أمين المجلس الأعلى للمناطق الحرّة والتجارية والصناعية والإقتصادية الخاصة لـ«الوفاق»:
المناطق الحرّة والإقتصادية الخاصّة في إيران جنّة الإستثمار
الوفاق/ خاص
دُريد الخمّاسي
أجرت صحيفة الوفاق حواراً مفصلاً مع الدكتور حجت الله عبدالملكي، أمين المجلس الأعلى للمناطق الحرّة والتجارية والصناعية والإقتصادية الخاصة في إيران حول خطط وأهداف المجلس الأعلى للمناطق الحرّة وبرامجه لتطوير العلاقات مع الدول الإسلامية والعربية، حيث كشف الدكتور عبدالملكي عن محادثات إيرانية - سعودية لإنشاء مناطق حرّة مشتركة ودور هذه المناطق في الإلتفاف على العقوبات. كما دعا أمين المجلس الأعلى للمناطق الحرّة المستثمرين والتجّار العرب للإستثمار في إيران، وقدّم شرحاً عن 600 حزمة إستثمارية متنوعة في المناطق الحرّة والإقتصادية الخاصة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وفيما يلي نصّ الحوار:
في البداية، اشرحوا لنا خطط وأهداف المجلس الأعلى للمناطق الحرّة والتجارية والصناعية والإقتصادية الخاصة.
إنشاء المناطق الحرّة والإقتصادية الخاصّة إحدى الإبداعات الإقتصادية في العقود الأخيرة وتركت تأثيرات جيدة على تقدم الدول. على سبيل المثال، أذكر الصين التي بدأت هذه القفزة الإقتصادية طيلة الـ٥٠ - ٦٠ عاماً الماضية من ١٣ منطقة حرّة وكان لهذه المناطق دور فاعل في تقدمها.
في أدب علم الإقتصاد التقليدي تتبوأ المناطق الحرة مكانة هامة. وفي الأدب الإقتصادي للثورة الإسلامية، اعترف بالمناطق الحرّة والإقتصادية الخاصّة رسمياً وحدّد لها دور ولدينا موضوع تعزيز حقل العمل في المناطق الحرّة والإقتصادية الخاصّة في نقل التقنية وتلبية حاجات البلاد والنهوض بالإنتاج والطفرة التصديرية والتمويل من الخارج و... في الفقرة ١١ من الخطوط العريضة لسياسات الإقتصاد المقاوم.
تشكّلت المناطق الحرّة في إيران منذ عام 1993، تلتها المناطق الإقتصادية الخاصّة. حالياً هناك ١٥ منطقة حرّة و٣٥ منطقة اقتصادية خاصّة ناشطة في البلاد. نحن نعرّف الـ٥٠ منطقة هذه كقوى رئيسية لتواجد إيران في الإقتصاد العالمي ولدينا تعبير هو أن المناطق الحرّة والإقتصادية الخاصّة هي أعضاء المنتخب الوطني للاقتصاد الدولي للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتساهم بشكل كبير في الإقتصاد الدولي.
على سبيل المثال، طوال ١٨ شهراً مضت على عمر الحكومة الثالثة عشرة كانت حصّة المناطق الحرّة والإقتصادية الخاصّة أكثر من ٣٠ مليار دولار من الصادرات غير النفطية إلى خارج البلاد، وهذا تسبّب في تزويد البلاد بالعملة الصعبة بشكل ملحوظ. خلال هذه الفترة، تمّ إنجاز أكثر من ٧٠% من مجموع العبور البحري للبلاد عبر المناطق الحرّة والمناطق الإقتصادية الخاصة.
إن قسماً ملحوظاً من الإستثمار الأجنبي الذي شهدتها إيران كان في المناطق الحرّة والإقتصادية الخاصة، ونحن نشاهد إزدياد زخم الإستثمار الأجنبي في المناطق الحرّة والإقتصادية الخاصّة إلى الضعف، ولدينا خطط جادة لاستقطاب المستثمرين الأجانب في هذه المناطق.
نتابع ٦ مهمّات للمناطق الحرّة والإقتصادية الخاصّة وفق القوانين والوثائق العليا لسياسات الإقتصاد المقاوم:
المهمّة الأولى تسهيل الإنتاج. الثانية الطفرة التصديرية. الثالثة نقل التقنية المتقدمة إلى البلاد. الرابعة تلبية حاجات البلاد الأساسية. الخامسة توفير موارد مالية أجنبية للبلاد. السادسة إعمار المنطقة التي اختيرت كمنطقة حرّة.
نتابع المهمّات هذه بناء على القوانين والوثائق العليا وخاصّة الخطوط العريضة لسياسات الإقتصاد المقاوم، ولدينا خطط جادة للتفاعل مع الشركاء الأجانب بغية تعزيز هذه الخطط. ونرى بأن دول المنطقة خاصّة الدول الإسلامية والعربية من شأنها أن تكون إحدى شركائنا المهمّين جداً من أجل تطوير هذه الخطط.
لو أمكن، قدّموا لنا المزيد من الإيضاحات حول برامجكم لتنمية العلاقات مع الدول الإسلامية والعربية.
نتبنّى استراتيجيتين هامتين فيما يتعلق بالمناطق الحرّة والإقتصادية الخاصّة:
الأولى: إضفاء طابع شعبي على هذه المناطق.
الثانية: عولمة هذه المناطق.
تماشياً مع إضفاء الطابع العالمي على المناطق الحرّة والإقتصادية الخاصّة للجمهورية الإسلامية الإيرانية، نقوم بإتّباع ٥ سياسات:
السياسة الأولى هي إنشاء مناطق حرّة مشتركة ومماثلة مع الدول الأخرى. نحن نخوض المفاوضات مع ٢١ دولة في العالم، وقمنا بتوقيع وثائق رسمية مع عدد منها. الدول العربية والإسلامية في المنطقة التي نمضي بها هذه القضية إلى الأمام هي العراق وسوريا والإمارات المتحدة العربية وقطر وسلطنة عمان، ومؤخراً دخلنا في مفاوضات مع المملكة العربية السعودية. وهناك محادثات تدور بيننا والدول الجارة مثل باكستان وأفغانستان وإرمينيا وأذربيجان وروسيا، والدول الأبعد منها مثل الصين، لإيجاد مناطق حرّة مشتركة ومماثلة.
وقّعت الحكومتان الإيرانية والعراقية وثيقة في اللجنة المشتركة التي أقيمت في شهر مارس/ آذار الماضي في بغداد للتعاون في تطوير المناطق الحرّة المشتركة. كما وقّعنا مذكّرة تفاهم رسمية مع سلطنة عمان ونتابع حالياً مراحل تنفیذها. وتمّ إعداد مذكّرة تفاهم مع سوريا وقّعها عن إيران وزير الاقتصاد وعن الجانب السوري وزير التجارة. كما تدور محادثات بيننا وبين دول أخرى للوصول إلى وثيقة مشتركة.
هدفنا هو إنشاء مناطق إقتصادية مشتركة، وإلى جانب إیجاد مناطق مشترکة نعمل على تعزيز التعاون بين المناطق الحرّة للجانبين في مجالات مثل تبادل الأرض وإنشاء قواعد مشتركة للناشطين الاقتصاديين في المناطق المشتركة وتوفير إمكانية الاستثمار المشترك بين الناشطين الاقتصاديين وتقديم الخدمات المالية والاقتصادية التي يتمّ إسداؤها للجانبین بصورة مشترکة ومماثلة.
هذه هي أساليب راقية جدّاً لتطوير التجارة والإستثمار. هذه أجيال جديدة أو آخر جيل للمناطق الحرّة في العالم، ونحن نتابع خطوة فخطوة التقدّم الذي يطرأ حالياً في العالم، فضلاً عن أنّها الإبداعات التي قدّمتها الجمهورية الإسلامية على المستوى العالمي على صعيد نموذج التعاون في المناطق الحرّة المشتركة والمماثلة وهي نماذج جديدة.
إنّ إنشاء المناطق الحرّة والمشتركة يحقق ميزات عالية لإيران ناهيك عن تطوير التجارة والإستثمار، هذه أساليب كاسرة للحظر جداً، ويمكن القول إن إيجاد المناطق الحرّة المشتركة والمتماثلة يسبب إبطال مفعول قسط وافر من العقوبات المالية للغرب ويتبلور نمط مختلف من التفاعلات الاقتصادية.
ننتهج عدّة سياسات أخرى على صعيد إضفاء الطابع العالمي على المناطق الحرّة والمشتركة للجمهورية الإسلامية الإيرانية. إحدى هذه السياسات هي إنشاء البنية التحتية الناعمة للاقتصاد الدولي في هذه المناطق منها إحداث المصرف العابر للحدود(offshore) ، والتأمين الدولي والبورصة الدولية. بدأ المصرف العابر للحدود نشاطه أخيراً وأخذنا من البنك المركزي موافقة مبدئية لإيجاد مصرف آخر.
فيما يتعلق بالتأمين الدولي والبورصة الدولية، تمّ استلام موافقة التأسيس من جانب المؤسسات السيادية في البلاد وهي التأمين المركزي للجمهورية الإسلامية الإيرانية والمجلس الأعلى للبورصة الإيرانية، وحدّدت تركيبة حملة الأسهم والهيئة الإدارية.
عندما يتم تفعيل هذه الأدوات الثلاث في المناطق الحرّة على المستوى الدولي، توفّر إمكانية المبادلات المالية الدولية للمشغّلين الإقتصاديين الإيرانيين وغير الإيرانيين الذين يريدون مزاولة أنشطتهم في هذه المناطق. هذه ستوفر كثيراً إحتياطياً من العملة الصعبة للبلاد، وسيتم فعلياً تحييد مفعول قسط كبير من العقوبات عبر توفر هذه الطرائق والأساليب.
بالتوازي مع هذه الإجراءات، نتابع موضوع تطوير البني التحتية الصلبة للاقتصاد الدولي الذي يرتبط مجمله بالحقل اللوجستي. قمنا بإنشاء عدة مناصب موانئية جديدة على صعيد تطوير الموانئ بالمشاركة مع المستثمرين الأجانب والداخليين في المناطق الحرّة في أنزلي وقشم وجابهار. هناك قضية البني التحتية في النقل بما فيها خطوط الملاحة والخطوط الجوية وتوسيع البنى التحتية في المطار الذي حدث الأخير قبل عدة أشهر وتمّ تدشين محطة جديدة في مطار كيش الدولي الذي بدوره يحقق إمكانية عبور المسافرين في جزيرة كيش بشكل جيد.
كما بادرنا لإنشاء خط ملاحي منتظم بين ميناء جابهار بوصفه منطقة حرّة والميناء المحيطي الوحيد الذي أعفى من العقوبات مع الهند والصين. وخلال الأشهر العشرة الماضية، تمّ تحميل أكثر من ١١ ألف حاوية من السلع.
إحداث هذا الخط المنتظم مكّن التجار ورجال الأعمال الإيرانيين من التخطيط لتدفق السلع، والكثير من التجار الذين كانوا يمارسون أنشطتهم مع الدول الشرقية أو شرق البلاد أصبحوا في غنى عن دخول بضائعهم إلى الشواطئ والموانئ الغربية وتعود من جديد بأساليب شتى، وهذا يعني انخفاض تكاليف النقل بكثير في النصف الشرقي من البلاد داخلاً أو خارجاً.
الحدث الهامّ جداً الذي طرأ هو أنه صناعتنا للتزود بالوقود في جزيرة كيش بوصفها منطقة حرّة بدأت أعمالها رسمياً منذ الشتاء المنصرم، وبهذا الحدث التأريخي والهامّ جداً استغنت سفن الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تتدفق من أو إلى الخليج الفارسي عن الرجوع إلى موانئ الدول الأخرى للتزود بالوقود في جزيرة قشم، حيث يتم حالياً طوال شهر تزويد الوقود بالسفن العابرة بحجم ٣٠-٤٠ ألف طن. لدينا موضوع تطوير وإنشاء مصفاة بوقود السولفور الخفيف الذي بدأناه في جزيرة قشم وهذا بدوره يزيد من طاقة المنطقة لتوفير الوقود.
نتجه إلى توفير وقود السفن الأجنبية وسدّ حاجاتها لكي تصبح تلك السفن في غنى عن قطع مسافة ٢٠٠ كيلومتر للذهاب والإياب من أجل التزود بالوقود. سنوفر الوقود الكافي لجميع السفن العابرة من مضيق هرمز (الإيرانية وغير الإيرانية)، وذلك عبر تشغيل مصفاة قشم. بالتوازي مع هذا الإجراء وفي سياق تعزيز البني التحتية الصلبة للاقتصاد الدولي، سيتم في السنوات القادمة تفعيل وقود جديدة للسفن منها الوقود السائل لمشروع توفير الوقود الغازي وفق المعايير الدولية الجديدة للإبحار في جزيرة قشم. ونقوم فعلياً بإيصال معايير التزود بالوقود في منطقة الخليج الفارسي وبحر عمان إلى المصاف الدولي، هذا قسم من الإجراءات التي نتابعها في المجالين الصلب والناعم لجعل المناطق الحرّة ذات طابع عالمي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
قدّموا لنا إيضاحاً أكثر حول إنشاء مناطق حرّة مشتركة مع السعودية.
بدأت أخيراً محادثات مبدئية مع السعودية. وبدورها أعربت الحكومة السعودية عن استعدادها للإستثمار في إيران وأبدت إنفتاحها على إنشاء مناطق حرّة مشتركة. سنخوض في الأشهر القادمة مفاوضات أكثر جدّية وستكون الأرضية متاحة للمزيد من المحادثات في مختلف المواضيع بعد الإتفاق المنجز مع السعودية في الأشهر الأخيرة. نحن في الجمهورية الإسلامية الإيرانية على أتمّ الاستعداد لإنشاء مناطق حرّة مشتركة ومماثلة مع السعودية. الجانب السعودي أيضاً أبدى استعداده وسنزور السعودية في الأشهر القادمة ونستضيف الوفود السعودية ونحاول إنجاز الإتفاقيات الرسمية في عام 2023.
هل حددتم مكاناً معيّناً لإيجاد مناطق حرّة مشتركة مع السعودية؟
لا، لم نحدّد مكاناً بعد فيما يتعلق بالسعودية.
قدّموا لنا إيضاحاً عن دور المناطق الحرّة والإقتصادية الخاصة في الإلتفاف على الحظر أو التخفيف من مفعوله.
في سياق إيجاد مناطق حرّة مشتركة ومماثلة ونظراً لأن الناشطين الإقتصاديين في البلدين من شأنهم أن يكونوا في المنشأ والوجهة بشكل متزامن، سيتمّ تبديد مفعول القسم الأعظم من العقوبات لأنهم أنفسهم الذين يرسلون ويستلمون السلعة التي يبادلونها. من هذا المنطلق تقل الحاجة إلى فتح الاعتماد المستندي “LC” وهذا من الإختناقات الرئيسية التي تختلق لنا مشاكل في موضوع العقوبات.
هل تمّ إجراء محادثات مع دولة أخرى غير سلطنة عمان في موضوع الصادرات المجددة؟
إحدى الإستخدامات الرئيسة للمناطق الحرّة المشتركة هي الصادرات المجددة، وهو أنه تدخل البضاعة الإيرانية المنطقة الحرّة المشتركة أو المنطقة الحرّة المماثلة أو المنطقة الحدودية ويتم هناك إكمال معالجتها أو تغليفها وتصدّر إلى أي نقطة في العالم مع الشعار التي تحدده الشركة. وبما أن إيران وأيضاً الدول الأخرى لديها ميزات خاصة للتعاطي مع الدول المستهدفة لهم في التجارة، فالدولة الأخرى التي تتواجد في المنطقة الحرّة في تلك الدولة سوف تقتطف من ثمار تلك الميزات على أرض الواقع.
على سبيل المثال، تفاعلنا مع إتحاد أوراسيا ووقّعنا إتفاقيات ستتحول في القريب العاجل إلى عقود. هذا يعني يستحوذ الناشطون الإقتصاديون الإيرانيون على سوق أوراسيا أكثر من ذي قبل والأجانب الذين يستثمرون في المناطق الحرّة بإيران يمكنهم الإفادة من فرص سوق أوراسيا. هذا ومن جهة أخرى هناك نموذج من التفاعلات بين الدول الأخرى أي الدول العربية الموجودة في مجلس تعاون دول الخليج الفارسي؛ إضافة إلى ذلك، يحضر الناشطون الإقتصاديون الإيرانيون في المنطقة الحرّة المشتركة في تلك الدول وأسواق هذه الدول تكون في متناول أيديهم.
اذكروا لنا نماذج من فرص الإستثمار في المناطق الحرّة والإقتصادية الإيرانية للمستثمرين العرب.
نتابع هذا العام خطّتين جادّتين:
1- القفزة في الإستثمار.
2- الطفرة في الصادرات.
لأول مرة وفي سياق الإستثمار ترجمنا إبداعنا على أرض الواقع في المناطق الحرّة والإقتصادية الخاصّة في إيران الذي يتمثل في إعداد حزم إستثمارية للذين تحدوهم رغبة للإستثمار في هذه المناطق، هذه الحزمة تنطوي على عدة أقسام.
القسم الأول: خطة الدراسات الإقتصادية المبدئية.
القسم الثاني: توفير الإمكانيات اللازمة للاستثمار، منها الأرض والماء والكهرباء والبنى التحتية الأخرى.
القسم الثالث: إجازة تأسيس النشاط.
تمّ تحميل أكثر من ٦٠٠ حزمة إستثمارية في موقع الأمانة العامة للمجلس الأعلى للمناطق الحرّة والتجارية والصناعية والإقتصادية الخاصة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعنوانfreezones.ir باللغات الفارسية والإنجليزية. ندعو جميع المستثمرين في أقاصي المعمورة وخاصّة المستثمرين في المنطقة والدول الإسلامية والعربية الرجوع إلى هذا الموقع ويجدوا المشروع المفضّل لديهم ذلك أن تنوع المشاريع كثير في مختلف المجالات الاقتصادية. لدينا مشاريع بدءاً من الزراعية والصناعات الغذائية حتى صناعات السيارات والنفط والغاز والتجارة والحقول العلمية والتقنية وجميع الأقسام.