الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف ومائتان وثلاثة وسبعون - ٠٣ يوليو ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف ومائتان وثلاثة وسبعون - ٠٣ يوليو ٢٠٢٣ - الصفحة ٥

الناقد السينمائي اللبناني «حسين سماحة» للوفاق:

دراما المقاومة.. رسالة للدول المطبّعة

موناسادات خواسته
السينما والدراما تحتل مكانة عالية عند الجميع، ويتابعها الجمهور، وهي أداة هامة يمكن استخدامها إيجابياً أو سلبياً، ولأعمال المقاومة أبجديتها الخاصة، ولها جاذبية للمُشاهد، ولهذه الأسباب نرى انعقاد ندوات لدراسة المواضيع المختلفة في السينما، كما أنه قبل فترة أقيمت ندوة إفتراضية تحت عنوان: "دراما المقاومة في لبنان.. مشاكل وحلول" بحضور خبراء وباحثين فنيين، ومنهم الناقد السينمائي والباحث اللبناني في الدراسات الفنية الدكتور حسين سماحة الذي خاض تجربة جميلة في موضوع التدريب والتعليم والمونتاج والتصوير، ومثّل مع المخرج العزيز الشهيد حسين عبدالله، وعمل أيضاً في مؤسسة "ميراث" لإنتاج الفن التي تتعلق بموضوع الشهداء وترجم العديد من الأفلام والمسلسلات وشارك أيضاً في كثير من الأفلام، ولديه تجربة جميلة جداً في عالم الفن، فاغتنمنا الفرصة وأجرينا حواراً مع الدكتور سماحة حول الدراما، وفيما يلي نص الحوار:

الإنتاج الدرامي العربي
بداية طلبنا من الدكتور "سماحة" ان يبدي رأيه وتقييمه للدراما في العالم العربي، فقال: بغض النظر عن التوصيف التخصصي الذي يمكن تقديمه للإنتاج الدرامي العربي، وما إذا كان سائراً على خط الإنتاج السينمائي والتلفزيوني المتعارف عليه عالمياً  كمرجع للتقييم العلمي، إلا أنه لا مبالغة في القول أن الإنتاج الدرامي العربي يعاني من مشكلات عديدة تختلف حدتها باختلاف الدول والشركات المتصدية للإنتاج، على الرغم من صرف ما يقارب البليون دولار، أنفقت على الدراما العربية خلال العام الفائت. كما أنه كان للإنتشار الواسع للدراما الأجنبية (التركية والمكسيكية على وجه الخصوص) في الدول العربية أثراً يعتدُّ به في رسم خارطة الدراما العربية.
في التفاصيل، يمكن القول أن الدراما المصرية تعاني من مشكلة احتكار الشركات العملاقة المعدودة للإنتاجات الدرامية، فيما تكتفي الشركات الصغيرة الأخرى بالمشاركة معها في الإنتاجات. وبالتالي فإن تلك الشركات العملاقة استطاعت احتضان العاملين في الدراما من فنّيين وفنانين، واتخذت من وسائل الإعلام المصرية منصة لها للتسويق لأعمالها.
هذا الأمر ولَّد حالة من الرتابة أو الروتينية في المضمون والشكل، بعيداً عن حسّ المنافسة التي شهدتها الدراما المصرية سابقاً مع مثيلاتها في الشركات والدول العربية الأخرى. هذه المعضلة أثرت بشكل مباشر على المشاهد العربي، الذي كان يرى في الدراما المصرية متنفَّساً له ونافذة للمعرفة والتسلية في آن معاً، ما دعاه إلى البحث عن بديل.
من هنا جاءت القنوات التلفزيونية الخاصة التي خرجت من إطار ضرورة الإنتاج العربي البحت، لتلعب دوراً في سد الفراغ الحاصل من خلال تعريب الأعمال التركية والمكسيكية بعيداً عن الرتابة التي ولَّدَها احتكار الشركات الكبرى للإنتاج الدرامي المصري.
تعتبر هذه المرونة في الإنتقال من شكل درامي عربي أصيل إلى الدراما المعرَّبة سيفاً ذو حدين نتيجة للأفكار المختلفة التي يمكن أن تتسلَّل إلى البيئة العربية ومدى تأثيرها الإيجابي أو السلبي على حد سواء، وهو موضوع خارج سياق حديثنا الحالي.
الدراما في لبنان
وتابع سماحة: أما في لبنان فعلى الرغم من الهبوط الحاد الذي شهدته الدراما اللبنانية خلال فترة الحرب الأهلية، بعد أن كانت بيروت عاصمة الإستوديوهات العربية ومركزاً لتحميض الأفلام السينمائية العربية (إلى جانب القاهرة)، وبعد السبات العميق الذي شهدته هذه الدراما منذ فترة الإجتياح الإسرائيلي للبنان ونهاية الحرب الأهلية وفترة التسعينيات، استطاعت هذه الدراما النهوض من خلال بعض الشركات والأعمال من مسلسلات وأفلام، لم ترقَ إلى مستوى الإنتشار العربي والعالمي، بل بقيت رهينة السوق اللبنانية لا أكثر (إلا ما رحم ربي)، فيما بقيت صورة الدراما اللبنانية الحقيقية تُختصر ببعض الأسماء والتجارب الشخصية الخاصة منها: نادين لبكي وجورج وخباز و... وغيرهم.
بعد عام 2011 ومع بدء الأزمة السياسية والعسكرية والأمنية السورية، وما أفرزته من نزوح سوري كبير إلى المناطق اللبنانية، شكل الفنانون السوريون جزءاً مهماً من هذا النزوح الذي فرض ظهور الأعمال السورية - اللبنانية المشتركة. هذا الإختلاط بين العنصرين الفنيَّين اللبناني والسوري ساهم في إنعاش الدراما اللبنانية بشكل ملفت للأنظار، وشجَّع الجانب اللبناني على خوض تجربة الشركات اللبنانية المستقلة التي تطمح إلى إنتاجات لبنانية صرفة، وبقدرات محلية بالكامل، لكن ذات عمق عربي وعالمي.
الدراما في دول الخليج الفارسي
وأضاف سماحة: أما الدراما في دول الخليج الفارسي، فعلى الرغم من بطء القيامة التي تشهدها، نرى أن هذه الدراما استطاعت أن تجد القالب العام الجيد لها في الشكل، لكن ليس في المضمون، من خلال الميزانيات الهائلة التي صُرفت عليها في الإنتاج والتصوير والديكور وغيرها من العناصر المكوِّنة لشكل الدراما.
 بدا ذلك واضحاً في بعض الإنتاجات السعودية الأخيرة التي لاقت رواجاً ملحوظاً لدى جمهور دول الخليج الفارسي (فيلم "سطار" حقق أعلى إيرادات على مستوى العالم العربي)، بعكس ما كان رائجاً في السنوات الأخيرة من خلاف حاد بين الدراما والجمهور في دول الخليج الفارسي.
أما في المضمون، فمن الواضح أن الدراما في دول الخليج الفارسي تعاني من أزمة كتابة حادة، لا بل يبدو أنه من الصعب التعرُّف على كاتب ترك بصمة مؤثرة في دراما دول الخليج الفارسي و الدول العربية. ومع ذلك يرى خبراء من هذه الدول أن المستقبل لن يكون معتماً بل إن التفاؤل سائد بين الأوساط الفنية التي ترى في الأجيال القادمة مجموعة احترافية يمكن أن تقلب الطاولة على ثغرات الدراما في دول الخليج الفارسي في القريب العاجل، لتضعها في مصاف الدراما العربية المنافسة.
الدراما في سورية
تطرق سماحة إلى الدراما السورية ومتابعة لكلامه قال: موازاة لذلك، لا تزال الدراما السورية تتربع على عرش غالبية الشاشات العربية وخاصة في أوج السباق الرمضاني كل عام، على الرغم من ما تعرَّضت له سوريا من حرب كونية عليها، ويُحسب للسوريين قدرتهم على الحفاظ على السير التصاعدي للدراما في بلدهم، وقدرتهم على الإستمرارية رغم الظروف القاهرة.
 إذ لا يخفى على أحد مستوى التقدُّم والرقي والتطور الذي شهدته الدراما السورية كمّاً ونوعاً، وسيطرتها على الشاشات العربية، نظراً لتنوع موضوعاتها واعتمادها أعلى مستويات التنفيذ والإنتاج. في الوقت ذاته شهدت الساحة الدرامية السورية امتعاضاً من بعض الأسماء المهمة فيها، انتقاداً لما آلت إليه آليات الإنتاج التي لم تعجب البعض، واعتبار تلك الآليات فرصة لهيمنة الشركات المعروفة وقتل عاماً للشركات المحدودة والحديثة الإنشاء.
الأمر الذي ينبئ بالمعضلة التي تعاني منها الدراما المصرية. إضافة إلى ذلك يمكن القول إن انتشار الدراما التركية استطاع سحب البساط من تحت الكثير من وهج الأعمال السورية، بعد أن لاقى المسلسل التركي رواجاً ملفتاً لدى المشاهد العربي، علماً أن شركات الإنتاج السورية كانت سباقة إلى ترجمة ودبلجة المسلسلات التركية وهي التي عملت على ترويجها بشكل كبير. في الآونة الأخيرة حجزت الدراما التركية موقعها في العالم العربي لدرجة القيام بتنفيذ أعمال سورية تركية مشتركة تمَّ الإنتهاء من تصويرها منذ فترة، وشجَّع على ذلك تفاعل الجمهور العربي مع الدراما التركية.
دراما المقاومة
عندما سألنا من سماحة مواصفات دراما المقاومة والانتاجات في هذا المجال، رد علينا بالجواب: من الصعب حالياً الحديث عن دراما تحت عنوان "المقاومة"، بمعنى أن تكون نوعاً قائماً بحد ذاته كالرعب والأكشن والخيال العلمي والكوميديا وغيرها من التصنيفات المتعارف عليها. إلا أنه برزت في الآونة الأخيرة طائفة من الأفلام والمسلسلات الدرامية التي تتخذ من موضوع المقاومة مضموناً لمحتواها، تمَّ نشرها تحت عنوان دراما المقاومة، إلا أنها لا تحوي عناصر مختلفة عن بقية الأنواع لتمييزها، لا في التصوير ولا في الإخراج ولا في أي من العناصر الدرامية الأخرى التي تميِّز كُلاً من تلك الأنواع.
بل ربما يمكن القول أنها مزيج من خصائص الأنواع الأخرى. ففي نظرة عامة على الإنتاجات المرتبطة بهذا النمط يمكن رؤية النفحة الإجتماعية الواضحة التي تحكي قصصاً من بيئة المقاومة، يضاف إليها بعض الإثارة والتشويق والأكشن، والحربي بطبيعة الحال، بما أننا نتكلم عن قضية مقاومة العدو الإسرائيلي بالأساليب العسكرية والأمنية في المرتبة الأولى.
منذ أوائل التسعينيات، بدأت المقاومة بتفعيل مجال الإنتاج الدرامي نظراً لما لحظته من أهمية الخوض في عمليات الحرب الناعمة ونقل الحقيقة وسحب البساط من تحت أقدام العدو الذي بدأ مبكراً في تزوير الحقائق وبث الأكاذيب، بهدف إيجاد شرخ بين المقاومة وجمهورها.
الجمهور الذي كان دائماً وما زال، جزءاً لا يتجزأ من معادلة المقاومة وتحمُّل المسؤوليات وصناعة الإنتصارات، والأهم من ذلك، أن القصص التي تتناولها دراما المقاومة ليست إلا جزءاً هاماً من تاريخ القضية بأكملها، في وقت تعتبر فيه الدراما آلية مؤثرة في كتابة التاريخ بالصوت والصورة، تزامناً مع كتابته بالطرق التقليدية.
 من هنا كان لا بدَّ للمقاومة من ملء الشاغر على الشاشة الصغيرة والكبيرة سريعاً وفي آن معاً، وإلا لكان بإمكان العدو أن يملأ ذلك الفراغ بالطريقة التي يراها هو مناسبة، ما يعدُّ أمراً بغاية الخطورة، فشهدت الساحتان اللبنانية والفلسطينية حركة درامية لكنها لم تكن بالمستوى الذي كان ينتظره الجمهور منها بما يتلاءم مع الإنجازات الميدانية للمقاومين، إلا أن القيمين عليها دأبوا على تطوير هذا النوع من الدراما وفق الإمكانات المتاحة، وعلى هذا الأساس يمكن القول أننا نشهد تطوراً ملحوظاً في الشكل والمضمون والإمكانات عاماً بعد عام مع كل الثغرات الموجودة التي يمكن الحديث عنها في الوقت المناسب.
من هذه الإنتاجات يمكن ذكر مسلسلات لبنانية منها: "الغالبون" بجزئيه الأول والثاني، "قيامة البنادق"، "ملح التراب"، "بوح السنابل" وغيرها، ومسلسلات فلسطينية منها: "الفدائي" بجزئيه الأول والثاني، "بوابة السماء"، "شارة نصر جلبوع" وغيرها.
إضافة إلى كل هذا لا يمكن التغافل عن نوع من أنواع أفلام المقاومة اختلف مستواها الفني والإحترافي باختلاف الإمكانات والميزانيات المصروفة لها، إلا أنها لاقت استحسان جمهور المقاومة إلى حد كبير، أذكر منها فيلم "طيف اللقاء" وفيلم "نقطة فداء" من إخراج الشهيد المخرج "حسن عبد الله"، وفيلم "خلة وردة" للمخرج اللبناني "عادل سرحان" وفيلم "أهل الوفا" للمخرج السوري "نجدت أنزور"، وكلها كانت من إنتاج مؤسسات المقاومة في لبنان بالكامل.
الأفلام المشتركة الإيرانية اللبنانية
وتابع سماحة: كما يمكن الحديث عن طيف من الأفلام المشتركة الإيرانية - اللبنانية التي كانت تتخذ من المقاومة في لبنان وفلسطين مضموناً لها والتي عُرضت في الصالات وعلى الشاشة الصغيرة والتي لاقت رواجاً كبيراً لدى الجمهور المستهدف نذكر منها الفيلم المؤثر والذي اعتُبر تحفة فنية في زمانه وهو فيلم "المتبقي" من إخراج الإيراني "سيف الله داد" وتأليف "غسان كنفاني" عام 1994.
إضافة إلى ذلك يمكن ذكر الأفلام التالية: "هيام"، "جرح الزيتون"، "ولادة جديدة"، "33 يوماً"، "حبل كالوريد"، وفيلم "أبو زينب" الذي يحكي قصة الإستشهادي "عامر كلاكش" ضمن قالب درامي راقٍ وبإنتاج إيراني - لبناني مشترك.
دور الإعلام الحربي في المقاومة
وفيما يتعلق بأهداف دراما المقاومة والحصول عليها، أم المشاكل والحلول في هذا المجال قال الدكتور "سماحة": لقد استطاعت الدراما التي تتخذ من مقاومة العدو الإسرائيلي والصراع بين محور المقاومة والمشروع الغربي في المنطقة موضوعاً لها، أن تحقِّق أهدافاً بالغة الأهمية رغم كل الثغرات التي تعاني منها منذ انطلاقتها في تسعينيات القرن الماضي. ومن البديهي أن تكون قيادة المقاومة قد وضعت أهدافاً ذات أهمية بالنسبة لها كانت بمثابة دافع لها للإنطلاق في خيار التوجه إلى محاكاة قصص المقاومة من خلال الدراما. ظهرت هذه الأهداف على ثلاثة محاور:
1- الحرب الناعمة ودحض أفكار العدو ومواجهة دعايته الكاذبة.
2- توجيه رسالة إلى بيئة المقاومة باعتبارها ركناً أساسياً في المواجهة بهدف تثبيت العزائم ونشر الحقائق وتصويب المفاهيم ومنع اختراقات العدو.
3- توجيه رسالة إلى الدول المطبعة مع كيان العدو.
لعب الإعلام الحربي في المقاومة في فلسطين ولبنان دوراً بارزاً في المعركة المستمرة مع كيان العدو الصهيوني من خلال تصوير أنشطة المقاومة العسكرية والأمنية وغيرها، ومونتاجها وبثها في وسائل إعلام تابعة لمؤسسات المقاومة وكانت وما زالت تصل إلى أكبر شريحة من المجتمعات المختلفة خصوصاً بعد انتشار ظاهرة وسائل التواصل الإجتماعي، ولطالما كان الإعلام الحربي رديفاً لمؤسسات إعلامية أخرى منها القنوات التلفزيونية ودور العرض (على قلتها) والإذاعات والصحف.
دراما على أساس إنجازات المقاومة
وأضاف سماحة: لكن الدراما احتلت في الآونة الأخيرة مكانة هامة فكان لابد للمقاومة أن تخوض المعركة من خلال هذا الميدان لدحض أفكار العدو ومواجهة دعايته الكاذبة، التي لطالما سعى من خلالها لحرف الحقائق واللعب على وتر ضرب هيبة المقاومة واعتبارها شكلاً من أشكال الإرهاب وترسيخ فكرة خروجها عن القوانين والأعراف الدولية واعتبار المجاهدين حفنة من الشباب البائس والمغامر الذي يقود مجتمعه إلى الهاوية بسبب عدم التكافؤ واستحالة مواجهة جيش بمستوى جيش العدو الصهيوني في العدة والعديد والمستوى العلمي، وغيرها من المغالطات التي سعى العدو لنشرها في المجتمعات العربية والإسلامية لترسيخها كحقيقة لا يمكن تجاهلها على مبدأ أن "العين لا تقاوم المخرز".

 

 

البحث
الأرشيف التاريخي