الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف ومائتان وسبعة وتسعون - ٠١ أغسطس ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف ومائتان وسبعة وتسعون - ٠١ أغسطس ٢٠٢٣ - الصفحة ۸

«مع مادورو أكثر»..

من يكره صورة رئيس ثوري في ثوب «مقدّم برنامج»؟

محمد فرج
كاتب ومحلل سياسي
خلال برنامجه "مرحباً أيها الرئيس" (Alo Presidente)، وبعد اتصال من إحدى المسؤولات عن المجتمعات المحلية وتنمية الأحياء، طلب الرئيس الراحل، هوغو تشافيز، إلى فريق العمل، أن يجتمع بالمسؤولة بصورة مباشرة، ليتمكن من الوقوف على التفاصيل الدقيقة لمسار العمل، ويتأكد من تأمين الميزانيات واللوجستيات اللازمة لمهمات التنمية في ذلك الحي. لم تكن فكرة تشافيز بشأن التواصل المباشر مع الفنزويليين، عبر برنامج إذاعي أو تلفزيوني، قائمة على بروتوكولات الاستعراض، التي يتبناها الرؤساء والملوك في دول كثيرة في العالم، فهم كثيراً ما يشمئزّون أساساً من لمس الناس من حولهم، ويتجنّبون مصافحتهم، ولربما أن تصرفات تشافيز عبر احتضان الأطفال وتقبيل أصابعهم، وكثرة احتضان مادورو بدفء للفنزويليين من حوله، تبدو جميعها سلوكاً غريباً بالنسبة إلى رؤساء الغرب، أو الملوك المتحصِّنين في قصورهم المعقَّمة.
الفكرة، التي طمح إليها تشافيز ببساطة، هي الديمقراطية التشاركية؛ أي التواصل المباشر مع الفنزويليين، وإن لم يكن في الإمكان أن يساعد على حل جميع المشاكل، إلّا أنه يخلق روحاً عامة بين المواطنين في العمل العام، وشعور المسؤولين بعين المحاسبة التي تتجوّل على العينات العشوائية من المشاريع، من أجل التفحّص والتثبت. يسير مبدأ الديمقراطية التشاركية ببساطة عكس اتجاه الديمقراطية الغربية، التي يدخل الرئيس فيها كل 4 أعوام قصره الرئاسي، ويختفي عن الازدحام المزعج، إلّا في لحظات الخطاب الانتخابي. أحرج هذا الظهور المتكرر لتشافيز عبر الإعلام (انطلاقاً من مبدأ الديمقراطية التشاركية) الدعايات الغربية، التي تصفه بـ"الديكتاتور".
مع مادورو أكثر
وسّع الرئيس نيكولاس مادورو التجربة، وإن جاز التعبير، تمكّن من صياغة شكل متلائم مع شروط المرحلة الجديدة لفنزويلا، التي تعرّضت فيها للموجة الأعلى من الإعلام المعادي للثورة البوليفارية، وله شخصياً. يدرك مادورو أهمية الحديث عن إنجازات الحكومة البوليفارية، ولا سيما مع اختصار الصورة في الإعلام الغربي بشأن فنزويلا في التعب الاقتصادي والتضخم المالي، من دون أدنى ذكر للعقوبات والحصار الأميركيين المفروضين على البلاد، من دون نتائج ملموسة في خلخلة الالتفاف الشعبي حول المشروع. وفي برنامجه، في فقرة "الأسبوع الرئاسي"، يتحدث مادورو عن المهمات التي أدّاها شخصياً خلال الأسبوع، كأنه يقدّم مرافعته الخاصة للفنزويليين بشأن تأدية الواجب كرئيس للدولة (في العودة إلى مبدأ الديمقراطية التشاركية في مواجهة الديمقراطية الغربية، أن تحدث مرافعة من هذا النوع أسبوعياً، فذلك أفضل من أن تحدث كل 4 أعوام).
في الحلقة، التي بدأت معها قناة "الميادين" عرض البرنامج على المشاهدين العرب، يقدّم مادورو تقريره الأسبوعي، ليتحدث عن المشاركة في الاستعراض العسكري للجيش البوليفاري في تموز/يوليو، وزيارة رئيسة باربادوس، إحدى الجزر الصغيرة إلى الشمال الشرقي من فنزويلا، ليتحدث معها عن رحلات الماضي التي جمعت بين البلدين عبر استخدام شركة طيران غير مخصخصة وغير فاسدة، ويتحدث عن شركة كونفاسيا، التي أغرقتها الولايات المتحدة بالعقوبات، ويفكر معها في تحالف "بتروكاريبي" يخلص البلدان من اتفاقيات التجارة المخادعة الأميركية. كم يلزم المشاهد العربي أن يستمع إلى كل تلك الأحداث، على لسان رئيس تعرّض لمحاولات الاغتيال، وقرّر أن يفعل ذلك عبر رداء موقت كـ"مقدم برنامج"، بكل تواضع؟
ببساطة وعفوية، يوعز مادورو، خلال الحلقة، إلى فريق الإنتاج في تعزيز التعاون مع "الميادين"، وتبادل الفيديوهات، ويُحَيّي رئيس مجلس إدارتها، غسان بن جدو، الذي قرّر الحضور العادي ضمن كادر البرنامج، بعد الجلوس، عدة مرات، في الكرسي المقابل للرئيس في مقابلات مطوّلة ومتخصصة. حدث كل ذلك بانسيابية التماثل بين ملامح التجربة اللاتينية والتجربة العربية.
يُعيد مادورو في البرنامج الاعتبار إلى مصطلحات ذوّبتها ميوعة السياسة الحديثة، وسخافة السوشال ميديا. ويتحدث، في فقرة خاصة، عن "الحكم الرشيد"، وإمكان قياسه بأدوات حديثة مستندة إلى الرصد وتحليل البيانات، ولا ينسى الحديث عن المنجزات العلمية عبر استضافة رئيس مختبر البيئة والمناخ.
صحيح أن البرنامج ينطلق من وقائع فنزويلية خاصة، إلّا أن عرضه عبر شاشة "الميادين" يمثّل ضرورة، منطلقة من بعدين: الأول أن هذه الوقائع تتفاعل مع ظروف وشروط دولية، نتعرض لها نحن، كما يتعرض لها اللاتينيون (العقوبات، الحصار، محاولات تفكيك الدول والجيوش، قطع الطريق على التنمية... إلخ)، والثاني أن الحلول المعروضة خلال النقاش قابلة ببساطة للنسخ والتجريب. يكره الغرب صورة رئيس ثوري ومُعادٍ لسياساته يُطِلّ عبر شاشة تلفاز، يحاور ويتحدث أسبوعياً، ويلتقي المسؤولين والناس، فذلك يتعارض مع دعاية الغرب عن الرئيس "الشمولي المتخفي وموصد الأبواب".

 

 

البحث
الأرشيف التاريخي