتى الملابس المدرسية والحذاء المدرسي الجديد، قد يساعد في خفض توتر الطفل وقلقه ويعزز من سعادته وانتظاره لليوم الذي يستعمل فيه كل هذه الأشياء.