الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وأربعة - ١٢ أغسطس ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وأربعة - ١٢ أغسطس ٢٠٢٣ - الصفحة ٦

الاستاذة الجامعية الدكتورة أميمة عليق للوفاق:

القصص الدينية يمكنها تقديم مفاهيم غيبية بشكل ملموس للأطفال

سهامه مجلسي
يحرص الأهل دائماً على انتقاء الكلمات والألفاظ المحكية أمام أطفالهم عندما يبدأ الوعي لديهم، ويصبحون أكثر استجابةً وتكراراً للكلام المسموع، باعتبار أنَ أدمغتهم صفحة بيضاء، وفي إطار حرصهم على تعليم أبنائهم ما يفيدهم؛ فيلجأون لقراءة القصص التي تملأ أوقاتهم بكل ما هو مفيد، وهذه القصص بما تحتويه من عناصر؛ كالشخوص والأحداث، والزمان والمكان وأخيراً النهاية، تُشعر القارئ بأنه متعايش مع كافة أحداثها؛ لذلك فإنَ تأثيرها عليه ليس سهلاً، ومن بين تلك القصص التي يسعى الأهل لروايتها لأبنائهم، السير الخاصة بالأنبياء عليهم السلام؛ التي تختص بالحديث عن حياتهم، وتفاصيل ما مروا به، وفي هذا الصدد اجرت صحيفة الوفاق حوارا مع الدكتورة أميمة محسن عليق استاذة جامعية وكاتبة للاطفال وفيما يلي نص الحوار:

ما هو الأسلوب المتبع الآن في نقل المفاهيم الدينية للاطفال؟
إن الأسلوب الذي يتم اتباعه في نقل المفاهيم الدينية يرتكز عادةً على الحفظ ونقل المعلومات. بعبارة أخرى، يسعى المعلمون عبر تعليم محتوى خاص، الى إيجاد نظرة إيجابية تجاه الدين والمفاهيم الأخلاقية، لدى التلامذة. على الرغم أن المحتوى الديني يتمتع بجانب إستدلالي عميق أكثر من ارتكازه على معلومات يمكن حفظها، لذلك إن الأسلوب المتبع حالياً هو غير قادر على خلق الشوق والمحبة لدى التلامذة وبالتالي على صقل تجاربهم الدينية الباطنية .
أما في ما يتعلق بأساليب التعلم حول الله والدين، يتم التأكيد على النقطة الآتية وهي أن التعليم الديني يجب أن يكون باي شكل وفي أي مكان وبشكل مستمر، من خلال برنامج خاص أو بدون برنامج خاص. لأن الله والأمور الدينية ترتبط بحياة الطفل وليس محدوداً بأمر معين أو بمقطع زماني محدد.
 وفيما يتعلق بكيفية الإجابة عن أسئلة الأطفال حول الله علينا الالتفات أن إجاباتنا عن تساؤلات الأطفال، تكون عادة مرتبطة بإدراكنا وتفسيرنا الشخصي لهذا الأمر. فقد تكون إجاباتنا عن بعض الأسئلة غير واضحة أحيانا، أو نكون غير قادرين على التعبير عنها بأسلوب واضح وبسيط يمكن أن يفهمه الأطفال. إذن يجب أن نعبر باسلوب واضح كي تكون المواضيع والعبارات قابلة للفهم بالنسبة للكبار والصغار على حد سواء.
ما الوسائل التي اقترحها علماء التربية لنقل المفاهيم الدينية؟
 في البحث عن هذا الأسلوب، قدم العلماء وسائل عديدة لنقل المفاهيم الدينية:
- التعلم عن طريق السؤال، عن طريق الطبيعة، عن طريق الناس، عن طريق الوالدين، عن طريق المتون الدينية، من خلال النظريات (العقائد)، من خلال تاريخ الأديان، التعلم من خلال الموسيقى والتحرك الجسدي، التعلم من خلال الفن والعمارة.
 إن هذه الأساليب هي غير مباشرة ومؤثرة كثيراً، مقابل الأساليب المباشرة. لكن الأسلوب الذي اتفق العديد من العلماء على أنه "أفضل الأساليب لتعليم ونقل المفاهيم الدينية"  أسلوب القصة.  
ـ لماذا اعتبروا القصة من الأساليب المهمة. بعبارة أخرى ما هي ميزات القصة التي تجعل منها طريقة مميزة لنقل المفاهيم الدينية؟
القصص الدينية يمكنها أن تقدم المفاهيم الغيبية والماورائية والمجردة بشكل ملموس للأطفال وتقدم بالتالي الأرضية المساعدة لتربية ورشد الأطفال. لذلك إن ما يجب التدقيق فيه ليس المفاهيم بل وسيلة نقل هذه المفاهيم.
إن الدراسة والبحث في قصص الأطفال والناشئة لا يجعلنا نعتبر هذه القصص معبراً سحرياً للخيالات المنسية فقط بل هي مجال لإظهار الحقائق غير المعروفة؛ تلك الحقائق الموجودة  في صندوق الدين والتي يجب اكتشافها من جديد وإخراجها عبر القصص الواقعية والخيالية. إن القصص تفتح لنا المجال لاكتشاف الدين، وتهدينا نحو الأبواب المغلقة لهذا الكنز العظيم المخفي. فالقصص لديها القدرة على نقلنا من مكان الى آخر وتجعلنا نغوص من المستويات الظاهرية التقليدية الى الأعماق. فلا شيء كالقصص ـ قصص الأطفال والناشئة ـ قادر على مساعدتنا على فتح نافذة التأمل والتعمق في الدين أمام قلوبنا وعقولنا  .
 إن الذي ينقل القصة الدينية للأطفال، ليس فقط ناقلاً بل هو متولياً ومسؤولا عن القصة. لأن أهمية عمله تكمن في فتح هذه القصة وإحضارها من التاريخ والتقاليد وإعطائها قدرة جديدة وتقديمها للمستمع .
إن القصة الدينية، تخلق علاقة بين المتون العلمية والمجردة من جهة وخيال الطفل من جهة أخرى. فهي تقدم الموت على جسر الحياة والله على جسر الطبيعة، وهذا الأمر مهم جداً في تسهيل نقل المفاهيم المجردة في المدارس. فالأطفال حين يسمعون القصة يطوون مرحلتين: الإستيعاب والتكيف.
في مرحلة الاستيعاب يسمع قصة جميلة تحتوي مفاهيم متنوعة يريد المعلمون نقلهل للتلميذ. وفي مرحلة التكيف وبمساعدة القصة، يغير الطفل معلوماته، مفاهيمه، وسلوكه .
من جهة أخرى، عالجت بعض مقالات مؤتمر التعليم الديني في العام 2006 موضوع  قدرة القصص وسرد القصص ـ القصص القرآنية، وقصص الإنجيل وقصص مذاهب شرق آسيا وغيرها ـ واعتبرت هذه القدرة بعداً غير مكتشف بالكامل .
إن القصة، هي أسلوب إدراكنا الإنساني لما يسمى التجربة. التجربة هي قصة حياة الأفراد. فالناس يعيشون القصص ومن خلال روايتها، يؤكدون حصولها مرة ثانية، أو يخلقون قصصا جديدة.
نحن نحتاج لنسمع قصص الآخرين. أنا أوصي المعلمين الدينيين الى سماع قصص الأفراد من حولهم بالإضافة الى القصص الدينية فالقصص بحد ذاتها، تحوي محتوى دينياً كما تحوي أسلوب التعليم الديني" .
كيف تكون طريقة تعليم القصة الدينية؟
إن الدور الأساسي للتعليم الديني يرتبط بالقصص. فحب الأطفال للقصص، والإطار الجذاب للقصص ولغتها البسيطة والمناسبة في تقديم المعارف الدينية، يؤديان الى أن يمر التعليم الديني للأطفال عبر هذا الممر. فكلما تم الإستفادة بشكل صحيح من القصص، كلما كانت النتيجة أسرع. وإذا لم يلجأ المعلم الى القصص أو لجأ إليها بالحد الأدنى، لن يجني داخل الصف سوى الملل والنفور وقد يصل الى نتيجة معكوسة أو لن يصل الى النتيجة المطلوبة. كما نؤكد على هذه النقطة وهي أنه يجب التأكيد في القصص ليس فقط على الثقافة الدينية بل يجب التأكيد أيضاً على التمثيل المناسب لكل مفهوم خاصة عندما يريد المعلم أو الوالدان الحديث عن الله أو عن معنى الحياة و... عليهم أن يفتشوا عن تمثيلات لها القدرة على نقل مفاهيم كهذه. على سبيل المثال، يمكن تشبيه الخير بالنور والضوء والشر بالظلام والعتمة...(لأن الأطفال لا يحبون العتمة والظلام).
ما هي ميزات القصة الجيدة؟
 بشكل عام، إن كون القصة مناسبة هو أمر يرتبط بعمر المخاطب، الظروف الإجتماعية، التقاليد والعادات والعقائد، الظروف التاريخية والجغرافية، مكان وزمان سرد القصة. لكن في الوقت نفسه، لاختيار القصة المناسبة يجب الأخذ بعين الإعتبار النقاط التالية:
- يجب أن تكون القصة محفّزة للمخاطبين الصغار.
- يجب أن تحتوي القصة نوعا من عدم التوازن وعدم التعادل كي تخلق الدافع لإيجاد التوازن.
-  يجب أن تنطلق العبرة من داخل القصة وتكون غير مباشرة لتؤثر على المخاطبين.
 - يجب أن تكون العبارات والمصطلحات داخل القصة مألوفة ومأنوسة لدى المخاطبين الصغار.
- أما القصة الجيدة يجب أن تخلق لدى الطفل صوراً جديدة وتوجهات جديدة .
 خلال إختيار وتنظيم القصص الدينية يجب الأخذ بعين الإعتبار ميزات القصة الجيدة والمناسبة والإطارات الجميلة والجذابة. بعد ذلك على المعلم ومن خلال تدبيره وإبداعه،  أن يقدم هذه القصة ثم يعيد سردها عبر المخاطبين انفسهم وحسب عمرهم وحالتهم الروحية والنفسية. لذلك، عليه أن يكون مطّلعاً على أسلوب سرد القصص، وعلى كيفية الإستفادة منها داخل الصف، ويعرف كيف يعيد بناءها مع المخاطبين ثم إعادة سردها من قِبلهم وتحت
إشرافه.
من جهة أخرى لا بد من ذكر الملاحظة الآتية أنه يجب ألا ننسى أنه إذا ركزنا فقط على تقديم عدد كبير من القصص للطفل خلال التعليم الديني، فهو في عمره الحالي يفرح ويستمتع بها ولكن خلال نموه الذهني وتطوره الفكري قد يصل الى وقت يعتبر كل الدين عبارة عن مجموعة من القصص والحكايا وفي بعض الأحيان من الخرافات. من هنا علينا ومنذ البداية وفي عين إستفادتنا من القصص علينا أن نقدم الارضية المناسبة الصافية للوقائع الدينية ويجب أن ننتبه جيداً أن تبتعد القصص والمفاهيم الدينية التي نقدمها عن الخرافة أو عن  رسوخ  الوقائع غير الصحيحة في ذهن الأطفال وبالتالي أن تخفف من القلق والترديد في المستقبل فيما يتعلق
بالمواضيع الدينية .
اذن عملياً ماذا نقدم للأطفال لمعرفة أعمق؟
من عمر الأربع الى الخمس سنوات: قصص بسيطة واضحة تتكلم عن الصح والخطأ وعن الحق والباطل.
من 6-8 سنوات: قصص تدور حول الله وترتبط بالأصول الأخلاقية.
من 9-12 سنة:القصص التي تدور حول النماذج الإنسانية التي يجب أن يقتدي بها الطفل.
فوق عمر الـ13 سنة: القصص التي تؤكد على تنمية المجتمع الديني، الدراسة بشكل أعمق للعقائد الأساسية، فهم أهمية المراسم العبادية، مطالعة النصوص العرفانية والرمزية المتعلقة بالدين (سيرد نماذج في الملحق)
ملاحظة مهمة :
- قبل عمر العشر سنوات لا يُنصح أبداً بالقصص التي تتكلم عن جلال الله، وعن جبروته وعن جهنم والعقاب الإلهي بل القصص التي تتحدث عن جمال الله ورحمته ومغفرته.
- لا يجب أن يحدّ التعليم الديني بساعة التربية الدينية،  بل يجب أن نُدْخِل المفاهيم الدينية إلى كافة الدروس: التاريخ والجغرافيا والعلوم والرياضيات والقراءة. طبعاً بعد عمر التسع سنوات يجب تخصيص ساعات لتعليم الأحكام المتعلقة بالعبادات
المختلفة.

 

 

البحث
الأرشيف التاريخي