الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وستة عشر - ٢٦ أغسطس ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وستة عشر - ٢٦ أغسطس ٢٠٢٣ - الصفحة ٥

المستشار الثقافي الإيراني السابق «محمدمهدي شريعتمدار» لـ «الوفاق»:

مجاهدٌ ومقاومٌ.. الشيخ عفيف النابلسي حامل لواء الثقافة

موناسادات خواسته
الحديث عن العلماء صعب جداً خاصة عندما يكون عالم مجاهد وأديب مميّز بتأليفاته ونشاطاته الثقافية والوحدوية.. قبل حوالي أربعين يوما، أواخر شهر ذي الحجة وعلى أعتاب شهر محرم الحرام تُوفي العلّامة الشيخ عفيف النابلسي الذي انتقل إلى جوار ربّه راضياً مرضياً عن 82 عاماً أمضاها في خدمة دينه ومجتمعه، وبعد عمر قضاه في العلم والجهاد والعطاء والدعوة إلى الله، في الحقيقة فقدت الساحة الإسلامية عالماً عَلَماً من أئمتها ومجتهديها وفقهائها، وبما أن للعلّامة تأليفات قيّمة كثيرة ونشاطات ثقافية، إغتنمنا الفرصة وأجرينا حواراً مع المستشار الثقافي الإيراني السابق في بيروت السيد محمدمهدي شريعتمدار، وسألناه حول النشاطات الثقافية للعلاّمة الشيخ عفيف النابلسي وتأليفاته،
وفيما يلي نص الحوار:  

العلّامة النابلسي جمع بين الإمام موسى الصدر وحركته
بداية طلبنا من السيد شريعتمدار لكي يصف لنا نبذة عن شخصية العلّامة الشيخ عفيف النابلسي، فقال: كان لي الشرف أن أتعرّف على الكثير من رجالات العلم والجهاد والمقاومة في لبنان، من القيادات السياسية والوطنية وما كان يُسمى بأحزاب الحركة الوطنية في لبنان سابقاً وعلى جانبهم القيادات الفلسطينية إلى يومنا هذا حيث تشهد الساحة اللبنانية المقاومة الإسلامية وطبعا من ضمن هذه القيادات والعلماء كان العلامة الشيخ عفيف النابلسي.
 مازلت أحتفظ ببعض مذكّراتي والكتابات الموجودة في مكتبتي على بعض تصريحاته وكلماته أو ما كُتب عنه ويُمكنني على ضوء هذه المعرفة أن أُعرّفه كشخصية مخضرمة جمع بين الإمام موسى الصدر وحركته، إنطلاقاً من معهد الدراسات الإسلامية في صور الذي أسسه الإمام موسى الصدر ودخله العلّامة النابلسي عام 1966 م، وتعممّ على يده في عام 1969 م، إلى المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى والمرحوم العلامة شيخ محمدمهدي شمس الدين وإلى المقاومة الإسلامية ولاسيما وبالتحديد علاقته بالأمين العام لحزب الله
السيد حسن نصرالله.
جمع بين الدراسة الدينية في لبنان وفي النجف الأشرف
وأضاف شريعتمدار: العلّامة الشيخ عفيف النابلسي جمع بين الدراسة الدينية في لبنان وفي النجف الأشرف وتتلمذ على مجموعة من كبار العلماء من آل الحكيم وآل الشاهرودي، وأخص بالذكر المرجعين الراحلين الإمام الخوئي والإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر ولذلك أُعبّر عنه بالرجل المخضرم، أُبعِد من العراق بعد أن سيطر جلاوزة البعث الصدامي على كل كتبه ومؤلفاته ولحد الآن لا يُعرف مصيرها، ثم عاد إلى لبنان وعاش أيام الحركة الوطنية والإسلامية بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران لم يتردد في تأييد هذه الثورة وفي تأييد الإمام الخميني (قدس)، وله بعض الكتابات الشهيرة عن الإمام الخميني (قدس).
مواجهة العدو والمقاومة
وهكذا تابع كلامه المستشار الثقافي الإيراني السابق في لبنان: في فترة الإحتلال الإسرائيلي للجنوب اللبناني كان له الدور الكبير في تأسيس هيئة علماء جبل عامل، وفي تحريك الشارع اللبناني والعاملي على مواجهة ومقاومة العدو المحتل، و العلامة الشيخ عفيف النابلسي جمع بين العلم والجهاد والمقاومة، وأنه ألّف كتباً في مختلف المجالات وجمع بين الفكر والعمل الثقافي وبين المقاومة والعمل الجهادي وتأييده لسيد المقاومة ولإيران الإمام الخميني (قدس)، وعلى الرغم من مواقعه العلمية والجهادية كان متواضعاً أشد التواضع وهذا ربما يتذكرّه كلّ من زاره بتلك الخواطر والذكريات.
 أود أن أُنهي توصيفي عنه بأن العلّامة النابلسي كان المتربّي منذ صغره على الرغم من اليتم العائلي والإجتماعي، حينما نشأ العلامة النابلسي لم تكن الأجواء كما هي الآن في لبنان، أقصد الأجواء العلمية والجهادية والمقاومة وما إلى ذلك، وعلى الرغم من أن العلّامة النابلسي فقد أمّه وعاش حالة اليُتم منذ صغره لكنّه برز كإنسان مُتربّي كل التربية ومسيرته في حياته تدل على ذلك.
تأسيس المدرسة القرآنية ومجمّع الزهراء (س)
بعد ذلك سألنا السيد شريعتمدار عن النشاطات الثقافية للعلّامة الشيخ عفيف النابلسي وتأثيره على المجتمع والعالم، فقال: بالنسبة لنشاطاته الثقافية أيضاً برز في هذا الجانب، وربما من أبرز ما يمكن أن نقوله حفظه للقرآن الكريم وتأسيسه لمدرسة تعليم القرآن الكريم وهو دون سن العشرين، في هذا السن المبكّر وفي تلك الأيام التي لم تكن تشهد الساحة اللبنانية هذه الحالة الدينية التي نشهدها اليوم يُمكن أن نفهم ما هو معنى ومفهوم تأسيس هذه المدرسة واستمر نشاطه هذا بعد ذلك حتى عندما ذهب إلى النجف الأشرف حيث عيّنه الإمام السيد محمد باقر الصدر ممثلاً عنه في منطقة مدينة الهادي ببغداد قرب الكاظمية وكان يلقي منبرا هناك.
 تدريسه وتأليفاته التي ربما زادت عن أربعين تأليفاً في الفقه والأصول والفكر والمجتمع والتاريخ، وتأسيسه لمجمّع الزهراء(س) في صيدا والكل يعرف مدى تأثير هذا المجمّع والذي كان يشمل حوزة للنساء والرجال، مكتبة، وقاعة مسرح، وقاعة مؤتمرات عُقدت فيها الكثير من الندوات الفكرية والمؤتمرات وأيضاً كان يتم إحياء المناسبات في كل مناسبة في هذا المجمّع، وكذلك المسجد والحسينية في هذا المجمّع وإقامة وإحياء المناسبات الدينية فيهما، بالإضافة إلى عمله في تعميم ثقافة الحوار والوحدة والمقاومة، كل ذلك يُعد من نشاطاته الثقافية.
تأليفاته إرث ثقافي قيّم
ويتابع شريعتمدار: أَضف إلى ذلك بعض الكتب التي ألّفها ونشرها، بعض الكتب كانت في مجال الفقه والأصول والتاريخ، ولكن بعض تلك الكتب يُمكن إعتبارها ضمن الكتب الثقافية ككتاب على طريق الحياة وهي كلمات في السياسة والدين، أو نظرات ورؤى في قضايا المرأة، والكتب الأخرى التي ألّفها ولا مجال هنا لذكر جميعها، من جملة الكتب التي كتبها أيضاً كتب الشعر، وهي في التاريخ الإسلامي وأئمة أهل البيت(ع)، والمقاومة، والشهادة وحول الإمام الخميني(قدس)، وأيضاً حول الإمام الصدر وما إلى ذلك، كل ذلك يُشكّل إرثاً ثقافياً، كبيراً يدل على إهتماماته ونشاطاته الثقافية، ناهيك عن إنخراطه في تيار المقاومة وتأسيسه لثقافة المقاومة الذي هو بحاجة إلى تفصيل أكثر مما ذكرناه.
تنوع المؤلفات والجمع بين النصوص الأدبية والفقهية
وعندما سألنا رأي السيد شريعتمدار حول الجمع بين النص الأدبي والفقهي وغيره في مؤلفات العلّامة الشيخ عفيف النابلسي، قال: طبعاً مؤلفاته وإن كان أغلبها في الجانب الفقهي وبعد ذلك في الجانب الأدبي مجموعة من الدواوين والمجموعات الشعرية ولكن أيضاً له مؤلفات في الفكر والثقافة والتاريخ والمجتمع كما ذكرنا سابقاً، وتقريراته عن دروس أستاذه الإمام السيد محمد باقر الصدر التي فُقدت للأسف، كُتبه في الفقه، فقه الأئمة في ستة أجزاء فقه أهل البيت(ع) في جزءين والقضاء في الإسلام ومجموعة من الكتب الفقهية التي يمكن أن تُشكّل ما نُسميه بالرسالة العملية، ومنها فقه الصوم وفقه الصلاة، المواريث على فقه الإمامية، الجهاد في الإسلام، الإجتهاد والتقليد، أحكام الزواج الدائم والمنقطع، صلاة الجمعة في عصر الغيبة، وما إلى ذلك.
كما له مؤلفات في التاريخ، لاسيما تاريخ النبي (ص) وأهل البيت(ع)، ومنها سيرة المعصومين في 14 جزءا، أخلاق النبي (ص)، وله عن الإمام موسى الكاظم(ع)، عن الإمام الرضا(ع)، له الكلمة الزائرة في العترة الطاهرة، شذرات في حياة المعصومين(ع)، كما له كتب تاريخية أخرى، عنده بحوث في شخصية الإمام الخميني(قدس)، وعنده علاقة المسيحيين بأهل البيت(ع)، وكتاب عن زيد بن حارث، وعن سيرة الشهيد الصدر، كما أن له كتابا عن تاريخ وعلماء جبل عامل، وكتاب مشاهدات وتجارب عن الإمام موسى الصدر، بالإضافة إلى ذلك له بعض الكتب العرفانية كطريق العروج إلى الملكوت، وبعض الكتب حول التبليغ الديني ومنها حاجة المبلّغين، وأيضاً عنده كتاب المسك للفرّاح، بالإضافة إلى كتبه الشعرية مثل شعر الخلود والهاشميات، هديل في أزاهير أميرالمؤمنين(ع)، قصائد للمقاومة والشهادة، خمينيات، ملحمة الزهراء(س)، إخوانيات، ملحمة الإمام الصدر ونفحات عالمية وآخر هذه الكتب ديوان العلّامة النابلسي الذي نشره قبل أربع أو خمس سنوات من وفاته، وهو يعتبر تجميعاً لدواوينه ومجموعاته الشعرية السابقة، كما أن له كتبا في كربلاء المقدسة وكتبا أخرى لذلك مكتبته متنوعة وتشمل الكثير من المجالات الفكرية والتاريخية والعرفانية.
كتابا العلّامة النابلسي والشهيد مطهري
ثم تطرقنا إلى أسلوب الكتابة عند العلّامة الشيخ عفيف النابلسي خاصة في كتبه الأدبية وديوانه الشعري وكتاب "المسك الفوّاح لتطييب القلوب والأرواح"، فقال السيد شريعتمدار: طبعاً هذا بحاجة إلى بحث ودراسة معمّقة وأنا لم أقرأ كل كتبه ولست مؤهلاً للحديث عن أسلوبه الأدبي، إنما أقول أنه بدأ قول الشعر محكياً أو فصيحاً في سن مبكّر وهذا من مميزاته، وله كما ذكرت سابقاً العديد من المجموعات الشعرية التي ذكرت أسمائها وربما تمّ تجميع هذه المجموعة الشعرية أو أهمها في ديوانه الشعري الذي نُشر بعنوان ديوان العلّامة النابلسي، عام 2014 م.
 لكن بالنسبة للمسك الفوّاح لتطييب القلوب والأرواح، فإنه حسبما اطلعت يشمل أجمل القصص والنوادر، والطرائف والظرائف عن بعض العلماء في بعض القضايا العرفانية وفلتات لسان الشعراء وغزليات أولياء الله ويُعد كشكولاً، ولكن طبعاً إعداد وكتابة الكشكول من الأمور التي إعتاد عليها بعض الأدباء والشعراء، وهذا يصب في توجّهات ونشاطاته الثقافية حيث لم يترك مجالاً إلا وخاضه لنفع العام ولمصلحة العامة لأن الكثير ربما يستفيد من هذه القصص، يُذكّرني هذا الكتاب بكتاب للعلّامة الشهيد مطهري وهو كتاب "داستان راستان" قد يختلف الكتابان في أن كتاب العلّامة الشهيد المطهري ربما موجّه للناشئين وليس للكبار لكنه أيضاً مجموعة من قصص النبي(ص) والأئمة عليهم السلام والأولياء والأدباء والشعراء يقصد من ذكرها ومن تجميعها العلّامة المطهري أن ينقل بعض القيم والتقاليد والنصائح للقارئ من خلال سرد هذه القصص، وكذلك أتصور أن العلّامة النابلسي إلى جانب كتبه التخصصية في الفقه والأصول والتاريخ والأدب والفكر والمجتمع، أراد من خلال هذا الكتاب أن يقدّم خدمة عامة للقارئ العام المسلم ويؤمّن هذه الفائدة، على أي حال إن الحديث عن أسلوبه في الكتابة لا سيما في كتبه الأدبية وفي ديوانه الشعري، بحاجة إلى
مجال آخر.
العلّامة النابلسي والوحدة الإسلامية
فيما يتعلق بفكرة العلّامة النابلسي حول الوحدة الإسلامية قال المستشار الثقافي الإيراني السابق في بيروت: فإنه قد إهتم بالوحدة الإسلامية فكراً وفقهاً ومنهجاً وجسّد ذلك في حياته ونشاطاته باختيار مدينة صيدا وإن كانت هي المدينة التي تنتمي إليها القرية التي وُلد فيها العلّامة النابلسي، ربما يكون الإنتماء هو جزء من أسباب اختياره لهذه المدينة لكن مهما كان السبب ، فإن الدور الذي أدّاه العلّامة النابلسي، في التقريب بين المذاهب في التوجه إلى أهل السنة والشيعة وإلى جميع الأديان والطوائف يُمكن أن نستخلصه من مسيرته، تحديات الوحدة وثقافة الحوار وأحد الكتب التي ألّفها العلّامة النابلسي وحاول من خلال لقاءاته وإجتماعاته وتواصله مع مختلف الأطياف وحضوره في الكثير من الدول للتبليغ الديني والمشاركة في المؤتمرات كل ذلك يدل على دأبه وأن يتواصل مع الجميع ويسافر إلى كثير من الدول لتحقيق هذا الهدف الوحدة الإسلامية.
العلّامة النابلسي وواقعة الطف
فيما يتعلق بكتب العلّامة حول واقعة الطف الأليمة مثل "إشراقات كربلائية" قال شريعتمدار: أما عن كتبه الكربلائية له كتاب "إشراقات كربلائية" واستطاع أن يقدّم الثقافة الحسينية تقديماً علمياً وأيضاً عملياً من خلال اهتمامه بثقافة المقاومة، حقيقة آمن بمقولة الإمام الخميني(قدس) كل ما لدينا من عاشوراء، وهناك طبعاً ربما يمكننا القول أن الفكر الشيعي يمتاز بأنه يعتمد على الإرث والمخزون الذي قدّمته ثورة الإمام الحسين(ع) وثورة عاشوراء إلى الأجيال، والذي كان هذا الفكر هو المنطلق للمقاومة الإسلامية التي نشهدها اليوم وتأسيس محور المقاومة الذي يرتكز على الثقافة الحسينية والعاشورائية والذي سعى العلّامة النابلسي دائماً من خلال جميع كتاباته ومبادراته أن يؤسس لهذه الثقافة لذلك قام بنشر الثقافة الحسينية، ليس عبر ما كتبه من كتب ومؤلفات منها إشراقات كربلائية، عبر شعره حول عاشوراء وحول أئمة أهل البيت(ع) ومنها شعر الخلود والهاشميات أو الأشعار  والمجموعات الشعرية التي كتبها عن الإمام أميرالمؤمنين(ع)، وعن الزهراء (س)، بل حتى عن طريق الترويج لثقافة المقاومة إن كان ذلك في مؤلفاته أو في مجموعاته الشعرية ومنها قصائد للمقاومة والشهادة ومنها الخمينيات وبعض المجموعات الأخرى، أو من خلال كلماته ومحاضراته وتأييده ودعمه المطلق لثقافة المقاومة المستمدة من الثقافة الحسينية.

 

 

البحث
الأرشيف التاريخي