معاون رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله للوفاق:
الفكر الغربي بين أوج الفساد وقلق الأفول..الأسرة نموذجاً
عبير شمص
إن ّالأسرة هي اللبنة الأساسية للمجتمع، فبصلاحها تصلح الأمة، وبفسادها تفسد، وهي المنبت الأول لتكوين الأجيال، ولذلك أولاها الإسلام عناية فائقة، وبيّن وسائل تكوينها، ومقاصدها الشرعية، وحدد دور كل فرد من أفرادها، وضمن له حقوقه وواجباته، في جو من المودة والرحمة والتآلف، وهي تشكل المنظومة القيمية، والحاضنَ التربوي للفرد. ووتقع للحاجة المستمرة إلىٰ رفع مستوىٰ الوعي الديني والثقافي في شأن الأُسرة، اللبنة الأساس في المجتمع ، ومدرسة الإعداد الأولى والأهم لأفراده .
لذا تقع الأهمية اليوم للحديث عن واقعها في خضم الصراع الحضاري والثقافي الدائر بين الإسلام كدين ونظام للحياة والمجتمع وبين الأنظمة المادية، سواء في الشرق أو الغرب، التي جعلت تفكيك الاُسرة أو تهميش الروابط الاُسرية جزءاً لا يتجزء من صياغاتها النظرية وبرامجها العملية، مع ما تمتلكه هذه الأنظمة المادية اليوم من عناصر قوة تمكنها من الاختراق الثقافي للمجتمعات الإسلامية التي افتقدت منذ زمن عنصر المبادرة ، بل افتقدت إلى حدٍ كبير القدرة على التحصن الثقافي ضد أي غزو أو اختراق من هذا النوع .وفي هذا السياق التقت صحيفة الوفاق معاون رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الدكتور بلال نعيم للحديث عن الأسرة بما أنها القاعدة والخلية الأساس للمجتمع وإن استطعنا حفظها سليمة فسيكون المجتمع سليماً، وكان الحوار التالي:
مواجهة المنظومة المادية مع المنظومة الإلهية
يتمتع البحث حول التحديات المعاصرة التي تواجه الأسرة ببيئة استراتيجية لمّا يحدث في العالم اليوم من مواجهة مع المشروع الغربي الأمريكي، إذ يُسيطر وفق الدكتور نعيم:" الأميركي والغربي على العالم بأبعادٍ مختلفة منها العسكري والاقتصادي والاجتماعي والفكري والعلمي والتكنولوجي، من ضمن هذه الأبعاد البُعد الثقافي والفكري القائم على منظومة مادية والتي لا بد أن تتناقض مع المنظومة الإلهية، التي رأى فيها أصحاب المشروع الغربي خطراً على منظومتهم المادية، فسعوا إلى مواجهتها على كافة هذه الأبعاد، وهم وصلوا بهذه المواجهة إلى ذروة التخريب والإفساد الثقافي والفكري خاصةً في موضوع الشذوذ والإنحراف، وعلى الرغم من سلبية وقتامة هذا المشهد، لكن يحمل في طياته مؤشر بداية أفول هذه المنظومة والتي بذلت كل ما في وسعها للتخريب والإفساد في العالم لكي لا تفسح المجال للمنظومة الإلهية للبروز".
النظرة الإلهية للأسرة
جعل الله في الأرض خليفة وهو الانسان، الذي يعيش حياته على الأرض منذ بدايتها إلى نهايتها، وهو معني بإعمار الأرض وإصلاحها، هذا المشروع كما يعبر الدكتور نعيم :" يمر به الإنسان من الفرد إلى المجتمع الى الأمم وصولاً إلى البشرية، وهذا ما تحدث عنه القرآن الكريم فتقول الآية الثالثة عشر من سورة الحجرات:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"، تحدث الله في كتابه الكريم عن الذكر والأنثى وعن الشعوب والقبائل، لم يذكر بشكل مباشر المنطقة الوسطى بين القبائل والشعوب وهي الأسرة لبديهية الأمر، فالأُسرة هي العائلة الأوسع والممر الإلزامي للوصول للمجتمع والذي يتفرع إلى مجتمع مدني متحضر وآخر قبلي ما زال موجوداً إلى الأن في كل المجتمعات وحتى المتطورة منها، ونجده في الأرياف والأطراف في كل من لبنان وفلسطين والأردن وسوريا والعراق. إذن الانتقال هو من الفرد الى المجتمعات المدنية أو القبلية وصولاً إلى البشرية".
أساس المنظومة الغربية قائم على الفردانية المطلقة
يلفت الدكتور نعيم أنه :" تضم الحياة على الأرض أفراداً ومجتمعات، ونجد نظريات مختلفة عبر التاريخ حول أصالة الفرد وأصالة المجتمع وأصالة ما بينهما فيما يرتبط بموضوع النظرة وموضوع التمكين وفيما يرتبط بموضوع المصالح، فما هي المصالح التي تُراعي مصالح الفرد وتلك التي تُراعي مصالح المجتمع، تطرح المنظومة الغربية الحالية الأصالة المطلقة للفرد بما يسمى بالفردانية المطلقة. ويتابع:" كما وتقوم هذه المنظومة على خلاف المنظومات الأخرى والسابقة، فالإسلام ينظر إلى أصالة المجتمع وأصالة الفرد معاً بغض النظر عن الموضوعات والأحكام الخاصة بكل موضوع من الموضوعات، فهو يسعى لإيجاد توازن بين أصالة الفرد وأصالة المجتمع وأن لا يطغى أحدهم على الآخر، لكننا نرى في المنظومة الاشتراكية "الشيوعية " التي سبقت المنظومة الغربية الحالية نوعاً من تقديم لأصالة المجتمع على أصالة الفرد، ما أدى إلى تقليص الحافزية عند الأفراد وهذا ما أدى مع الزمن إلى تراجعها وانحدارها ومن ثم الى إنهيارها، والتي تلتها بعد انهيارها المنظومة الغربية والتي تتطور مع الزمن باتجاه الليبرالية المطلقة، القائمة على الفردانية التي قوامها الحرية، والتي تدرجت في مسيرها مع الزمن من الليبرالية إلى العلمانية لتصل الى العلمانية إلى الإلحاد والطغيان، "كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى، أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى" وهذا يعني أنه عندما يطغى الانسان سيستغني عن كل شيء، سيستغني عن الله (عزوجل)، فنراه في المنظومة الغربية وهو يتحدث عن موت الله وانتهاء الله في هذه الدنيا، وعن عدم الحاجة له وإن اعترف به، فهو كان حاجة في مرحلة تخلف الإنسان وتحجره، وقد احتاج حينها هذا الإنسان للرسل والأنبياء وللدين والأحكام، لكنه تطور ولم يعد يحتاج لله الذي لم يعد موجوداً، او ما زال موجوداً لكن عمله معلق وكما يقول اليهود " يد الله مغلولة"، أو كان موجوداً ومات، فهناك ثلاث مستويات بالالحاد وبالنظرة لله بالنسبة لهذه المنظومة".
منحت المنظومة الغربية الحرية المطلقة للفرد الغربي دون بقية العالم
يضرب خضوع الإنسان لله (سبحانه وتعالى) لأصالة الفرد وحريته المطلقة لذا هو مضطر لمواجهة الله وإعلان موته، فالمنظومة الغربية الحالية وفق الدكتور نعيم:" تقوم بشكلٍ أساسي على المصالح المطلقة للأفراد على النفعية المطلقة على الأنانية المطلقة لهؤلاء الأفراد، مفهوم الحرية جيد بشكل نسبي،عندما تمنح الفرد هامش من الحرية يساعده على التطور والإبداع، ولكن يتعين منح هذه الحرية للفرد في إطار مسؤولية معينة وتوجيه وضبط لهذه الحرية فهي ليست مطلقة، حتى لا نقع في الإفراط والتفريط، بل حتى لا يصل الإنسان للطغيان، وهذا ما نراه في الغرب مع الحرية المطلقة للفرد التي أوصلت إلى كل ما يحصل اليوم من حروب وتدمير الشعوب والثروات الهائلة والفقر المدقع الموجود ببعض الأماكن، كلها تتعلق بالطغيان العنصري للفرد، المنظومة الغربية منحت الحرية الفردية وحقوق الإنسان لمجتمعاتها فقط، وضيقت على بقية الشعوب، وأخذ الفرد الغربي كل هامش الحرية ولم يترك لغيره أحد، لذلك عاش البقية في الاستعمار والتخلف والاستبداد والفقر لان المطلوب أن يعيش هؤلاء البقية عبيداً للفرد الغربي الذي يستغل ويسرق ثرواتهم، هذه المنظومة الغربية لم تقدم الحرية لكل العالم بل اعطتها فقط للفرد الغربي، لذا تعيش الشعوب الاخرى أسوأ ظروف الحياة".
ويخلص الدكتور نعيم بالقول:"أن المنظومة الغربية الحالية هي منظومة تقوم على الفردانية المطلقة، والتي ترتبط بالعنصر الغربي فقط، وهي كانت السبب لكل الأزمات والمشاكل والحروب في العالم وما زالت إلى الآن".
ضرب مقومات وأسس الأسرة
لذا، فإنّ إعطاء الأسرة حيز من الاهتمام وفق المنظومة الغربية، سوف يقلل من هامش الحرية للفرد، فيصبح على الفرد كما يشير الدكتور نعيم :" أن يتنازل عن جزء من حقوقه من اهتماماته من مصالحه ومنافعه، والاهتمام بوالديه بأمه وأبيه وإخوته وأرحامه، فمن الطبيعي هذه الاهتمام سيقلل ويعطل ويضرب الفردانية المطلقة، لذا كان لا بد من ضرب الأسرة وعبر طرق مختلفة، ومهاجمة مقومات وأسس هذه الأسرة وهو الزواج والانجاب والعلاقة بين الزوجين وعلاقة الأباء بالأبناء وعلاقة الأبناء بالآباء..، بالنسبة للزواج طرحت المنظومة الغربية أشكالاً أخرى للحياة تعارض تركيبة الأسرة الطبيعية منها المساكنة والعلاقات غير الشرعية، ومواجهة الزواج الشرعي عبر طرح أفكار تحاول تأخيره لأسبابٍ كثيرة، فنجد انتشار لفكرة تأخير الزواج في الجامعات والمراكز البحثية وبين النخب المثقفة في مجتمعاتنا التي تبنت أفكارهم وعبر تحديد العمر المناسب للزواج، وهو فوق الخمسة وعشرين سنة للفتاة وفوق الثلاثين للشاب، وأنه يجب على الشباب أن يعيشوا حياتهم مثلما يرغبون قبل التفكير بالزواج وعلى أن يؤمنوا كل مستلزمات الزواج قبل الإقدام على هذه الخطوة، وهذا كله خلاف ما ورد في نصوص أهل البيت (ع) عن الزواج وقيّم الأسرة ".
ويلفت الدكتور نعيم :" إن أحد أسس الأسرة هو العلاقة بين الزوجين القائمة على المودة والرحمة، والتي تناقض نظرة المنظومة الغربية لهذه العلاقة القائمة على النفعية والإنتاجية المشتركة للرجل والمرأة، والتي يجب فيها على المرأة العمل والتغيب عن المنزل، وبالتالي العلاقة بين الزوجين هي علاقة شكلية علاقة تجارية مصلحية عقدية، فهناك طرفان تعاقدا على الحياة المشتركة وتنعكس هذه العلاقة على مشروع الانجاب، فالإنجاب في هذه الأسر منخفض جداً (ولد أو ولدين) ويكون إما للترفيه أو لتلبية الحاجة النفسية التي ممكن تلبيتها بتربية الحيوان، وهكذا لا يصبح الانجاب حالة فعلية انسانية نفسية للمرأة والرجل، وهذا الانجاب المنخفض أدى لمشكلة الشيخوخة في أوروبا واذا استمر الوضع على هذا المنوال مع انخفاض المواليد واستمرار الهجرة بهذه الوتيرة. وبعد خمسين عاماً يصبح أغلب سكان أوروبا مسلمين، وهذا ما يخاف الغرب منه فنراهم يحاولون التخفيف من أعداد المهاجرين بطرق مختلفة، وكذلك محاولة التضييق على المهاجرين في أوروبا عبر التضييق على العائلات ونزع أولادهم منهم تحت مسميات مختلفة".
لقد انعكست هذه النظرة السلبية للإنجاب على علاقة الآباء بالأبناء والتي هي وفق المنظومة الغربية علاقة نفعية، وهي تُعارض وفق الدكتور نعيم :" بشكلٍ كُلي نظرة الإسلام لهذ العلاقة المقدسة، يقول الله تعالى في الأية 26 من سورة الإسراء:" وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعْبُدُوا إِلّا إِيّاهُ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلاتَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً"، وضع الله العلاقة مع الوالدين والاحسان إليهم على قاعدة جزء من العبودية وعلى اعتبار أنهم الأصل الثاني للانسان بعد الله(عزوجل)، فالله هو الفاعل بخلق هذا الانسان، والوالدين هما الواسطة في وجود هذا الانسان، فالله (عزوجل) ربط يبين العبودية له وموضوع الإحسان للوالدين. ومن أهم مميزات العلاقة بين الآباء والأبناء في الإسلام هي الرحمة والبر والإحسان، وعندما يبلغ الكبر بالوالدين وجب على الأبناء الاهتمام بهم، على عكس المنظومة الغربية التي تُرسل أهلها بمجرد كبرهم او مرضهم للمأوى ودار العجزة في غياب تام للرحمة والبر والإحسان".
ويلفت الدكتور نعيم إلى :" انتشار هذه الأفكار في مجتمعاتنا بتعامل بعض الأبناء بأهلهم، وتأخير للزواج لأسباب مختلفة وغيرها من الأفكار التي نجحت هذه المنظومة في نشرها في مجتمعاتنا، لذا يجب السعي إلى إصلاحها وهذا جزء من مهمة الإمام المهدي(عج) الذي تحدث عن إعادة الدين وإحياء السنن".
ويقول الدكتور نعيم بأن:" التحدي الأكبر أمامنا اليوم هو تحدي بنيوي ووجودي، فإذا ضُربت الأسرة ضرب المجتمع، تحكم المجتمات الغربية بالقانون وبالحوكمة والتشريعات التي تضبط العلاقات بين الأفراد والتكتلات والمجموعات، وليس الشرع والدين ولا الأخلاق ولا السنن ولا القيم، أمّا المجتمع الإسلامي فتحكمه ثلاث نواظم: ناظم شرعي وناظم عقلي وناظم عرفي، الناظم الشرعي يتعلق بالحلال والحرام والواجبات تجاه المجتمع إن كانت واجبات فردية وواجبات جماعية كفائية، والناظم العقلي مثل موضوع الطب والهندسة والعمل البلدي والكثير من القضايا التي يرجع فيها الحكم الى العقلاء، والناظم العرفي القائم على قضايا عرفية تبناها الناس سابقاً وما زالوا يعملون بها".
حاوت المنظومة الغربية فرض وتعميم نظرتها للمجتمع على كل العالم، ولكن هل تُلائم هذه النظرة للمجتمع كل بلدان العالم، يتسائل الدكتور نعيم ويتابع:" وإذا كانت صالحة للحياة كما يدعون عارضين نموذج الدولة المتقدمة والمجتمع المرفه في الولايات المتحدة الأمريكية، فيجب تطبيق مفهوم الحرية بشكل مطلق في هذه البلدن، الليبرالية لا تعني فقط التحرر من القيم بل التحرر المطلق والتحرر الفكري والاقتصادي والسياسي ، تسطيع هذه البلدان أن تمارس حريتها في رفض المشروع الأميركي للهيمنة، ولكن هل تقبل المنظومة الغربية هذه الحرية، لأنهم نادوا بالتحرر من القيم فقط، وهم يريدون بذلك ضرب الأسرة حتى يصبح المجتمع تابعاً له ومستهلكاً لمنتجاتهم وهذا ما يحاولون تعزيزه عبر الطروحات المختلفة، وحاولوا ذلك في المجتمع الصيني الذي يملك بعض القيم العرفية بالحد الأدنى وبعض الموروثات الإجتماعية والثقافية فكانت "ثورة الطلاب " التي قامت بتوجيه غربي، والآن يركز الغرب على المسلمين لأن الغرب يتحسس رأسه، مع بروز مؤشرات قيام نظام عالمي جديد من بوابة الأحداث التي تحصل في العالم، وبالتالي يشعر الأميركي والأوروبي بخطر الأفول، لذا يسعون لتخريب العالم وعدم السماح في بروز خيارات بديلة لهم، فالإسلام يمتلك القدرة على الظهور وأن يحل محلهم، لذلك يتوجب ضرب الاسلام من داخل مجتمعاته وتفريغه وضرب قيّمه وتسطيحه وإشغاله بأفكار عجيبة غريبة، وتصبح في الحد الأدنى إذا لم يعتنقها المجتمع ويمارسها، تصبح هي جزء من السجالات بين المفكرين وعموم الناس والأكاديميين والعامة ، فتنشغل المجتمعات الإسلامية بهذه القضايا بدل العمل والاهتمام بالقضايا الكبيرة والمهمة، مثلاً قضية الشذوذ المتداولة حالياً في العالم وفي مجتمعاتنا نراها مطروحة للنقاش في المنتديات الاجتماعية والثقافية والإعلامية والأعمال الفنية، وكذلك الأمر مع قضايا أخرى تتداول فيها النخب المختلفة مثل موضوع الزواج المدني وحضانة الأولاد".
تخريب المجتمعات الإسلامية عبر استهداف الولاية والقرآن
تحاول المنظومة الغربية وفق الدكتور نعيم:" تخريب المجتمع الإسلامي عبر أمرين في غاية الأهمية قال عنهما رسول الله (ص): "إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما، لن تضلوا أبداً، كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي". فهم يهدفون إلى إبعاد هذا المجتمع عن الولي وجعله تابع لهم وإبعادهم كذلك عن القرآن وجعله مهجوراً، هم يضربون الولاية عبر ضرب المرجعيات وخلق أفكار وجماعات دينية جديدة لضرب مفهوم الولاية، او عبر بعض المفكرين المسلمين الذين يتحدثون عن التشريع العقلي والنص، فيتوصلون بالنهاية إلى ان مسألة الحلال والحرام قضية تاريخية لها علاقة بمرحلة من المراحل، مثلاً لم تكن تعمل المراة سابقاً واليوم تعمل، فيجب ان يكون لها حقوق أخرى، وبالتالي يصبح العقل الحاكم وبالتالي التشريع يصبح بلا قيمة ومن ثم القيم التي تسمح لنا كيف ننظر الى الامور وكيف نتعاطى معها وما هي الأولوية تصبح بلا قيمة وبلا أي اعتبار".
حفظ موقعنا وتقويته في النظام العالمي الجديد أوجب الواجبات
يعتبر الدكتور نعيم بأن:" الأسرة تُعد إحدى المفردات المستهدفة من قبل المشروع الغربي الذي كما ذكرنا يتحسسس رأسه في موضوع النظام العالمي الجديد ، يتكلم السيد القائد (حفظه الله) عن كيفية حفظ موقعنا في هذا النظام بدايةُ، ومن ثم العمل على تقويته، وذلك عبر العودة إلى قيمنا الأصيلة. كما يمتلك مجتمعنا في هذا السياق عدة عناوين جيدة مثل ولايتنا لأهل البيت (ع) وعاشوراء وموضوع الجهاد والشهداء، هذا ما يحفظنا إلى اليوم، لذا يجب الحفاظ عليها وتفعيلها أكثر. لكن للأسف يعاني مجتمعنا من سلبيات في سلوكنا وهويتنا الدينية، البعض من أفكارنا وسلوكياتنا متأثرة بأفكار غربية، لذا علينا العودة إلى قيمنا الخاصة بنا، والعمل على تفعيل القيم بل إعادة صناعتها في المجتمع عبر فعل تراكمي لهذه القيم في المجتمع وخاصةً لدى الأطفال في سبيل بناء جيل صالح يتحمل مسؤولية ظهور هذا الدين على يد الامام المهدي (عج)".