الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وثلاثة وثلاثون - ١٩ سبتمبر ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وثلاثة وثلاثون - ١٩ سبتمبر ٢٠٢٣ - الصفحة ٥

الأديب اللبناني «محمدحسين بزّي» للوفاق:

الأدبان الفارسي والعربي حضاريان ولا تستطيع السياسة تفريقهما

موناسادات خواسته
للشعر والأدب حديث لا ينتهي وهو حقل وسيع يجتذب فئة كبيرة من المجتمع ويترك أثراً نفسياً عميقاً من خلال الكلمات والأبيات الشعرية والنصوص النثرية في إطار الرواية أو أي موضوع آخر. الشعر والأدب الفارسي غني جداً وله قمم شامخة من الأعلام، وأمس الإثنين كان يوم تكريم الشاعر الإيراني الشهير "شهريار" الذي سُمي بيوم الشعر والأدب الفارسي، وهناك كثير من الأدباء والشعراء يتطرقون إلى كبار الشعراء الإيرانيين وآثارهم ويخلقون آثاراً قيّمة لهم، ومنهم الشاعر والأديب اللبناني الدكتور "محمدحسين بزّي" الحاصل على دكتوراه في الفلسفة والتصوّف، وصدر له أكثر من خمسة وعشرين كتاباً وبحثاً في الفكر والسياسة والفلسفة والأدب والشعر. تُرجمت بعض أعماله إلى اللغات: الفرنسية والإنكليزية والإسبانية والفارسية، ومؤخراً إلى الإيطالية والتركية، ونال أكثر من ثلاثين شهادة تقدير دولية وعربية تقديراً لإسهاماته الثقافية والفكرية، بالإضافة إلى عدة دروع تكريمية، وجوائز أدبية أخرى.
وتطرق هذا الأديب اللبناني إلى الأدب الفارسي ومنها كتابه "فلسفة الوجود عند السهروردي" الذي يتناول قصة حياة وأعمال وإبداعات المفكر والعالم الإيراني "شهاب الدين السهروردي"، وكذلك ديوان شعر "أغاني شيراز" مجموعة قصائده، وكأنه أراد أن يقول هذه شيرازياتي أعيد صوغها من جديد فيستدعي الموروث الشعري والعرفاني، ويرى الشاعر بأن قصائده تكتبه ولا يكتبها وكأنها سيرة ذاتية بماء الشعر المشبع بالفلسفة والعرفان.

"أيام مولانا الرومي" التي صدرت أخيراً فهي رواية معرفية بإسناد تاريخي، وتأخذنا إلى عوالم جلال الدين الرومي وتطوف بنا إلى مدن فريد الدين العطار، وإشراقات السهروردي، وتجليات نجم الدين كُبرى، ومدارس الحكيم الترمذي، وفتوحات ابن عربي، وتكمن أهمية هذه الرواية أنها صدرت بعد 7 سنوات من البحث والتنقيب في تراث جلال الدين الرومي وشمس التبريزي.
وأشرف منذ عام 1992 م على مشروع تعريب ونشر الآثار الكاملة للمفكر الراحل الدكتور علي شريعتي، حيث حقّق العديد من مؤلفاته التي تصل إلى 60 كتاباً، وقد صدر منها حتى الآن 34 كتاباً، وهو حالياً مدير عام دار الأمير للثقافة والعلوم في بيروت، ورئيس هيئة بنت جبيل الثقافية (هِــبـــة)، ومدير عام مجلة مسارات المـُحَكَّمة، وعضو مشارك في اتحاد الكتّاب والناشرين اللبنانيين، والاتحاد العام للناشرين العرب، وتجمّع شعراء بلا حدود، والملتقى الثقافي اللبناني، وشارك في عدّة مؤتمرات عربية ودولية تُعنى بقضايا الفكر والأدب، وعملية النهوض الحضاري.
وحظيت أعماله الأدبية بالكثير من الإهتمام، خاصة دواوينه الشعرية ورواية " شمس - أميرة عربية عاشقة " التي منذ صدورها عن " دار الأمير " في بيروت عام 2017 م، في صفحاتها الـ 304 شغلت المثقفين والنقّاد والقرّاء على حدّ سواء. كما صدر كتاب "قراءات نقدية في رواية شمس" كتب فيه أكثر من 12 ناقداً وأكاديمياً من لبنان والعالم العربي قراءات نقدية حول الرواية؛ التي باتت تشكّل مع ديوان "مرايا الشمس" جذباً للبحوث والدراسات الأكاديمية، حيث يقوم عدد من طلاب الدراسات العليا بإعداد رسائلهم الجامعية في الأدب عن رواية "شمس" وعن ديوان "مرايا الشمس" في كلّ من لبنان ومصر والجزائر واليمن
 وسلطنة عُمان.
وبما أنّ له تأليفات كثيرة ومنها: الغزل والمُسلَّح، شاهد بلا شهادة، أسرار من بغداد، الوعد الصادق "يوميات الحرب السادسة"، ديكارت فيلسوفاً إلهياً..؟!، شرح الإشراق الثاني عشر في العقل المستفاد لـ "صدر المتألهين الشيرازي"، فلسفة الوجود عند السُّهروردي - مقاربة في حكمة الإشراق (رسالة ماجستير)، مرايا الشمس، أغاني شيراز، أيام مولانا وقواعد العشق الأربعون، أغاني قونية، شمس – أميرة عربية عاشقة، وغيرها من المؤلفات، فاغتنمنا الفرصة وأجرينا حواراً مع الدكتور محمدحسين بزّي،
وفيما يلي نصه:
الأدب معيار الشعوب
سألنا من الدكتور محمدحسين بزّي عن دور الأدب والكتاب في نشر الثقافة، فقال: الأدب هو معيار الشعوب، ودليل رقيها المعرفي وتقدمها في العمران البشري، فكلما كان الأدب رفيعاً كلما توسمت الخير والرفعة في أهله، الأدب بشتى أقسامه، الشعر والرواية والقصة هو مرآة جلية للحضارة وأطوارها، وهناك الكثير من العلوم قد وصلتنا عن طريق الأدب، كألفية ابن مالك في النحو ومنظومة السبزواري في المنطق والأوديسة والشهنامه في التاريخ والملاحم، كل هذه العلوم، وكل تلك المعارف وصلتنا بنصوص أدبية وشعرية، حيث كانت معظم العلوم العملية والنظرية منشدة شعراً حتى فترة ليست بعيدة، فإذا ما أردنا التعرف على فلسفة وعرفان مولانا فلا بد لنا من إحضار المثنوي وشروحه والتأمل فيه للوقوف على حقيقة فلسفة ومعارف المولوي. وهكذا بالنسبة إلى ابن الفارض والحلاج والفردوسي وحافظ الشيرازي والعطار وغيرهم، لهذا كله نجد أن معظم الفلاسفة والعرفاء كانوا شعراء، والأمثلة لا تحصى في هكذا مقام.
أما عن دور الكتاب فهو الوعاء الرصين والكهف الأمين الذي يحفظ العلوم بشتى أنواعها ويحملها من الأجيال السابقة إلى الأجيال اللاحقة.
أيام مولانا وقواعد العشق الأربعون
وأما عندما سألناه عن كتابه الأخير وهو "أيام مولانا وقواعد العشق الأربعون"، وسبب كتابته عن هذا الموضوع والصعوبات التي واجهها، قال بزّي: واقع الحال أن الفكرة جاءت في رسالة مخفية لم أعها إلا بعد حين.. لقد زرت ضريح مولانا في قونية يوم أحد أوائل سنة 2016 مع صديق تركي وفي وعزيز على قلبي هو الأستاذ ياسين قرنفيل الذي كان له الفضل الكبير في تسهيل وصولي الى قونية بين عشية وضحاها، إنتقلنا من إسطنبول إلى قونية في رحلة كأنها البرق المشفوع بالبركة التي لم تفارقنا طول رحلتنا، لدرجة أن نصل المقام في غير وقت زيارة ويفتح لنا بالخصوص من دون أي تدبير أو تخطيط مع أي أحد، وأمام ضريح جلال الدين وتحت قبته الخضراء انقدحت شرارة العشق وبلحظة طرت من مقام الشوق إلى الاشتياق وخاطبت مولانا منشداً:
غادِرني فيَّ ..
وإليَّ ...
"قونيه" قِبلةُ عشقٍ
طلّتْ من عينيَّ
غادِرني فيَّ ..
وإليَّ ...
واعزف قطراتِ الشمسْ
لحناً يشربني
من تبريزَ
وحتى الأمسْ
الواقفِ بين العِمّة والرأسْ
والنور هنا مولانا ..
غادِرني فيَّ ..
وإليّ ...
وامسح وجهي
باللون الأخضرْ
كي أخلعَ عِمّة عقلٍ
باتَ بنا صنماً بل أكثرْ
غادِرني فيَّ ..
وإليًّ ...
أنا ليس لديَّ
ما يذكرْ
غادِرني فيَّ ..
وإليَّ ...
كي أغدو أصغرْ
كي أطوي السبع طباقاً
بل أطويها العشرْ.
فكانت هذه القصيدة أول لقاء لي مع مولانا في عالم المعنى. ثم أتبعتها بنص نثري كتب فيه:
لا تعلّمني أنّني دائماً على حق..! بل علّمني كيف أحِبّ؛ كي أصل إلى الحق.
مولانا في الغربة الشرقية، لم يشأ إلّا أن أتوضأ في داره المُهدى إليّ، منه إليه.. عنه فيه، وفيه ما فيه.. بعد أن شربتُ خمرة نوره الشرقي؛ بدأ العبور من الشوق إلى الاشتياق..
كان اليوم أحد، والرقم 17 ، تمام السبعة في الأشواط.. وانتهاء العد بالواحد..
نظرتُ في عينيه المحدقتين من بعيد مسلّماً، فألقى بوردة حدّ الابتسامة..!
وبوِردٍ يستنزل الغيث وراء الباب القمحيّ..
مشيتُ في طريقي وأنا أعانقُ ظلاً كان سكنني في ياقوت الوقت..!، كأنّ المطر كان يشربني ولا أدري من الساقي؟!
هل السّماء خضراءُ إلى هذا الحد تحت العِمّة اللّبَد..؟!، نفحة من شمس تبريز.. شتان...
وأضاف بزّي: كما تعلمون فقد عقدت مؤخراً ندوة فكرية كبيرة في بيروت برعاية وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى حول رواية "أيام مولانا وقواعد العشق الأربعون"، وكانت قراءات نقدية لكل من الوزير طراد حمادة والدكتورة دلال عباس والدكتورة منى رسلان، وكلهم قامات أكاديمية مرموقة في عالم الفلسفة والتصوف.
كما أن الطبعة الأولى من الرواية قد نفدت خلال أيام من صدورها، وتوشك الطبعة الثانية على النفاد، ونجهز الآن للطبعة الثالثة.
التصوف الحقيقي هو العشق الإلهي الحقيقي
وعندما طلبنا من الشاعر اللبناني لكي يبدي لنا رأيه حول التصوف والعشق الإلهي وما جرى بين مولانا وشمس التبريزي، قال:
التصوف الحقيقي هو العشق الإلهي الحقيقي، وحدوده شريعة المصطفى(ص)، ومن قال غير ذلك ولو بمقدار شعرة فقد شطح وحاد عن الجادة الإلهية.
وقطعاً إن الذي جرى بين مولانا وشمس لم يكن من العالم الأرضي، نعم هو جرى على الأرض وبين أهلها، لكنه من مقدرات السماء وأصله في عالم المعنى الأعلى، وأنا على يقين أن كليهما كان يعرف الآخر بالبصيرة دون البصر قبل أن يلقاه بالبدن، وأن روحيهما قد تلاقتا لمرات ومرات قبل المشاهدة العينية بالبصر.. وإلّا من يستطيع أن يفسّر أو يشرح كل تلك المواجد والمشاهد التي حصلت خلال شهور معدودة؟؟.. ومن ذا الذي يقدر أن يعطي جواباً منطقياً لكل تلك النار التي أضرمها شمس في مولانا بعد غيابه، ولازمت مولانا حتى فارقت
روحه بدنه؟!!
حتى الساعة الكل يبحث عن إجابة شافية،، ولا إجابة إلّا إذا استنزلتها من ذلك العالم الأعلى.. ولعل هناك ما يشبه الجواب في رواية "أيام مولانا".
رسالة المؤلف
وحول رسالة المؤلف ودور النشر لتبيين الحقائق، وكذلك رفع المستوى الفكري عند القرّاء، قال بزّي: الكاتب ابن بيئته أولاً، ولكن الكاتب الواعي المقتدر الذي يأخذ بالأسباب، وعليه أن يشخص حاجة المجتمع، ويتطلع إلى النهوض بأمته إلى مصاف التطور والكمالات الإنسانية، وأن يطوّر معارفه بنصوص يستطيع الوصول من خلالها إلى عقل القارئ حتى تستقر تلك النصوص في وعيه ويعيشها في قلبه، وإذا ما شعّ القلب النقي على العقل فإن أي فعل سيكون إشراقاً دون شك. وبنفس تلك الكمالات والنظرة الواعية إلى العصر ومتطلباته يجب أن يكون هم الناشر المسؤول.
الأعمال المشتركة الإيرانية والعربية
وفيما يتعلق بالتأليف عن الأدب الإيراني والعربي بصورة مشتركة قال الأديب اللبناني: هو حقل معرفي وحضاري واحد إلى حد كبير، فالذي جمعه الله بالإسلام والتاريخ والأدب، ولا تستطيع السياسة تفريقه، وإن استطاعت فالذنب على أهله حتى يعودوا إلى رشدهم الإسلامي ومقاصد انسانيتهم في الاستخلاف في الأرض.
وأخيراً أعرب الدكتور محمدحسين بزّي عن شكره وامتنانه لهذا الحوار وقال: أتمنى ترجمة رواية "أيام مولانا وقصة العشق الأربعون" إلى اللغة الفارسية ترجمة قديرة جديرة لما لمولانا من قِيَم فكرية وعرفانية في إيران، وقد راسلني بعض الأشخاص بهذا الأمر، لكنني بصراحة لم أجد الشخص المناسب حتى الآن.

 

 

البحث
الأرشيف التاريخي