الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف ومائتان وخمسة وستون - ٢٢ يونيو ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف ومائتان وخمسة وستون - ٢٢ يونيو ٢٠٢٣ - الصفحة ۷

بعد تزايد محاولة الأعداء لاختراقها

الأسرة عنصر قوة ضد الاختراق الثقافي

تقع أهمية الحديث عن الأُسرة اليوم في خضم الصراع الحضاري والثقافي الدائر بين الإسلام كدين ونظام للحياة والمجتمع وبين الأنظمة المادية، سواء في الشرق أو الغرب، التي جعلت تفكيك الاُسرة أو تهميش الروابط الاُسرية جزءاً لا يتجزأ من صياغاتها النظرية وبرامجها العملية، مع ما تمتلكه هذه الأنظمة المادية اليوم من عناصر قوة تمكنها من الاختراق الثقافي للمجتمعات الإسلامية التي افتقدت منذ زمن عنصر المبادرة ، بل افتقدت إلى حدٍ كبير القدرة على التحصن الثقافي ضد أي غزو أو اختراق من هذا النوع .
وإذا كان الإسلام يتمتع بقدراته الذاتية الفائقة بما يتوفر عليه من نظم شاملة ومتماسكة فإن المسلمين بحاجة دائماً إلى مزيد من الوعي الذي يرتفع بمعارفهم الإسلامية إلى مستوى الثقافة العملية المعاشة في الواقع، من أجل تقليل الفجوة بين واقعهم العملي وبين ما يستندون إليه من رصيد عقائدي وفكري اثبتت وتُثبت تجارب الاُمم انه الرصيد الأكمل والأعظم، شمولاً وعمقاً وتماسكاً، من أي رصيد آخر تستند إليه أُمّة من أُمم الأرض.
فها نحن نشهد في عصرنا الحديث صرخات الكثير من المفكرين وعلماء الاجتماع الغربيين وهي تتوجع من نظام تفكيك الاُسرة ومخلفاته السيئة على الفرد والمجتمع، مشفوعة باحصاءات علمية تؤكد دعواهم المستمرة إلى المحافظة على نظام الاُسرة وصيانة كيانها، بل قد ذاق المجتمع الغربي نفسه مرارة واقعه الاُسري المفكك فظهرت جمعيات خاصة لمقاومة اتجاه النساء إلى العمل خارج المنزل، واُخرى تدعو إلى العودة إلى الأديان السماوية وتعاليمها في شأن الأُسرة.. فيما خصصت إحدى الحكومات الاسكندنافية أخيراً مكافئات مالية مغرية للآباء أيام الإجازات، ترغيباً لهم في قضاء أوقات أطول مع أبنائهم.
ولكن مهما بلغت هذه الصرخات من قوة وقدرة على التأثير فإنها ستبقى معالجات سطحية إذا ما قورنت بالنظام الأُسري في الإسلام الذي تتوزع أركانه على المجتمع والأُسرة والفرد، ليضمن تحقيق الاستعداد التام لتكوين الأُسرة السليمة.
لذلك الحفاظ على هذا النظام الأًسري هو الأساس وضرورةٌ قصوى، بعد أن صار حجم التحديات كبيرًا وطبيعتها صعبة جداً، وخطيرة أيضًا، بعد أن زادت التحديات والتعقيدات المتزايدة التي تفرض نفسها سلباً على الأُسر وانسجامها ونجاح دورها، وبعد أن صار مفهوم الاقتران، وبناء الأسرة  قائمًا على ركائز اجتماعية هشة، ومائلةً أمام ريح الضغوط العاتية، من هنا، كان لا بد من الانتباه والالتفات، والمواجهة والمعالجة، لمواجهة المخاطر والتحديات التي نخرت في الكثير من جدران البيوت، وفتّتت أسراً وشتت أبناء... من هنا تحديداً، كان لا بد من نموذج يُحتذى، فمن الأفضل والأجدر هو اتخاذ نموذج اقتران النورين علي وفاطمة(ع)؟
فكان أسبوع الأسرة، بمناسبة "زواج النورين" لبناء الأسرة الإنسانية – الإسلامية المهدوية الصحيحة.
الأُسرة النموذج ... الهدف والمقصد
يُعد أسبوع الأسرة الذي أطلقه السيد حسن نصر الله  مناسبةً احتفالية سنوية لتكريس أهمية الأسرة وتعزيز الوعي حول المسائل المتعلقة بها، كونها المؤسسة الوحيدة لتحقيق سعادة الفرد والمجتمع وفق الرؤية الإلهية والانسانية فهي محور الخير والرشد والتكامل.
 لقد تم اختيار "زواج النورين" في الأول من ذي الحجة كمحور لأسبوع الأسرة،  كرسالة واضحة لنموذج الأسرة الذي نريده مقابل كل النماذج التي يروج لها. هذه الأُسرة النموذجية التي ترتبط بالسماء وتحمل رسالة وقيم سامية وتجمعها علاقات المحبة والاحترام والتسابق في التقرب الى الله (عز وجل) وتسودها روح التضحية.
أمّا عن كيفية تحصين أسرنا وتقديم الدعم لهم وسط كل ما تتعرّض له، فتتعدد الوسائل والأساليب المساعدة من المجتمع الأهلي مثل تأسيس الجمعيات الداعمة اقتصاديًا لتسهيل الزواج البسيط والميّسر في مقتبل العمر، وإقامة الدورات والورش التثقيفية التي تشكل فرصة ليُخطط المقبلون على الزواج لمستقبلهم وليكونوا واعين لكل خياراتهم. وتوعية الجيل الشاب وطلاب المدارس عبر وضع  التربية الأُسرية في المناهج التعليمية، وكذلك إقامة المؤتمرات والورش لطرح الأفكار والنقاش في القضايا الحيوية حول العائلة، وتقديم الأفكار الجديدة ومتابعة كل التطورات التي تطال الأسرة.
جمعية الكوثر الخيرية في لبنان... مساعدة الشباب في مشاريع الزواج
في لبنان بفعل سنوات الحرب والعدوان الإسرائيلي وما نتج من مآسٍ ودمار على الشعب اللبناني وخاصةً الشباب، وبالنظر إلى الكلفة الباهظة لإعادة إعمار ما هدمه الاحتلال والحرب، وبسبب الظروف الإقتصادية والإجتماعية الصعبة التي يمر بها أبناء الشعب اللبناني، عزف الكثير من الشباب عن الزواج مما أدى إلى نشوء أزمة إجتماعية بين الشباب والفتيات. فكانت جمعية الكوثر الخيرية التي أخذت على عاتقها مساعدة الشباب في مشاريع الزواج ، وكان من صلب أولوياتها واهتمامها - وإعترافاً منها بجميلهم ووفاءً لهم - مساعدة المجاهدين الذين قدموا الغالي والنفيس في سبيل الوطن والمسلمين في مشاريع الزواج، إضافةً إلى العمل لتحصيل مختلف الأهداف التى وضعتها للسير نحو تعزيز وتحصين الوضع الاجتماعي  للمجتمع وبناء الأسرة المسلمة الصالحة.
تأسست الجمعية في عام 2001 و أُعلن عنها في احتفال التزويج الأول لخمسين مجاهداً في ذكرى ولادة السيدة فاطمة الزهراء (ع) بتاريخ 15 / 9 / 2001م.
أمّا أهداف الجمعية فهي حث المؤهلين على الزواج بناءً على التعاليم الاسلامية، وتأمين الموارد المالية والعينية للمتزوجين والتحضيرات المتعلقة بالزواج، المساهمة في تحسين أوضاع المتزوجين وتقديم التبرعات العينية والنقدية لهم، تقديم وتسهيل القروض السكنية لطالبي الزواج، إقامة العلاقات اللازمة مع الشخصيات والمؤسسات العلمية والرسمية، المتمولين، المغتربين والجمعيات لتأمين الدعم المادي والمعنوي، وإقامة الأعراس الجماعية المنسجمة مع روحية الإسلام، وتقديم القروض الميسرة والتسهيلات اللازمة للحالات المستعجلة، رفع وتطوير مستوى الخدمة الإجتماعية على مستوى الزواج.
وقد كان للجمعية إنجازات كبيرة وعديدة منها تزويج عدد من الإخوة والأخوات في ثلاث حفلات تزويج جماعي، وتقديم أثاث منزلي كامل للعروسين، إنشاء صندوق قروض للزواج للحالات الحرجة والمستعصية مع تسهيل تسديد هذه القروض بشكلٍ ميسَّر.
أمّا عن مشاريعها المستقبلية فتسعى الجمعية لتزويج ما لا يقل عن مائة شخص في كل عام، وإقامة ندوات ثقافية عن الزواج وأهميته وعن الحياة الزوجية والعائلية والإجتماعية، والقيام بإحصاء عام لمعرفة عدد العازبين والعمل على طرحه على كافة المؤسسات المعنية بذلك للمساهمة في حلّه، ونشر فكرة الأعراس الجماعية للتقليل من التكاليف الباهظة لحفلات الأعراس، ورعاية الأُسَر المستفيدة من برامج الجمعية عبر الزيارات الدورية وتقديم الإرشادات والنصائح اللازمة والدعم.
دورات تثقيفية للإرشاد الأسري
تهدف هذه الدورات التي ينظمها عدد من الجمعيات والمؤسسات الثقافية إلى توعية الجيل الجديد على أهمية قيام المجتمع على محورية الأسرة وعلى ضرورة إعداد أنفسهم فكريًا ومهاريًا للنجاح في هذه المهمة. وعلى توعية الشباب على كيفية التحكم في عواطفهم وحماية أنفسهم من انجذاب خاطئ يؤدي بهم الى اختيار شريك غير مناسب، والنقطة الأهم هي  توعية الشباب على معرفة أسس الاختيار السليم للشريك المناسب وعلى الحقوق والواجبات المترتبة على الشريكين بعد الزواج وعلى إدراك الفروقات بين الجنسين ومهارات التواصل الناجح بينهما، على أن تتحمّل المؤسسات الإعلامية والتربوية والمراكز الإرشادية دورًا أساسيًا في هذه التوعية.
وتُركز برامج هذه الدورات كذلك على التعريف بالأسس ومفهوم وأهداف الحياة الزوجية وموقع هذه الحياة بين الفقه والقيم، بالإضافة إلى التوافق الزواجي وأهمية الحوار بين الزوجين ومهارات حل المشكلات الأسرية، هذا إلى جانب التعريف بدوافع الزواج والعوامل المتعلقة بالارتباط الزواجي وضرورة معرفة الأسباب المؤدية إلى المشاكل الزوجية وكيفية التعامل معها بين الزوجين، والتعرف على أُسس تكوين الأسرة وتربية الأبناء، وإدارة الأُسرة وتدبير المنزل.
 إطلاق منهج التربية الإسلامية
بادرت المدارس الإسلامية إلى الإستفادة من مفهوم التربية الأسريّة في المناهج التعليميّة، فقامت بتغيير مقاربة الموضوع الأُسري من الاكتفاء بمجموعةٍ من القيم والأفكار والأحكام والآداب المبثوثة بشكلٍ متفرق في المناهج الدراسية إلى بناء منهج وبرنامج خاص بالتربية الأُسرية عبر إعادة الهندسة الشاملة لمناهجها التعليميّة، ورؤيتها وتجربتها ومقاربتها التربويّة لهذا المشروع.
كذلك وتلبيةً لنداء سماحة الأمين العامّ لحزب الله السيّد حسن نصر الله، وبمناسبة أسبوع الأسرة صدر منهج التربية الإسلامي الذي جاء خُلاصة عمل لجنة مشتركة من المؤسّسة الإسلاميّة للتربية والتعليم وجمعيّة التعليم الدينيّ الإسلاميّ ومركز الأبحاث والدراسات التربويّة.
يُعد هذا المشروع غير مسبوق، وهو مشروع متكامل قائم على مبدأ التأصيل للتربية الأسريّة استنادًا إلى ثقافتنا المحمّديّة الأصيلة؛ وهو لدعم عمل الأسرة الأساسيّ، والتي ينبغي على  الدولة ومؤسّسات المجتمع المدنيّ تبنّيه وإقراره في كلّ المؤسّسات التعليميّة والتربويّة على مستوى الوطن.
إقامة الملتقيات والورش والمؤتمرات حول الأُسرة
تواجه الأُسرة المعاصرة الكثير من التحديات على المستويات الكثيرة الإجتماعية والثقافية والسلوكية والنفسية قد تمنعها من ممارسة دورها الفاعل تجاه أفرادها لإعدادهم وتنشئتهم بشكلٍ صحي ومتوازن لمواجهة الظروف الصعبة التي تنطوي عليها الحياة الحديثة بكل تحولاتها وتطوراته، لذلك كان لا بُد من تخصيص أُطر لمعالجة ومتابعة التحديات التي تواجه هذه الأسرة وتشخيص هذه التحديات بدقة من أهل الخبرة والاختصاص والبناء على مجموعة من الدراسات العلمية فضلاً عن خبرات مجموعة من المتخصصين لتحديد كل التحديات التي ممكن أن تواجه الأسرة في ظروف مجتمعنا المعاصر، لكن هذا التشخيص ليس كافياً ما لم يتم وضع سُبل للمعالجة والمواجهة
والمتابعة.
من هنا، أصبح من البديهي التلاقي السنوي بين الجهات المعنية بحفظ الانتظام الأسري ومنعته لطرح الأفكار والنقاش في القضايا الحيوية حول العائلة، فكانت الملتقيات الثقافية التربوية حول الأُسرة.
عديدة هي العناوين المطروحة في هذه المؤتمرات والملتقيات والورش التي عقدت بمشاركة فاعلة من أهل الخبرة والتخصص والكفاءة العلمية المتقدمة لطرح الموضوعات التي تهم الأسرة وتقديم سبل المعالجة لمشاكلها، وخاصةً على مستوى التحولات التي طالتها من حيث المفهوم والاتجاهات التغييرية والبناء في الرؤيا النقدية والتحليلية، وكذلك معرفة المعوقات التي تشكل مانعاً من بناء الأسرة واستمرارها بشكلٍ سليم، بالإضافة  إلى الاطلاع على دور الاعلام وما له من دور فاعل على مستوى تغيير الاتجاهات وتغيير الأفكار إذ يشكّل مدخلاً يُمكن أن يطال الأسرة في عالمنا المعاصر، وكيف تقدّم الميديا وكيف تقدّم وسائل التواصل الإجتماعي السينما والأفلام والدعايات من مفاهيم ومن تغييرات على المستوى الأُسري في الجانب السلبي الذي يُطرح في عالمنا المعاصر وكيف يمكن مواجهة كل ذلك.
ختاماً يجب تضافر الجهود للحفاظ على قيم الأسرة ومواجهة التحديات والمخاطر الحالية والمستجدة وهذا ما يفرض علينا العمل بجهد، ووفقاً للتعاليم الإسلامية، من أجل أن تصمد أُسرنا في وجه الهجمة الجديدة والمستجدة، والتي أدت وتؤدي إلى فقدان أطرافها وتفتتها. لذلك علينا إيجاد الوسائل المتنوعة لمساعدة الأسرة والتخفيف من مشاكلها، فلا بد من توفير المراكز الإرشادية التخصصية القادرة على توجيه النصح ومساندة الزوجين عند أول بروز علائم الإخفاق في علاقتهما. كما لا بد من تعيين مكاتب في المحاكم لمحاولة إصلاح ذات البين قبل الطلاق ولضمان آليات التدخل العادل عند حصول شقاق يؤدي الى الطلاق.

 

البحث
الأرشيف التاريخي