الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف ومائتان وسبعة وثمانون - ١٩ يوليو ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف ومائتان وسبعة وثمانون - ١٩ يوليو ٢٠٢٣ - الصفحة ٥

مطلع محرم الحرام ذكرى تكريم شاعر الرثاء «محتشم الكاشاني»

الشعر الديني.. وحدة الموضوع والثقافة الإيرانية العربية

 

الوفاق/ ودّعنا السنة الهجرية الماضية وحلّ بنا مرّة أخرى شهر محرم الحرام الذي حدث فيه استشهاد سبط النبي (ص) أبي عبدالله الحسين (ع)، الذكرى الأليمة والجريمة المروعة التي أحرقت قلوب جميع أحرار العالم، في اول شهر محرم الحرام تتشح المُدن بالسواد، وتستعد لمراسم العزاء واقامة المواكب الحسينية إحياء لذكرى استشهاد الإمام الحسين (ع)، وتقام هذه المراسم في بداية شهر محرم الحرام في المساجد والحسينيات والأماكن المفتوحة، ويتمّ رفع راية العزاء الحسيني فوق قبب المراقد المقدسة.
يصادف اليوم الأربعاء 19 يوليو/تموز 2023 أول شهر محرم الحرام عام 1445 هـ.ق، والذي سُمي في إيران "يوم الشعر والأدب الديني" وكذلك ذكرى تكريم الشاعر الإيراني الكبير "محتشم الكاشاني" الذي جل أشعاره القيّمة في رثاء سيد الشهداء (ع) ويرددها الجميع خاصة في شهر محرم الحرام.
ويصف الباحث العراقي الدكتور "نضير الخزرجي" هذا الموقف بصورة جميلة حيث يقول: "للكلمة وقعها في النفس إذا ما تناهت الى الأسماع وتتأثر بها الروح حسب ملقيها ومؤداها، فالإنشراح يبدو على قسمات الوجه إذا ما نزلت الكلمة على الصدر منزل الماء البارد في يوم حرور، ويبدو الإنقباض واضحا إذا ما مست الكلمة الصدر مساس اليد لقبس من نار، وفي الحالتين فإن التأثير المتبادل بين الكلمة والأحاسيس البشرية تتوقف على مدى استيعاب المتلقي للكلمة، ولا يختلف الأمر بين لغة وأخرى ومجتمع وآخر، لأن الأحاسيس فطرية يتشارك بها كل بني البشر، ولكن المشاعر تختلف عندما يتلقى المستمع كلمة لا يفهمها كأن تكون أعجمية على لغته ولا يجيد اللغة الأخرى أو غير مستوعب لها لفصاحتها أو قِدَمِها، وإذا ما كان عارفا باللغة الأخرى التي تلقى منها الكلمة، فإنه سيتأثر بها هو الآخر لإدراكه المعنى الحقيقي لها، لأن إدراك المعنى هو المعيار في طبيعة التأثر بها في السلب والإيجاب، في الإنشراح والإنقباض، في القبول والرضا.
وإذا كان النص الأدبي نثراً او شعراً يتناول قضية عالمية لها في صدور الناس موقعها وموضعها، فإنه ولا شك سيأخذ بعداً إنسانياً يتجاوز اللغة والجنس والمعتقد والبلد، وهذا ما تتميز به واقعة كربلاء واستشهاد سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين (ع)، وهي واقعة ألهمت الأدباء والشعراء من كل النحل والملل".
محتشم الكاشاني ومرثيته
"كمال الدين علي محتشم كاشاني" هو شاعر إيراني من مواليد مدينة كاشان سنة 905 للهجرة، عاش في العهد الصفوي في زمن الشاه طهماسب وقد كان من أشهر شعراء وأدباء زمانه، من ألقابه "شمس الشعراء" ونظّم كاشاني شعره في الغزل تارة وفي الرثاء الديني تارة أخرى وهو ما أدى إلى انتشار اسمه على نطاق واسع في جميع أنحاء إيران لدرجة أن أهل الأدب والنقاد في إيران أطلقوا عليه لقب "ابو الرثاء" ومن أشهر مؤلفاته "صبائية ومعميات ومادة التواريخ" وكما ذكرنا أنشد قصيدة رثاء طويلة وعظيمة وشهيرة في رثاء أبي عبدالله الحسين (ع)، نظّمها بناءً على طلب الشاه طهماسب، توفي سنة 996 للهجرة ودفن في مدينة كاشان.
ونقدّم لكم أبيات من مرثيته الشهيرة، حيث يقول:
ما هذا الهياج في العالم؟
وما هذا النواح والبكاء والمأتم؟
إن ملكوت القدس وهو ليس مكان جزع
سمدت فيه الملائكة من الهلع (وضعت رؤوسها بين الركب)
تصرخ لحظة بعد لحظة: واحسيناه!
الأدب والشعر الديني
لو لم تكن هناك كلمات ولم يكتب الكتّاب عن واقعة عاشوراء الأليمة، فربما ينجذب القليل من الناس اليوم إلى أدب عاشوراء وسيكونون مفتونين بمخطوطات سيدبن طاووس في كتاب لهوف.
الكتابة من أبسط الطرق المسؤولة عن إيصال الرسائل وخاصة المفاهيم الثقافية، ولا تزال تحافظ على فعاليتها حتى في الأماكن التي تكون فيها الصور غير مجدية، فهي الكلمات التي تنقذ المشاهد أو القارئ.
وهذا ما حدث في إنتاج أعمال أدبية وأشعار دينية أخذت مادتها الأصلية من هذا الموضوع، ففي ما أُنشد من مراثٍ لواقعة كربلاء المقدسة يقول "محمد طاهر الصفار": "كان لمشاعر الغضب والسخط على الأمويين بعد واقعة كربلاء أثرها الكبير والمؤثر في الوجدان الشعبي خصوصاً إن هذه الواقعة كانت مليئة بالفصول المأساوية وزاخرة بالصور التراجيدية التي تثير في النفوس الأسى العميق، فكان هذا الشعور هو (المنبّه) للأمة الإسلامية وإشعارها بالخطر الأموي على وجودها وكيانها ومقدساتها ما لم تكن هناك وقفة وتحدٍ بوجه الأمويين وهو ما تجسّد بالفعل على أرض الواقع في الثورات التي تلت واقعة كربلاء المقدسة، حيث بدأت ثورة الحسين (ع) تظهر معطياتها وآثارها بعد عاشوراء مباشرة فكانت هذه المشاعر هي الأساس في الرثاء الحسيني والذي تخطى هذه المؤثرات إلى المطالبة بالثورة".
الأدب الديني في ايران
لقد أحدث الأدب الديني، وهو أحد أهم فروع الأدب الفارسي، اختلافات مع مرور الزمن، تضمين مفاهيم مختلفة في التطرق إلى المواضيع الدينية في الشعر.
ويقول الأستاذ محمد علي مجاهد الشاعر وأحد المنظرين في مجال الشعر الديني: "في تعريف الأدب الشعائري ، قال: لا يختلف الأدب الديني عن الأدب الشعبي الآخر في اللغة الفارسية من حيث تركيبته اللفظية ومظهره واستخدام مختلف الأساليب والتقنيات الفنية والمصفوفات اللفظية والروحية، وما يميز الأدب الديني هو شكله الروحي وحمل محتواه.
على الرغم من تطور نطاق الأدب، لا سيما في العالم الحديث  فقد وجدت طريقة غليان ونضح الأعمال الأدبية شكلاً جديداً؛ في جوهره، المبنى الجديد هو أساس وعمود التكوين المتعلق بالبحر اللامتناهي، مكان وقوة الأدب الديني والطقسي والصوفي لإيران معروف منذ زمن بعيد وحتى اليوم".
الشعر الديني ذو موضوع ديني بطريقة ما، أي القصيدة الدينية هي قصيدة يرتبط موضوعها بطريقة ما بالتعاليم والشخصيات الدينية.
الأدب الديني عند العرب
ظهر الأدب الديني عند العرب منذ بداية الرسالة المحمدية، وكان أول من مدح رسول الإسلام (ص) والمسلمين، الشعراء الذين انتدبهم محمد (ص) للدفاع عن الدعوة الإسلامية.
 وإن كان الشعراء قد سبقوا العرب في المدائح الدينية، إلا أنهم لم يبلغوا ما بلغه العرب في عهد الإسلام. وإذا كانت المدائح الدينية والمواعظ والزهديات قد نشأت لدواع محلية، وبعد اتساع رقعة البلاد الإسلامية، وانتقال الشعر إلى خارج الحدود المشرقية، استطاع الشعراء العرب المسلمون، وعلى وجه الخصوص، الأندلسيون، أن يطوروا الشعر الديني ويذهبوا بالصوفية إلى أبعد الحدود.
ونرى بأن الشعراء المعاصرين أدركوا أنّ التراث الديني مصدر غني و هام يتوجب عليهم أن لا يستغنوا عنه. و في العالم العربي يصدر أ كثر من واحد عن محاولات لإستلهام الفكرة الدينية في أعمالهم الشعرية."ولقد حدّد بعض الشعراء المعاصرين منهجاً للفكرة الدينية أو الثقافة الدينية في أدبهم و شعرهم. على أساس أن الأديان السماوية تبحث عن الحقيقة.
الأدب الديني ووحدة الموضوع
وأخيراً ما نراه في منذ القِدَم حتى اليوم في مجال الأدب والشعر الديني، هو وحدة الموضوع في مختلف البلدان الإسلامية، إن يكن الشاعر إيرانيا أو عربيا، فلا تختلف الموضوعات والمواضيع، بل كلها تتطرق إلى القواسم المشتركة ونشهد إصدارات أدبية إيرانية وعربية كثيرة في هذا المجال، كما أننا نشهد إنشاد الرواديد الإيرانيين والعرب في ايران والبلدان العربية، والمسيرة متواصلة .

البحث
الأرشيف التاريخي