التحقيق مع القوات الخاصة للملكية مستمر..
بريطانيا تحاول التستّر على جرائم حرب في أفغانستان
أكدت وزارة الدفاع البريطانية، للمرة الأولى، أن القوات الخاصة الملكية، موضع تحقيقات تجري بخصوص مزاعم بارتكاب جرائم حرب في أفغانستان، إلاّ أن التحقيق يجري بشكل خجول ومتستر بشكل كبير خوفاً من الكشف عن حجم الجرائم التي ارتكبها جنود الملكية البريطانية ضد الشعب الافغاني. ورفعت الوزارة القيود التي كانت مفروضة على ذكر علاقة القوات الخاصة البريطانية باتهامات بارتكاب جرائم حرب في أفغانستان، ويأتي التحقيق بعد سنوات عدة من ظهور تقارير تناولت اتهامات للقوات الخاصة البريطانية، بارتكاب جرائم قتل خارج نطاق القانون، وذلك بعد إصرار الحكومة وقادة البلاد على التستر على هذه الجرائم ومحاولة طمسها لوضعها في طي النسيان.
ظروف خاصة مرتبطة بالتحقيق
وفي بيان استبق جلسة استماع للجنة التحقيق الخاصة في ملف الاتهامات، أقرّ وزير الدفاع البريطاني، بن والاس: "التحقيق وصل الآن إلى مرحلة تتطلب جلسات استماع موضوعية، وأستطيع أن أؤكد وجود مزاعم طالت سلوك القوات البريطانية الخاصة". ويناقض الاعتراف بمشاركة القوات الخاصة في وحدات شاركت في عمليات موضع تدقيق، موقف وزارة الدفاع السابق. وأشار والاس إلى أن تأكيده جاء بشكل استثنائي، بسبب "ظروف خاصة مرتبطة بالتحقيق". وأضاف: "خارج هذا السياق الخاص، لا يمكن النظر إلى هذا التأكيد، على أنه تغيير بعيد الأمد في موقف الحكومة، وهو عدم التعليق على أي عمليات تقوم بها القوات الخاصة خارج الحدود".
التحقيق طي السرية
وكانت وزارة الدفاع تطالب بإبقاء التحقيق طي السرية، وبعيدا عن وسائل الإعلام، بحيث يتم حجب "أي معلومات أو أدلة أو وثائق، أو مقتطفات، تؤكد أو تنفي، ضلوع القوات الخاصة البريطانية، في عمليات قيد التحقيق"، لكن وقبل 48 ساعة من مناقشة الأمر أمام لجنة التحقيق الخاصة، قدم فريق المحامين الذي يمثل وزارة الدفاع، طلبا كتابيا للجنة يؤكد أن الوزارة "تخلت عن هذا الجزء من طلباتها". وتم تأكيد الموقف الجديد للوزارة في جلسة الاستماع الأربعاء، وهو ما يعني أن الأدلة المتعلقة بهذه الاتهامات، يمكن الآن أن يتم عرضها، ومناقشتها بشكل علني خلال جلسات لجنة التحقيق، وعلى وسائل الإعلام.
قتل 54 مدنيا في ظروف غامضة
وكان تحقيق طويل الأمد أجرته "بي بي سي" قد كشف عدة أدلة صريحة على قيام وحدات من القوات الخاصة في أفغانستان بجريمة قتل 54 مدنيا في ظروف غامضة خلال عامي 2010 و2011. وكشفت تقارير للشبكة أيضا حالات موثقة سببت قلقا على أعلى مستوى من سلوك القوات الخاصة، بما فيها عملية عام 2012، قتل خلالها زوجان، وجرح رضيعان. لكن وزارة الدفاع ما زالت تطالب بالحفاظ على سرية هوية الجنود الذين يزعم ضلوعهم في هذه العمليات، وكذلك جميع الشهود، علاوة على إجراء جلسات الاستماع التي تتضمن تفاصيل ما جرى خلال العمليات في جلسات سرية، دون حضور أسر الضحايا، أو وسائل إعلام.
مزاعم واهية للحفاظ على حياة المجرمين
كما أشار أحد محامي الوزارة إلى أن الوزارة تنوي الحفاظ على موقفها الثابت "بعدم تأكيد أو إنكار" الاتهامات الموجهة للقوات الخاصة، بزعم أن ذلك قد يشكل خطرا على سلامة الجنود الذين شاركوا في هذه الجرائم، وعلى قدرة القوات المستقبلية على القيام بعمليات جديدة. لكن أسر القتلى والضحايا الأفغان، الذين قتلوا في 7 عمليات للقوات الخاصة، يقولون إن موقف وزارة الدفاع "لا يمكن تبريره ويقوض مصداقية التحقيق". وقالت، ممثلة أسر الضحايا تيسا غريغوري: "لقد عانوا سنوات طويلة من التستر، والتعتيم" وإن وزارة الدفاع "كانت تسعى لغلق الباب أمامهم، ومنع ظهور أي أدلة". وقالت: "الأسر الثكلى وضعوا ثقتهم الآن في لجنة التحقيق، لكشف الحقائق".
طمأنة الرأي العام
وخلال الجلسة الافتتاحية للجنة التحقيق، قال رئيسها اللورد هادون كيف إنه بما يتفق مع قانون لجان التحقيق عام 2005: "يجب أن يتم الاستماع لأكبر قدر من المعلومات بشكل علني، لطمأنة الرأي العام، بخصوص أهمية وحياد التحقيق". لكنه أشار أيضا إلى وجود حاجة لإجراء بعض الجلسات بشكل سري، بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي. وقال متحدث باسم وزارة الدفاع: "ليس من المناسب لنا التعليق على حالات تخضع للتحقيق، ويعود الأمر لرئيس اللجنة اللورد هادون، لتقرير أي الاتهامات التي يجب مناقشتها والتحقيق فيها". وقال محامٍ يمثل الشرطة العسكرية البريطانية أمام لجنة التحقيق إنها تحقق حاليا في اتهامات بجرائم قتل خارج القانون في أفغانستان، وأنها تلقت معلومات من شهود يتمسكون بحق السرية.
التمسك ببند السرية
وأكدت الشرطة العسكرية الملكية بضرورة التمسك ببند السرية فيما يتعلق بثلاثة ملفات، الأول هو هوية المخبرين السريين، والثاني يتصل بالأساليب المستخدمة من قبل القوات، والثالث يتعلق بالوسائل التي تتبعها خلال تحقيقاتها.
وعادت حركة طالبان عقب انسحاب قوات الاحتلال الغربي عام 2021 للحكم مجدداً بعد مرور 20 عاماً من الإطاحة بها، بواسطة أمريكا وقوات التحالف عام 2001، بعد اتهامها بالضلوع في تنفيذ تفجيرات برجي التجارة العالميين. ولا يعترف المجتمع الدولي بشرعية نظام الحركة، ويشترط اتخّاذ الحركات خطوات ملموسة على صعيد احترام حقوق الإنسان لاستئناف المساعدات الدولية، وتتهدّد المجاعة ما يزيد على 55% من سكان أفغانستان، بحسب الأمم المتحدة.