الشيخ محمد الموعد المتحدث باسم مجلس علماء فلسطين للوفاق:
المدرسة الحسينيّة.. يتعلّم الفلسطينيون منها التضحية والجهاد
زينب مرادي
أحيا أحرار العالم ذكرى استشهاد الإمام الحسين(ع) في أربعينيته من خلال إقامة مجالس العزاء وتسيير المواكب الحسينية في مختلف أنحاء العالم، حيث اجتمعوا في المجالس الحسينية وكذلك المسيرة الأربعينية وفي هذه المسيرة أكدوا على قضايا العالم الإسلامي ومنها القرآن الكريم وفلسطين، بما أن القضية الفلسطينية دائماً حيّة عند جميع الأحرار وهي استمرار لمسيرة الإمام الحسين(ع) في مواجهة الظلم وانتصار دم المظلومين على سيف الظالمين. والظلم الذي يجري في حق الفلسطينيين لا يخفى على أحد، ولهذا الشعوب الحرّة تدعم القضية الفلسطينية بكل ما تستطيع ولا تنساه في جميع الساحات الدولية حيث أنها حاضرة في قلوب الأحرار دائماً، وسمعنا كثيراً عن رفض الرياضيين للمسابقات عندما يكون المتنافس صهيوني، كما شهدنا في كثير من الساحات الفنية مقاطعة الكيان الصهيوني من قبل الفنانين، ففي هذه الأجواء شهدنا أيضاً إقامة موكب نداء الأقصى في طريق النجف الأشرف إلى كربلاء المقدسة، حيث واجه إقبالاً كبيراً من مختلف الفئات. هذا وقد أجرت "الوفاق" حواراً مع الشيخ الدكتور محمد الموعد المتحدث باسم مجلس علماء فلسطين في لبنان، وحاورته عن القضية الفلسطينية وتأثير المعتقدات الحسينية في هذا المجال، فيما يلي نصه:
يفتخر الشّعب الإيراني بتقديم أكبر قدر من الدعم المادي والروحي للشعب الفلسطيني المضطهد بعد الثورة الإسلامية، ما هو تأثير المعتقدات الحسينية في دعم فلسطين؟
الدّعم الإیرانيّ للشّعب الفلسطینيّ هو حقیقة يأتي من منطلقها العقائديّ ونحن نعلم أنّ الشّعب الإیرانيّ العظیم یفتخر دائماً بدعم القضیّة الفلسطینیّة ورغم الحصار علی إیران منذ أکثر من أربعة عقود ومازال هذا الشّعب الإیرانيّ والقیادة الإیرانیّة يدعمان الشّعب الفلسطینيّ، وهناک منطلقات دینیّة وإیران ترفض أيّ ظلم علی أيّ شعب في العالم فکیف إذا کان الشّعب الفلسطینيّ المسلم المقهور.
کلّنا یعرف أنّ في الشّعب الفلسطینيّ مَن هم مِن آل رسول الله(ص) ومن نسب الحسین(ع) ومن نسب الحسن(ع) وهذا أمر طبیعيّ وبالتّاليّ فلسطین تتماهی مع إیران من خلال رفض الظّلم والإحتلال والصّهاینة فتتکامل الصّورة بشکل واضح من خلال دعم الشّعب الإیرانيّ والقیادة الإیرانیّة للشّعب الفلسطینيّ.
نعم یستحق الشّعب الإیرانيّ بأن یفتخر بهذا الدّعم كما ویفتخر الشّعب الفلسطینيّ أن یشکر الشّعب الإیرانيّ والقیادة الإیرانیّة علی هذا الّدعم المستمر رغم المؤامرة الکبری علی إیران التي مازالت حتی هذه اللحظة تعتبر الأولویّة عندها دعم القضیّة الفلسطینیّة حتّی طرد الإحتلال الصّهیونيّ من أرض فلسطین، نحن أبناء فلسطین وعلماء فلسطین نشکر إیران قیادةً وشعباً علی هذا الدّعم ولهما منّا الدّعاء والبرکات ونسأل الله سبحانه وتعالی أن تکون الدّولة الإیرانیّة دائماً في الصّدارة لأنّها دعمت الحق وإنتصرت للحق.
ايران ما زالت حتّی الآن تدعم فصائل المقاومة لأنّها تجد في هذه الفصائل أنّها تقارع الإستعمار والظّلم والإحتلال المجرم الصّهیونيّ المتآمر علی مقدّراتنا وعلی شعوبنا وعلی کلّ شيء متآمر علی القیم الإنسانيّة، ما من ظلم في العالم إلا ومن وراءه الکیان الصّهیوني، ما من إفساد في الأخلاق في العالم إلا وستجد وراءه هذا الکیان الصّهیوني المجرم.
نسأل الله سبحانه وتعالی أن يشارك الشّعب الإیرانيّ معنا في تحریر فلسطین والصّلاة في المسجد الأقصی المبارک بإذن الله تعالی، إنشاء الله.
هل من الممكن اعتبار مدرسة الإمام الحسين(ع) والمقاومة رابطاً للوحدة بين الأديان بحيث يمكن من خلالها فك أسس القهر والغطرسة في عالم اليوم؟
المدرسة الحسینیّة هي مدرسة لکلّ العالم، هي مدرسة التّضحیة والإخلاص وهي مدرسة تقوم علی القیم، هي مدرسة نابعة من اخلاق النبي صلّ الله علیه وعلی آله وصحبه وسلّم، نحن نعتبر المدرسة الحسینیّة خرجت من عصرها وأصبحت منتشرة في جمیع أنحاء العالم، نتعلّم منها التّضحیة والجهاد والمقاومة، نتعلّم منها الثورة ورفض الظّلم حتّی لو أدّی ذلک إلی إستشهادنا، نتعلّم من هذه المدرسة القیم والأخلاق والصّبر والإیثار.
إنّ الإمام الحسین(ع) في بدایة حصاره وهو في الطّریق قدّم الماء للحرّ الذّي وقف في البدایة في وجه الحسین(ع) ثمّ عندما شاهد أنّ الأعداء تکالبوا علی الإمام الحسین(ع) أراد أن یکفّر علی ذنبه وجاء وقاتل مع الإمام الحسین(ع) وکان من أوّل الشّهداء وهنا وجدنا أنّ الإمام الحسین(ع) حتّی لمن وقف في طریقه قدّم الماء وقدّم له المساعدة، وهذا منتهی الإیثار، منتهی الخلق في المدرسة الحسینیّة.
المدرسة الحسینیّة هي مدرسة الوحدة بین الأدیان، الوحدة بین الأخلاق، هي المدرسة الّتي تعلّمنا القیم والمحبّة، ینبغي أن نکون نحن المسلمین یداً واحدة ونرفع شّعار الشّیعة والسّنّة جناحي هذه الأمّة وأنّ الأمّة لا تقوم إلّا بجناحیها، وهذا الجناح الشّیعيّ الحسینيّ وهذا الجناح السّنّيّ لأنّ الحسین(ع) یجمع الأمّة علی حبّه ویجمع الأمّة علی القیم الّتي إنطلق منها وعلی الثورة الّتي إنطلق منها، علی النتائج بعد إستشهاده، حين إنتصر الدّم علی السّیف وکان الشعار المدوّيّ الّذي نسمعه الیوم "هیهات منّا الذّلّة" هو شعار لکلّ حرٍّ في العالم.
يمكن تسمية إنتفاضة الإمام الحسين(ع) بأنها إنتفاضة مناهضة للتّسوية. خلال أكثر من 70 عاماً من الخبرة القتالية، ما هي الخبرة الّتي إكتسبها الشّعب الفلسطينيّ ؟
الشّعب الفلسطینيّ یرفض التّسویة، الشّعب الفلسطینيّ مازالت البندُقیّة بیده وهو الیوم یقاتل داخل فلسطین في غزّة وفي الضفّة الغربیّة. کتائب جنین وعرین الأسود وکلّ الضّفّة الیوم تشتعل والعملیّات الفدائیّة من أبنائنا وشبابنا الیوم قضوا مضاجع العدوّ الصّهیونيّ حتّی في المدن الفلسطینیّة المحتلّة داخل الکیان من تلّ الرّبیع الّتي تسمّی تل أبیب إلی حیفا إلی القدس، هؤلاء الأبطال الفرسان الّذین ینطلقون من فکر الإمام الحسین(ع)، نعم الإمام الحسین(ع) إنتفض علی الظّلم وکان لوحده ورفض التّسویة، قالوا یا امام! إذهب وبایع یزید وخذ کلّ ما ترید فقال الإمام الحسین(ع) بکلّ صوت عال "أمثلي یبایع مثله؟ أنا إبن بنت رسول الله، أنا إبن علی(ع)، أنا الّذي تربّی في مدرسة جدّه صلّ الله علیه وآله وصحبه وسلّم، أنا التّقيّ النّقيّ المؤمن الطّاهر، أنا الّذي أتعبّد الله لیلاً ونهاراً، أنا الّذي أقدّم مالي للفقراء، أنا الّذي طلّقت الدّنیا بالثلاثة ولا أنظر إلّا إلی مرضات الله ومصلحة المؤمنین، هل مثلي یبایع یزید الفاسق؟ یزید شارب الخمر؟
یزید الّذي یلاعب القرود، یزید الظّالم، هل مثلي یبایع مثله؟ لا"، ورفض التّسویة وکانت النّتیجة أنّ الحسین(ع) إستشهد رافضاً للتّسویة، كذلك الشّعب الفلسطینيّ یقدّم آلاف الشّهداء لأنّه یرفض التّسویة، أما التّسویة الّتي کانت في أُوسلو عام ۹۳ فکانت عار ونتائجها کانت مصیبة، مئات المستعمرات المغتصبات تمّ بناؤها والفصل العنصريّ والأنفاق تحت المسجد الأقصی والإعتداءات وحرق البیوت وهدم المنازل وتجریف الأراضي وإتلاف المزروعات وآلاف المعتقلین والمعتقلات وأطفالنا ونساؤنا الیوم یشاهدون هذا الظّلم.
هل قدّمت المفاوضات مع هذا الکیان شيئاً؟
بالطّبع لا، هذا الکیان کلّما تنازلت له عن شيء طلب أموراً أفضل، ولا یجوز التّعامل مع هذا الکیان إلّا بالبندقیّة والمقاومة والجهاد ولا صوت إلّا صوت الرّصاص حتّی یخرج من فلسطین مکسوراً بإذنه تعالی والفلسطینيّ حقیقة وجد في ثبات الإمام الحسین(ع) ورفض المفاوضات فکانت النتیجة إستشهاده ومن معه من أصحابه، هنا وجد الفلسطینيّ أنّ أفضل مدرسة وأفضل قدوة له هو الإمام الحسین(ع) والمدرسة الحسینیّة الّتي لابدّ أن تقوم علی الجهاد وعلی المقاومة ولو کان هناك آلاف الشّهداء وهذا ما یفعله الیوم الشّعب الفلسطینيّ، یرفض الإستکانة والإستعمار وسیقارع وسیجهاد حتّی آخر رمق وآخر فتی وبإذن الله سننتصر علی هذا الکیان وهذا وعد الله لنا
إن شاء الله تعالی.
نعم المدرسة الحسینیّة علّمتنا الکثیر، علّمتنا السّمح، علّمتنا الجهاد، علّمتنا المقاومة، علّمتنا الثبات، علّمتنا أن نرفض کلّ أنواع المفاوضات علی حساب کرامتنا وعلی حساب دیننا وعلی حساب مقدّساتنا، فالمدرسة الحسینیّة في فکر کلّ شابّ من أبناء فلسطین الإمام الحسین(ع) بما یمثّل من رمزیّة وبما یمثّل من مدرسة هو خطّ جهاديّ لأبناء فلسطین بشکل عام في المنطقة وبإذن الله من خلال هذا النّهج الحسینيّ ومن خلال هذه المقاومة سنحرر فلسطین وسنعود إلی دیارنا وهذا أمر الله سبحانه وتعالی وعدنا أن ننتصر علی الظّالمین وعلی المحتلّین خاصّة علی هذا الکیان الصّهیونيّ المجرم المعتدي الّذي هو وراء کلّ المسائل الّتي نشاهدنا الیوم.