كتاب موسى الصدر.. مسار التحديات والتحولات
الوفاق/ وكالات
يُشكل هذا الكتاب للكاتب الشيخ صادق النابلسي والصادر عن مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي في بيروت أحد أهم الدراسات الفكرية والسياسية والاجتماعية والتي حاولت قراءة تجربة السيد الصدر من منظور فكري وثقافي واجتماعي وليس فقط في البعد السياسي أو الديني المحض.
وهذا الكتاب وهو في الأصل رسالة دكتوراه لم ينل حقه من الاهتمام والنقد عند صدوره قبل عدة سنوات ولكن رغم ذلك فهو يستحق القراءة مجدداً وذلك نظرا لأهمية المعلومات الواردة فيه حول مسيرة السيد الصدر ودوره وثانياً لأنه يتناول العديد من الموضوعات الفكرية والسياسية والاجتماعية التي لا تزال محور نقاش اليوم في لبنان والعالم العربي والإسلامي، كما إن الكتاب يتحدث عن موضوعات إشكالية في مسيرة السيد الصدر ومنها علاقته بالثورة الإيسلامية في إيران وبالمؤسسة الدينية الشيعية في لبنان والعراق وكذلك حول أدواره المختلفة السياسية والفكرية والثقافية والاجتماعية وكذلك علاقاته الخارجية ودوره في مسيرة الحوار الإسلامي المسيحي.
هذا الكتاب المهم يستعرض بدايةً تاريخ الشيعة في لبنان وتطور دورهم في ظل نظام المتصرفية ومرحلة الانتداب الفرنسي ومرورا بمرحلة الاستقلال وصولا إلى اليوم ودور الامام الصدر في المرحلة الأخيرة .
وعن حياة السيد الصدر يتحدث الكتاب عن المراحل الإيرانية والعراقية واللبنانية ويكشف معلومات مهمة عن علاقاته بالمرجعيات الدينية في إيران والعراق ولبنان وخصوصاً الامام الخميني(قدس) والسيد محسن الحكيم والسيد الخوئي وعلاقته بالسيد الشهيد محمد باقر الصدر وصولاً لعلاقاته بالقيادات الدينية في لبنان.
والجانب الأهم في علاقاته الإيرانية دوره على صعيد الثورة الإسلامية في إيران وعلاقته بالامام الخميني(قدس) وقيادات الثورة .
ومن ثم يستعرض الكتاب أهم الأسس الثقافية والاجتماعية والفكرية التي انطلق فيها السيد موسى الصدر في مسيرته والتي تأسست على أسس دينية وفلسفية واجتماعية ومن خلال دراسة معمقة للمشكلات التي تواجه الإنسان في عالم اليوم .
وعن الإشكالات التي واجهها السيد الصدر في لبنان يركز الكتاب على قضايا الهوية والانتماء ومواجهة العدو الصهيوني والعلاقات بين الطوائف والهواجس المتبادلة وكيفية تعزيز الهوية الوطنية والعيش المشترك .
ويقدم الكتاب نماذج مهمة من تجارب السيد على الصعد السياسية والاجتماعية والفكرية وخصوصا في قضايا الحوار والعيش المشترك ومنها دوره في الندوة اللبنانية وعلاقته بالفاتيكان وزياراته للدول العربية والإفريقية والأوروبية والمؤسسات التي ساهم في تأسيسها ودوره في المقاومة ودعمه للقضية الفلسطينية.
كما يستعرض أطروحات التجديد التي طرحها السيد حول مشكلات الحضارة اليوم وعلاقة الإنسان بالغيب وأسباب تأخر المسلمين والعدالة الاجتماعية والاقتصادية ودور الحكم الديني والشريعة وموقفه من المرأة .
لم يتعرض الكتاب لكل تجارب السيد الصدر السياسية والاجتماعية ومواقفه السياسية رغم الإشارة لرفضه للحرب الأهلية وكذلك لم يتعرض لتجربته في تأسيس حركة المحرومين وتفاصيل تأسيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى والإشكالات التي رافقت كل ذلك والصراعات التي خاضها وإن كان يشير لبعض التحديات التي واجهها والمعارك التي خاضها داخلياً وخارجياً.
أهمية هذا الكتاب أنه يؤكد على ضرورة دراسة تجربة السيد موسى الصدر من زوايا فكرية واجتماعية وثقافية ويقدم إضافات مهمة ويجيب عن الكثير من الأسئلة التي طرحت حول علاقته بالثورة الإسلامية ودوره الكبير في دعم هذه الثورة رغم الظروف الصعبة التي كان يمر بها لبنان.