الشيخ باز في حوار مع الوفاق يكشف حقائق جديدة عن دور اللوبي الصهيوني:
مخطط آميا بدأ بعد إتفاق نووی بین ایران والأرجنتین
حميد مهدوي راد
أجرت صحيفة الوفاق مقابلة مع إحدى الشخصيات الاسلامية البارزة في الأرجنتين، وحاورته حول طبيعة العلاقات التي تربط بلاده مع إيران، وكيفية نفوذ الصهاينة ووجودهم في الأرجنتين. هذه الشخصية البارزة هو العالم الديني والناشط الثقافي حجة الاسلام الشيخ عبدالكريم باز، الذي درس العلوم الإسلامية في المدرسة الدينية في قم المقدسة لفترة طويلة بعد اعتناقه الدين الإسلامي، وهو يتقن اللغة الفارسية بالكامل، وقد تحدث بعبارات مثيرة للاهتمام حول حادثة الانفجار التي حصلت في المركز اليهودي في بوينس آيرس، وقد ذكر خلال المقابلة الأمور الخفية لهذه الحادثة ودور اللوبي الصهيوني في التأثير سلباً على العلاقات بين إيران والأرجنتين. وفيما يلي نص الحوار الذي أجرته صحيفة الوفاق مع السيد باز :
ما دور اللوبي الصهيوني الأرجنتيني في عدم استقرار العلاقات بين إيران والأرجنتين؟
للإجابة على هذا السؤال، يجب أن نعرف أولاً أن الأرجنتين كانت واحدة من الدول الثلاث الذي كان هرتزل واليهود مهتمين بها في مؤتمر "بال" في سويسرا. كانت الدول الثلاث هي الأرجنتين في أمريكا اللاتينية، وأوغندا في إفريقيا، وفلسطين في الشرق الأوسط، جميعها كانت تحت وصاية وسيطرة الاستعمار البريطاني العجوز. ومن خلال استغلال قدسية الدين اليهودي وأرض الميعاد ( فلسطين)، تمكن اليهود من إقناع زعمائهم، بأن فلسطين هي المكان الأفضل والأكثر جاذبية لتكوين دولة يهودية وصهيونية، ويمكن نقل اليهود إليها. لكنهم ما زالوا يراقبون الأرجنتين ولم تخرج من نطاق أطماعهم. وعلى الرغم من أن الأرجنتين لم يتم اختيارها كدولة يهودية، إلا أن وجود وتأثير اليهود له أهمية ومكانة خاصة بالنسبة لهم. لأن بريطانيا كانت واحدة من القوى العظمى، فقد لجأ اليهود إلى إنجلترا وتمكنوا من استغلال قوتها لتحقيق أهدافهم. بمرور الوقت، عندما تشكلت دولة "إسرائيل" المزيفة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، اعترفت الأرجنتين بـ "إسرائيل"، وعلى الرغم من أن الأرجنتين كانت دولة قومية ومناهضة للإمبريالية والاستعمار والشيوعية، إلا أنها كانت تحت ضغط القوى العظمى. وبتأثير النفوذ اليهودي اعترفت بـ "إسرائيل" وأقامت علاقة معها. لكن هذه العلاقة لم تكن قوية جدًا. على الرغم من اختيار فلسطين لتشكيل كيان صهيوني محتل، إلا أن هذا لا يعني أن الأرجنتين قد تنفست الصعداء، لان اليهود لايزال لديهم اطماع بالارجنتين ويعملون على تطوير وجودهم ونفوذهم في الأرجنتين حتى تكون أيضًا تحت سيطرة الصهاينة. لكن هذا الامر لن يتحقق بسهولة، فالصهاينة يعملون على زيادة وجودهم ونفوذهم في الأرجنتين باستخدام أغطية سياسية واقتصادية وتجارية مختلفة على وجه الخصوص. لكن هل سوف ينجحون بذلك أم لا ؟ هذه مسألة أخرى ويجب تحليلها. في رأيي، إذا فشل مشروع توطين الصهاينة في فلسطين، فلن يصبح الصهاينة قادرين على التعامل مع قضية الأرجنتين، كما أن إقامة دولة بديلة في الأرجنتين سيكون مشروعًا فاشلاً.
إن الشعب الأرجنتيني بطبيعته يبغض الاحتلال والمحتلين وفي الحقيقة أن نفوذ ووجود الصهاينة في الأرجنتين حتى اليوم يعود الى الغطاء المنمق الذي يختفي وراءه الصهاينة ليتمكنوا من تحقيق أهدافهم عبر استغلال الأنشطة الاقتصادية التي مارسوها ويمارسونها في الأرجنتين، ولكن شيئًا فشيئًا اصبح الشعب الارجنتيني يتعرف على حقيقة ونوع هذه الأنشطة.
فقد كان دور ووظيفة الصهاينة في الأرجنتين مهمين للغاية من بعض النواحي، وكان من وظيفتهم قطع الاتصال بين الجمهورية الإسلامية الايرانية والأرجنتين. لذلك عمد اليهود الصهاينة في الأرجنتين الى التخطيط لمؤامرتين شريرتين. تمثل بوقوع الانفجار الأول عام 1992 في السفارة "الإسرائيلية" في الأرجنتين. ولم تكن طبيعة ونوعية هذا الانفجار واضحة بالنسبة للاجهزة الامنية في الارجنتين .
وحول سؤالنا عن الاشخاص أو الجهات المتورطة ؟ أجاب قائلا: لم يتم تحديد ما إذا كان الانفجار عرضي أو مخطط له. وكانت الظنون تتجه أنه من الطبيعي أن الصهاينة كانت لديهم بعض الأسلحة والذخائر في السفارة وأن هذا العتاد العسكري قد انفجر لأسباب وعوامل مجهولة. وبما أن نظام الصواريخ الأرجنتيني قد تم تسليمه إلى الولايات المتحدة، فمن المتوقع أن تكون بعض الصواريخ قد أعطيت أيضًا "للإسرائيليين". وكان من الواضح أن "إسرائيل" قد وجهت اصابع الاتهام بشأن الانفجار منذ اللحظة الاولى نحو ايران. لكن الصهاينة لم يتمكنوا من تقديم أية وثائق وأدلة، وبالنسبة لجهاز الأمن الأرجنتيني والنظام القضائي الأرجنتيني، كانت هذه القضية غامضة بالنسبة له وغير قابلة للإثبات. لذلك، ومن أجل إثبات تورط إيران في الانفجار الأول، كان عليهم تنظيم انفجار ثان. وفعلا وقع الانفجار الثاني في عام 1994 في المركز اليهودي بالأرجنتين المسمى "آميا".
على الرغم من أن أسباب وعوامل الانفجار الأول كانت غامضة وغير واضحة، إلا أن الانفجار الثاني كان بلا شك مخططًا له. حيث كان يتم الاحتفاظ بكميات كبيرة من المتفجرات في هذا المركز وزعم الصهاينة بأن سيارة قد ارتطمت بجدار المركز ما سببت الانفجار. ولم يتم العثور على السيارة التي زعموا أنها اصطدمت بجدار السفارة. طبعا هذه القصة طويلة وتتجاوز صبركم وقراء جريدة الوفاق المحترمين. لكن باختصار، لم يتم العثور على هذه السيارة قط. وهناك رواية تقول أنه قبل أيام قليلة من هذا الحادث، كان رجل دين إيراني يتطلع لشراء مثل هذه السيارة. لكنه لم يشتر تلك السيارة. بعد انفجار السفارة الإسرائيلية في عام 1992، كان الإيرانيون في كل وظيفة ومنصب تحت الرصد والمراقبة الدقيقة من قبل جهاز الأمن الأرجنتيني، وكانت تتم المراقبة بطريقة بحيث لم يستطيعوا التحرك بسهولة، فكيف يمكنهم التخطيط وتنفيذ مثل هذه العملية وبهذا الحجم من الاضرار؟! بالإضافة إلى ذلك، في كل انفجار، لابد من وجود آثار وأدلة او اجزاء من جسم السيارة التي قامت بهذا العمل الانتحاري، رغم ذلك لم يكن هناك شيء من هذا القبيل، ولم يتم العثور على واحد بالمائة أو قطعة صغيرة من تلك السيارة. مثل حادثة 11 سبتمبر، فإن هناك العديد من الوقائع والشكوك، ومن اجل تبرير ذلك، كان لابد للصهاينة قول الكثير من الأكاذيب، وهنا تكمن نقطة الضعف، حيث تم استخدام الاكاذيب لفترة محدودة وقصيرة من اجل النيل من العلاقات بين ايران والارجنتين. لكن في النهاية انقلبت الكذبة على الكاذب، واتضح أن أمريكا وإسرائيل متورطتان في ذلك الانفجار. وعلى الرغم من عدم نشر نتائج التحقيقات الامنية والقضائية لكشف سبب الحادثة، إلا أن الدعاية الصهيونية نسبتها إلى إيران وطالبت برد دولي وقطع العلاقات السياسية بين الأرجنتين وإيران. وهدد الصهاينة بأنه إذا استمرت العلاقة الودية مع إيران، فسيحدث انفجار ثالث، وهذه ليست مجرد معلومات او تحليلات، وان الانفجار والتهديد كانا في الحقيقة موجهين للأرجنتين.
منذ أن وقعت إيران والأرجنتين اتفاقية تعاون في مشروع نووي في عام 1990، بدأت تمارس الضغوط الصهيونية على الحكومة الارجنتينية، وبذلك اضطرت الأرجنتين إلى الانسحاب من الاتفاقية من جانب واحد، ولأن إيران رفعت دعوى ضد الأرجنتين، فقد ارغمت الارجنتين على دفع غرامة وتعويض يعادل 500 مليون دولار لإيران بسبب خرقها للاتفاقية، وبذلك نجح الكيان الصهيوني في التأثير سلبًا على العلاقات بين البلدين.
ماذا عن اليوم؟ أي ما هو المستوى الذي وصلت إليه العلاقات وما هو تأثير الماضي على الحاضر؟
استطاع الصهاينة أن يكون لهم تأثير سلبي سيئ على العلاقات الثنائية بين الطرفين، والعلاقات الآن كما في الماضي متوترة. فمنذ فترة، جاءت طائرة من فنزويلا إلى الأرجنتين. وكانت الطائرة إيرانية في الأصل ولكن تم بيعها، إلى فنزويلا. وبما أن الاتفاق بين إيران وفنزويلا نص على وجوب تواجد عدد من أطقم الطائرات في خدمة التدريب الجوي الفنزويلي لفترة من الزمن، قالوا إن خمسة من أطقم هذه الطائرة ينتمون إلى الحرس الثوري وصادروا جوازات سفرهم و واعتقلوهم في الأرجنتين لمدة ثلاثة أشهر. وبعد ثلاثة أشهر تم الإفراج عنهم وأرسلت الطائرة أيضًا إلى أمريكا دون سبب أو دليل. وهذا يدل على مدى تأثير الدور الصهيوني المخرب للعلاقات الثنائية بين ايران والارجنتين. واليوم هناك انتخابات في الأرجنتين ويجب على كل من يصبح مرشحًا، السفر إلى الكيان الصهيوني لإثبات وجوده أو الاتصال باللوبي اليهودي في الأرجنتين والحصول على موافقة منه. لذلك، فان نفوذ الكيان الصهيوني في الأرجنتين كبير جدًا وواضح. لكن عادة ما يتحرك الناس في الاتجاه المعاكس. أما في الختام فلابد من الاشارة الى عدم وجود الكثير من الطلبة الأجانب في مدينة قم المقدسة، لكن من بين الاجانب الموجودين، هناك العديد من أصول أرجنتينية.