معركة جرود عرسال...
كيف افقدت المقاومة الإرهابيين توازنهم منذ اللحظات الأولى
خليل نصر الله
موقع العهد الاخباري
فجر الحادي والعشرين من تموز، عند الخامسة صباحًا، بدأت المقاومة تنفيذ وعد أمينها العام السيد حسن نصر الله عند الحدود الشرقية للبنان، تحديدًا في جرود عرسال، حيث آخر بقع وجود إرهابيي جبهة "النصرة". وقبل المعركة بمدة، وفي أكثر من مناسبة، منحت المقاومة الإرهابيين فرصة تسليم المنطقة والرحيل عنها. قدر قائد جبهة "النصرة" في تلك المنطقة أبو مالك التلي خطأ أنه يستطيع الصمود، ويمكنه فرض أمر واقع، خصوصًا مع ما كان يسرب عن محاولة أميركية لفرض نظام "خفض التصعيد" على تلك المنطقة، أسوة بمناطق
أخرى.
انتهت المهلة، وكانت المواجهة. لم تتردد المقاومة فيها لحظة، بل بادرت بإطلاقها.
ميدانيا، ومع تراكم خبرات المقاومة في القتال بمختلف التضاريس، تمكنت من إفقاد الإرهابيين توازنهم منذ الساعات الأولى للعملية، ووصلت إلى نقاط حساسة تابعة لهم، منها غرف عمليات ميدانية، وفتحت منذ اليوم الأول الباب أمام إنهاء الوجود الارهابي بأي ثمن، فهي دفعت متزعم "النصرة" إلى التفاوض تحت النار، خصوصًا أنه كان يفكر بمكتسبات شخصية، بعدما تيقن أن لا قدرة لرعاة الإرهاب على إنقاذه.
سياسيا، أنهت تلك المعركة أي رهانات أميركية على إبقاء بقعة الإرهاب تلك تحت أي من المسميات، وكذلك بالنسبة إلى قوى سياسية لبنانية كانت تدور في الفلك الأميركي وجندت نفسها طوال سنوات مضت على تبرئة الإرهاب بوصفه امتدادا لما كانت تصفه بالثورة السورية، وعليه شهدنا صمتًا مطبقًا في تلك الأيام خصوصًا مع ما اعتبر خسارة مدوية لكل من راهن على الإرهاب لتحقيق مكاسب داخلية.
في معارك الجرود، نجحت المقاومة في تأمين العمق اللبناني من الخروقات الأمنية، خصوصًا السيارات المفخخة التي كان مصدرها الرئيس تلك المنطقة بعد تطهير القلمون وكامل مناطق السلسلة في وقت سابق. في تلك المرحلة، حدثت العملية عن نفسها، وهو ما انسحب لاحقًا على عملية وإن عدتم عدنا، المتلازمة مع عملية فجر الجرود، التي بترت يد إرهابيي "داعش" في جرود رأس بعلبك والقاع، والتي أكملت عملية تطهير المنطقة فكان
التحرير الثاني.
في معركة جرود عرسال حدثت المعركة عن نفسها، وكانت إشاراتها تصل إلى كل من تربص بالمقاومة وراهن على استنزاف قدراتها في سوريا، تحديدًا في "تل أبيب"، التي أصيبت بنكسة مزدوجة، الأولى أن حزب الله أمن ظهر المقاومة عند حدود لبنان الشرقية، والثانية أن من نفذوا العملية في التلال والجبال كانوا يضعون نصب أعينهم الجليل في شمال فلسطين المحتلة بل أبعد. وفي ذكرى معركة جرود عرسال لا بد من استذكار المشاهد الكربلائية لفئة آمنت بربها فانتصرت، ولا زالت مشاهد الالتحام ماثلة أمامنا، وفيها بشائر لزمن الانتصارات الذي ما زلنا نعيشه وصورته تكتمل شيئا فشيئا.