الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف ومائتان وستة وتسعون - ٣١ يوليو ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف ومائتان وستة وتسعون - ٣١ يوليو ٢٠٢٣ - الصفحة ۸

لماذا يستخدم الغرب «الخداع» مع روسيا؟

 

ليلى نقولا
استاذة العلاقات الدولية
في معرض تراجع روسيا عن استئناف "اتفاق الحبوب" الذي سمح لأوكرانيا قبل عام بتصدير الحبوب من موانئها على البحر الأسود، أكَّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الدول الغربية لم تلتزم بما تم الاتفاق عليه ضمن هذا البرنامج الذي انخرطت فيه روسيا تخفيفاً لحدة أزمة الغذاء العالمية. وقد اتّهم بوتين الدول الغربية بأنها طبّقت ما يناسبها من اتفاق الحبوب، و"تجاهلت مذكرة تفاهم موازية تمّ توقيعها، وتنص على إعفاء الصادرات الروسية من الحبوب والأسمدة من العقوبات الغربية"، مقابل قيام الروس بتيسير نقل الحبوب من الموانئ الأوكرانية. ولفت بوتين إلى أنّ الغرب استغلّ "الأهمية الإنسانية" لهذا الاتفاق، فاستخدمه للابتزاز السياسي، ولإمداد أوكرانيا بالأموال وتيسير تصدير حبوبها مقابل خسارة المزارعين الروس، وأنه جعل الاتفاق أداة لإثراء الشركات العابرة للدول والمضاربين في السوق العالمية للحبوب، بحسب تعبيره.
وقد لا تكون المرة الأولى التي يكشف فيها الروس عن "الخداع الذي مارسه الغرب معهم" وعدم التزامهم بالاتفاقيات الدولية؛ ففي وقت سابق، كشفت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل أن اتفاقيات مينسك حول أوكرانيا كانت "خدعة أوروبية" لروسيا (تنص اتفاقيات مينسك على حل الأزمة في شرق أوكرانيا، ووقف إطلاق النار، وسحب الأسلحة الثقيلة من خطوط التماس، وعدم التعرض للمدنيين المتحدثين بالروسية في تلك المناطق). يثير هذا "الخداع" وعدم الالتزام بالاتفاقيات مسألة جوهرية في القانون الدولي، وفي قانون المعاهدات الدولي على وجه الخصوص، وهو مبدأ "حسن النية".
في قانون المعاهدات الدولية:
يعدّ مبدأ حسن النية من المبادئ الأساسية في قانون المعاهدات الدولية، فقد نصَّت اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969 على هذا المبدأ في مادتها 26 المعنونة "العقد شريعة المتعاقدين"، التي تنص على أن "كل معاهدة نافذة ملزمة لأطرافها وعليهم تنفيذها بحسن نية". وفي المادة 29، ثمة نص واضح يشير إلى أن "نصوص المعاهدة ملزمة لكل طرف فيها بالنسبة إلى كامل إقليمه".
 في ميثاق الأمم المتحدة
نصّت مقدمة ميثاق الأمم المتحدة على وجوب قيام الدول الأعضاء "باحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي"، وأشارت إلى مبدأ "حسن النية" في المادة 2 من الميثاق، إذ لفتت إلى أن الأعضاء "يقومون بحسن نية ‏بالالتزامات التي أخذوها على أنفسهم بهذا الميثاق."
محكمة العدل الدولية
تنص المادة 38 (1) (ج) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية على أنّ المحكمة "تطبق المبادئ العامة للقانون المعترف به من قبل الدول المتحضرة". وقد تمّ تفسير هذا البند بأن المحكمة، عندما لا تستطيع الاستناد إلى قانون المعاهدات أو القانون العرفي للوصول إلى حكم ما، تلجأ إلى المبادئ العامة للقانون، وخصوصاً مبدأ "حسن النية"، وهو الأهم في تلك المبادئ، إذ يشكّل أساساً للعديد من القواعد القانونية الدولية. وفي النتيجة، خالف الغرب مبادئ "حسن النية" في تنفيذ الاتفاقيات التي تمّ توقيعها مع الروس. ولم يكشف الروس ذلك وحدهم، بل إن ميركل وهولاند أيضاً أكدا قيامهما بذلك أيضاً في اتفاقيات مينسك، وهذا يعيدنا بالذاكرة إلى كل التجارب المستمرة بين الروس والأوروبيين منذ تفكك الاتحاد السوفياتي، ووعد الغرب لغورباتشوف بأن الناتو لن يتمدد شرقاً، ثم التراجع والإعلان عن سياسة الأبواب المفتوحة التي اعتمدها الناتو، الذي ضمّ إليه معظم دول أوروبا الشرقية، فتم تطويق روسيا.
ما سبق يشير إلى أن الغرب لم ينظر يوماً إلى روسيا كشريك دولي حتى بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، وأن الأوروبيين استمروا في النظر إليها كعدو محتمل حتى في أكثر أوقاتها ضعفاً، وفي ظل أفضل العلاقات التجارية والاقتصادية معها... لذا، اعتمدوا مبدأ "الخداع"، وتهربوا من وعودهم ومن الاتفاقيات الدولية القائمة معها.

 

 

البحث
الأرشيف التاريخي