كي يكونوا سعداء وناجحين
التربية السليمة وأثرها على الأبناء
الوفاق/ خاص
إبراهيم الكحلاني
تربية الأطفال هي واحدة من أكثر المهام مشقة وصعوبة على الإطلاق، وهي في نفس الوقت إحدى أكثر الوظائف متعة وإثارة، وكلنا نريد تربية أطفالنا كي يكونوا سعداء وناجحين في الحياة، سواء كان في الدراسة أو في مسيرتهم المهنية بعد التخرج. ولكن ما أفضل الأساليب التي نستطيع اتباعها كي نربي أطفالنا بطريقة تضمن لهم النجاح والازدهار في المستقبل؟
التربية السليمة من الأمور الهامة للغاية والتي أصبحت محور اهتمام علم الاجتماع والدراسات النفسية الآن، فلا شك ان الأطفال هم ورود المجتمع المنتظر ما ان تتفتح تنشر عطر المعرفة والعلم والعمل، ولذلك التربية السليمة ليست خيارا بل شيء لابد أن يُفرض ولو بالقوة على الأبوين فترك الأطفال لأهواء التربية التي يراها الأبوين أمر غير صحيح فلابد من تعليم الأبوين كيفية التعامل مع أطفالهم وتربيتهم تربية صالحة، وفي هذا الصدد وضع المختص بالتنمية البشرية من اليمن ابراهيم الكحلاني مجموعة من النقاط المهمة التي تساعد الآباء والأمهات لتربية ابنائهم:
الخماسية الحقيقية لتربية الأبناء
يعتقد أغلب الآباء والأمهات أنهم بمراقبتهم الشخصية والدائمة لأبنائهم أنهم في الطريق السليم في التربية السليمة لأبنائهم، ولا يعلمون أنهم بذلك إنما يزيدون من حجم الهوة والفجوة في علاقتهم مع أبنائهم، والبعض الآخر من الآباء والأمهات يحصرون علاقاتهم واهتمامهم بأبنائهم في توفير المأكل والمشرب والملبس لأبنائهم ويعتقدون بذلك أنهم قد قاموا بما عليهم في تربية أبنائهم، وأنهم في الطريق الصحيح لتربية أبنائهم التربية السليمة، وهذا وهمٌ يوهمون به أنفسهم، لأن تلك الأمور هي رعاية لا تربية، فالتربية خمسة امور:
1- قناعات: لا تجبر ولدك، بل اقنعه.. فإن أجبرته سرعان ما يتمرد عندما تسنح له الفرصة لذلك، وإن أقنعته كفاك مؤونة مراقبته.. فهذا لقمان الحكيم لم يتعب نفسه في مراقبة ولده، وإنما غرس فيه القناعة باستشعار رقابة الله الدائمة له.. «يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ».
٢- اهتمامات: اهتمامات ولدك هي من تجعله عظيماً أو قزماً.. فارفع سقف اهتمامات ولدك، ليكبر بكبرها.. فهذا سقف اهتمامات لقمان الحكيم لابنه: «يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْـمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْـمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُور».. نعم، فتلك الاهتمامات هي من عزم الأمور وأعظمها!
لذلك فالمربي الناجح يسبق جميع العوامل المؤثرة على ولده فهو يسبق الهاتف ويسبق ألعاب البوبجي ويسبق قرين السوء قبل أن يستحوذوا جميعهم على قلب وعقل ولده فينشغل بهم ويبتعد عن أبيه..
٣- مهارات: فتش عن مواهب ولدك التي يختزلها بداخله، وساعده على إخراجها وصقلها.. ولا تحصر نجاحه بنجاحه في دراسته فحسب.. فيقيناً أن لديه ما يميزه عن بقية الناس كجمال الصوت، أو مهارة الإلقاء، أو الحس التمثيلي، أو هوس الاختراع والاستكشاف ... وإلخ، فالمربي الناجح والواعي يحرص على تنمية مواهب أبنائه، وصقلها باستمرار قبل أن يتقادم عليهم الزمن فيصبحون ضعفاء عاجزين في اللحاق بركب أولئك العظماء من أقرانهم وأصحابهم.
٤- علاقات: نمِّ في ولدك نسج العلاقات مع الآخرين.. علّمه كيف يختار أصدقاءه، وكيف يرمم ما فسد منها؟ وكيف يتخلق بأعلى مراتب الأخلاق مع مَن حوله؟.. «وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحا» .. «وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ».
٥- قدوات: أكثر من سرد القصص على ولدك، فثلث القرآن قصص، ولم يذكرها الله لنا لمجرد التسلية وإنما لزرع القدوات.. فأكثر منها فهي من أقوى الأساليب وأمتنها في زرع القدوات في قلوب وسلوك الأبناء.. «فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ».