محل سكن للانسان منذ 7000 سنة؛
تل يحيى في كرمان
تل يحيى هو من التلال التأريخية في ايران، والذي يرى بعض الباحثين بانه محل سكن للانسان منذ 7000 سنة، ومنطقة التل تعتبر من الاماكن اللافتة للنظر في محافظة كرمان.
ونظراً لكونه محل سكن متواصل منذ العصر الحجري الحديث الى بضعة قرون بعد الميلاد، فقد كانت له أهمية خاصة وكان بمثابة حلقة وصل ثقافية بين جنوب شرق ايران ووادي السند وحضارة المدين المحروقة في مدينة زابل وحضارة هليل وحضارات فارس والري وشوش والرافدين ومصر.
وهذا التل، وهو احد اقدم المراكز الحضارية في ايران، يحضى بأهمية بالغة، اذ انه في حين كان السكن بمعناه الخاص رائجاً في ايران خلال الالفين الرابعة والثالث قبل الميلاد، تمتع تل يحيى قبل ذلك بقرون بالحضارة والثقافة اللافتة للنظر والمتطورة.ويقع التل في سهل سوغان وعلى بعد 30 كيلومتر شمال شرق مدينة دولت آباد التابعة لمنطقة بافت، ويبعد عن حدود محافظة كرمان مسافة 220 كيلومتر. ولا يعرف سبب تسميته بهذا الاسم. ويبلغ ارتفاعه نحو 20 متر وقطره على سطح الارض نحو 187 متر. وتبين الآثار التي عثر عليها فيه بأنه كان في الحقبة العيلامية ضمن مدينة حضارة كبيرة وكان يستخدم كقلعة عسكرية.
يذكر ان عالم الآثار الامريكي، كارلوفسكي اجرى في العام 1964م اعمال تنقيب في تل يحيى، ومن بين ما اكتشفه تمثال محفوظ حاليا في متحف الآثار الايرانية.
كما تبين ايضا ان جدران غرف دور الساكنين كانت مبنية من الآجر الخام المصنوع يدوياً والمصوغة باللون الاحمر، والارضيات مصنوعة من ملاط الصلصال والقش، وقد دلّت اختبارات (الكربون 14) على التل بأن المواد المتبقية المتعلقة ببناء الدور بتلك المواد الانشائية تعود للسنة 4302 قبل الميلاد.
وفي تلك الفترة كانت بمنطقة تل يحيى تصنع مقتنيات من حجر الاستيتيت وتصد الى أماكن اخرى، كما عثر هناك على ادوات مصنوعة من الحجر والعظام وأوعية خزفية صغيرة جداً، وبراميل كبيرة لتخزين المواد.
وفي حوالي سنة 3800 قبل الميلاد عندما بدأ العيلاميون يستعملون الخط، راج الخط ايضا في تل يحيى وبنفس الوقت، فيذكر ان اعمال التنقيب في التل بنيت ان الابنية في تلك الفترة تأسست بهندسة اكبر واكثر سعة، وعثر داخل غرف هناك على 6 ألواح طينية و24 ختم طيني وعدد آخر ايضا من الاختام الاسطوانية وكتابات بالخط العيلامي تتعلق بايصالات تجارية، ما يمثل بحد ذاته وثيقة على استقرار التواجد الحضاري والواسع بتلك المنطقة.
الدراسات التي انجزت بهذه المنطقة تدل على ان التل كان واحداً من اوسع ورشات علم الانسان بالشرق الاوسط، ومركز لنشاطات صناعية وفنية. ومن بين ما عثر عليه بين الآثار هناك عدد من الادوات المصنوعة من مزيج من النحاس والقصدير الشبيهة الى حد كبير بنظراتها في حضارات موهيخو دارو، سهل السند الشرقي والرافدين.
وبنيت التنقيبات ان الانسان عاش في هذا التل حتى السنة 2200 قبل الميلاد تقريباً، ثم توقفت الحياة فيه على نحو مفاجئ. وتبين من البحوث انه في الالف الاول قبل الميلاد تواجد قوم جدد بالمنطقة.
والآثار التي عثر عليها من هذه الحقبة أشار الى مشابهتها بصورة كبيرة لىثار العصر الحديدي (الالف الاول قبل الميلاد) في شمال غربي ايران.
كما عثر فيها آثار من فترات الحكم الهخامنشي والساساني.
لكن بعد الفترة الاخيرة (الساسانية) ترك التل ولم يعد احد يسكن فيه، ولم تعثر التنقيبات في هذا التل على أي اثر يعود لبعد الفترة الساسانية.