تم الحفظ في الذاكرة المؤقتة...
حسب تقديرات أمنية صهيونية
ما من حلّ سحري في الضفة .. التصعيد مستمر
جيش الاحتلال الصهيوني الذي ركّز خلال العقد الأخير على اعتماد "جولة أكبر من معركة وأقل من حرب"، يواجه تكتيكاً مربكاً، ومشابهاً بشكل أو بآخر، اكتسبه المقاومون الفلسطينيون، ويعتمد على "أقل من انتفاضة، وأكثر من عملية.
ولهذا التكتيك مزاياه، إذ لا يستطيع الاحتلال الاستنفار في كل الأماكن، وفي كل الأوقات، بل هناك دائماً نقطة ضعف يستغلها شاب يسير في طريقه، في قرار ربما يكون لحظياً.
كذلك، لا يستطيع الاحتلال استخدام طيرانه، ومدرعاته، وصواريخه الموجهة ضد شاب اتخذ قراره، وحيداً أو مع صديق، لأطلق النار ويختفي، أو يستشهد.
النتيجة واضحة، تصف صحيفة عبرية، عام 2023 بالعام الأكثر دموية منذ الانتفاضة الثانية، بعد مقتل 35 صهيونياً، في هجمات فلسطينية، منذ بداية هذا العام حتى الآن.
وتقدر المؤسسة الأمنية والعسكرية الصهيونية أن "منحى التصعيد سيستمر". ويعتقد كثيرون في المؤسسة أن تفعيل قوة عسكرية هجومية، أو تعزيز إضافي للتشكيلات الدفاعية "لن يوفّر حلاً عجيباً".
كذلك، تقول وسائل الإعلام العبرية، أنّ "غالبية الهجمات الشرسة التي وقعت في العام الأخير، انطلقت من شمال الضفة"، وتنتقد بنفس الوقت، تفاجؤ قوات الاحتلال بالعملية الأخيرة في الخليل.
أدوات متنوعة وتقديرات خاطئة
تميزت فترة 2014 – 2015 بهجمات طعن ودهس، إلا أن الفترة الأخيرة أصبحت أكثر فعالية، بسبب استخدام الأسلحة بشكل متكرر.
من جهته، يقول محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "معاريف"، طال ليف رام: "نميل للاعتقاد، خطأً، أن التوفّر الذي لا يُطاق للأسلحة بأيدي المنظمات أو الأفراد، ليس مسألةً جديدة، إلا أنّ الحقيقة هي أن الحصول على الأسلحة في المناطق الفلسطينية، كان صعباً نوعاً ما".
لكن يعقب بالقول أنّ "السد تم خرقه في السنوات الأخيرة، لأن تهريبات الأسلحة إلى الضفة، لا سيما من حدود الأردن، ازدادت بصورة دراماتيكية"، وأصبحت الأسلحة النارية موجودة بأعداد غير مسبوقة في الكثير من المنازل الفلسطينية.
هنا، يحاول رام تحليل أسباب كثافة العمليات، فيجد أن "تزايد الحافزية لدى الشباب، وتزايد الدعم الإيراني، مجتمعان، ينتج علينا هذه النتائج القاسية على الأرض".
ويتابع: "أصبح إحباط الهجمات أكثر صعوبة، ففي الماضي، كانت مرحلة شراء السلاح نقطة ضعف، من ناحية الانكشاف الاستخباري، أما اليوم فقد أدى توفر الأسلحة، وتنفيذ العمليات خارج الأطر التنظيمية، من قبل الشبان الفلسطينيين في مناطق سكنهم، أو مناطق قريبة، إلى ظهور تحدٍ غير مسبوق للمؤسستين الأمنية والعسكرية في إيجاد خيوط للعملية.
ويختم: "التقدير في المؤسسة الأمنية والعسكرية، أن التصعيد سيستمر".
وكانت مستوطنة صهيونية قتلت الإثنين، وإصيب آخر بجروح خطرة، إثر إطلاق نار في اتجاه مركبتهما في مدينة الخليل المحتلة. وتبنّت العملية "كتائب شهداء الأقصى" التابعة لحركة "فتح"، مؤكدة أنّها تأتي في ذكرى إحراق المسجد الأقصى عام 1969.
وأثارت العملية حالة من الهلع والتوتر الشديد في أوساط الاحتلال السياسية والأمنية وبين المستوطنين، ظهرت بشكل واسع في تغطيات وسائل الإعلام الصهيونية للعملية.
حتى الرئيس الصهيوني إسحاق هرتسوغ نشر تعليقاً على العملية، قائلاً إنها "أيام صعبة ومؤلمة للصهاينة"، لأنّ أعداءنا يعملون بكلّ الوسائل لضربنا وإلحاق الأذية بنا".
اتهامات وتحميل مسؤوليات
تتضارب آراء المحللين الصهاينة بخصوص الجهة التي تتحمل المسؤولية، فيقول المعلق العسكري في "القناة 13"، ألون بن دافيد، إلى أنّ "اتهام إيران بتوجيه هذه العملية هو حل سهل جداً".
لكن المحلل السياسي في نفس القناة، رفيف درورك قال: "كنا على مدى أعوام نهزأ بالدول العربية عندما يحدث أي شيء سلبي، إذ كانت فوراً تتهم إسرائيل". وأشار إلى أنه لا يعلم إذا كان هذا الكلام في إطار محاولة "لإطلاق حملة ضد إيران في موضوع النووي الإيراني بسبب المفاوضات العالقة هناك"، لافتاً إلى أنّ هذا الأمر "لن يساعد، ولا أعتقد أنّ هناك إصغاءً دولياً" إلى ما قاله وزير الأمن، يوآف غالانت، ورئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، اليوم، بعد هذه العملية.
نمرّ بمرحلة صعبة
كما أفادت وسائل إعلام العدوّ أنّه بعد عملية إطلاق النار قرب مدينة الخليل، في الضفة الغربية، ومقتل مستوطنة وإصابة آخر بصورة خطيرة، أكّد قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال اللواء يهودا فوكس:" أنّنا في خضم موجة من العمليات لم نشهدها منذ وقت طويل"، بحسب تعبيره. من موقع العملية، قال فوكس: "إنّ أفراد الجيش وقوات الأمن يعملون يوميًا لإحباط العملياّت، في القرى وفي مخيمات اللاجئين"، زاعماً أنّه: "في غالبية المرات ننجح، ولكننا اليوم وفي هذا الأسبوع نمرّ بمرحلة صعبة، ولم ننجح".
السنة الأخيرة كانت الأصعب على كيان العدو
في السياق ذاته علّق المحلّل العسكري الصهيوني، في صحيفة "معاريف الصهيونية "طل لف رام" على ما يجري من عمليات فلسطينيّة فدائيّة، قائلًا: "مهما كانت تسميتها، "موجة" أو "انتفاضة"، فإنّ المنحى واضح.. إنّها "مرحلة إرهاب" تزداد قوة، خصوصًا بعد أن تبيّن أنّ 34 "صهيونيا" قُتلوا في السنة الأخيرة، وكانت من دون أدنى شكّ السّنة الأصعب منذ الانتفاضة الثانية قبل حوالي عقدين". وأشار "لف رام" إلى أنّ: "معظم العمليّات القاسية، في السّنة الأخيرة، خرجت من شمال "شومرون" - جنين ونابلس وقرى أخرى في المنطقة، إلا أنّ ما يثير استغراب المؤسسّة الأمنيّة الصهيونية هو تزايد منحى المقاوَمة ووصوله إلى أرجاء الضفة الغربيّة، وتحديدًا منطقة جنوب جبل الخليل في السّنة الأخيرة"؛ لافتًا إلى أنّ: "عمليات قاسية حصلت في هذه المنطقة، والتي تتأثر كثيرًا بمدينتي الخليل وياطا، واللتين تُعدّان مركز قوة "حماس".