الأبعاد الروحية والتربوية للمشاكل الحياتية
إبراهيم الكحلاني
يعاني الكثير من البشر في المجتمعات المعاصرة من العديد من مشكلات الحياة اليومية. فلقد أدت حياة المدينة بما تشتمل عليه من حشود كبيرة من الناس، والإيقاع السريع المحموم للحياة إلى حدوث تصدعات رهيبة وبروز مشكلات نفسية واجتماعية كبيرة. فكلما اعترضتنا مشكلة في حياتنا فإننا نصبح ضحية لها بمجرد أن نبدأ بالخوف، قد لا تكون المشكلة بذلك الكبر ولكننا نجعلها كذلك بخوفنا واستسلامنا وتحولنا إلى ضحية.
وتشمل مشاكل الحياة مجموعة واسعة من التحديات المعقدة ومتعددة الاوجه التي يواجهها الافراد طوال حياتهم ويمكن ان تنشأ هذه المشاكل في جوانب مختلفة بما في ذلك المجالات الشخصية والمهنية والاجتماعية والنفسية والوجودية والتي تشمل مشاكل ايضا القضايا المتعلقة بالعلاقات والأسرة والصحة والوظيفة والتعليم والهوية والهدف والقيم والسعي لتحقيق السعادة واتخاذ خيارات صعبة والتغلب على العقبات وإدارة النزاعات والتكيف مع الظروف المتغيرة، فمشاكل الحياة متأصلة في التجربة البشرية وتتطلب من الأفراد الاعتماد على مواردهم المعرفية والعاطفية والاجتماعية للبحث عن حل ونمو ونتائج ذات مغزى، لذلك علينا ان نتذكر جيداً ان هناك مشاكل وحلول ايضا لذلك نرى الأنسان يقضي حياته في مشاكل الحياة وحلولها. وفي هذا الصدد وضع المختص بالتنمية البشرية من اليمن ابراهيم الكحلاني مجموعة من النقاط المهمة التي تساعد الانسان بانه يعرف بان بعض المشاكل هي اساس السعادة:
لا دخل للقرب من الله وعدمه في وجود مشاكل للإنسان من عدمها، وإلا لما واجه رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم أي مشكلة في حياته.
وجود مشكلات ومنغصات مادية ومعنوية في حياتك هي نعمة كبيرة لك، حتى ولو كانت معاصيك وذنوبك هي السبب فيها فستظل مع ذلك نعمة كبيرة لك، وذلك للأسباب الآتية:
١- وجود المشكلة تشير إلى أن جرس التنبيه لديك ما زال مفعَّلاً:
إذا حدثت لك مشكلة فاعلم أن الله ما زال يحبك ويرعاك.. فهي كالألم والوجع الذي يشعر به الإنسان المريض لينذره بوجود خلل وعطل في جسمه حتى يسعى لعلاج ذلك المرض والتخلص منه قبل أن يقضي عليه.. تخيل لو لم يشعر بذلك الألم والوجع! .. ما الذي سيحدث له؟ سيتمكن منه المرض فيأخذه ويهلكه فجأة وبدون مقدمات وعلى حين غفلة منه فلا يجد الوقت الكافي لتلافي الخلل الذي أصابه.
فهناك نوعية من الناس حرمهم الله من تلك النعمة، كنوع من أنواع العقوبة عليهم، عندما قال عنهم: «إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا».. فقد قام الله بتعطيل جرس التنبيه لديهم عقوبة منه ليزدادوا تمادياً في آثامهم ومعاصيهم فيأخذهم بغتة وهم لا يشعرون.
٢- المشاكل في حياتك هي إحدى الأساليب التربوية والتعليمية التي يستخدمها الله في الدورات التدريبية التي يقيمها لعباده. فالمشاكل والأزمات في حياة الإنسان هي بمثابة دورات تدريبية إلهية.. ويجب أن ننظر إليها كذلك لأنها فعلا كذلك.
ولولا المشاكل والأزمات لما اخترع الإنسان شيئاً ولما طوَّر من حياته.
٣- صقل لشخصية الإنسان:
وجود مشكلة في حياتك أي أن الله يهيؤك ويصقلك ويعدُّك للمرحلة القادمة لتكون بحجمها ومستواها.
المشكلة للإنسان هي كالنار للذهب.. فكلما زاد احتراق الذهب كلما زاد نقاؤه وصفاؤه.
«وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ».. أي وجعلنا بعضكم يختلق لكم مشاكل وأزمات من أجل اختباركم وامتحانكم.. لماذا؟.. أتصبرون أي أتستفيدون من تلك المشاكل المادية والمعنوية في صقل شخصيتكم بمواجهتكم لها بصبر وثبات، أم أنها ستمر عليكم مرور الكرام فلا تستفيدون منها لصقل شخصياتكم فتكونون بذلك قد فوَّتم الفرصة عليكم بالاستفادة منها.
فالإنسان الذي لا وجود للمشاكل في حياته هو شخص مدلل ينهار ويسقط أمام أبسط حفرة أو أصغر صخرة تواجهه. ولذلك هناك بعض الأسر الواعية تفتعل مشاكل لولدها في سن معين حتى تصقل شخصيته.
- وعليه كن على يقين أن أغلب الناس الذين لا ينظرون إلى المشاكل التي تواجههم من هذا المنظار يكون تفاعلهم معها تفاعلا سلبياً، تكون نتيجته هو الاكتئاب واليأس والإحباط. بينما لو نظروا إلى تلك المشاكل من منظار الأسباب السابقة التي ذكرناها لتفاعلوا معها تفاعلاً إيجابياً ولواجهوها بنفسيات قوية وسعيدة ومتفائلة.
وزيادة على ما سبق إن أردت تجاوز مشاكلك بنجاح، قم بثلاث خطوات مرتبة وعلى النحو الآتي:
- أولاً: اعترف بوجود المشكلة مهما كانت مؤلمة على قلبك؛ واجعلها مشكلتك أنت لا غيرك، وإياك أن تكابر أو تلعب دور الضحية أو المتفرج.
- ثانياً: ثق بوجود حل لمشكلتك مهما كانت صعبة ومعقدة في نظرك؛ وتذكّر أن الله ما أنزل داءً إلا وأنزل له دواءً، عَلِمَه من عَلِمَه وجَهِلَه من جَهِلَه.
- ثالثاً: ابحث عن السبب الجذري لمشكلتك؛ ولا تكتفِ بالسبب الظاهري، لأنك متى ما اكتفيت بالسبب الظاهري عادت المشكلة مرة أخرى وهكذا.