تحالف غازي إيراني-روسي.. هل ينافس «أوبك» ويتحكّم بأوروبا؟
تسعى روسيا وإيران إلى إنشاء تحالف للدول المصدرة للغاز الطبيعي بهدف منافسة منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، وممارسة النفوذ على الغرب، خاصة أوروبا، والإلتفاف على العقوبات الغربية، بحسب الباحثة أيشواريا سانجوكتا في تحليل بمركز "أوراسيا ريفيو" للأبحاث.
وأضافت أيشواريا، في التحليل، أن التأثير المحتمل للتعاون في مجال الطاقة بين روسيا وإيران على أمن الطاقة في أوروبا يعتمد على تعاونهما وردود أفعال الاتحاد الأوروبي وأصحاب المصلحة الآخرين. وتابعت: إن التطوير الناجح لموارد الغاز الإيرانية والبنية التحتية من جانب روسيا وإيران، وإنشاء مشروع مشترك لإنتاج وتصدير الغاز الطبيعي المسال، يمكن أن يعزز مركزهما في السوق في صناعة الغاز العالمية، وقد يمكّنهما هذا التعاون من تزويد الدول الآسيوية، مثل الصين والهند، بإمدادات غاز يمكن الاعتماد عليها وبأسعار أكثر تنافسية.
وأردفت أيشواريا: إنه من المعقول أن تنشئ روسيا وإيران إطاراً تعاونياً لصادراتهما وسياساتهما في مجال الطاقة، مما قد يؤدي إلى إنشاء سوق غاز عالمي مع دول أخرى منتجة للغاز، مثل قطر وتركمانستان والجزائر؛ ومن خلال هذا التحالف، قد تمارس تلك الدول سيطرة محتملة على ديناميكيات العرض والطلب للغاز، وبالتالي ممارسة التأثير على أسعار الغاز العالمية وتوافره.
وأشارت الباحثة بمركز "أوراسيا ريفيو" للأبحاث إلى أن هذا السيناريو يمكنه أن يضع عقبة كبيرة أمام أمن الطاقة في الاتحاد الأوروبي، لأنه سيجعل الإتحاد أكثر عرضة لنقص الغاز وتقلب الأسعار والرضوخ للإكراه السياسي الذي يمارسه أعضاء تحالف الغاز.
مصالح مشتركة
وشددت على أن التعاون الروسي - الإيراني في مجال الطاقة يعتمد على المصالح المشتركة. ومع هذه العلاقة، تريد إيران الظهور كمنتج مهم للغاز في كل من الشرق الأوسط والساحة العالمية، فيما تهدف روسيا إلى تخريب تأثير العقوبات (الغربية)، وتتضمن الاستراتيجية المقترحة شراء إيران للغاز الروسي، ما من شأنه أن يخلق توترات جديدة في سوق الطاقة العالمية ويصوغ منافسات جديدة بين دول الشرق الأوسط.
ويفرض الغرب عقوبات على روسيا جراء حرب تشنها على أوكرانيا منذ 24 فبراير/ شباط 2022 وتبررها بأن خطط كييف للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، بقيادة الولايات المتحدة، تهدد الأمن القومي الروسي، فيما يعاقب الغرب إيران بسبب برنامجها النووي الذي تقول إنه مصمم للأغراض السلمية.
تعاون مكثف
و"على ضوء الصراع المستمر بين روسيا وأوكرانيا، يوجد تكثيف ملحوظ في التعاون في مجال الطاقة بين روسيا وإيران، بسبب المخاوف المتزايدة بشأن أزمة النفط العالمية. وتم مؤخراً توقيع صفقة بقيمة 40 مليار دولار بين غازبروم، وهي شركة طاقة مملوكة لروسيا، ومؤسسة النفط الإيرانية الوطنية، لتطوير احتياطيات النفط والغاز"، كما تابعت أيشواريا. وأضافت: وتجري الدولتان مناقشات حول إمكانية إنشاء منصة إلكترونية لتجارة الغاز في المنطقة الجنوبية من إيران. وفي فبراير/ شباط الماضي، أبرمت روسيا وإيران إتفاقية تعاون استراتيجي تغطي مجالات مثل الطاقة والجيش والتجارة والأمن والبرنامج النووي المدني الإيراني.وزادت بأنه في مارس/ آذار الماضي، تم التوصل إلى إتفاق بين باكستان وروسيا للتعاون في مجال الطاقة يتضمن بناء خط أنابيب غاز يمتد من إيران إلى باكستان، مع إمتدادات محتملة إلى الهند والصين، وسيسهل الخط تصدير الغاز الطبيعي الإيراني إلى هذه الدول مع فرض رسوم عبور لباكستان وروسيا.
منافسة «أوبك»
وفي يوليو/ تموز الماضي، أظهرت روسيا وإيران عزمهما على إنشاء تحالف عالمي للغاز من شأنه أن ينافس منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" من حيث نفوذها وهيمنتها داخل سوق الطاقة العالمية، بحسب أيشواريا.
وأوضحت أن السوق المقترحة ستشمل منتجي ومصدري الغاز البارزين، وبينهم روسيا وإيران وقطر وتركمانستان والجزائر، وسيكون هدفها الأساسي هو مزامنة سياسات الغاز الخاصة بها واستراتيجيات التسعير، وبالتالي تعزيز تأثيرها على الأسواق الغربية، وخاصة أوروبا.
واستطردت أيشواريا: في أغسطس/ آب الجاري، قدمت روسيا إقتراحاً لبناء مركز للطاقة بالتعاون مع إيران، يتضمن إنشاء مشروع مشترك لإنتاج وتصدير الغاز الطبيعي المسال المستخرج من حقل بارس الجنوبي الغازي الإيراني. وأردفت: إن الإقتراح يتضمن أيضاً إنشاء سوق غاز إقليمي يشمل كذلك الدول المجاورة في مناطق بحر قزوين وآسيا الوسطى. ومن المتوقع أيضاً أن تشارك روسيا في معرض النفط الإيراني، وهو معرض بارز لصناعة النفط والغاز في الشرق الأوسط مقرر عقده في سبتمبر/ أيلول المقبل.
قيود غربية
تخضع روسيا وإيران، بحسب أيشواريا، لعقوبات غربية تفرض قيوداً على مشاركتهما في سوق الطاقة العالمية؛ لكن من خلال التعاون يمكنهما التحايل على بعض القيود وتعزيز آفاق التجارة والاستثمار.
وشددت على أن روسيا وإيران تمتلكان موارد طاقة وبنية تحتية تدعم كل منهما الأخرى، إذ تمتلك روسيا معرفة متقدمة وقدرات تقنية في تصنيع الغاز الطبيعي المسال وبناء خطوط أنابيب الغاز، فيما تمتلك إيران مخزوناً كبيراً من الغاز الطبيعي والنفط الذي يحتاج إلى جهود التطوير والتحديث. وتابعت: البلدان لديهما أيضاً مصالح جيوسياسية وأهداف استراتيجية مشتركة في المنطقة، إذ يعبران عن معارضتهما لوجود الولايات المتحدة ونفوذها في الشرق الأوسط ويدعمان الحكومة السورية والقوات المتحالفة معها. كما توجد رغبة لدى روسيا وإيران في معارضة التحالف (النفطي) الذي تقوده السعودية والدول التابعة لها، وتريد موسكو وطهران إنشاء تحالف غاز عالمي لكسب مزيد من النفوذ على الدول الغربية، ولاسيما أوروبا، التي تظهر اعتماداً كبيراً على واردات الغاز، كما أضافت أيشواريا.