فيما قوات الاحتلال تستخدم الرصاص الحي ضدهم
اللاجئون الإريتريون تحت رحمة بطش العدو الصهيوني
تحوّل اشتباك إلى مواجهات استمرت لأكثر من 5 ساعات بين طالبي اللجوء الإريتريين وشرطة الاحتلال الإسرائيلي، التي استخدمت الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين، الأمر الذي أجبر الشرطة على فتح تحقيق على خلفية إطلاق الرصاص الحي ضد الإريتريين.
وأصيب نحو 190 لاجئاً إيرتيرياً عقب اندلاع اشتباكات بين شرطة الاحتلال، ومئات من طالبي اللجوء الإريتريين في "تل أبيب" والذين هاجموا حفلاً لسفارة بلادهم، في 2 أيلول/سبتمبر الجاري، واشتبكوا مع أنصار النظام الأريتري، هاتفين "لا للديكتاتورية"، وأوضحت صحيفة عبرية، أن الاشتباكات اندلعت على خلفية عقد الحكومة الإريترية لمؤيديها في "تل أبيب" فعالية رسمية بمناسبة الذكرى الثلاثين لصعود الحاكم الحالي، أسياس أفورقي، إلى السلطة.
وبحسب الصحيفة، وصل معارضو النظام، مرتدين الزي الأزرق، إلى مكان الحادث للتظاهر ضد المؤيدين الذين اتّشحوا باللون الأحمر. وسرعان ما تحولت المسيرات إلى أعمال عنف شديدة.
وتدحرج الاشتباك إلى مواجهات استمرت لأكثر من 5 ساعات بين طالبي اللجوء وشرطة الاحتلال، التي استخدمت الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين، الأمر الذي أجبر شرطة الاحتلال على فتح تحقيق في خلفية إطلاق الرصاص الحي ضد المتظاهرين الإريتريين الذين بلغ عددهم في حزيران/يونيو الماضي، نحو 18 ألف لاجئ يقيمون في أحياء فقيرة في "تل أبيب".
"تل أبيب" تستبدل الرصاص الحي بالاعتقال الإداري
في السياق صحيفة "هآرتس" عنونت افتتاحيتها، "كان بوسعكم أن تمنعوا هذا"، وقالت "فوجئنا جداً من مستوى العنف، مشاهد لا تُرى إلا في الضفة الغربية". هذا ما كان لدى كبار مسؤولي الشرطة أن يقولوه عن انفجار العنف في "تل أبيب" عقب المواجهات بين مؤيدي النظام في إرتيريا ومعارضيه. بينما عبّر ديوان رئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو -في بيان-عن قلقه من أعمال الشغب التي جرت، وأوعز إلى الشرطة وجميع الأجهزة الأمنية في كيان الاحتلال بإرسال تعزيزات، ووضع حد نهائي لما وصفه بالانفلات. وتحتجز شرطة الاحتلال 50 معتقلاً من طالبي اللجوء الإريتريين الذين سيتم تقديمهم إلى المحاكمة.
وبعد أقل من 24 ساعة على اندلاع الاشتباكات، في 3 أيلول/ سبتمبر الجاري، قرر الطاقم الوزاري في كيان الاحتلال، فرض الاعتقال الإداري بحق طالبي لجوء إريتريين مشتبهين بالمشاركة في المواجهات التي وقعت مع شرطة الاحتلال في "تل أبيب". وتقرر أن تبحث حكومة الاحتلال إلغاء تصاريح عمل من طالبي لجوء موجودين في كيان الاحتلال بشكل غير قانوني، في إشارة إلى تسللهم. وجرى خلال الاجتماع بحث تشريع " قانون أساس الهجرة"، من أجل مواجهة طالبي اللجوء الأفارقة، الذين تصفهم "تل أبيب" بأنهم "متسللون" إليها عبر الحدود.
نتنياهو: تسلل الأفارقة تهديد حقيقي لمستقبلنا
هذا وشكل استهداف اللاجئين الإريتريين فرصة مواتية لمزاد العنصرية المتصاعد في أروقة حكومة الاحتلال، وفيما طالب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير باعتقال طالبي لجوء آخرين وتقديمهم للمحكمة وتمديد اعتقالهم ثم طردهم. وقال رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، خلال مداولات الطاقم الوزاري، "ما حدث كان تجاوزاً لخط أحمر. وهذا انفلات وسفك دماء وأعمال شغب لا يمكننا قبولها". وأضاف نتنياهو "أننا نطلب خطوات شديدة ضد المشاغبين، وضمنها طرد الذين شاركوا فيها. وأنا أواجه صعوبة في فهم سبب وجود مشكلة لدينا مع أولئك الذين يعلنون بأنهم مؤيدو النظام الإريتري، ولذلك فإنه لا يمكنهم الادعاء بأنهم لاجئون"، حسب تعبيره.
وتابع "التسلل غير القانوني المكثف من أفريقيا إلى" إسرائيل" شكل تهديداً حقيقياً لمستقبل" إسرائيل". ولجمنا هذا التهديد ببناء الجدار، الذي كان مقروناً بالتغلب على معارضة جهاز الأمن وخصوم سياسيين. وبعد ذلك، بقيت مشكلة أولئك الذين دخلوا قبل إنهاء بناء الجدار، وعددهم عدة عشرات الآلاف من المتسللين غير القانونيين الذين دخلوا إلى البلاد"، علة حد زعمه.
10 سنوات على عنصرية "تل أبيب" تجاه اللاجئين الإريتريين
والمواجهات التي حدثت بين شرطة الاحتلال وطالبي اللجوء الإريتريين وكشفت عن فائض العنصرية لم تكن وليدة اللحظة، في 15 شباط فبراير 2013، كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن ثلاثة خيارات حددتها حكومة الاحتلال للمهاجرين الإريتريين، ووصفت الصحيفة حينها تلك الخيارات بأنها "من غياهب أرشيف الاختراعات التي أوجدتها "إسرائيل" كي تتخلص من الأشخاص غير المرغوب فيهم".
وأضافت الصحيفة الإسرائيلية في افتتاحيتها أن الحكومة "امتشقت العودة الطوعية" كوسيلة لطرد مواطنين إريتريين فروا إلى هنا". موضحة أنه يعرض على بعض من السجناء الإريتريين الخيار التالي: إما التوقيع على نموذج "العودة الطوعية" إلى بلادهم أو إلى بلاد ثالثة، أو البقاء في السجن لثلاث سنوات.
معتبرة "هآرتس" أن "الحكومة التي جاءت أصلاً لتكون ملجأ للشعب اليهودي، والتي ينبغي لها أن تشكل قدوة في سلوكها تجاه من يبحثون عن ملجأ يحمون أنفسهم فيه "تعرض بدلاً من ذلك حيلة ظلماء كي تنفض عن نفسها هذا العبء".
المواجهات تكشف مسار العلاقات بين "تل أبيب" وأسمرة
وتُقيم "تل أبيب" مع أسمرة، علاقات دبلوماسية رسمية، منذ ثلاثة عقود، حين تولى أسياس أفورقي منصب الرئيس الذي لا يزال يشغله حتى اليوم. تطورت تلك العلاقات لتأخذ بعداً أمنياً عسكرياً في شباط/ فبراير 1996، عندما وقعت "تل أبيب" وأسمرة اتفاقية أمنية، شملت التعاون العسكري ووضع استراتيجية موحدة للمنطقة، وبما يتيح لـ"تل أبيب" التدخل في حالة تهديد مصالحها العليا. سرعان ما تراجعت العلاقة بعد اندلاع حرب إريتريا مع إثيوبيا عام 1997، لم تنقطع لكنها أصبحت باردة.
من جهته وصف مراسل شؤون الشرطة والجنايات لدى موقع "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلي، ليران ليفي، استعدادات شرطة الاحتلال لاحتجاجات طالبي اللجوء من إيرتيريا في تل أبيب، بأنها "مختلّة"، مشيراً إلى أنّ ذلك "يظهر أنّ الشرطة تخسر من قوتها".
وقال ليفي إنّ "احتجاجات الإيرتريين ليست جديدة وتندلع سنوياً تقريباً، لكن يبدو أنّ هذا العام، اشتمّوا رائحة الضعف".
كما أثار مسؤول في شرطة الاحتلال الخشية من فقدانٍ واسع للسيطرة في حدثٍ أكبر متعدد الساحات، حين قال بحسب ما نقله المراسل الإسرائيلي، إنّ "الشرطة وصلت إلى مكان الاحتاجاجات من دون عدد كافٍ من عناصرها"، مؤكداً أنّ الشرطة "لن تكون قادرة على توفير حلّ في وضع أخطر من دون الاستخبارات، خصوصاً وأنّ كل شيء يتفجر".
وأضاف المسؤول في الشرطة، أنّ تقاعس الشرطة عن مواجهة الإيرتريين "يدعو للقلق، ويبيّن كم أن الشرخ عميق في" إسرائيل".