الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف ومائتان وواحد وثمانون - ١٢ يوليو ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف ومائتان وواحد وثمانون - ١٢ يوليو ٢٠٢٣ - الصفحة ٥

أدب الدفاع المقدس.. لحظات إنسانية مختارة من بين الخنادق

كاتب من لبنان

ما يميّز أدب "الدفاع المقدس" هو النزعة الإنسانية التي تستبطن الدعوة إلى التسامي وتغليب الروحي والنفسي على البيولوجي والسعي إلى إعلاء الفكر الديني على حساب الفكر المادي.
شكَّل الدفاع المقدس على الجمهورية الإسلامية الإيرانية وما استدعته من مناخات الدفاع المقدس عن رؤية النظام الرافض للهيمنة الغربية والاستكبار العالمي مادة ثرية أشبه بكنز ثمين لكثير من النتاجات الأدبية التي عملت على بلورة الهياكل والبنى التحتية الثقافية التي تقوم عليها الثورة.
كان طبيعياً أن تكون حرب طويلة كالحرب الإيرانية العراقية التي استمرت 8 أعوام من الزمن بخطّ جبهوي شاسع مصدراً لإلهام عدد من المبدعين الإيرانيين الذين غرفوا من ماء الجبهات مادتهم الخام وصاغوا عالماً بحد ذاته؛ عالماً محفوفاً بالمخاطر والحذر الدائم من العدو في الجهة المقابلة، والخوف من القصف الجوي وحقول الألغام والحراسات الليلية وليالي الصقيع والأمطار والثلوج الجبلية، إضافة إلى حضور التضاريس بصحاريها ووديانها وممراتها المائية وجزرها. في حرب وظروف كتلك، برع الأدب الإيراني في تبيان خصال المجاهدين، كالصبر والشجاعة وشدة البأس والالتزام بأوامر القيادة والتضحية والإيثار.
وما يميّز الأدب القادم من الجبهة الإيرانية هو تصويره واقعاً مختلفاً عن سائر الجبهات العالمية، وذلك في النزعة الإنسانية التي تجلت في كثير من تلك الكتابات. هذه النزعة الإنسانية تستبطن الدعوة إلى التسامي وتغليب الروحي والنفسي على البيولوجي والسعي إلى إعلاء الفكر الديني على حساب الفكر المادي.
لقد عثر الكاتب الإيراني في تلك الجبهات على لقطات إنسانية من الصعب أن تجدها في أي حرب من الحروب، وفي أي بقعة من بقاع الأرض. تروي القصص الوافدة من الجبهة حكايات قادة من طراز نادر تشبه أولئك الأبطال الملحميين. إنهم عمالقة أسطوريون بثياب بشر انتصروا على أنفسهم، وكان هذا الانتصار الداخلي على النفس مقدمة للانتصار الخارجي على الأعداء.
سلام على إبراهيم
في قصة "سلام على إبراهيم" التي تروي سيرة الشهيد إبراهيم الهادي، وهو بطل في الرياضة التراثية الإيرانية، نقرأ عن بطل لديه مفهوم خاص للبطولة، يتجسد فيه معنى
العرفان العملي.
يتحدث الشاب الذي هزمه في مباراة نصف النهائيات عنه، فيقول: "لم أكن أعرف إبراهيم يومها، لكنني قلت له: يا أخي راعنا قليلاً، فقد أصيبت قدمي هذه، فأجابني يومها: على عيني يا رفيقي. شاهدنا مباراته. كان أستاذاً في المصارعة، على الرغم من أن ضرباته الفتية ترتكز على القدم، لكنه لم يقترب من قدمي أبداً، لكنني بكل نذالة رميته أرضاً، ووصلت إلى النهائيات، وفزت عليه. كان باستطاعته الفوز بالبطولة، وبكل سهولة، لكنه لم يفعلها".
ويضيف: "أعتقد أنه سمح لي بالفوز عن سابق إصرار وتصميم، ولم ينزعج أبداً من خسارته، لأن لديه فهماً وتعريفاً آخر للبطل، لكنني كنت سعيداً جداً بفوزي، وازدادت سعادتي عندما قابلت في المباراة النهائية احد المصارعين، وكنت أعتقد أن الجميع لديه شهامة إبراهيم، فقلت لخصمي قبل المباراة: إن قدمي مصابة، ولكن للأسف كانت ضربته الأولى على هذه القدم، فصرخت من شدة الألم، ثم رماني أرضاً، وفاز بالمرتبة الأولى تلك السنة، فيما حللت في المرتبة الثانية، وحل إبراهيم ثالثاً، رغم أنه كان يستحق البطولة".
وفي القصة نفسها، نقرأ عن مباراة أخرى اكتفى إبراهيم فيها برد الضربات، ولم يوجه اللكمات إلى خصمه، وتركه يفوز عليه كي يفرح قلب والد خصمه بفوز ابنه.

البحث
الأرشيف التاريخي