الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف ومائتان وثمانية وتسعون - ٠٥ أغسطس ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف ومائتان وثمانية وتسعون - ٠٥ أغسطس ٢٠٢٣ - الصفحة ۷

أحد المغتربين المسلمين في ألمانيا للوفاق:

لأجل حماية أطفالنا من ثقافة لا تشبهنا...نعود

الوفاق/ خاص
لأسباب متعددة ومتنوعة، اضطر كثير من المسلمين والمسلمات -تحت القهر والضغط- الهجرة إلى البلدان الأجنبية، إنه قرار لم يختره أغلبهم، ولا كانوا راضين عنه، بل هم لم يخططوا له أصلاً، وجاءهم فجأة؛ فالأحداث التي عصفت بالمنطقة العربية في السنوات الأخيرة وما سبقها جعلتهم يسيرون بهذا الاتجاه دون تفكير، ولا شك أنهم عانوا كثيراً من مشقة الانتقال والسفر، ثم من لواعج البعد عن الأهل والوطن، وفوقها من اختلاف الدين، والثقافة، والعادات، وطريقة التربية والتوجيه.
تُعاني العديد من العوائل العربية والإسلامية في أوروبا الغرب عمومًا من خطر التفكك والإنفجار إذ طرأت عليها العديد من العوامل الإجتماعية والثقافية والقانونية والتي أصبحت تُهددّ في الصميم مصير هذه العوائل والتي لم يستوعب بعضها طبيعة التضاريس الثقافية والقانونية في البيئة الجديدة ..
تحديات الأسرة المسلمة في الغرب
يُمثل الحفاظ على الأسرة في بلدان الغرب التي اضطر المسلمون إلى الهجرة إليها والإقامة فيها أهمية قصوى، تصطدم الأسرة المسلمة في الغرب بالواقع الذي يعيشون فيه والذي يُمثل أرضاً لا يتجذرون فيها، وجواً لا يملكون الانفتاح عليه، وعالماً يشعرون بالغربة فيه، من خلال مفاهيمه وعاداته وتقاليده المختلفة عن كل ما اختزنوه من أفكار ومن عاداتٍ وتقاليد.
وإذا كان الكبار البالغين قد انطلقوا من جذورٍ عميقة في انتماءاتهم الإسلامية من موقع الفكر والممارسة، فإنّ الصغار من الجيل الناشئ لم يختزن هذه العناصر في ذاته، لأن ما يحمله منها، لا يُمثل إلا بعض الكلمات الطائرة، والمفاهيم الضبابية التي لا تُلامس أعماقهم إذا كانت قد لامست بعض سلوكياتهم، وربما تكمن الخطورة في المدرسة الغربية، التي يتعلم فيها الأطفال المسلمون، إذ يتنفسون أجواء الغرب في كل مشاعره وأوضاعه وتطلعاته، كما لو كانت شيئاً طبيعياً يتحركون في داخله تماماً كما هي الأشياء الطبيعية لدى رفاقهم في الملعب وفي الصف، وربما يستغربون تعليقات آبائهم وأمهاتهم بالطريقة السلبية، كما لو كان الأمر خارجاً عن المألوف، وقد يواجهون الموقف بالمزيد من الرفض الخفي المعقد من موقف الأسرة، فيحملون في قلوبهم وعلى ألسنتهم تساؤل طفولي مرير عنوانه: لماذا يحرمونهم من المشاركة مع زميلاتهم، أو اللعب وغير ذلك ؟
إنّ المشكلة الصعبة في هذا الواقع، هي أن الجيل الجديد الناشئ، لا يملك المفاهيم الواضحة العميقة في شخصيته، ليحمي نفسه من المؤثرات المتحركة في الجو الذي أقحم فيه، والساحة التي وضع فيها. لذا، يعيش بشكلٍ ضبابي تلك الأفكار المتصلة بالله وعلاقته بالإنسان، وموقف الإنسان منه، وما هو مفهوم الحرية الشخصية لديه، وما هي قصةُ الأخلاق في ذلك كله؟
قد تنفذ بعض التعاليم إلى وعيه الشعوري، وقد تتضارب الأشياء لديه، فيعيش في حيرة عميقة بين قديمه الذي تلقاه من الأسرة، وجديده الذي تلقاه من المدرسة أو من الجو المحيط به. وربما لم يستطع أن يواجه الموقف بطريقة متوازنة تفسح المجال للأجوبة عن علامات الاستفهام الحائرة لديه، ما قد يؤدّي إلى تحطّمه من الناحية النفسية، إذا لم يصل إلى مستوى التحطّم الوجداني.
الاستيلاء على أطفال المسلمين
كذلك يكمن الخطر المحدق بالعوائل العربية والمسلمة في الدول الغربية وتحديدًا في دول شمال أوروبا في إحتضان المؤسسات الإجتماعية لهذه العوائل كونها المسؤولة عن تقديم المساعدة الإجتماعية للعوائل وهذا يجيز لها وضع خارطة طريق لأي عائلة تعيش بفضل المساعدة الإجتماعية، خارطة طريق للعمل أو الدراسة أو العمل التطبيقي، وهذه المؤسسات تملك صلاحيات واسعة قانونية وسياسية لها أن توجّه هذه الأسرة وتلك في الوجهة التي تريدها، وتملك حق الإشراف على الأسرة ومراقبتها ومراقبة الأولاد مراقبة دقيقة..
ففي ألمانيا على سبيل المثال تتزايد مخاوف الأسر اللاجئة بسبب قوانين تربية الأطفال في هذا البلد، والتي تؤدي مخالفتها إلى انتزاع الأطفال من طرف السلطات، إذ تعرضت العديد من الأسر اللاجئة إلى عملية انتزاع الأطفال، أو تلقيها إنذارات بسبب "سوء التربية".
وكشفت صرامة قوانين تربية الأطفال في ألمانيا كشفت عنها إحصائيات وأرقام صادمة صادرة عن دائرة الإحصاء الفيدرالية الألمانية، التي أعلنت سابقاً أن إجمالي عدد الأطفال الذين تم سحبهم من أُسرهم عام 2017  بلغ 84 ألفاً و230 طفلاً، من بينهم 23 ألفاً و36 ألمانياً، و60 و864 أجنبياً، هؤلاء الذي يُمثلون ثلاثة أضعاف نظرائهم الألمان.
لذا نرى ضمن سياق الخوف من تشتت أولاد الأسرة المسلمة عبر تغلغل الأفكار الخاطئة إلى عقولهم وخطر الإستيلاء عليهم من قبل المؤسسات المعنية بشؤون الأطفال، قررت العديد من هذه الأسر بالعودة إلى بلدانهم الأصلية حفاظاً على أسرهم.
في هذه المقالة نسلّط الضّوء على قرار عائلة مسلمة بالعودة إلى بلادها خوفاً من المخاطر المحدقة بأطفالها، ولقد أجرت صحيفة الوفاق مقابلة مع الأستاذ أبو حسن البحراني المغترب في ألمانيا الذي حدثنا عن أسباب عودته من ألمانيا إلى بلده، وكان الحوار التالي:
اللجوء السياسي السبب الرئيسي للهجرة
اللجوء السياسي لألمانيا السبب الرئيسي والوحيد للهجرة إلى ألمانيا وفق ما قاله الأستاذ" أبو حسن البحراني " وذلك بعد ثورة الرابع عشر من فبراير/ شباط في البحرين والحكم عليه غيابياً، وتاريخ الهجرة يعود الى أواخر عام ٢٠١٢م".
الذوبان  في المجتمعات الغربية أبرز المخاوف والأخطار
يعيش أبناء المجتمع العربي والاسلامي في ألمانيا وفق الأستاذ البحراني:" الخوف من الذوبان داخل المجتمعات الجديدة يدفع الأسر المسلمة للحرص على التمسك بذاتيتهم الثقافية وخصوصيتهم الإسلامية. غير أن هذا الحرص من طرف المسلمين في أوروبا، ومع أنه لا يعني انغلاقاً على الذّات أو انعزالاً، فهو يُفهم من طرف المسؤولين وحتى المواطنين من أصحاب الديانات الأخرى أنه تعصب وانعزال عن المشاركة في الحياة الاجتماعية، والمطلوب منا كمسلمين هو التفاعل مع المواطنين في المجتمع الأوروبي لكي تُمحى كل الأحكام السالبة المسبقة".
الاندماج مع الحفاظ على الخصوصية
يقول الأستاذ البحراني في معرض رده على سؤال عن اندماج المهاجرين في المجتمع الألماني بأن أكثر العرب والمسلمين حريصون على الاندماج الإيجابي في المجتمع الألماني باعتباره مجتمعهم، ولكن في الوقت نفسه نجد أغلبهم يرفضون التخلي عن هويتهم والذوبان، لأن ذلك في نظرهم هو انتحال لشخصية الآخر وهو ما لا تقبله العقول السليمة حتى عند مواطنيهم الألمانيين، إذن فالدمج الذي يختارونه ويدعون له هو ذلك الذي يحترم خصوصياتهم بكل اتجاهاتها الثقافية والدينية والاجتماعية وحتى التقليدية منها. أمّا عن موانع الإندماج فيلفت إلى أنه:"  يكمن  المانع الرئيسي في عنصرية الألمان تجاه المهاجرين عامة، والمسلمين خاصةً.  كما يتعلق  الموضوع بعدم قدرة المسلمين على الاندماج، ولأسباب ثقافية واجتماعية ودينية خاصة بهم".
خطر سحب الأطفال من أهاليهم
في ظل وجود خطر محدق بأطفال الأسرة المسلمة عبر قوانين خاصة بهم تسمح بسحب الأطفال من عائلاتهم يقول الأستاذ البحراني بأنه في هذه الحالة تصبح الأسرة حريصة كل الحرص على تلبية متطلبات الطفل وعدم حرمانه من أي شيء يطلبه، وهذه طريقة خاطئة في التربية، لكن الطفل يعلم بهذه الحقوق وبأن أسرته ستستجيب له لأن القانون معه، وإن لم تلبى طلباته فسيتمرد عليها، وهذه مشكلة يعاني منها الأجانب بالتحديد خوفاً من سحب الحضانة من الوالدين".
فرض المفاهيم والأفكار المخالفة للفطرة على الأسرة
يقول الأستاذ البحراني حول طريقة تعامله مع الهجمة الثقافية على الأسرة والمجتمعات المسلمة عبر طرح أفكار تهدد كيان الأسرة مثل الشذوذ الجنسي، بأن:" مسألة الشذوذ الجنسي ليست جديدة في ألمانيا فهم يثقفون الناس بأن كل شخص في ألمانيا هو حر في أن يحب من يختار، وهذا يعني أن اتجاهه الجنسي وهويته مقبولة وقابلة للاحترام من قبل الدولة. فللجميع الحق في أن يكونوا كما يشاؤون. مع العلم، أن القوانين في ألمانيا لم تكن كذلك دائمًا، فقد تم حظر المثلية الجنسية في ألمانيا لقرون عديدة وتمت محاكمة المثليين. وألغي الحظر أخيراً في عام 1994، مع العلم أن قانون معاقبة المثليين (المادة 175 من القانون الجنائي) كان موجودًا ولكنه ينفذ بصعوبة قبل عام 1994. ويضيف بالقول:" لكن اذا تظاهرت ضدها فإنك تُعرض نفسك للمحاسبة، فألمانيا والبلاد الغربية يتعاطون بازدواجية المعايير في اكثر المواضيع، ما يدفع الأسرة المسلمة لأن تبذل جهداً مضاعفًا في تثقيف أبنائها وأن تُعلن المراكز الإسلامية حالة الطوارئ في مواجهة هذا الخطر، وتكون متأهبة وحاضرة ناحية تثقيف أبناء الجاليات الإسلامية" .
خوف على الأطفال في سن المراهقة وما فوق
يلفت الأستاذ البحراني إلى :" لدي أربعة أولاد، ثلاث فتيات وولد، الكبرى في عمر الخامسة عشر والوسطى في عمر الثالثة عشر والصغرى في عمر التسعة، أصبح البنات في سن متقدمة، ما يسمح بتعليمهم الأفكار المخالفة لثقافتنا، وخاصة ًفي المرحلة الثانوية أكثر من المراحل الدراسية الأقل، وفي هذا العمر يتقبل المراهق أفكار المجتمع أكثر من إطاعته لوالديه وهذا السبب الرئيسي لمغادرتنا ألمانيا"، فنحن بالرغم من كل ما بذلناه في طفولتهم من متابعة تربوية وإسلامية لهم وخاصةً من قبل والدتهم التي لا تعمل خارج المنزل، ويبقون في المنزل معها معظم الوقت باستثناء دوام المدرسة، ولا نختلط كثيراً بالمجتمع الألماني، ونعمل دائماً على تثقيفهم بالثقافة الإسلامية وتعليمهم التعاليم الدينية ومناقشة معظم الأفكار التي يطرحونها، نخاف من ضياع أولادنا".
إلى الآن العودة من الغرب مبادرات فردية
يؤكد الأستاذ البحراني :" لا أتصور أنه ستكون هجرة عكسية للمجتمع المسلم في الغرب وإنما في الوقت الحالي لا يتعدى الأمر مبادرات فردية وهذا عائد الى التضحية التي سيقدم عليه الشخص او العائلة التي وجدت في بلدها الثاني الأمان وخصوصاً الأسر التي لديها أولاد، ودخلوا المدارس وتعلموا فيها." ويكمل مؤكداً:" بالرغم من امتلاكنا الإقامة الدائمة أنا وزوجتي، وحصول أولادي الثلاثة على الجنسية الألمانية، وبالرغم من كل الامتيازات الموجودة في ألمانيا والتي تضمن لنا العيش الكريم والأمن والأمان، إلا أننا سنتخلى عن كل هذا وننتقل الى وطنٍ ثانٍ نستطيع أن نحافظ خلاله على دين أولادنا".
ختاماً هل ستتحول هذه  المبادرات الفردية إلى هجرة جماعية تعتمدها الأسر المسلمة المغتربة في البلاد الغربية أم لا؟ هذا ما ستجيب عنه الأيام المقبلة.

 

البحث
الأرشيف التاريخي