ناشط ثقافي لـ«الوفاق»:
إيران بوعيها وصبرها وحنكتها إستطاعت أن تقوي علاقاتها مع العراق
حميد مهدوي راد
إلتقت صحيفة الوفاق مع الاستاذ علي المدهوش مدير مؤسسة التنمية البشرية، وأجرت حوارا معه حول عدة قضايا ومنها: تنمية العلاقات الاقتصادية والعلمية، والنشاطات الثقافية ودورنا في مواجهة الغزو الثقافي والمشهد السياسي بين إيران و العراق.
كيف تقيمون العلاقات الايرانية والعراقية على صعيد كافة المجالات؟
طبعاً بلاشك كما هو معروف أراد الغرب ان يقطع الوشائج الاجتماعية والثقافية والجغرافية العميقة المتجذرة ما بين البلدين المسلمين المتجاورين العراق والجمهورية الاسلامية. نعرف حقيقة بأن الحرب المفروضة وما جرى خلالها أن الغرب أراد ان يقطع أوصال هذا النسيج الاجتماعي والثقافي والروحي والفكري والعقائدي المتواصل ما بين هذين البلدين ولكن الحمدالله بجهود ووعي الجمهورية الاسلامية بدرايتها وصبرها وحنكتها استطاعت على أن تُعيد المياه الى مجاريها مع العراق بعد بركات سبحان الله تعالى وسقوط الصنم صدام.
يعني بدأت العلاقة تأخذ تواصلا رائعا جداً وعلى جميع الأصعدة وجاءت الهجمة الكبيرة ورب ضارة نافعة، المتمثلة في داعش، وكيف تمكنت الجمهورية الاسلامية بأن تكون حليفاً نبيلاً للعراق، كان هنالك بعض الأدعياء الكُثر الذين قالوا نحن حلفاء، كأمريكا وغيرها من قال علينا ان نأخذ ونرعى العراق بأزماته وأفراحه، ولكن ما أن أتى داعش، حتى ظهر
الحليف النبيل.
وعلى العراق في هذه الحالة من ناحية الوعي نقول عليك أن تبحث عن الحليف النبيل وهو الذي يقف معك عند الشدائد، غادرتنا أمريكا وغادرنا الشرق وغادرنا الغرب وبقيت فقط الجمهورية الاسلامية، ففتحت أبوابها وقدمت لنا خيرة قادتها وخيرة رجالاتها. وهذا لا يمكن أن ينكر ابداً ابداً، وهذا بدوره قد عزز هذه الوشائج، وبدأت هنالك الكثير من العلاقات الثقافية والسياسية والأكاديمية على مستوى واضح والدينية.
واليوم نلاحظ بمناسبة رحيل الامام الخميني (قدس) سره، كيف استطاعت الجمهورية الاسلامية ليس أن تساند وترعى العراق فقط، بل أن يكون هنالك بينها وبين العراق تواصلاً، وقد وجدنا كل الألوان والاذواق والألسن قد أتت الجمهورية الاسلامية في ايران، لأن ايران لديها القدرة بالتأثير ليس على العراق بحسب وانّما على
الكون برمته.
ما هي مهمتنا في مواجهة الغزو الثقافي؟
لا يخفى على أحد من المطلعين بأنّ اليوم تعتبر الحرب الحقيقية هي حرب ثقافية وحرب إعلامية بل هي حرب ثقافية وحضارية بإمتياز. وبما انّ هذه الحرب الحقيقية هي ثقافية يُفترض انّ نفعل الجانب الثقافي ويكون هو العنصر الأهم لدينا من خلال التأهيل والترابط والتواصل، نعم اليوم أن عملية فتح الإبواب والتعاون تكون ما بين الجامعات العراقية والجامعات الايرانية، ويعد هذا الامر ممدوحاً بل ويُفترض أن يفتح ابوابه على مصراعيها. خصوصاً بأنّ الشعب العراقي والطلبة العراقيين لديهم القدرة على الاستعداد والاندماج مع الجمهورية الاسلامية لأسباب كبيرة جداً خصوصاً مجتمع الجنوب الذي هو ينسجم عقائدياً ومذهبياً وروحياً واعتبارياً كثيراً. باعتبار أنه اليوم حتى أبناء المقاومة والجهاد هم من ابناء الجنوب فالاستعداد موجود لفتح هذه العلاقات خصوصا انّ رؤساء الجامعات اليوم هم كلهم مع المقاومة ومع الحركة الثورية ومع النفس الاسلامي الذي ينسجم مع الجمهورية الاسلامية ومع رجالاتنا قادة التغيير هذا من جهة، ومن جهة أخرى نريد أن نفعّل جوانب أخرى من الموارد الثقافية، مثلا على الصعيد الاعلامي، نريد ان يكون هناك تواصلاً بين القنوات الاعلامية في الجمهورية الاسلامية والعراقية في مجال التأهيل وعمليات التطوير وتبادل الخبرات.
إضافة الى أننا وجدنا أنه في مجالي السينما والمسرح هنالك حقيقة شوط كبير جداً قد حققته الجمهورية الاسلامية. انا وكثير من الأخوة الفنانين الذين التقيت بهم، وجدتهم منبهرين من الخبرة الكبيرة جداً والاحترافية العالية في إيران، خصوصاً عندما نريد ان نجسد قضايا الامة حول الشهداء وقضايا الاخلاق والى آخره، والامر الآخر الذي هو من اختصاصي؛ أقول يفترض ان يكون هنالك تعاوناً في مجال التنمية البشرية بأن تفتح دورات متبادلة، أن تكون هنالك لقاءات بينية ما بين علماء التنمية البشرية الايرانيين وخبراء التنمية البشرية في العراق وكيف لنا ان نوحد وان نوجد فريق عمل إن صحة التعبير، قادر على ان يرسم ويصنع قادة. اليوم ما أحوجنا إلى ان يكون لنا قادة رأي، أصحاب فكر ثقافيين قادرين على ان يؤثروا بالمجتمع وفق معطيات وتحديات العصر، يعني أن لسان المفكر ولسان الداعية الذي نحتاجه اليوم هو لسان عصري قادر على أن يتسق مع لغة العصر، لكن للأسف الشديد هذا الأمر نادر اليوم لان أغلب الناس من الذين نزلّوا كدعاة هم لديهم الثقافة الاستصحابية، ثقافة كلاسيكية إن صحة التعبير وهذا يكون شرخاً بينهم وبين المزاج العام فنحتاج إلى ان تكون هناك لغة متجددة، أساليب حديثة وهذا لايكون الّا من خلال التعاون ما بين البلدين في هذا المضمار.
ما هي التحديات التي تواجهنا إزاء تحقيق العمل والتعاون المشترك؟
اليوم، يحتاج الجانب الثقافي الى جانب لوجستي وجانب مادي، تهيئة الأماكن، عملية التبادل ما بين الفرق وتشكيلها وإجراء لقاءات متعددة، طبعاً بلاشك ان الجانب المادي يعد عاملاً حاسماً في اقامة دورة، أو في اقامة اماكن معينة، اليوم افضل شيء بالجانب الثقافي هو اختيار المكان قبل المادة. يعني على سبيل المثال، لا يمكن أن تقيم اليوم برنامجا ثقافياً في مكان كلاسيكي تقليدي، كما يفعل البعض، لا، بل يفترض أن يكون في مكان سياحي، مكان مميّز جاذب للآخرين، مثلاً على سبيل المثال نفترض أن يكون في الجنوب وتكون هناك دورة تقام في جامعة البصرة، مرة أخرى نقيم هذه الدورة في كيش مثلاً، لاحظ الفرق، حين يكون هناك استقطاب كبير جداً لأن الجانب السياحي هو جانب جاذب. وهذا الاستدراج مهم قد عمل عليه الغرب كثيرا، والدليل عندما استقطب اولادنا ماذا فعل؟ كل الدورات كانت دائما تكون في الاماكن السياحية، في أمريكا نفسها كانت توفر لمن يستهويه المكان ومن ثم تُغرس وتزرع فيه من الافكار، زرع الافكار اليوم وفق المعطيات يحتاج الى انه تكون هنالك بنى تحتية وطرق غير تقليدية في اعطاء المفاهيم وهذا مهم جداً.
كيف تقيمون التنمية الاقتصادية والتبادل التجاري بين العراق وايران وسوريا؟
ما هو معروف حقيقة ولا يخفى على أحد انّ الراعي الاول والمبادر الاول والداعم الاول من الناحية الاقتصادية لبلدان الممانعة والمقاومة هي الجمهورية الاسلامية، هذا لا يخفى على أحد ولا يمكن له، حتى غير المنصف، أن يتخطى هذا الموضوع، رغم جراحات الجمهورية الاسلامية، رغم معاناة الجمهورية الاسلامية، رغم الحرب المريرة الاقتصادية والحصار الاقتصادي المفروض عليها، نجد بانها اليوم ترعى هذه البلدان اقتصادياً ومادياً مع ما لديها من أعباء كبيرة جداً حتى في داخلها حين دفعت لذلك ضريبيا داخليا، هذا الامر يبرز تماماً في موضوع انها اليوم قد فتحت ابوابها اقتصادياً وثقافياً وسياسياً وعسكرياً، وقد فعّل هذا الامر فيما بين البلدان الأخرى لمحور المقاومة، مثلاً لاحظنا هنالك تبادلاً اقتصادياً رائعاً بدأ ما بين العراق ولبنان خصوصاً في الأزمة الاخيرة للمازوت والى آخره فبدأ العراق يدخل على خط التعاون في هذا الميدان وكسر القرارات الكثيرة، العراق والجمهورية الاسلامية في تبادل الغاز ونعرف بانّ هنالك عقوبات على الجمهورية الاسلامية لا يمكن للعراق انه يبادلهم مادياً فحاول بوسائل كثيرة جداً، حقيقة أنه حاول أن يقفز على هذه القرارات من خلال التبادل الاقتصادي وشراء الغاز من الجمهورية الاسلامية. ونعرف اليوم انّ التبادل التجاري بين العراق والجمهورية الاسلامية وصل الى مليارات من الدولارات سنوياً، هذا الأمر من شأنه أن ينشط العلاقة بين البلدين كما هو واضح خصوصاً انّ العراق هو المستفيد من هذا التبادل لـجودة الصناعة الايرانية ورخص أسعار السلع الايرانية فالعراق مستفيد كبيئة مستهلكة وايران اليوم بلاشك مستفيدة بأنها تنمي من قدراتها التعاونية خصوصاً مع بلد مثل العراق، وهذا ما وجدناه حاضراً في سوريا أيضا، فبدأ اليوم الانتعاش المتبادل، حيث لم يكن فقط مقتصرا على تبادل الخبرات الثقافية والسياسية وانّما بدأت البوابات الاقتصادية تكون حاضرة في هذا المحور.
كيف ترى المشهد السياسي بين إيران والعراق؟
الحمدالله اليوم من بركات الله سبحان وتعالى برعايته الى هذا الخط يعني خط الاسلام المحمدي الاصيل، خصوصا وأنه خط يرتبط بالله سبحانه وتعالى، فهناك أسباب كثيرة جداً تتوفر، اليوم نحن نعيش بحبوحة خصوصاً انّ الذي يتسلم مقاليد الحكم في العراق هو من رحم المقاومة ومن رحم المذهب ومن رحم المعاناة ومن رحم هذا المزاج، المزاج الذي يربطنا والجمهورية الاسلامية فاليوم هو بلاشك كما هو معروف مثلاً بأن رئاسة الوزراء هي في يدنا اليوم، وأبناء هذه الحكومة اغلبهم من ابناء المقاومة الاسلامية. فالجانب السياسي اليوم يعيش في أرقى حالاته، طبعاً هنالك من يريد عن يعكر هذا الصفو، خصوصاً انه اليوم يتربص بنا العدو تربص كبير جداً. فالأمريكان والصهاينة والكثير من بقايا النظام الصدامي وبعض بلدان الجوار التي لا يسعدها بأن يكون العراق مع الجمهورية الاسلامية، لكنه نرى بأن التعاون على مصراعيه، خصوصاً وأن التعاون لا يقتصر على الحكومة كرئاسة الوزراء مع الجمهورية الاسلامية، لا، بل حتى مع إقليم كردستان العراق، حيث نجد بأن هنالك الكثير من التعاون و الزيارات البينية وأخذ المشورة ووجدنا بأن الحراك المكوكي حقيقة لـ الاستشارات قد جاء على مستوى رفيع جداً كالمستوى السياسي وحتى على مستويات متوسطة رائع جداً وينبئ بأن الخير والحركة والمستقبل مطمئن تماماً ان شاء الله.