بمناسبة اليوم الوطني للحجاب الأستاذة الجامعية «سلوى شرع الإسلام» للوفاق:
الحجاب يعني الإستقلال الثقافي أمام الحرب الناعمة
سهامه مجلسي
يسمى مثل هذا اليوم 12 يوليو/تموز في ايران بيوم العفاف والحجاب. والمناسبة هي إحياء ذكرى قمع انتفاضة الشعب الإيراني ضد الإعلان عما سمّي آنذاك بـ "كشف الحجاب" من قبل رضا شاه البهلوي في مسجد جوهرشاد بالعتبة الرضوية في مدينة مشهد المقدّسة عام 1936م. ويبدو من الضروري في هذه المناسبة القيام بتحليل ومراجعة عن الحجاب والعفاف في ظل النظام الإسلامي القائم في ايران. وبهذه المناسبة اجرت صحيفة الوفاق حوارا مع الدكتورة «سلوى شرع الإسلام» استاذة جامعة النجف الأشرف،كلية الشيخ الطوسي وفيما يلي نص الحوار:
أهمية الحجاب والعفة للمرأة المسلمة
بداية قالت الدكتورة سلوى شرع الإسلام: لا شك ان الحجاب فرض من فروض الاسلام التي فرضها الله تعالى على المرأة وهو العفة والاحتشام وقد كرم الله تعالى المرأة وجعل لها شأنا كبيرا ويعتبر الحجاب اللباس الذي يستر المرأة ويحميها من عيون الاغراب او غير المحارم لذلك فان الحجاب من المسلمات التي يجب ان تنشأ المرأة عليها وتقوم باتباعها خلال حياتها.
مقياس الحريات والقيود التي جعلها الإسلام للمرأة
وأضافت شرع الاسلام: من عظمة الاسلام انه كرم المرأة حيث كان حقها مهدوراً قبل الاسلام وكانت مضطهدة ومهانة وكان ما يسمى بوأد البنات وهو فعل شنيع وغير انساني، ولا يخفى على من قرأ التاريخ أن الإسلام منع احتقار المرأة واستغلالها وجعلها في رتبة الرجل في إنسانيتها، وأعطاها مكانة عظيمة وحقوقاً كثيرة.
لم يكن للمرأة حق في الميراث او حتى في ابداء رأيها حول المواضيع التي تخصها او تخص أبنائها.
وجاء الاسلام واعطى المرأة جميع حقوقها المادية والمعنوية والانسانية ومن تكريمه لها انه حرم ان تكشف جسدها لغير المحارم وان ترتدي الحجاب الذي يعتبر طاعة وعبادة لله وقد اكد على ذلك نبينا محمد عليه وآله افضل الصلوات في احاديثه الشريفة .
غاية الشريعة الإلهية سواء الشريعة الاسلامية أو الشرائع السابقة عليها، بناء الانسان بناءً أخلاقياً يسمو من خلاله عن التصرفات البهيمية أو السبعية، فتجد كل التشريعات، أو بالأحرى التكليفات، هي لتحقيق هذه الغاية (صنع الإنسان).
وواحدة من تجليات الأخلاق الإنسانية، تحليه بالعفة وغض البصر عن محارم الله، سواء كان من جانب الرجل أم من جانب المرأة، وهنا جاء التعليم الإلهي لنبيّه الكريم: «قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ» بما يُفهم منه أنك يا رسول الله إذا أردت أن تبني مجتمعاً سليماً من آفات الشهوات والنتائج المترتبة عليها، عليك أن تأمر المؤمنين (الرجال) بأنْ يغضوا أبصارهم ويحفظوا فروجهم، لأنّ سد الذريعة قبل وقوعها أدعى لتزكية النفس وتطهيرها من دنس الرجس. ثم تعدى الأمر بالحكم نفسه ليشمل المؤمنات مع زيادة عليه بالمبالغة بتستر الجسد والنهي عن إظهار الزينة ما خلا أزواجهن أو أرحامهن من المحارم: "وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ ...".
وفي سورة أخرى، جاء تعليل الغاية من فرض الحجاب، أو اللباس الساتر للبدن، على المرأة فقال تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً" ولم يستثن نساء النبيّ وبناته عن نساء المؤمنين، بل أمر الجميع أن يسترن أبدانهنّ بالجلابيب، والجلابيب جمع جلباب، وهو خمار المرأة، أو الملاحف التي تدنيها المرأة على وجهها ورأسها إذا خرجت لحاجة، والعلة من هذا الستر المبالغ، المنع من معرفتهنّ من قِبَل أهل الشهوات وأهل الفسق والفجور، ولتمييزهن بزي دال على عفتهن خلافاً لما كانت ترتديه الإماء والمبتذلات والعاهرات.
وهنا لابد من التنبيه على قضية متفشية اليوم في المجتمعات الإسلامية، وتنبيه بناتنا وأخواتنا المؤمنات، بأنّ الحجاب الشرعي الذي أمرت به الشريعة لا ينبغي أن يُجسّم البدن أو أن يظهر بعض أجزائه، وإلّا لا يُعد ساتراً، ومن ثم لا ينبغي أن تعتقد المرأة التي تلبس السروال الضيّق والقميص المجسم بأنها التزمت بالأمر الإلهي لمجرد أنها وضعت غطاءً على رأسها! فهي في جميع الأحوال ستكون عرضة لنظر أهل الشهوات، ومن ثم تكون سبباً في بث الرذيلة في المجتمع عموماً.
محاولة الأعداء قيادة المجتمع نحو التراخي والكسل تجاه الدين
وتابعت شرع الإسلام: ان لسوء الحظ، يتأثر المجتمع وخاصة الجيل الجديد اليوم بهجمات واسعة النطاق ومنتظمة وموجهة من قبل أعداء يتم تنفيذها باستخدام أحدث وسائل الإتصال الجماهيري، وفي بعض الحالات نشهد فساداً على مستوى المجتمع، وهو ما يجب على السلطات الثقافية والأسر إظهاره.
يحاول الأعداء قيادة المجتمع نحو التراخي والكسل تجاه الدين من خلال حث النظام والحكومة على الترويج لموضوع الحجاب لأغراضهم الخاصة.
فإن اهتمام المسلمين بالحجاب والعفة، ليس بسبب إملاءات الحكومات، ولكن بسبب أمر الله في كتابهم المقدس. من الضروري تنويع طرق الإعلان والترويج للحجاب بناءً على الظروف البيئية والزمنية حتى نتمكن من الحصول على أفضل النتائج.
ومما لا شك فيه، كما يمكن للأعداء أن يستخدموا وسائل الإعلام للترويج لعدم الحجاب، من ناحية أخرى، مع التخطيط السليم من قبل خبراء الإعلام وعلماء الدين، يمكن أن يكون الاعلام أداة للترويج للحجاب في المجتمع بشكل أكبر.
أبعاد الحجاب وآثاره الاجتماعية والثقافية والسياسية
وقالت الأستاذة الجامعية شرع الاسلام: ان المسألة الأولى والأكثر أهمية فيما يتعلق بطبيعة الحجاب هي الحفاظ على الحياء والتواضع في المجتمع، لأن الحفاظ على الحجاب يتزامن مع مراعاة الحياء، في الواقع، يسعى الإسلام إلى مجتمع سليم خالٍ من أي شذوذ أخلاقي وسلوكي واجتماعي. فإن مسألة الحجاب ومراعاته لها مكانة خاصة في المجتمع. لا تقتصر طبيعة الحجاب على الغطاء الخارجي، ولكن محتواه ومعناه الداخلي لهما نفس القدر من الأهمية، في الواقع.
يعتبر الحجاب أساس الحياة الاجتماعية الصحية. هذا الواجب الديني مهم جدا في جانبه السياسي لأنه يتعلق بشكل مباشر بالحفاظ على الاستقلال السياسي.
فإن تغطية أي مجتمع ينبع من فكر وثقافة ودين ذلك المجتمع، والحجاب الإسلامي من الأمور التي تدل على الاستقلال الفكري والسياسي للمجتمعات، ويدل على نوع وطريقة التفكير، ويدل على التبعية أو الافتقار. من الاعتماد على المجتمعات والثقافات الأخرى. فان الملابس التي تتأثر بأزياء اليوم ومدى تأثير المنافسة التي تسببها هذه الموضة على الاقتصاد والقوى العاملة في بعض المجتمعات يمكن أن تشير إلى وجود أو عدم وجود الاستقلال. لوضعها بشكل أفضل، فإن القضية الأكثر وضوحاً التي تظهر مدى تأثر المجتمع بعالم الموضة اليوم ووسائل الإعلام هي قضية الملابس.
واليوم، ميزت الحرب الناعمة الاستقلال الثقافي والسياسي للمجتمعات، والنضال من أجل الحفاظ على الاستقلال الثقافي يتطلب مواجهة كل ما تحاول الحرب الناعمة من الانحطاط الثقافي والسياسي. لذلك، فإن من طرق الحفاظ على الاستقلال الثقافي والسياسي والتعامل مع الحرب الناعمة الحفاظ على الحجاب واطاعة امر الله. في العقود الأخيرة، كان الكفاح ضد الحجاب مشروعاً قديماً وأساسياً للغزو الثقافي، لذلك يمكن حتى أن يُعرف الحجاب بأنه كفاح ضد الاستعمار في بعض المجتمعات، ويمكن العثور على أمثلة على ذلك في التاريخ في أي مجتمع، وبغض النظر عما إذا كان إسلامياً أم لا، يحاول الشخص المتدين أو القومي أو الوطني، من أجل الحفاظ على استقلاله الثقافي والسياسي، تحديد وصد هجوم يستهدف الملابس بشكل خاص والثقافة بشكل عام. لذلك يمكن للثقافة أن تحافظ على استقلالها وأمنها بقبول العفة والحجاب باحسن مظهر.
فالحجاب يدلّ على عفّة مرتديته، والدلالةٌ على الحياء، والحياء خلقٌ عظيمٌ دعا إليه الإسلام، وجعله الرسول(ص) شعبةً من شعب الإيمان، وهو خصلةٌ من خصال الفطرة السليمة، يودعه الله في النفوس التي يريد تكريمها
فوائد الحجاب
وأضافت الدكتورة شرع الإسلام: ان لكل حكم شرعي جاء به الاسلام مجموعة من الفوائد التي تعود على من تأخذ بذلك الحكم بحرفيته دون تغيير فيه.
- ان الحجاب طاعة لله ولرسوله فقد امر الله سبحانه وتعالى وحث رسوله الكريم المسلمات على ارتدائه فيكون ارتداؤه باباً لطاعتهما ونيل رضاهما بل لا يجوز الاعراض عن امرهما بعدم الامتثال له .
- الحجاب ايمان فقد قرن الله سبحانه وتعالى ذكر الحجاب في كتابه العزيز بالايمان.
- الحجاب طهارة لقلب المرأة فإن الالتزام به يؤدي الى الابتعاد عن الرذائل والمفسدات ويجعل المرأة طاهرة وعفيفة ويميزها عن غيرها من النساء ممن سلكن طرقا اخرى.
- الحجاب حياء وهو الحياة للمرأة فلا حياة للمرأة بدون الحجاب والحياء لا يدعو إلا الى الفضيلة والعفة ونبذ الرذائل.
-الحجاب دليل على التقوى وقوة الايمان فمن تكن التقوى ديدنها وطبيعتها فإنها تلجأ الى الحجاب لستر نفسها مخافة الوقوع في معصية الله سبحانه وتعالى وهي بذلك تسعى لرضوان الله ببلوغ قمة التقوى من حيث الالتزام بجميع اوامره دون ان تعلل احكامها او تعطي لنفسها الاعذار الزائفة بعدم ارتداء الحجاب او تأخير ارتدائه.
اخيرا لا يخفى على احد ان نسبة ارتداء الحجاب بين الفتيات قد زادت في الأونة الأخيرة بصورة ملحوظة غير ان الحجاب في حد ذاته كغطاء للرأس اصبح يأخذ عدة اشكال وعدة مسميات حتى انه اصبح يشبه (الموضة) في بعض الاحيان بالوان واشكال مختلفة ناهيك عن شكل الملابس التي يتم ارتداؤها اسفل الحجاب حيث تخل به ونحن هنا نقدم نصيحة لبناتنا واخواتنا المسلمات ان يلتزمن بارتداء الحجاب الذي فرضه الشرع والابتعاد عما هو دون ذلك .
تحية خالصة لكل امرأة مسلمة محجبة مع الدعاء لها بدوام الالتزام بما فرضه الاسلام عليها من فروض عدة ومنها الحجاب .