الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وواحد - ٠٨ أغسطس ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وواحد - ٠٨ أغسطس ٢٠٢٣ - الصفحة ۸

الأمن الإسرائيلي بين الإئتلاف اليميني وقانون التغلّب

 

محمد جرادات
كاتب ومحلل سياسي
تتراوح المخاطر على الأمن الإسرائيلي بين 4 مستويات؛ مخاطر مباشرة وجودية، كالحرب التي تعرض لها في تشرين الثاني/أكتوبر عام 1973، ومواجهة عسكرية مباشرة، كانتفاضة الأقصى والحروب على غزة منذ عام 2014، وأضرار أمنية غير مباشرة تتمثل في عمليات أمنية متباعدة داخلياً وخارجياً، كما قد تأتي هذه الأضرار نتيجة سياسات إسرائيلية تخلق فضاءات تعرّض الأمن الإسرائيلي للضرر العام.
ولكن "أشدّ المخاطر" التي قد تقع على الأمن الإسرائيلي، هو في حال حصل تصدّع في "الجيش" الإسرائيلي، وهو أمر لم يحصل سابقاً، ولم يحصل حتى الآن رغم التحذيرات من حدوثه التي تتوالى حالياً، على خلفية انقلاب الأغلبية على القضاء، في ظل تنامي الاحتجاجات داخل "الجيش"، وخصوصاً سلاح الجوّ، وهو الأمر الذي دفع نتنياهو إلى القول إن "الدولة" يمكن أن تدار من دون سربين من الطيران، ولكن لا يمكن إدارتها بلا حكومة.
يندفع المشهد الإسرائيلي الراهن بعد نجاح الائتلاف اليميني الحاكم في إقرار قانون تغلّب الأغلبية البرلمانية على معقولية المحكمة العليا نحو خلق فضاءات واسعة للإضرار بالأمن الإسرائيلي، ناهيك باحتمال وقوع مفاجآت قد تعزز الصراعات الداخلية بعد انتهاء عهد "نحن الإخوة" الذي أعلنه زعيم المعارضة يائير لابيد.
لا ترتبط المخاطر الأمنية المحدقة بالكيان الإسرائيلي بحوادث أمنية مباشرة داخلية أو خارجية حصراً، رغم احتماليتها المتزايدة عن ذي قبل، ولكنها تتكثف رويداً رويداً نتيجة الأجواء التي تتشكل بفعل مشهدية الواقع الإسرائيلي غداة إقصاء السلطة القضائية عن دورها الضابط، لإساءة السلطة التنفيذية استخدام صلاحياتها من جهة، ولاتساع دائرة الفساد في سدنة الحكم من جهة أخرى. هذا وسبق لرئيس أركان "الجيش" هليفي أن لحظ، خلال محاضرته في مؤتمر هرتسيليا 2023، أنَّ إيران تتفوَّق على "إسرائيل" في 4 جوانب تتعلق بالمساحة وعدد السكان والمسافة وحجم الاقتصاد، ولكنه اعتبر أن كيانه يتفوق على إيران في الناتج القومي، إذ إن الناتج القومي للإسرائيلي يتجاوز 4 أضعاف الناتج القومي للإيراني.
التراجع الاقتصادي الإسرائيلي المتوقع، في ظل تصاعد الخلاف مع واشنطن، مع احتمال إضراب نقابة العمال الهستدروت ونقابة الأطباء وأكثر من 150 شركة كبرى مع قطاع الهايتك، قد يلغي العامل الخامس للتفوق الإسرائيلي على إيران، وهو الذي اعتبره هليفي عاملاً حاسماً في القوة العسكرية الإسرائيلية الرادعة في وجه تنامي القوة الإيرانية.
الارتباط الوثيق بين الاستقرار الاقتصادي والتفوق العسكري في ظلّ العقل القضائي يرشح نحو مزيد من التطورات في الكيان الإسرائيلي بعد التغوّل اليميني ضد معقولية القضاء والتوعد بالمزيد، بما يجعل المشهد انقلاباً يمينياً، ليس ضد القضاء فحسب، إنما مجمل المنظومة أيضاً، بما يساعد على بقاء اليمين المتطرف في السلطة إلى الأبد، مع سياسات أمنية قمعية داخلية وخارجية، وهو الذي دفع الآلاف من التيار العلماني الليبرالي إلى الخروج إلى الشوارع، مع استنكاف الآلاف من الضباط والجنود والطيارين عن الخدمة الاحتياطية في "الجيش".
يصرخ مستوطن ضد حريدي سكناجي قائلاً: "لازم هتلر ذبحك"، فيما يخرج مستوطن آخر مسدسه ويطلق النار في الهواء في مواجهة المتظاهرين، ناهيك بعمليات الدهس، إضافةً إلى إصابة 12 شرطياً في "تل أبيب"، مع استدعاء فرق الخيّالة لقمع المتظاهرين في مشهد مرشح للتصاعد، وإن كان قابلاً للاحتواء أيضاً، ولكنه في كلّ الأحوال مشهد غير مسبوق في تاريخ الكيان العبري. فهل ينتظر قادة المعارضة غانتس ولابيد وليبرمان وساعر، وفي ظهرهم المحكمة العليا والرئيس الأميركي، حتى جولة الانتخابات التي قد لا تأتي قريباً لإسقاط نتنياهو الذي يستبيح "كل قيم الدولة" في هذا الكيان المحفوف بالمخاطر، بحسب تعبير بايدن، أو يسارعون نحو تظاهرات وإضرابات وإجراءات أكثر قوة؟
الأيام المقبلة حبلى بالمفاجآت، رغم الكوابح الضابطة، وهي ما زالت فاعلة لضبط النزاع، ولكن إن سقط واحد منها على شاكلة ما جرى يوم اغتيل رابين أو ربما أقل من ذلك، فقد تخرج قاطرة "تل أبيب" برمتها عن سِكّة الإيقاع ليعزف كلّ طرف وفق ما يراه.

 

 

البحث
الأرشيف التاريخي