الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وثلاثة - ١٠ أغسطس ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وثلاثة - ١٠ أغسطس ٢٠٢٣ - الصفحة ۸

هل يستمر تحالف «الليكود» مع «الصهيونية الدينية»؟


ايمن الرفأتي
كاتب ومحلل سياسي
تتزايد خلال الفترة الأخيرة الأصوات المتعالية داخل حزب "الليكود" حول مخاطر الاستمرار في التحالف مع أحزاب "الصهيونية الدينية"، على اعتبار أنّ التحالف معها جاء خياراً اضطرارياً بعدما رفضت جميع أحزاب المعارضة التحالف مع نتنياهو لتشكيل حكومة إسرائيلية جديدة، وقد تزايدت حدّة الاعتراضات على التحالف بين أعضاء "الليكود" في ظل حالة الابتزاز العلني الذي يتعامل به أطراف "الصهيونية الدينية" مع نتنياهو.
فعلى الرغم من كون "الليكود" و"الصهيونية الدينية" من أحزاب اليمين في دولة الاحتلال إلا أنّ هناك اختلافات واضحة بين الطرفين فيما يتعلق بالرؤية المستقبلية والأمنية والأيديولوجية، وهو الأمر الذي يُمثِّل تهديداً باستمرار واستقرار الحكومة الحالية، وهي اختلافات تشكّل عامل ضغط داخلي وخارجي على "الليكود"، تدفعه إلى التفكير في التخلّص من هذا التحالف الاضطراري. وبعد مرور ثمانية أشهر على تشكيل الحكومة اليمينية، لا يزال نتنياهو يجد نفسه غير قادر على السيطرة على تصرّفات أحزاب "الصهيونية الدينية" وتحديداً إيتمار بن غفير، ويرى أنّه يتعرّض بشكل دائم لعمليات ابتزاز تحت ذريعة البقاء في الائتلاف وعدم انهيار الحكومة. في المقابل، ترى "الصهيونية الدينية" أنّ ما يجري حالياً هو فرصة لها، وأنّ تحالفها مع "الليكود" خيار مرحلي لتقوية نفسها وتيارها ليكون المتصدّر مستقبلاً، بعدما سجّلت تقدّماً في الانتخابات الأخيرة عندما حلّت كقوة ثالثة بعد "الليكود" برئاسة بنيامين نتنياهو و"هناك مستقبل" برئاسة يائير لابيد. وبتسليط الضوء على أحزاب "الصهيونية الدينية" نجد أنّها ثلاثة أحزاب هي: "هئيحود هليئومي" ("الاتحاد القومي") برئاسة بتسلئيل سموتريتش، "عوتسما يهوديت" ("قوة يهودية") برئاسة إيتمار بن غفير، وهم من أتباع الحاخام المقتول "مئير كهانا"، و"نوعام" برئاسة أفيغدور معوز.
ولا تزال أحزاب "الصهيونية الدينية" معنية بتقوية نفسها والاستعداد للانتخابات المقبلة لتكون في مكانة أقوى، وقد جاء تحالفها مطلع الشهر الحالي مع حزب البيت اليهودي تحت اسم "الحزب الديني القومي-الصهيونية الدينية" لتحقيق مزيد من القوة في الانتخابات المقبلة، خاصة في ظل وجود مؤشرات على أنّ نتنياهو قد يضحّي بها في حال قبلت أيٌّ من أحزاب الوسط المشاركة معه في الحكومة، وخاصة بيني غانتس أو يائير لابيد.
إنَّ الخلافات بين "الليكود" و"الصهيونية الدينية" يمكن تشخيصها في ثلاث نقاط تتمثّل في طبيعة الدولة، والنظرة للجيش، والأولويات السياسية؛ إذ ترى "الصهيونية الدينية" ومعها الأحزاب الحريدية بضرورة تطبيق الشريعة الدينية اليهودية في مختلف المناحي في "إسرائيل"، وهو ما يتعارض مع الخط الليبرالي الذي يسلكه "الليكود" خلال العقدين الأخيرين وخصوصاً في الاقتصاد والحقوق المدنية والفردية.
رؤية الصهيونية الدينية من حيث العقيدة على الرغم من توافقها في جزئية بناء الهيكل إلا أنّها تتعارض مع رؤية "الليكود"؛ إذ ترى أحزاب الصهيونية الدينية ضرورة العمل الفعلي تمهيداً لبناء الهيكل، وتهيئة الأمر لظهور "المسيح المخلّص" عبر السيطرة على الضفة الغربية بشكل كامل، حيث يعتقدون بنزول "المسيح المخلّص" على أحد جبالها، وهدم المسجد الأقصى، والبدء في بناء "هيكل سليمان" المزعوم مهما كلّف الأمر.
إنّ الخلاف يتركّز حول طريقة العمل، فالليكود على عكس الصهيونية الدينية يريد تغيير الواقع وتهيئة الأجواء بشكل سلس وطويل الأمد، من دون إحداث ضجة كبيرة، أو جلب حروب ومواجهات كبيرة مع الفلسطينيين أو مع محور المقاومة أو مع المسلمين بشكل عام. والمعضلة الأساسية أمام "الليكود" بقيادة نتنياهو تتمثّل في توفير بديل عن أحزاب الصهيونية الدينية يقبل الدخول في الحكومة؛ ذلك لأنّ وجودهم في الائتلاف كـ "متشددين" أدّى إلى فرض عزلة خارجية جزئية أمام حكومة الاحتلال، وبخاصة مع الولايات المتحدة الأميركية، إضافة إلى الممارسات الابتزازية المتكرّرة التي تقوم بها أحزاب "الصهيونية الدينية" لتحقيق مكاسب سريعة، وهو ما يؤدي إلى خسارة في حسابات "الليكود" فيما يتعلق بنظرية "التحالف والاستخدام" التي دأب نتنياهو على تطبيقها مع كلّ من تحالفوا معه في العقد الأخير.
وعلى عكس توقّعات نتنياهو بقدرته السيطرة على تصرفات "الصهيونية الدينية" مقابل مكاسب قليلة لأحزابها، وجد أنّ الثمن يكبر كل يوم، ولهذا يتعجّل نتنياهو تمرير التعديلات على قوانين الأساس والسيطرة على القضاء قبل وقوعه أمام ابتزاز أكبر، بل إنّه يسرّب ما بين الفينة والأخرى أنّه يفكّر في عقد تحالف مع بيني غانتس ليُقلِّم أظافر بن عفير وسموترتش ويهدّدهما بالطرد من الحكومة، لكن في المقابل فإنّ بن غفير وسموترتش يدركان أنَّ نتنياهو بحاجة ماسة إليهما، ويخشى تفكّك الحكومة، ولهذا يعتقدان بإمكانية ابتزازه مجدداً. حيث إنَّ التحالف القائم حالياً بين "الليكود" و"الصهيونية الدينية" قابل للتفكّك في أي وقت، فالليكود حال عثوره على حزب أو تحالف بديل يضمن استمرار الحكومة سيقوم رئيسه نتنياهو بركل أحزاب الصهيونية الدينية التي تسبّب له المشاكل، وتتوتّر الأوضاع الأمنية والسياسية داخلياً وخارجياً، لكنّه يجد أنّ الخيارات صعبة وشبه معدومة في الأفق المنظور. في المقابل ترى أحزاب الصهيونية الدينية أنّ نيّة نتنياهو واضحة، ولهذا تتجهّز لجولة الانتخابات المقبلة بشكل مبكِّر، عبر تحقيق أكبر قدر من الإنجازات لجمهورها اليميني المتطرف، وأيضاً عبر عقد تحالفات جديدة تعزّز من مكانتها.

 

 

البحث
الأرشيف التاريخي