السينما للجميع وأفلام بلغة الإشارة
الفن السابع ينثر جمالياته في أحضان المكفوفين والصُم
الوفاق/ للفن السابع سحريته الخاصة، ويجتذب الكثير من الجمهور في أنحاء العالم المختلفة، في الحقيقة منذ صناعة الأفلام، جلس الجمهور أمام الشاشة وحدّقوا في الأحداث التي كانت تُعرض في قالب فيلم، إما روائي أو وثائقي، ومشاهدة الأفلام دائماً تُعتبر من التسليات الجميلة للعوائل، وبما أن الموضوعات التي يتطرق إليها الفيلم كثيرة جداً وهي موجهة للأذواق والسلائق المختلفة، نشهد أن منتجي الأفلام في غالبيتهم يحملون رسالة في الفيلم للمشاهد، وهذا ما نشهده في الأفلام التي تتطرق إلى القضايا الدينية والمقاومة وغيرها.
أما الحديث اليوم ليس عن عرض الأفلام بصورة عادية، بل نتطرق للموضوع من جانب آخر، وهو عرض الأفلام لشريحة خاصة من المجتمع، وهم ذوي الإحتياجات الخاصة، بما فيهم المكفوفين والصم، في بداية الأمر يبدو كأن هؤلاء محرومون من مشاهدة الأفلام، ولكن ما قامت به جمعية تيرو للفنون في لبنان كانت مبادرة جميلة وناجحة، من خلال إقامة أسابيع خاصة للمكفوفين والصم، فقبل فترة قامت هذه الجمعية بعرض أفلام للمكفوفين، وفي هذه الأيام نشهد إقامة أسبوع الصم في مدينة صور، وهذا ما حثّنا لكتابة هذا المقال.
جمعية تيرو للفنون
جمعية تيرو للفنون هي جمعية لبنانية نشطة جداً في مجال المسرح والسينما، ولقد أجرينا حواراً سابقاً مع مؤسس ومدير الجمعية "قاسم الإسطنبولي" الفائز بجائزة اليونسكو حيث اعتبر دور الفن هاماً جداً.
تهدف جمعية تيرو للفنون التي يقودها الشباب المتطوعون إلى إنشاء مساحات ثقافية حرة ومستقلة في لبنان من خلال إعادة تأهيل سينما الحمراء وسينما ستارز في النبطية وسينما ريفولي في مدينة صور والتي تحوّلت الى المسرح الوطني اللبناني كأول مسرح وسينما مجانية في لبنان، وسينما أمبير في طرابلس التي تحوّلت الى المسرح الوطني اللبناني في طرابلس، وإقامة الورش والتدريب الفني للأطفال والشباب، وإعادة فتح وتأهيل المساحات الثقافية وتنظيم المهرجانات والأنشطة والمعارض الفنية، وتقوم على برمجة العروض السينمائية الفنية والتعليمية للأطفال والشباب، وعلى نسج شبكات تبادلية مع مهرجانات دولية وفتح فرصة للمخرجين الشباب لعرض أفلامهم وتعريف الجمهور بتاريخ السينما والعروض المحلية والعالمية.
أفلام بلغة الإشارة
"جمعية تيرو للفنون" و"مسرح إسطنبولي" يقيمان "أسبوع سينما الصم" في مدينة صور جنوبي لبنان، الذي يقدم أفلاماً مترجمة بلغة الإشارة، ومنها أفلام قصيرة شارك بإعدادها متدربون من الصم، وحسب إعلان الجمعية التي تسلّمتها "الوفاق"، تُقام هذه الفعالية في 8 أيلول/سبتمبر الجاري تحت شعار "السينما للجميع"، وتعد المناسبة الأولى من نوعها الخاصة بالصم لكونها متاحة مجاناً للجميع.
ويقدم "أسبوع سينما الصم" أفلاماً مترجمة بلغة الإشارة، ومنها أفلام قصيرة شارك بإعدادها المتدربون من الصم، بالتعاون مع "مؤسسة سينما في كل مكان"، وتشتمل على ورش تدريبية في المسرح مخصصة لذوي الإحتياجات الخاصة.
وتعد هذه التظاهرة الأولى من نوعها في لبنان، حيث يتم عرض أعمال سينمائية مترجمة بلغة الإشارة، ومن بينها أفلام قصيرة من إعداد متدربين من الصم. وذلك بالتعاون مع مؤسسة سينما في كل مكان.
هذا وقد تكون العروض متاحة بشكل مجاني لمختلف الفئات، بالإضافة إلى تنظيم ورشات تدريبية في المسرح لذوي الإحتياجات الخاصة.
وأكد مؤسس المسرح الوطني اللبناني المخرج "قاسم إسطنبولي" على أن هذه التظاهرة تعتبر فرصة مهمة للتلاقي ولتعزيز قدرات الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وقال: استمرار عروض الأفلام والورش التدريبية المجانية رغم كل الأزمات من حولنا يشكل فرصة مهمة للتلاقي وفرصة للجمهور للتعرف على ثقافات مختلفة من العالم كي يكون الفن حقاً للجميع وخصوصاً ذوي الاحتياجات الخاصة، علينا تمكينهم وتنمية قدراتهم عبر الفنون.
السينما نافذة للمكفوفين
لم تعد متابعة الأفلام السينمائية حكراً على المبصرين فقط، فقد فُتحت نافذة للمكفوفين تمكنهم من الإطلاع على مستجدات الفن السابع، ففي هذا السياق سبق لــ "جمعية تيرو للفنون" و"مسرح إسطنبولي" أن أقاما فعاليات "أسبوع سينما المكفوفين"، وكان ذلك للمرة الأولى في المسرح الوطني اللبناني.
فهناك أشخاص في الصالات متطوعون بينهم معلّق على أحداث الأفلام المعروضة بكل تفاصيلها بما في ذلك ملامح الممثلين والأجواء المحيطة بالمشهد السينمائي.
كما ذكرنا سابقاً جمعية تيرو للفنون إبتكرت طريقة مبتكرة لمساعدة المكفوفين على متابعة الأفلام، وهذا ما شهدناه قبل أيام في مدينة صور، واقامة فعاليات "أسبوع سينما المكفوفين" في "المسرح الوطنيّ اللّبنانيّ المجاني" في مدينة طرابلس، تحت شعار "السينما للجميع "، بحضور عدد من الشبان والشابات المكفوفين حيث عرضت الأفلام بوصف صوتي أتاح للحضور الاطلاع على المشاهد، كما يعد أسبوع سينما المكفوفين هو الأول من نوعه في المدينة ولبنان كونه مفتوحا أمام الجميع ومجانيا، وأقيمت ورشة تدريبية بالمسرح شارك فيها الأطفال والشباب المكفوفون وذوي الاحتياجات الخاصة.
وقال عمر الشريف، كفيف، الذي حضر لمشاهدة الأفلام: إن هذه هي المرة الأولى التي أدعى فيها إلى حدث كهذا، وهو ما شجّعني للقدوم، والتعرّف إلى كيفية عرض فيلم بوصف صوتي يراعي الأشخاص المكفوفين، ونحن طبعاً نشكر القيّمين على هذا الحدث لأنهم أتاحوا لنا المجال لمتابعة هذه التجربة.
واعتبر إسطنبولي عروض الأفلام والمهرجانات والورش التدريبية المجانية فرصة للجمهور للتعرف على ثقافات مختلفة من العالم كي يكون الفن حقا للجميع دوماً بهمة الشباب المتطوعين على العمل من أجل الفن.
السينما للجميع
ففي هذا العصر يمكن منح الفرص للجميع أن يستفيدوا من الفن السابع، وتأهيل القدرات حتى لذوي الإحتياجات الخاصة من خلال إقامة ورشات عمل، واستثمار قدراتهم في مختلف المجالات ومنها مجال الفن والمسرح والسينما، كما نشهد إنجازات جيدة لهذه الفئة من المجتمع في مختلف المجالات العلمية بالجامعات، وأما ما قامت به جمعية تيرو للفنون تُعد مبادرة جيدة لفتح نافذة جديدة للمكفوفين والصم في مواصلة طريق الحياة.