بحضور حشود كبيرة من المؤمنين
عشاق الامام الحسين (ع) في ايران يحيون عاشوراء بقلوب حرّى
أحيا الملايين من محبي أهل البيت في ايران اليوم العاشر من محرم الحرام ذكرى عاشوراء استشهاد الامام الحسين عليه السلام وأهل بيته وصحبه الابرار بإقامة مراسم العزاء في جميع أرجاء البلاد. اتّشحت المدن الايرانية بالسواد واقميت مراسم ومجالس عزاء ومواكب حسينية احياءا لذكرى استشهاد ابي الاحرار الامام الحسين عليه السلام. وشهدت العاصمة طهران والمدن الاخرى في ايران الاسلامية تسيير مواكب العزاء في الشوارع والساحات العامة وإقامة المجالس في المساجد والحسينيات بحضور حشود كبيرة من المؤمنين وعشاق الامام الحسين عليه السلام. وتُقرأ في مجالس العزاء الاشعار والمراثي وقصة استشهاد الامام الحسين عليه السلام وأهل بيته وصحبه الابرار في يوم عاشوراء (المقتل) من قبل الخطباء والمنشدين فيما يعزي عشاق الامام الحسين(ع) بالبكاء والنحيب واللطم على الصدور في مجموعات منتظمة واقامة صلاة الجماعة ظهر يوم عاشوراء في جميع الساحات والشوارع والاماكن العامة، وكل محافظة من ايران لها عاداتها وتقاليدها الخاصة بهذا الشهر الحرام وفيما يلي تقاليد بعض المحافظات.
اربعين منبرا في محافظة جيلان
طقوس محرم في جيلان تشابه طقوس العاصمة طهران حيث يقوم الاهالي بنصب السواد وخروج المواكب والمعزين الى الشوارع ورفع الاعلام من اليوم الاول الى اليوم الثالث عشر من شهر محرم من كل عام .
طقوس رفع الاعلام تبدأ من اليوم الاول الى اليوم السابع من محرم الحرام في جميع المناطق والمدن والارياف في محافظة جيلان. يتم رفع الاعلام السوداء فوق ابواب المساجد وفوق قبابها والكثير من الاهالي يرفعون الاعلام السوداء فوق ابواب بيوتهم .
اما النذر في محافظة جيلان له طقوسه الخاصه، يتم طبخ نوع خاص من الكيك يسمى «کشته» وهو من الطحين، السكر، الماء والدهن ويتم طبخه في تنور البيت. يتم توزيع الكيك مع الشربت على المعزين .
يتم صنع الشربت من العرقيات الخاصة ويتم توزيعه على الهيئات او وضعه في مخازن امام الحسينات ليشرب المعزين منه.
في هذه الايام يكون مراقد كل من السيد سلطان سيد جلالالدين اشرف في آستانه اشرفيه والسيد هاشم في طريق رشت الى رودبار اكثر ازدحاما وتقام فيهما مراسم العزاء بشكل مستمر يوميا .
اما طقوس الاربعين منبر من المراسم التي تقام في يوم التاسع من محرم في اغلب مدن جيلان، في هذه المراسم التي تبدأ من غروب شمس يوم التاسع من محرم الحرام، ويقوم الافراد اصحاب الحوائج بنصب طاولة ويضعون عليها اناء مملوءا من الرز واخر من التمر مع مقدار من الشموع بالقرب من المساجد والحسينيات ومع غروب الشمس فان المعزين اصحاب الحوائج يأتون حفاة الاقدام ومعهم 72 شمعة و72 حبة تمر ترمز لعدد شهداء كربلاء ويمرون بجوار اربعين طاولة (منبر)، يقومون بايقاد شمعة واحدة ويضعون حبة واحدة من التمر على الطاولة ويأخذون مقدار من الرز وتتكرر العملية عند اربعين طاولة، وفي يوم العاشر من المحرم يقوم اصحاب الحوائج بطبخ الرز المأخود من المنابر في البيت واكله لقضاء حوائجهم.
واليوم الثامن من محرم يقوم المعزون بالتجوال في شوارع المدن وكل واحد منهم يحمل قطعتين من الكرب ويطرقها ببعضها ويستمر هذا الطقس الى اليوم السابع عشر من محرم، الكرب هو قطعة من الخشب على شكل اسطواني بوزن يتراوح من 400-600 غرام ومقسمة الى قسمين وفيها حزام يمسك اليد .
وطقوس لال بله: تقوم النساء المصابات بمرض واصحاب الحوائج في ايام محرم بلبس النقاب والتشادور والتجول في المدينة وهن يحملن معهن ملعقة واناء ويطرقن الابواب وعندما يفتح لهن الباب يقدمن الملعقة والاناء لصاحب البيت بدون كلام يصدر منهم ويذهب صاحب البيت ويضع قليلا من الرز في الاناء ويقدمه لهن وتكرر العملية عند اربعين او 72 بيتا وبعدها ترجع المرأة الى بيتها وتاكل الطعام مع افراد عائلتها بنية استجابة حوائجها التي لايعرفها غيرها . ولال بله: تتكون من جزءين لال تعني الخرساء بله يعني الرز، بما ان النساء يطلبن الرز بدون كلام اطلق على هذه الطقوس لال بله .
واما مراسم رفع الرايات في ماسولة يجمع أهالي أربعة مناطق في مدينة «ماسوله» الرايات الحسينية ليقوم عدد من الرجال ممن يحظون باحترام الجميع برفع الرايات وحملها إلى مرقد الامام «عون بن محمد»، وهناك يقوم بعض الأشخاص بلف سواري الرايات باللون الأخضر، ثم يعاد نقلها إلى وسط المدينة عبر طريق خاص لترفع على المساجد والأسواق والحارات، وفي يوم تاسوعاء يتم تبديل اللون الأخضر بالأسود.
مراسم نخل المآتم في يزد
مراسم نخل المآتم هي أحد مراسم العزاء التي تجري بشكل واسع في مختلف أرجاء ايران، والتي تتأثر بالطقوس والتقاليد الثقافية والاجتماعية الخاصة التي تشهدها كل منطقة.
تقام هذه المراسم التي ترمز الى تشييع الجثمان الطاهر لسيد الشهداء أبي الضيم الإمام حسين بن علي (ع)، في يوم عاشوراء، في أرجاء ايران.
تاريخ هذه المراسم الخاصة بالعزاء والمصاب الحسيني الجلل يعود الى العصور والحقب التاريخية التي سبقت العهد الصفوي. النخل في اللغة الفارسية غالباً ما يعني شجرة التمر، وفي لسان العامة يطلق على كل شجرة أو شجيرة للزينة، بيد أن النخل في مراسم العزاء الحسيني عبارة عن غرفة خشبية على شكل الهودج تشبه تابوتاً كبيراً، يحمل على الأكتاف. هذه الغرفة الخشبية تصنع على شكل المستطيل ولها أعمدة وأوتاد خشبية كذلك في جميع جوانبها الأربعة، تشكل في الحقيقة مقابض الغرفة هذه فضلاً عن أن الواجهة الظاهرية لأعلام النخيل تختلف عن بعضها البعض من حيث ارتفاعها وطولها وعرضها وأشكالها القوسية.
يتم تزيين هذه الأعلام او الهوادج بشجرة التمر عادة ما في الايام العشرة الأولى من شهر محرم الحرام وفي أحيان يتم تزيينها قبل يومين او ثلاثة ايام من اليوم التاسع لشهر محرم أي يوم تاسوعاء.
وحسب تقليد قائم منذ الماضي في الكثير من القرى الايرانية، تتولى عائلة معينة مسؤولية تزيين علم العزاء هذا، والحفاظ على مستلزمات الزينة الخاصة بالنخل.
عندما يحل يوم عاشوراء، يحمل الشبان المعزون هذا النخل المزين والمتشح بالسواد على أكتافهم ويجوبون به أزقة وأحياء القرية، تتبعهم مواكب العزاء والماتم الحسيني. وفي أحيان، يحمل المعزون علم العزاء هذا الى البقاع والمراقد المقدسة او مجالس العزاء والحسينيات. يذكر أن بعضاً من هذه الأعلام كبيرة الحجم وثقيلة جداً، مما يتطلب رجالاً أقوياء لحملها قد يتجاوز عددهم عشرة أشخاص.
كما أن لكل موكب عزاء يحمل النخل، دليلاً ومرشداً يسير بالموكب في ممرات خاصة، وذلك من اجل انشاد المراثي الحسينية ناهيك عن أن حاملي الأعلام يأخذون قسطاً من الراحة. حاملو النخل المتشح بالسواد يمسكون المقابض الأربعة للعلم ويضعونها على أكتافهم من خلال مخدات صغيرة، مرددين شعار «يا حسين».
وبعد غروب يوم عاشوراء وانتهاء مراسم ليلة عاشوراء الحزينة، يتم إرجاع أعلام النخل الى أماكنها في الحسينيات او مجالس العزاء.
مراسم "شاه حسين" في محافظة اذربايجان الشرقية
تجرى مراسم "شاه حسين " بين أهالي محافظة أذربايجان الشرقية حيث تعكس التزام معتقدات سكانها من جهة والخصوصية الثقافية والتاريخية لهذه المدن من اللطم المشهور إلى قرع الطبول وقراءة المراثي.
تناقل أهالي محافظة أذربايجان العديد من العادات والتقاليد المرتبطة بمحرم وعاشوراء أشهرها "شاه حسين" التي تبدأ من أواخر شهر ذي الحجة وتستمر حتى ظهر يوم عاشوراء، ينشد المشاركون في العزاء الحسيني عبارات خاصة مع حركات محددة باستخدام العصا التي تستخدم حالياً بدلاً عن السيف.
يقف المعزون بشكل منتظم في هذه المراسم يضعون العصا على الأرض ويرددون بصوت عالٍ "شاخ سي" أي (الشاه حسين)، ثم يرفعون العصا نحو الأعلى لتصل إلى مفرق الرأس ويرددون بصوت عالٍ "واخ سي" إي (واي حسين)، كما يضع المشاركون ايديهم على أكتاف بعضهم الآخر كدليل على الوحدة والتماسك.
وتشير هذه الحركة إلى حرب الامام الحسين(ع) وأصحابه عليهم السلام مع يزيد بن معاوية في صحراء كربلاء.
رفع العلم في محافظة خراسان الجنوبية
اندمجت ثقافة عاشوراء مع شؤون حياة الشعب الإيراني وكل ما يتعلمه من العادات والأمثال والمعتقدات، حيث تُظهر هذا الثقافة في قرية «درخش» بمدينة درميان بمحافظة خراسان الجنوبية شرق إيران.
وفي قرية درخش القديمة تقام طقوس قديمة في أيام محرم بين السادة وأهل هذه القرية، أهمها طقوس رفع وشد أعلام العزاء (علم بندان وعلم كرداني)، حيث يُغطى في مراسم خاصة 12 علماً باسم اثني عشر إماما (عليهم السلام) وعلمان باسم السيدة فاطمة الزهراء(سلام الله عليها) وأبي الفضل العباس(ع) بأقمشة مختلفة وجميلة.
ومراسم رفع وشد أعلام العزاء من أقدم الطقوس في شمال شرقي إيران لإحياء ذكرى عاشوراء ولا تزال قائمة بعد مئات السنين وتنتقل من جيل إلى آخر.
مراسم دهن الطين في محافظة كردستان
(دهن الطين) من طقوس العزاء في تلك المناطق والتي لها جذور في تاريخ اهالي كردستان المسلمين ويقام سنويا في يوم العاشر من محرم في مدينة بيجار الكردية، من خلال هذه المراسم يقوم الاهالي باثبات ولائهم لاهل البيت عليهم السلام ويشتركون في عزاء الامام الحسين عليه السلام واصحابه الكرام.
تقام طقوس (التلطيخ بالطين) منذ فجر اليوم العاشر من محرم وبنظم وترتيب خاص وبحضور الناس في الشوارع، تبدأ مقدمات المراسم قبل اسبوعين من يوم عاشوراء وذلك بتحضير التراب الخاص الذي يتم جلبه من اطراف المدينة وتصفيته وفي يوم عاشوراء يوضع في اواني باحجام مختلفة ويتم اضافة الماء اليه ليصبح طين وبعد ذلك يقوم المعزين بوضع كميات منه على ملابسهم وكذلك على وجوههم وتبدء مراسم عزاء الامام الحسين عليه السلام.
يقوم جميع اهالي بيجار بالحضور الى الشوارع يوم العاشر من محرم وهم يرفعون شعار ياحسين ياحسين ويذهب الجميع الى الحسينية المركزية في بيجار حيث تقام مراسم العزاء لجميع المواكب والهيئات.
تقام مراسم مشابهة في قرى وارياف بيجار ويشارك الجميع في احياء ذكرى استشهاد الامام الحسين واصحابة الكرام .
يعتقد اهالي بيجار بان اجدادهم عندما سمعوا بذهاب الامام الحسين الى كربلاء ذهبوا لمساعدته ولكن عند منتصف الطريق سمعوا باستشهاده، لذا اخذوا يهملون التراب والطين على رؤوسهم ويندبون الحسين عليه السلام واصحابه، لذا بقي هذا العمل عند احفادهم ليومنا هذا وفي كل عام في اليوم العاشر من محرم .
مراسم "جاووش عزاء" في كاشان
يمتاز اهالي مدينة كاشان كما في سائر مدن ايران بأداء مراسم عاشوراء الامام الحسين عليه السلام بكل اكبار وعظمة ووقار، هناك بعض الطقوس الخاصة بمدينة كاشان ومنها حمل النعش (نخل) في يوم عاشوراء.
النخل هو هودج كبير وعليه خيمة، يقوم مجموعة من الرجال برفع النخل فوق رؤوسهم والطواف به في مكان يجتمع فيه المعزين، يعتبر اهالي كاشان ان مراسم النخل من واجبات يوم عاشوراء، هناك قول يتناقله اهالي المدينة وهو ان عندما رضاخان البهلوي امر بمنع نصب التكايا والهيئات الحسينية، في ذلك العام وفي العاشر من محرم تحرك النخل من مكانه وتقدم عدة خطوات بدون ان يقوم احد بتحريكه .
في اليوم التاسع من محرم يقوم اهالي كاشان بتوزيع نوع من الخبز يسمى «خبز عباسعلي» الخبز ويقدم الخبز مع اللبن فقط كنذر من اجل صحة وسلامة الاطفال .
وفي نوش آباد التي تبعد 8 كيلومترات شمال كاشان في قلب الصحراء من مساء يوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة بمراسم يطلق عليها "سقاخواني " في الهيئات والحسينيات، وهي جلوس مجموعة من المعزين وعلى شكل حلقات دائرية ويقومون بترديد الاشعار الحزينة التي تصف وقائع كربلاء بنغمة وريتم حزين جدا.
يقوم "السقائون" بالتجول في ازقة المدينة يوم 29 ذي الحجة معلنين قدوم شهر محرم، كذلك في يوم العاشر من محرم تقام مراسم "سقاخواني"، يقوم السادة بوضع قطعة قماش اخضر على اكتافهم ويسيرون في مقدمة الموكب ويقرأون الاشعار الحزينة.
من الطقوس الاخرى في نوش آباد هو الجرس الحيدري وله قدسية خاصة حيث يتم تعليق الجرس على اطراف المنبر الحسيني في الحسينيات .